|
رواية -عين الدرج- عباس دويكات
رائد الحواري
الحوار المتمدن-العدد: 4488 - 2014 / 6 / 20 - 10:45
المحور:
الادب والفن
الرواية تتحدث عن "عدلية" التي وجدت مقتولة على مشارف "كفر الشحاتيت" يتم الكشف عن الجثة من قبل احد الأفراد في القرية، والذي بدوره يخبر الشيخ، الذي يذهب مع مجموعة من الأهالي للكشف عن الجثة، وهنا يكتشفوا بأنها "لعدلية بنت أمينة الحبايب" يحضر رجال الشرطة لأخذ الجثة، يأمر ضابط الاحتلال الشيخ بدفن الجثة في المساء بعدد قليل من الأهالي. وبعد هذا الحدث يبدأ الكاتب في تناول حكاية "عدلية" قبل أن تخلق، وكيف أن أمها "أمنية الحبايب" نزلت إلى نبع "عين الدرج" في الليل وكيف أن الجني هناك قام بمضاجعتها ثم كيف حبلت "بعدلية" وعندما بدأ بطنها يكبر ويظهر عليها علامات الحمل، يقرر أب "أمينة" الانتقال من "وادي المغاير" إلى مشارف "كفر الشحاتيت" ا، ثم يحدثنا كيف مات أب "أمينة وهو يحاول أن يخرج من البئر. تلد "أمينة" "عدلية" التي تكبر بسرعة كبيرة، ترضع من ثدي الأغنام مباشرة، تكون ذات جمال وجسد أنثوي مذهل، تكبر البنت، التي تتعرف على مقاتل في حرب 48 اسمه "يونس" يتزوجان، ينجبان "إياد" الذي يسافر إلى مصر للدراسة" بدوره يتعرف على "نعيمة" التي يتزوجها، يذهبان إلى العمل في الخليج، تبدأ "نعيمة" التفكير بفرض واقع على "إياد" يتمثل في إجباره على ترك العمل في الخليج والعيش معها في مصر، تعود مع ولديها إلى مصر، يبقى "إياد" في الخليج، تفتر العلاقة بينهما، يتم الطلاق، يبدأ "إياد" العمل مع الفصائل الفلسطينية، تتعرض "عدلية" إلى ضغوط من قبل الاحتلال لإجبارها عن التنازل عن قطعة ارض استولى عليها المستوطنين، يقوم المختار بدور قذر، يتمثل في بث أشعة تقول بتنازل "عدلية" عن الأرض لصا الاحتلال، تخبر ابنها "إياد" بما قام به المختار، يتم وضع كمين له، يحقق معه الثوار، يعترف بكل جرائمه، ومنها قضية ارض "عدلية" يقتل، ويوضع تسجيل الاعتراف على باب منزل المختار، وعندها يقوم أبناء المختار بالانتقام من "عدلية" بقتلها. بداية حادثة القتل، كشفها لنا الكاتب في نهاية الرواية، الأحداث تتوزع بين نمط الحكاية الشعبية، وبين الحدث التاريخي، ففي هذا العمل حاول عباس دويكات أن تتماثل قصة حمل "أمينة" مع قصة حمل مريم العذراء، كما أن نزول "عدلية" ب"إياد" إلى العين والاستحمام تلاقي مع فكرة التعميد بالماء، فالمتلقي يجد الفكرة الشعبية والدينية تتلقيا في النص الروائي، وهذا ما جعل الدخول إلى تفاصيل الأحداث أسهل وأمتع، بحيث كان يتم تناول كافة التفاصيل وحتى الجزئيات الصغيرة من خلال تعدد الرواة. وهنا نقول بان الجانب الشعبي الذي تم تناوله الكاتب كان شيقا يحمل الخروج عن المألوف في تناول الأحداث، فلم نعهد حكاية شعبية تم تناولها بصورة رواية كاملة، فالجزء الأكبر من الرواية هو الحديث عن "عين الدرج" ومجمل الأحداث انتقلت منه، لكن إقحام الأحداث التاريخية في فلسطين عام 1948 و1967، كان ـ باعتقادي ـ غير منسجم مع الحدث