|
الإيزيديون والمسيحيون في الموصل
امين يونس
الحوار المتمدن-العدد: 4491 - 2014 / 6 / 23 - 21:10
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
في الأوضاع المأساوية ، التي يَمُرُ بها العراق حالياً ، ولا سّيَما في الموصل ، فأن الجميع يصيبهم الأذى بشكلٍ من الأشكال . لكن ، لأن " أبطال " المَشهَد ، هم ( داعش ) وحلفاءهم ، بتوجهاتهم الظلامية وأفكارهم الرجعية وفلسفتهم التكفيرية ، الرافضة للآخَر .. فأن الإيزيديين والمسيحيين ورُبما التركمان الشيعة والشَبَك أيضاً ، هُم الأكثَر إستهدافاً ، لسبَبَين : الأول ، لأنهم حسبَ الإرهابيين التكفيريين ، كَفَرة وزنادقة وروافض .. والثاني ، لأنهم يُشكلون المناطق الضعيفة والرخوة في المُجتَمع . * التُركمان الشيعة ، في تلعفر والموصل وكركوك ، من المُفتَرَض أن هنالك ( مَنْ يحميهم ) ، مثل إيران ، التي أبدَتْ إستعدادها لإرسال قوات لحماية المراقد والحُسينيات ، وكذلك ميليشيات عصائب أهل الحق وجيش المهدي . هذا من الناحية النظرية ، ولكن في الواقع ، فأن الإسلام السياسي الشيعي في العراق ، ومعه النظام الإيراني ، يتلاعبون بورقة " الشيعة في نينوى وكركوك وغيرها " ، من أجل مصالحهم المادية ونهمهم الى السُلطة فقط ، ولا يُبالون بكل الدماء التي سالتْ وتسيل من الشيعة في هذه المناطِق . والدليل هو كَمْ العمليات الإرهابية طيلة السنوات الماضية ، والتي إستهدفتْ التركمان الشيعة ، في كركوك وطوزخورماتو والموصل وتلعفر وغيرها ، من دون أن تهتز قصَبة عند سياسييهم ، بل انهم إستخدموها من أجل إذكاء النعرات الطائفية . والتُركمان السُنة ، في كركوك وأنحاءها والموصل ، يُفتَرَض انهم ، مَحمِيون من قِبَل تُركيا ، التي طالما صّرحتْ بأن التركمان تحتَ جناحها ، ولا تقبل بأن يُعتَدى عليهم . هذا نظرياً ، لكن في الحقيقة ، فأن تُركيا ، تستخدم " ورقة التُركمان " من أجل مصالحها الإستراتيجية فقط ، ولا يهمها مُطلقاً كُل الضحايا التُركًمان الذين سقطوا طيلة السنوات الماضية ، من جّراء العمليات الإرهابية ، في أطراف كركوك ومنطقة تسعين وتلعفر والموصل . * كان التواجُد المسيحي كثيفاً ، قبل عقود ، في مركز مدينة الموصل وأطرافها الشمالية والشرقية ، وهُم من أهم الأجزاء العريقة لسُكان نينوى الأصليين . ولكن مَوجات التطرُف الإسلامي ، التي رَعَتْها السُلًطات أحياناً أو على الأقل تغاضَتْ عنها وتعامَتْ عن نشاطها الإستئصالي ... إستهدفتْ المسيحيين ، فأدتْ الى هجرة الكثيرين منهم ، فتُوِجَتْ بإحداث سُميل ، الشنيعة في الثلاثينيات ، وإستمرتْ بصورةٍ متقطعة وبوتائر متباينة وأشكال شَتى ، تخللتها في السنوات الأخيرة ، خطف وإغتيال رجال الدين وتفجير الكنائس . لكن اليوم وبعد إحتلال المدينة من قِبَل عصابات داعش ، فأن عَيش المسيحيين بِجميع طوائفهم وقومياتهم ، في الموصل ، باتَ صعباً للغاية ولا يُحتَمَل . لأن " وثيقة المدينة " ، إذا طُبِقتْ بالفعل ، فأنها ستُحول حياة المسيحيين الى جحيم . ان الإنطباع السائد في بعض الأوساط ، بأن " الغَرب " يُدافِع عن المسيحيين العراقيين ويحميهم ، ما هو إلا وَهِم ، فالغرب ، يستخدم " الورقة المسيحية " من أجل مصالحهِ فقط ، فالولايات المتحدة وحلفاءها ، هُم الذين صنعوا كُل الجماعات الإسلامية المتطرفة التكفيرية ، ودربوها وموَلوها ... الخ . ووجهوها لتنفيذ أجنداتهم الخبيثة ، والتي من ضمنها ، خلق تناحُرات دينية ومذهبية في العراق وغيره .. وهُم مَنْ فّجروا الكنائس وذبحوا المطارنة والقساوسة . * إذا كانتْ إيران تّدَعي حماية الشيعة في العراق ، وإذا كانَ جيش المهدي يُزايد على حماية حُسينيات كركوك والموصل وتلعفر العائدة للشيعة التُركمان والشبك ، وإذا كانَ بابا الفاتيكان والدول الغربية ، تقولُ وتّدعي بأنها تحمي وترعى مسيحيي كركوك والموصل ، وإذا كانتْ تُركيا ، تصرخُ وتّدعي ، بأنها حامية تُركمان كركوك وتلعفر من السُنةِ خصوصاً .. [ طبعاً ، كُل هذا يجري ، في ظل غياب " دولة مُؤسسات " تعتمد المُواطَنة أساساً للتعامل مع الجميع بعدالة ، فتضطر المكونات ، لللجوء الى طلب حماية من أي مصدر ] . فَمَنْ ل ( إيزيديي ) الموصل ؟ هؤلاء الأبرياء المُسالمين ، سُكان هذه المناطق الأصليين ، شأنهم شأن المسيحيين الأُصلاء . الإيزيديين ليستْ لهم السعودية وقَطر لتدعمهم ، ولا إيران أو تُركيا لتُساندهم ، ولا كنائس عالمية لتحميهم .. في حين ان ميليشيات الشيعة تستهدف العمال الإيزيديين الفقراء في بغداد والجنوب ، وعصابات داعش وإخواتها ، تستهدفهم في الموصل وأنحاءها بالتفجيرات والذبح والخطف .. الخ . وفوق ذلك كُله .. فأن الطبقة السياسية الحاكمة " بلا إستثناء " ، تستخدم ( الورقة الإيزيدية ) ، لمصالح الأحزاب الحاكمة ونهمها الى السُلطة والحُكُم . * إذا كان التُركمان الشيعة ولا سيما الفُقراء منهم في تلعفر والموصل ، هُم ( أيتام الشيعة ) المًنسيون ، وإذا كان مسيحيي الموصل وخاصةً الفقراء والشغيلة منهم ، هُم ( أيتام الكنائس ) المُهْمَلون .. فأن إيزيديي الموصل ، وغالبيتهم من الكادحين المستضعفين ، فأنهم ( أيتام الشعب ) المتروكون . الغالبية من أهالي الموصل الشُرفاء ، تأذوا وتأثروا سِلباً ، بسقوط الموصل بأيدي داعش وشركاءها ، لكن الفئات أعلاه ، هُم الذين يدفعون أثماناً مُضاعَفة .
#امين_يونس (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
مُقاربات حول الوضع الراهن
-
بعض ما يجري على الساحة العراقية
-
نازِحونَ خَمِس نجوم ، ونازحونَ عاديون
-
الموصل و - وثيقة المدينة -
-
على كُلِ تَلٍ ، صّدامٌ صغير
-
الرابحونَ والخاسرونَ ، مِما يجري في الموصل
-
إنهيار الموصل .. إنهيار ( قِيَم ) ما بعد 2003
-
الموصل تحت النار
-
بعض ما تَشهدهُ الموصل
-
عَفا اللهُ عّما سَلَف
-
الأشخاص أم الأفكار .. أيهما أهَم ؟
-
فولكسواكن
-
حلمٌ مُزعِج
-
حُسينية علي الأديب
-
السليمانية : حركة التغيير أمامَ إمتحانٍ صَعب
-
- دُنيا - التي غادَرَتْ الدُنيا
-
ماذا ينقصنا ؟
-
لَعَنُ اللهُ مَنْ إخترعَ السكايبي والفايبر
-
مُجّرَد إشاعات
-
سِكْراب
المزيد.....
-
كيف يؤدي تغير المناخ إلى تفاقم مشكلة الحساسية؟
-
سكان تشيلسي يصنعون سلاسل بشرية لمساعدة صاحبة مكتبة على نقل أ
...
-
بين باريس والجزائر تاريخ مثقل بالتوترات.. فكيف أصبحت قضية صن
...
-
ثلاث منها عربية.. قائمة أوروبية جديدة بـ-الدول الآمنة-
-
هل يمكن أن تنزع الدولة اللبنانية سلاح حزب الله؟
-
البيت الأبيض يلغي الامتيازات الصحفية لوكالات الأنباء الكبرى
...
-
نواب تونسيون يقدمون مشروع قانون لإحياء المحكمة الدستورية
-
وزارة التجارة الصينية: الولايات المتحدة تستخدم الرسوم الجمرك
...
-
إنقاذ قس أمريكي في جنوب إفريقيا بعد تبادل لإطلاق النار ومقتل
...
-
-الدوما- الروسي: أمير قطر زعيم قوي
المزيد.....
-
فهم حضارة العالم المعاصر
/ د. لبيب سلطان
-
حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 1/3
/ عبد الرحمان النوضة
-
سلطة غير شرعية مواجهة تحديات عصرنا-
/ نعوم تشومسكي
-
العولمة المتوحشة
/ فلاح أمين الرهيمي
-
أمريكا وأوروبا: ملامح علاقات جديدة في عالم متحوّل (النص الكا
...
/ جيلاني الهمامي
-
قراءة جديدة للتاريخ المبكر للاسلام
/ شريف عبد الرزاق
-
الفاشية الجديدة وصعود اليمين المتطرف
/ هاشم نعمة
-
كتاب: هل الربيع العربي ثورة؟
/ محمد علي مقلد
-
أحزاب اللّه - بحث في إيديولوجيات الأحزاب الشمولية
/ محمد علي مقلد
-
النص الكامل لمقابلة سيرغي لافروف مع ثلاثة مدونين أمريكان
/ زياد الزبيدي
المزيد.....
|