ميساء البشيتي
الحوار المتمدن-العدد: 4486 - 2014 / 6 / 18 - 19:19
المحور:
الادب والفن
حلمٌ كأنت .
أَتَذكُر حين خبأتك حلماً بين الضلوع ؟
كنتُ عند كل صباح أوقظه , أتناول معه قهوتي , أقرأ معه العناوين الهامة , وحين أنشغل عنه بخبرٍ ما , يثور , يشاكس , ثم يقلب عنوة صفحات الجريدة .
كنتُ أحدثه عن تفاصيل يومي ساعة بساعة , كيف أسرق النهار من حدائق الشمس , وكيف أحتال عليه كي يطيل مكوثه في أرض الديار , وكيف أغلق ذاكرتي عن كل شيء حين أفتح معه أبواب الحديث , وكيف أُصبح فيما بعد أميرة متوجة على عرش الانتظار , وكيف تهبط النجوم كلَّ ليلة إلى حفل المساء ؟
ويفكرُّ معي , أيُّ ثوبٍ أقتني لسهرة المساء , أيهم يليق بيَّ أكثر , الوردي , أم ما كان بلون السماء ؟
وبمَ أشكل خصلات شعري , بالورود الصغيرة , أم بعناقيد العنب ؟
والياسمين , هل أبقي بعضاً منه منثوراً بخيلاء الربيع بين طيات الضفيرة , أم أتركه لينام كالحلم في كفي , ويصحو مع زقزقات الصباح , يعانق وجنتيِّ الندى , ويرجوه أن يبقي إليَّ الفجر نوراً يسري في تلابيب الروح والجسد .
كان الصباح في حينها يتكلم لغة نعرفها أنا وأنت !
فكنتُ أحدثك بلغة الصباح , وكنتَ تهزُّ رأسك إعجاباً , تصفق بحرارة حين أضمُّ إليك بعض الحروف المشاكسة , وتلتزم صمتك الملوكي حين أسكنُّها , فتهدأ رياحها في حضورك اللازوردي .
وكان الصباح يطول بنا حتى تنتهي أحاديثنا , ثم تحمل نفسك برفق , وتركب موج البحر , وتغادر , وتُبقي إليَّ سلَّة من قطوف الشعر , ألعق من أناملها الشهد , وأتنفس من عبيرها السعد , وأطير بجناحين من ورق , لأكتب على باب العمر ..
كان هنا , وسيعود .
ولا ينتهي يومي منك , إلا وتبدأ على أجنحة الحلم , ترفرف كغصن زيتون , وتدور كرائحة البخور , تحضر حلماً , وتغيب حلماً ,
وما بين الحلم والحلم .. حياة كلها أنت .
#ميساء_البشيتي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