الرئيس في الرواية، وكان يعد هذا الإقحام تشويها للنص الشعبي، وأيضا اضعف الحبكة وقدرت الرواية على إقناع المتلقي بترابط الحدث ـ الحكاية الشعبية ـ مع الحدث التاريخي، وإذا قارنا بينهما وجدها القوة والنضوج في الأول، والضعف وعدم الإقناع في الثاني. النص يحمل قدرة الكاتب على السرد من خلال تعدد الرواة، وهذا ما جعل النص يأخذ هذا الحجم ـ ما يقارب مأتي صفحة حجم متوسط ـ النص يخلو من الصور الفنية، وإذا استثنينا "ثم شعرت بماء يتدفق في جوفي، وكان النبع يعيد ماءه إلى رحم الأرض، لكنه كان يضيء المغارة، الأول مرة اشعر أن المغارة قد دخلها النور" ص100، فبقية النص يتماثل في طرحه مع واقع الحكاية الشعبية، التي تهتم بالحدث وتفاصليه أكثر من الصورة الأدبية. هناك بعض الأفكار التي نطرحها الكاتب تتماثل مع تلك جاءت بملحمة جلجامش، خاصة ما يتعلق باكتشاف النضوج الجنسي و عملية الإنكار لصاحبها من قبل اقرب المقربين عليه، "غادرت المغارة، لم أحس بوجود والدي عند باب المغارة كعادته، وقفت، انتظرت وقتا من الزمن، لكنه لم يحضر بكلامه، لم اشعر بيده تمسك يدي، لم اسمع صوتا، ترى ماذا حدث معه؟ ما الذي منعه من المجيء؟" ص67، هذا النص يتماثل مع الحدث الذي أصاب انكيدو بعد مضاجعة البغي. كما نجد تأثير الفكر المسيحي عند الكاتب عندما تناول عملية حمل "أمينة" فقد حملت بدون وجود رجل حقيقي أنساني، وإنما بواسطة كائن غير مشاهد، غير مرئي، لكن تحس وتشعر به وبوجوده، "...لم ترى شيئا، لم تلمس شيئا، فقط القربتين، الأرض القمر، الحمار على مقربة يتفلت من مربطه، وجدت نفسها تعرى عند باب المغارة، أصبحت كما ولدتها أمها، شعرت بثقل فوق صدرها وبطنها، شيء يفض بكارتها، كان شعورها بالنشوة أعظم من شعورها بالإثم" ص41و42، بهذه الطريقة حملت "أمينة" من الجني، لم تشاهده، لكنها شعرت به، استمتعت بفعلته، فاستخدام البعد الديني والحكايا الشعبية جعل تفكير المتلقي يذهب إلى عالم أسطوري، خرافي، خيالي، شعبي، ديني، مما يعد من العناصر التي تخدم النص، فهذا المحسنات تجعل القارئ ينهل بمتعة وتذوق. فكرة التعمد كانت حاضرة أيضا، فهي تعد استكمالا للتأثير الذي تركته فكرة الحمل، " حملت إياد وتوجهت إلى عين الدرج، وصلت النبع، دخلت المغارة، تعريت كما كانت تفعل دائما وعرت الطفل وهبطت إلى الماء. بدأت نغسل الطفل بين يديها، تغني كما كانت تغني، ... كانت عين الدرج تضيء، يشع فيها النور كلما ضحكت" ص121 و122 إذا تمعنا في كلمة النور والإشعاع يتأكد لنا حجم التأثير الديني عند الكاتب، فهو يستخدم عين الألفاظ وذات الدلالات الدينية، ولا يعد هذا انتقاصا للنص بل رفع وتألق الكاتب. المكان كان خرافيا، غير حقيقي عندما تحدث الكاتب عن العمود الفقري للنص، حكاية "أمينة" فنجد استخدام "الشحاتيت" وهنا لا بد من الإشارة إلى أن استخدام الكاتب لاسم مكان غير موجود، أو اسم خارج الجغرافيا، فهذا يعد امرأ محمودا، ويعطي النص، التحرر من الجغرافيا التي تقوقعه، لكن عندما تناول الحدث التاريخي