أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - خالد جمعة - ستبكين أكثر














المزيد.....


ستبكين أكثر


خالد جمعة
شاعر ـ كاتب للأطفال

(Khaled Juma)


الحوار المتمدن-العدد: 4488 - 2014 / 6 / 20 - 18:52
المحور: الادب والفن
    


ستبكينَ أكثر أيتها البلادُ، ستودعينَ شهداءَ من لحمٍ ودمْ، سترثينهم بغضبٍ حالمٍ وتزرعين زيتونةً لكلّ اسمٍ مرّ على صباحاتِكِ منتشياً بانتمائه الصلب، سترددين أسماءهم في الأغنيات، وستبكين أكثر حين تعجز ذاكرتُكِ عن تعدادهم، ستبكين حين يضيقُ النهارُ بسكّانه المؤقتين، ويتفسّخُ خشبُ المراكبِ لتتسرّبَ منه الحكاياتُ كما يتسرّبُ عصفورٌ من ذاكرةِ شجرة.

ستبكينَ أكثر حين يحيطُ السجنُ بحماماتٍ بعيدةٍ وينتشرُ ظلُّ الليلِ على الحائطِ، الحماماتُ لن تعرفَ الفرقَ بين لون العسكرِ ولون الحنين، ستهدلُ كعادتِها، وتصوِّبُ مناقيرَها نحوَ الفتاتِ، وستفسّرين هديلَها بطريقةٍ خاطئة، ولن يُغضِبَ هذا الحمامَ الذي سيفسّرُكِ كمعبرٍ إلى الدفءِ، ستبكينَ ولن يكترثَ الحمامْ.

ستبكين أكثر، وتختبئين في حِجرِ أمي التي كانت تلمُّ المساءاتِ عن أعيننا كي لا نصاب بالحنين في الحلم، ستبكين أكثر حين ترينها ما زالت تقشِّرُ الغولاتِ عن أفكارنا وكأننا ما زلنا في الخامسة، ستبكين وتتمنين لو كنتِ تلك المرأة التي رعت نفسها بنفسها مثلَ شجرةٍ وحيدة.

ستبكين أكثر حين يزهر ذاتُ الجسدِ على الجلجلة من جديد، ويبكي، بقدمين حافيتين وبطنٍ خاوية، كل هذا الوقت والجسدُ على الصليب، ولم تنجُ زغلولةٌ واحدةٌ من الذبحِ على مائدة العيد؟ ستبكين أكثر وتبحثينَ عن بقايا روحِهِ في خشب الصَّلبِ وتجدين دمعاً أخضرَ قائماً في المكانِ معلَّقاً في الهواء، ستبكين أكثر وتنادي: يا مريمُ، خذي قطعةً من أفكارِهِ وضعيها في إناءٍ بتربةٍ قليلةٍ ودمعتين من ماء كي لا يلقِّحوا موتَهُ بكتابٍ لا يعرفُ أحدٌ من أينَ أتى، ستسمعين بكاءً مشابهاً وتتساءلين إن كان صدىً هذا الذي يشبهك.

ستبكين أكثر من جرحِ المرأةِ التي لم يعرفْ أحدٌ من حفرَ اسمَها على سنديانة البيت، السنديانةُ ليستْ وحيدةً، لكنّها لم تكلِّمْ أحداً في مئةِ عام، المرأةُ محفورةٌ هناكَ قبلَ اللغةِ ربما، تكبرُ السنديانةُ ويكبرُ الاسمُ، باسم البلاد العظيمةِ التي لا تزيدُ عن قلبٍ في دفترِ رسمٍ، تجلَّتْ فيه هدايا الرّبِّ على شكلِ حكاياتٍ ومعاركَ من فولاذٍ لا تخدشُهُ لغةٌ ولا تثنيهِ الأسئلة، والمرأةُ التي لم يعرف أحدٌ من حفر اسمها على سنديانة البيت، ترشُّ الوقتَ في الصباحِ، وتلمُّه في العتمةِ كي تريحه من مضيّه نحو الأبد، ستبكين أكثر حين يعرُجُ الوقتُ ويبدأ في العودةِ إلى بداياتِهِ البريئة.

ستبكين أكثر، وسنبقى نحنُ هنا نمدحُ الظلَّ، نشكِّلُهُ تماثيلَ كي نجد ما نقدِّسه دونَ أن تُلزمنا قداسته بشيء، نمدحُ الظلَّ حتى في العتمةِ التي تأكل الظلال، نمدحُ الظلّ الذي يخلّفه الأموات بعدَهم، بعد أن يموتوا يصبحون أصدقاءً رائعين، يصبحونَ فريدين لم يجُد الوقت بمثلهم، فنتشبث بظلّهم ونمدحه، نمدحه، نمدحه، إلى أن نصدّق أن كل هذه الظلال أمم مثلنا، فنروضُ عواطفها كما شئنا ونتوهم الخلود...

أما أنتِ
فستبكين... ستبكين أكثر


الثالث عشر من حزيران 2014



#خالد_جمعة (هاشتاغ)       Khaled_Juma#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- في الطريق إلى هناك
- أيُّها الطائرُ الغريبْ
- لماذا تضحك وأنت ميتٌ جوعاً؟
- لا أريدُ شيئاً من هذا العالم...
- مملكة جرجيريا قصة للأطفال
- ربَّما يَحْدُثُ شيءٌ كهذا...
- كلبٌ أعمى
- أقلُّ من بلادٍ قليلةٍ وأقلّْ
- على من سأبكي أولاً؟ قصة قصيرة
- وجاء في كتابِ البلاد
- محمد عساف: أذهب بعيداً حيث يحلق البلبل
- خالد يطلق العصافير قصة للأطفال
- مثل كركزانٍ حزين
- غْزِيْزْلِة وخْنِيْنِص قصة للأطفال
- أنا من سرقتُ الخيلَ
- سامر العيساوي، لم أرَ من قبلُ جيشاً في نظرةِ عين...
- استشهد ميسرة أبو حمدية، ماذا عن الآخرين؟
- أنا مَنْ قالوا لكِ عنْهُ
- أجل، ستناغيك الوردة
- فيما كنتُ بذرة موسيقى


المزيد.....




- عرض جواز سفر أم كلثوم لأول مرة
- مسيرة طبعتها المخدرات والفن... وفاة الممثلة والمغنية البريطا ...
- مصر.. ماذا كتب بجواز سفر أم كلثوم؟ ومقتنيات قد لا تعلمها لـ- ...
- أساطير الموسيقى الحديثة.. من أفضل نجوم الغناء في القرن الـ21 ...
- السعودية.. رحيل -قبطان الطرب الخليجي- وسط حزن في الوسط الفني ...
- مصر.. كشف تطورات الحالة الصحية للفنان ضياء الميرغني بعد خضوع ...
- -طفولة بلا مطر-: المولود الأدبي الأول للأكاديمي المغربي إدري ...
- القبض على مغني الراب التونسي سمارا بتهمة ترويج المخدرات
- فيديو تحرش -بترجمة فورية-.. سائحة صينية توثق تعرضها للتحرش ف ...
- خلفيات سياسية وراء اعتراضات السيخ على فيلم -الطوارئ-


المزيد.....

- مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- نظرات نقدية في تجربة السيد حافظ الإبداعية 111 / مصطفى رمضاني
- جحيم المعتقلات في العراق كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- رضاب سام / سجاد حسن عواد
- اللغة الشعرية في رواية كابتشينو ل السيد حافظ - 110 / وردة عطابي - إشراق عماري
- تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين / محمد دوير
- مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب- / جلال نعيم
- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - خالد جمعة - ستبكين أكثر