|
مُقاربات حول الوضع الراهن
امين يونس
الحوار المتمدن-العدد: 4490 - 2014 / 6 / 22 - 13:32
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
ماذا بعد سيطرة قوات البيشمركة ، على المناطق المتنازَع عليها ؟ هل إنتهتْ المسألة وحُلَتْ قضية المادة 140 بهذه البساطة ؟ . أدناه بعض المُقاربات حول الموضوع : * سواءً أكان سقوط الموصل وتكريت ، بيد داعش والبعث ، بسهولةٍ مُريبة ، هو " مؤامَرة " إشتركتْ فيها أطراف مُتعدِدة ، كما تقول حكومة بغداد ، أو هو حصادٌ طبيعي ، لِما زَرعَ المالكي بسياساته الرعناء طيلة سنوات ، وتَوّفُر حاضنة مُناسبة لجماعات التطرف السُني في الموصل .. فأنَ أهَم ما أفْرزَتْه الأحداث ، هو إنسحاب القوات الأمنية العراقية من جميع المناطق المتنازَع عليها .. والغريب ، انها إنسحبتْ ليسَ فقط من المناطَق الساخنة التي تكاثَر فيها المُسلَحون الإرهابيون ، مثل أطراف الموصل وربيعة ، بل حتى من مُحيط كركوك ومطارها ، بدون أن يتعرض لها أحَد ! . فإذا كانتْ هنالك فعلاً " مؤامَرة وخيانة " ، فأول أصابع الإتهام يجب توجيهها ، الى الجيش الإتحادي في كركوك وحمرين ، بل الى القائد العام للقوات المُسّلَحة . * قوات البيشمركة ، إنتشرتْ بِسُرعةٍ في المناطق التي إنسحبَ منها الجيش الإتحادي ، وعلى مساحةٍ شاسعة تمتدُ من أطراف ربيعة وسنجار غرباً ، الى جلولاء وطوزخورماتو شرقا وجنوباً ، مروراً بكركوك نفسها . والغرابةُ تكمُن في ان الظروف التي يمُرُ بها الأقليم صعبة أساساً ، بسبب الأزمة المالية الخانقة وتأخُر الرواتب والخلافات بين الأطراف السياسية الكردية نفسها ، لاسيما مُشكلة توزير وزيرٍ للبيشمركة من حركة التغيير .. فلم يكُن أحدٌ يتوقع ، ان يستطع البيشمركة ، السيطرة على هذه المناطِق بهذه السُرعة ! . ومن نافلة القول ، ان " كركوك " ليستْ هي سنجار مثلاً ، وأن بسط النفوذ على كركوك ، له تداعيات داخلية وخارجية مُحتَمَلة ، وينبغي التعامُل مع هذه التداعيات ، بِدراية كبيرة وحَذَر . فداخلياً ، ينبغي تطمين التُركمان والعرب في كركوك ومُحيطها ، ليسَ بالكلام وحده ، بل بإشراكهم الفعلي في الإدارة وحماية أرواحهم ومصالحهم وإشعارهم بأنهم جزءٌ مُهم من النسيج المجتمعي في كركوك . الى جانب ، عدم غلق أبواب التفاوض والتفاهُم مع بغداد ، وليسَ بالضرورة مع المالكي ، بل مع أقطاب الشيعة المتنفذين على الساحة ، إضافةً الى حشد التأييد الأقليمي ، لِضَم كركوك الى أقليم كردستان ، ولا سيما تركيا وإيران ، وهذه بحاجة الى دبلوماسية نشطة وحكيمة . * ليسَ خافياً ، ان " معظم " البيشمركة المُسيطرين على المناطق المتنازَع عليها ، في محافظة نينوى ، هُم من الحزب الديمقراطي الكردستاني ، في حين ان " معظم " المسيطرين على المناطق المتنازع عليها في كركوك وصلاح الدين وديالى ، هُم من الإتحاد الوطني الكردستاني . ورغم ان البيشمركة وقوى الأمن مُوَحَدون شكلاً وهُم تحت قيادةٍ واحدة متمثلة بالوزارات ، إلا انهم عملياً ، لازالوا تحتَ تأثير قيادات الحزبَين الديمقراطي والإتحاد . وهنالك مخاوف في كركوك ، من بروز بعض التنافسات بين الجانبَين ، فالإتحاد الوطني ، يعتبِر كركوك وخانقين وطوزخورماتو .. الخ ، مناطق نفوذ خالصة لهُ ، ولا يرتاح لنشاط أسايش الحزب الديمقراطي ، أو بعض شُرطة الأقضية والنواحي والبيشمركة ، العائدين للحزب الديمقراطي ! . القيادات السياسية للحزبَين ، بحاجة الآن ، الى تأجيل صراعاتهما الحزبية فوراً ، وتوحيد الجهود على الأرض ، من أجل الوقوف بوجه ، كُل التحديات المُحتَمَلة . ومّرتْ أيام فقط ، على تشكيل الحكومة الجديدة في أقليم كردستان ، والتي فيها وزير بيشمركة من " حركة التغيير " ، الحركة التي وعدتْ الناس ، ان تُحدِث إصلاحاً شاملاً ، يتضمن تحويل البيشمركة ، الى مُؤسسة وطنية ، بعيداً عن التحزُب والولاءات الشخصية او العشائرية او المناطقية . وهذه فُرصة حقيقية لإمتحان مصداقية حركة التغيير من جهة ، ومدى إلتزام الحزبَين الديمقراطي والإتحاد ، ببرنامج الإصلاح المُعلَن ، من جهةٍ أخرى . * هل ينبغي الثقة ب " داعش " ومُلحقاتها ، والركون الى عدم مُهاجمتها أقليم كردستان ، او المناطق المتنازع عليها التي بسط البيشمركة سيطرتهم عليها ؟ . الجواب : كلا ، قَطعاً . فما يُسمى داعش ، مشبوهةٌ أساساً منذ ظهورها ، وشهيرةٌ بخيانة أقرب المُقربين إليها . فبالأمس كانوا متحالفين مع " جبهة النُصرة " في سوريا ، ثم حدث بينهم إقتتالٌ دامي . اليوم هم متحالفون مع العديد من الجماعات المتطرفة والبعث ، ولكنهم قبل يومَين إصطدموا مع حلفاءهم من أتباع " الطريقة النقشبندية " وسقط العديد من القتلى من الطرفَين .. وحتى أولياء أمورهم الأمريكان والأتراك والخليجيون ، لايثقون بهم تماماً ، فما دامَ ضمن صفوفهم العديد من ( الإنتحاريين ) الذين لاقيمة لحياتهم ومستعدين لتفجير أنفسهم ، فلا أحد بِمنجى عن جرائمهم . على البيشمركة وقوى الأمن الكردستانية ، ان تُبقي أصابعها على الزناد في كُل حين ، فداعش ومَنْ وراءها ، لايمكن إلا أن يكونوا أعداء .. فهُم أعداء الإنسانية والحياة عموماً . * هل ينبغي للكُرد الثقة بالسياسيين ( الشيعة ) المُسيطرين على المشهد السياسي في بغداد ؟ . للأسف أثبتَتْ السنوات الماضية ، ان الإسلام السياسي الشيعي الحاكم ، ليسَ مُؤهَلاً لِتَفَهُمٍ صحيح وواقعي ، للحقوق الكردية [ وساهمَ الأداء السئ والإنتهازي وضّيِق الأُفق ، لممثلي الكرد في بغداد من الحزبَين الديمقراطي والإتحاد ، في تأزيم الأوضاع أيضاً ، بإضطراد ] ، فليسَ المالكي فقط ، مَنْ لم يُنّفِذ وعوده المتكررة ، تجاه الكُرد ، بل يكاد يكون جميع القادة الشيعة ، غير مُستعدين لتطبيق المادة 140 مثلاً ، فحتى احمد الجلبي ومقتدى الصدر وعمار الحكيم ، لم يفصحوا أبداً ، عن تأييدهم الصريح ، لتنفيذ هذه المادة وملحقاتها . أرى ان ميليشيات " جيش المهدي " الصدرية ، لاتختلف إختلافاً كبيراً ، عن عصابات " عصائب أهل الحق " الخزعلية ، التي توعدتْ الكُرد القاطنين في بغداد والمُحافظات . لا يمكن الثقة برئيس حكومة مثل المالكي ، تسيرُ تحت نظرهِ في بغداد والمحافظات ، مسيرات مُسلحة لميليشيات تصدح بشعارات طائفية علنية ، وهو ساكتٌ ، بل مرتاح وموافق ضمناً ! . أرى ان الميليشيات الشيعية المتطرفة بأنواعها ، هي الوجه الآخر ، لداعش والمجاميع الإرهابية السنية الأخرى . وكُلها مشبوهة ، ولا ينبغي الثقة بها مُطلَقاً . ........................................... أمثلة واقعية على الوضع الراهن في أقليم كردستان : - ما أن إنقطعتْ حصة المنتجات النفطية ، القادمة من " بيجي " الى الأقليم ، حتى ظهرتْ أزمة بنزين حادة في اليوم التالي . - بعد سقوط الموصل ، وقطع الطريق بين كركوك وبغداد والموصل وبغداد ، وقبل ذلك إنقطاع الإستيراد من سوريا ، فأن شحةً في الخضروات ظهرتْ في الأسواق ، وإرتفعتْ الأسعار كثيراً . - عدم إرسال حصة الأقليم من الميزانية من بغداد ، ولا سيما الرواتب ، منذ ستة أشهُر ، أدى الى تأخير رواتب الموظفين عن مواعيدها ، وتوقف المشاريع وتراجُع النشاط التجاري عموماً ، وظهرَ ان البنوك في الأقليم فارغة . ماذا يعني كُل ذلك ؟ يعني ببساطة ان وزارة التخطيط في الأقليم فاشلة بإمتياز ، أو بالأحرى ، ان السياسة العامة للأقليم ، قاصرة ولا تمتلك نظرة علمية للأمور . ففي جميع البُلدان والأقاليم ، هنالك نظامٌ مصرفي وسياسة مالية وإحتياطٌ إستراتيجي ، وفي كل البُلدان ، هنالك أمنٌ غذائي وإنتاجٌ محّلي للمنتجات الغذائية الأساسية وعدم الإعتماد على الإستيراد فقط ، في كُل مدينةٍ ، من المفروض ان تكون هنالك مستودعات ضخمة مُعبئة بالوقود ، كإحتياطي يكفي لأشهر عديدة لحالات الطوارئ ، ومخازن كبيرة للمواد الغذائية والأدوية . فأين نحنُ من ذلك ؟ شيئاً فشيئاً ، نسينا كُل هذا ، وجلسنا في أحضان " الماما تركيا " و " الماما إيران " ، وأصبحنا نستورد كُل شئ منهما . والأدهى من ذلك ، فأن نفطنا وغازنا ، الذي نتحدى بهما الجميع ، لانستطيع تصديره ولا بيعه [ إلا من خلال الماما تركيا ] وبموافقة ضمنية من الماما إيران .. أننا نتوهم بأنهم " أُمهاتنا الحنونات " ، وننسى بأنهم زَوجات آباءنا ، بل زوجات آباء من النوع القاسي وغير الرحيم والخبيث . حالياً ، تواصُلنا مع بغداد مقطوع عملياً ، بسبب داعش وإحتلالها للموصل وطريق كركوك بغداد أيضاً ، وليس هنالك تبادل تجاري مع سوريا الغارقة في الحرب ، فليسَ أمامَنا غير تركيا وإيران .. فهل تتصورون ، أي شروطٍ قاسية ومُجحفة ، يفرضونها علينا ، مُقابِل تصدير نفطنا ، عبرهما ، وإستيراد كُل شئ منهما ؟! .
#امين_يونس (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
بعض ما يجري على الساحة العراقية
-
نازِحونَ خَمِس نجوم ، ونازحونَ عاديون
-
الموصل و - وثيقة المدينة -
-
على كُلِ تَلٍ ، صّدامٌ صغير
-
الرابحونَ والخاسرونَ ، مِما يجري في الموصل
-
إنهيار الموصل .. إنهيار ( قِيَم ) ما بعد 2003
-
الموصل تحت النار
-
بعض ما تَشهدهُ الموصل
-
عَفا اللهُ عّما سَلَف
-
الأشخاص أم الأفكار .. أيهما أهَم ؟
-
فولكسواكن
-
حلمٌ مُزعِج
-
حُسينية علي الأديب
-
السليمانية : حركة التغيير أمامَ إمتحانٍ صَعب
-
- دُنيا - التي غادَرَتْ الدُنيا
-
ماذا ينقصنا ؟
-
لَعَنُ اللهُ مَنْ إخترعَ السكايبي والفايبر
-
مُجّرَد إشاعات
-
سِكْراب
-
الغرور السياسي
المزيد.....
-
ماذا قالت أمريكا عن مقتل الجنرال الروسي المسؤول عن-الحماية ا
...
-
أول رد فعل لوزارة الدفاع الروسية على مقتل قائد قوات الحماية
...
-
مصدران يكشفان لـCNN عن زيارة لمدير CIA إلى قطر بشأن المفاوضا
...
-
مباشر: مجلس الأمن يدعو إلى عملية سياسية شاملة في سوريا بعد ف
...
-
الإدارة الأمريكية توضح جهودها لـ-تهدئة التوترات- بين تركيا و
...
-
عائلات فلسطينية ترفع دعوى على الخارجية الأمريكية بسبب دعمها
...
-
نهاية أسطورة الاستبداد في المنطقة
-
-ذي تلغراف-: الولايات المتحدة قد تنشر أسلحة نووية في بريطاني
...
-
-200 ألف جثة خلال 5 سنوات-.. سائق جرافة يتحدث عن دفن الجثث ب
...
-
وليد اللافي لـ RT: البرلمان الليبي انحاز للمصالح السياسية وا
...
المزيد.....
-
لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي
/ غسان مكارم
-
إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي-
...
/ محمد حسن خليل
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
المزيد.....
|