المقحم في النص إقحاما، كانت هناك فلسطين والمصر وبيروت والأردن والخليج، فكان النص محاصر ومحدد وضيق، وبما إن الأحداث التاريخية كانت غير مقنعة للقارئ، فجعلته يشعر كمن يطلع على نص تاريخين ناشف، جامد، لا حياة فيه. لقدم لنا الكاتب صورة ايجابية عن رجال الدين، وكانت هناك ألفاظ تخدم فكرة الإيمان وانسجامها مع التطبيق "ـ يعني مين قتلها، واحد من الهمل إلي بزوروها وبمضوا الليل عندها. ـ اتق الله يا ولد، ولا تتهم الناس بالباطل ـ أنت يا شيخ، ما بتعرف إلي بصير في الكفر، ما أنت من البيت للدكان وللمسجد، ـ اللحد لله إني ما بعرف" ص16 فهنا كان الكاتب قد تجاوز الفكرة السلبية لرجال الدين التي آخذت تعمم على أكثرهم. اللغة المحكية الفلسطينية كانت حاضرة بقوة في النص، وكانت لوحدها تكفي كي يعرف المتلقي بأن النص يتناول حدثا ـ حكاية أم تاريخا ـ عن فلسطين، من هنا يتأكد لنا بان الحدث التاريخي شوه النص الروائي، وقزمه في انا واحد. بقية الإشارة إلى أن الرواية من منشورات دار الفاروق، نابلس فلسطين، طبعة أولى أيار، 2014 رائد الحواري
#رائد_الحواري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الفرق بين الحالة السورية والحالة العراقية
-
رواية -نجمة النواتي- غريب عسقلاني
-
-هواجس الاسكندر- أكرم مسلم
-
-يد في الفراغ- احمد النعيمي
-
رواية -الأم- مكسيم غوركي
-
عشتار ومأساة تموز
-
نظام القرابين في المجتمع السومري
-
عقيدة تموز
-
البيضة والتمساح
-
-في رداء قديم- نسمة العكلوك
-
-رسائل قاضي اشبيلية- الفرد فرج
-
-|الجبل الخامس- بين الدين والعصر، الصراع وتحقيق الذات باولو
...
-
جدلية التطرف
-
المناضل والمجاهد
-
-عمدوني... فأعدوني اسما- جيروم شاهين
-
مسرحية -أبو الهول الحي- رجب تشوسيا
-
الجنة والنار
-
-مسرحية الايام الخوالي- هارولد ينتر
-
-قلب العقرب- محمد حلمي الريشة
-
-عودة الموريسكي من تنهداته
المزيد.....
-
جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس
...
-
أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول
-
طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
-
ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف
...
-
24ساعه افلام.. تردد روتانا سينما الجديد 2024 على النايل سات
...
-
معجب يفاجئ نجما مصريا بطلب غريب في الشارع (فيديو)
-
بيع لوحة -إمبراطورية الضوء- السريالية بمبلغ قياسي!
-
بشعار -العالم في كتاب-.. انطلاق معرض الكويت الدولي للكتاب في
...
-
-الشتاء الأبدي- الروسي يعرض في القاهرة (فيديو)
-
حفل إطلاق كتاب -رَحِم العالم.. أمومة عابرة للحدود- للناقدة ش
...
المزيد.....
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
-
السيد حافظ أيقونة دراما الطفل
/ د. أحمد محمود أحمد سعيد
-
اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ
/ صبرينة نصري نجود نصري
-
ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو
...
/ السيد حافظ
المزيد.....
|