إقليم ســــومــــــر....بين الإمكان من عدمه ..؟؟

وليد مهدي

الحوار المتمدن-العدد: 1270 - 2005 / 7 / 29 - 07:52
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    

كثرت الأحاديث هذه الأيام عن تحرك حثيث لتأسيس دولة جديدة في الشرق الأوسط بنثر بذور لإقليم ما يسمى بــــ (سومر) في جنوب العراق...لا يخفى على عاقل إن الإدارة الأمريكية غير مبرئة من أن تكون لها يد في الموضوع...لكن...لماذا الآن ..؟؟
ولما لم يبرز هذا الاسم في بدايات الحرب ؟؟
إن من يتابع المشهد السياسي العراقي يجد إن الحرب منذ بدءها لم تكن بخطة واستراتيجية واضحة الملامح....كانت عبارة عن فقرات من سيناريوهات احتمالية...فإذا حدث كذا...نفعل كذا أو كذا...وهكذا...انهار الإنسان في العراق...بعد أن كان الهدف الاستراتيجي المعلن لحرب حرية العراق هي إعطاءه حريته وتحسين أوضاعه التي كان يعيشها في ظل نظام صدام والحصار الذي فرضته أمريكا عليه..؟؟
الآن...وصلت سيناريوهات الاحتمال إلى مفترق طرق جديد.. بعد أن أظهرت أمريكا عجزها في جمع البلاد برؤية وأهداف تخدم المصالح الأمريكية ( الغامضة ) في الشرق الأوسط...أخرجت إدارة المحافظين ورقة جديدة ... ألا وهي... سومر الجنوبية...وكردستان الشمالية ..ودولة الصحراء السلفية التكفيرية في الوسط ( كما تسميها أمريكا ) ..؟؟
وبغداد....من تكون بغداد..؟؟
على الرغم من إن الأمريكيين متفائلون جدا بتحقيق هذا الهدف ...ويتجلى ذلك من إصرار (المستر) زرقاوي على بث روح التفرقة والطائفية بين العرب وبقية القوميات من جهة وبين الشيعة والسنة من جهة أخرى لكي يتم تأصيل مفاهيم هذه الدويلات شيئا فشيئا...عن طريق مسرحيات أبي مصعب التي لا تخفى على أي عراقي..وبالنتيجة...مالذي تريد قتله أمريكا في العراق ..؟؟
إنها تريد قتل التاريخ...وقتل بغداد...إنها تريد اقتلاع جذر عمره أكثر من ألف سنة في باطن الحضارة..؟؟
إن صقور البيت الأبيض يعالجون الموضوع بهدوء وروية...وتصريحات رامز فيلد بان المقاومة قادرة على الصمود اثني عشر سنة إنما توحي..بان الأمريكان كانت لهم استراتيجيات بعيدة المدى...وعادة ما تكون مثل هكذا استراتيجيات صعبة وتنطلي على مخاطر وتفكير دقيق وعميق...لكن...تعالي أصوات المطالبة بخروج الاحتلال..وإعلان البيت الأبيض بدايات العد التنازلي للانسحاب إنما يشير بما لا يقبل الشك...إلى استبدال الاستراتيجية طويلة الأمد باستراتيجية جديدة...كانت محسوبة الحساب من قبل ضمن استراتيجيات الصقور...والآن...سيتم تفعيل ( سومر) في ضوء ( خارطة طريق سرية ) تصل بالعراق بعد عقد أو عقدين إلى قيام ثلاث دويلات فيه...كردية في الشمال...وجنوبية تسمى ( سومر ) ...ووسطى..ربما يتم ضمها للمملكة الأردنية الهاشمية ؟؟
فهل...بامكان أمريكا أن تنجح بمثل هكذا مشروع..؟؟

إن هذا مرهون بروح المواطنة العراقية...واعتزاز العراقيين بهويتهم العراقية ..ومع ثقتي بان شعب العراق سيقاوم مثل هذا المخطط البطئ البعيد المدى...إلا إن تصدي رجال الدين للمسرح السياسي العراقي قد غيب تماما وعي الشباب العراقي عن التفكير بالهوية خصوصا في الجنوب...الذي أتقنت أمريكا فيه اللعب بجدارة.
نعم فرجال الدين وفي ضوء تنافسهم الشديد وتشتت أهدافهم في المناطق الشيعية قد مالوا إلى جانب خدمة المصالح الأمريكية ( دون قصد منهم) وأنا شخصيا لا اتهم أي منهم بالعمالة لصالح أمريكا...لكن الأخيرة...قد نومتهم مغناطيسيا..وراحت تسيرهم وهم لا يشعرون..!!

لماذا لا توجد حركة اعمار في مناطق العراق الآمنة ...عدا كردستان ؟؟!!

على الرغم من إن مناطق البصرة والناصرية والعمارة آمنة....إلا إن حركة إعادة الاعمار تراوح في مكانها...وقصة تردي الأوضاع المعيشية لسكان هذه المناطق باتت مقصودة أكثر من أي وقت مضى...حتى تعالت الصيحات بالانفصال على العكس من مناطق كردستان التي هيأت نفسها للانفصال منذ سنين....وهو بالضبط ما تريده خارطة الطريق الجديدة....أو سايكس بيكو القرن الحادي والعشرين..أمريكا تضغط على العراقيين كي توصلهم إلى حد طلب الفصل الذي بات يثير المخاوف كثيرا في البصرة والناصرية ....لكن...وهذا وعد من حر....تجري رياحكم بما لا يشتهي السَفَنُ..؟؟
إنكم تنسون بغداد....نعم...تلك التي أثخنتموها بالجراح يا صقور البيت الأبيض...وتضنون إنها ستموت تحت سياط جلاديكم ببطئ...الذين صنعتموهم بأيديكم .. ورحتم تصورونهم وكأنهم لكم أعداء ..بغداد أثقل من تاريخ كل العالم ....إنها بغداد ألف ليلة وليلة ... واكبر عاصمة في تاريخ العالم القديم بشهادة مؤرخي الشرق والغرب أنفسهم..لا تزال نسائم عراقة جذرها تفوح من بواطن جراحها ... فهي رغم كل الألم لم تزل تبتسم...وتستطيع أن تلمس ذلك في بشر وجوه أهلها..؟؟
تستطيع أن تتلمس أشياء كثيرة من حدقات البغداديين ...عيونهم تقول ستبقى بغداد رغم كل ما يحاك حولها من دسائس...وستبقى هي حاضرة الشرق ووصلته بالغرب..وما دامت هناك بغداد....سيبقى هناك العراق الحر الموحد .

#وليد_مهدي (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات