|
كلهم داعشيون ومن بعث واحد
عبدالخالق حسين
الحوار المتمدن-العدد: 4484 - 2014 / 6 / 16 - 13:58
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
أفادت الأنباء أن "23 مجموعة ارهابية غير داعش احتلت نينوى من بينها الحركة النقشبندية، وشباب الموصل الارهابية، وكتائب الحدباء، وجماعة نصرة العراق، واهل الجنة، وغيرها من مجاميع مختلفة المرجعيات والقيادات والاهداف ".(1)
في الحقيقة، إن معظم هذه التنظيمات هي مجموعات إرهابية بعثية، خرجت من رحم البعث الفاشي، وكل مجموعة أسند لها دور معين تقوم به. فتنظيم (داعش)، متخصص في العمليات العسكرية وشراسة الانتقام، والقسوة في قتل الأبرياء العزل لبث الرعب بين الناس، وإلقاء الجرائم البشعة التي يرتكبها البعثيون على تنظيم باسم داعش وتبرئة ساحتهم منها. تنظيم آخر باسم:(القيادة العامة للجيش العراقي) نشر بياناً يشبه (البيان الأول) الذي يصدر عادة بعد كل انقلاب عسكري يقوم به البعثيون، جاء فيه: "يا ابناء أمتنا العربية .. يسجل أبنائكم الشجعان انتصارات وطنية خالدة افتتحت بتحرير محافظة نينوى مدينة الرماح الباسلة من القوات الحكومية المعتدية وهاهم الثوار من الفصائل والقوى كافة يزحفون لتحرير وتطهير المدن العراقية وعلى رأسها بغداد الحبيبة من براثن الطائفيين الذين عاثوا فساداً وظلماً وقتلا بالشعب العراقي المظلوم ومن ورائهم الاحتلالين الأمريكي والايراني الغاشمين." و تحاول هذه "القيادة" أن تظهر نفسها بالوجه الحضاري، والإلتزام بالقوانين الدولية، إذ أدعى ناطق باسمها للبي بي سي، أنهم ضد تنظيم (داعش) وما يرتكبه من جرائم، فهم ليسوا ضد الشيعة، وملتزمين بإتفاقية جنيف لحماية اسرى الحرب وحقوق الإنسان...الخ. هذا الكلام للتضليل فقط ، فهذه التنظيمات هي بعثية وقد عاثوا فساداً وقتلاً في المناطق التي وقعت تحت سيطرتهم. إذ تفيد الأنباء أنهم أعدموا إمام الجامع الكبير في الموصل لأنه رفض أن مبايعتهم، كما و هرب 17 إماماً إلى أربيل خوفاً من القتل، كذلك انتحرت أربع نساء بعد اغتصابهن، إضافة إلى فرض أحكام الشريعة على الناس وخاصة على النساء بارتداء النقاب الأفغاني. وتقرير آخر مصور، وفيديو سرب من داعش، يبين ارتكابهم جريمة نكراء كبرى وهي "تنفيذ الاعدام بـ 1700 من طلبة كلية القوة الجوية في قاعدة "سبايكر" شمال تكريت (175 كم شمال غرب بغداد) بعد أيام على تسليم انفسهم. وأوضح أنه أفرج عن 800 من "مرتدي السنة"، الذين يعملون بالقاعدة بناء على أوامر من اميرها ابو بكر البغدادي" (2).
لا نريد هنا الحديث عن خبث البعث وأساليبه الشيطانية في ارتكاب العمليات الإرهابية البشعة، وتضليل الناس بواجهات إسلامية، فقد بات هذا الأمر معروفاً للجميع. ولكن المشكلة أنه مازال هناك البعض، وحتى من بين الذين نتوسم فيه المعرفة والوعي والحس الوطني، مازالت تعبر عليهم أساليب البعث وحيلهم الخبيثة. لقد أكدنا مراراً أن البعثيين يرتكبون إرهابهم بأسماء تنظيمات إسلامية وهمية لكي يحموا سمعة حزبهم من الإرهاب ويتجنبون نقمة الجماهير، خاصة وهم يحلمون بالعودة للحكم. كما وأكدنا أن ما يسمى بالدولة الإسلامية في العراق والشام (داعش- إختصاراً)، هو تنظيم بعثي تشكل بادئ الأمر ضمن القاعدة، وبتوجيه المدعو أبو بكر البغدادي من مواليد سامراء، ولكن بعد أن اتسع هذا التنظيم واشتهر بالجرائم البشعة التي ارتكبها في سوريا، إلى حد أنه حتى أيمن الظاهري، زعيم القاعدة أدان جرائمهم وتبرأ من داعش.
ودليل آخر يؤكد أن داعش هو تنظيم بعثي أن الداعشيين سلموا إدارة المدن التي وقعت تحت سيطرتهم إلى إداريين بعثيين كانوا يديرون هذه المدن في عهد صدام.
لماذا تبنى البعثيون أيديولوجية الإسلام السياسي بعد سقوط حكمهم؟ السبب هو أن أيديولوجية البعث ليست فيها قوة جذب ليضحي الإنسان بحياته من أجلها، فهي أيديولوجية هجينة خليط غريب من النازية الألمانية، والفاشية الإيطالية والماركسية، و البداوة العربية، وشيء خفيف من الإسلام. إذ كان ميشيل عفلق، المؤسس للحزب، والمنظر له ماركسياً في أول شبابه، ثم تخلى عنها وتبني أفكار فلاسفة النازية مثل فيختة، وقالها صراحة، أنهم أسسوا حزب البعث لحماية الشباب العربي من الفكر الماركسي. وكانت مؤلفاته تتسم بالغموض. لذلك اعتمد البعثيون في كسب الشباب على التحريض والتأجيج، وتحريك الغرائز البدائية من المشاعر العنصرية والعصبية القومية. كما وأعلن عفلق (المسيحي) إسلامه كذباً للضحك على الذقون، وسمّى ابنه محمد، تماماً كما خدع الألمان المسلمين في الحرب العالمية الأولى بأن الإمبراطور الألماني غليوم، أعلن إسلامه وصار يُخاطب بالحاج محمد غليوم!! لذلك وبعد سقوط حكمهم في العراق لم يكن لدى البعثيين فكر قوي يجذبوا به الشباب ليجازفوا بحياتهم في حركة جهادية من أجل إعادتهم للسلطة. فوجدوا ضالتهم في أيديولوجية الإسلام السني السياسي المتمثل بالوهابية الجهادية التكفيرية، وبدعم مالي سعودي وقطري، وتخطيط الاستخبارات البعثية، والتركية وغيرها، باستخدام الطائفية كمحرك للتعصب، وغسل أدمغتهم بالشحن الطائفي، وبالوعود المعسولة بسعادة الدارين. وبذلك فقد نجحوا في تحويل قطاع واسع من الشباب الفارغين فكرياً بتحويلهم إلى قنابل ووحوش بشرية، وبرابرة متعطشة لقتل الأبرياء، ليس لديهم ذرة من الاحترام لحياة الإنسان، فكان داعش وأخواتها، هدفهم المعلن كهدف الأخوان المسلمين والقاعدة، وهو: إعادة دولة الخلافة الإسلامية، أما هدفهم الحقيقي في العراق غير المعلن لدى قياداتهم العليا فهو إعادة حكم البعث.
الحياة في الصمود وما تحقق لداعش من انتصار رخيص وسريع على جيش جرار يفوقه عدداً بثلاثين مرة، ومجهز بأحدث الآليات والأسلحة يحتاج إلى دراسة علمية عميقة لمعرفة الأسباب الحقيقية لهذه الحالة الشاذة والغريبة. ولكن يمكن في هذه العجالة أن نقول أن العملية لم تخلو من شراء ذمم الضباط القياديين بالرشوات والخيانات، والصراعات السياسية بين شركاء العملية السياسية، وضعف الولاء الوطني، ودور الإعلام المضلل المعادي في شن الحرب النفسية، ومحاولاتهم المستمرة لتدمير معنويات الجيش العراقي، كل هذه العوامل لعبت دوراً أساسياً في وقوع هذه الكارثة.
والدرس الذي يجب استخلاصه هو أن العسكري الذي يتخلى عن واجبه المقدس في الدفاع عن الوطن وشرفه العسكري خوفاُ من الموت، فالموت يلحقه في جميع الأحوال، وقد أثبتت المجازر التي أرتكبتها برابرة داعش ضد الجنود الذين بقوا في معسكراتهم و بدون قتال أن الحياة ليس في الإستسلام الرخيص بل في الصمود، فلو كان الجيش قد صمد لألحق الهزيمة بالداعشيين، ولكان أغلب الجنود الضحايا الذين قتلوا على أيدي برابرة داعش أحياء الآن.
والجدير بالذكر أن هناك حملة إعلامية مضللة تساند الداعشيين البعثيين، يحاولون إبراز وجه داعش بالوجه الإنساني والحضاري، مثلاً يقولون أن الحياة في الموصل وتكريت عادت طبيعية وهادئة وجميع الخدمات متوفرة، وإنما الناس يغادرون هذه المدن ليس خوفاُ من داعش بل خوفاً من المالكي لأنه هدد بإعادة هذه المناطق بالقصف الجوي. وهكذا يحاول الإعلام المضلل أي يبرئ الإرهابيين من جرائمهم وإلقائها على الحكومة العراقية في جميع الأحوال. ــــــــــــــــــــــ مصادر 1) 23 مجموعة ارهابية في نينوى http://alakhbaar.org/home/2014/6/170474.html
2) داعش: أعدمنا 1700 طالب بكلية الطيران العراقية http://www.elaph.com/Web/News/2014/6/914120.ht
روابط ذات صلة داعش تمنع موظفات تربية نينوى من الدوام وتفرض اللباس الافغاني على موظفي المديرية http://www.al-ansaar.net/main/pages/news.php?nid=22781
الاتحاد الأوربي: مجرمو داعش احرقوا الكنائس بشكل كامل في الموصل http://www.al-ansaar.net/main/pages/news.php?nid=22787
بان كي مون يعلن دعمه لبيان السيد السيستاني http://www.al-ansaar.net/main/pages/news.php?nid=22798
#عبدالخالق_حسين (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
أبعاد مؤامرة تفتيت العراق
-
تسليم الموصل لداعش بالتواطؤ
-
مع تعليقات القراء على مقال: هل حقاً المالكي أسوأ من صدام؟
-
هل حقاً المالكي أسوأ من صدام؟
-
حول الشراكة الحقيقية من منظور السيد بارزاني
-
دلالات نتائج الانتخابات الأخيرة
-
هل ممكن تشكيل حكومة الأغلبية بجميع مكونات الشعب؟
-
محاولة لتفسير التخندق الطائفي في الانتخابات
-
نجاح الانتخابات دليل على التزام شعبنا بالديمقراطية
-
يا أعداء المالكي اتحدوا !!!
-
لماذا حكومة الأغلبية السياسية؟
-
العلمانية الديمقراطية لا تُبنى على الكذب
-
إسقاط حكم البعث في الميزان (2-2)
-
إسقاط حكم البعث في الميزان(1-2)
-
الانتخابات وهستيرية الحملات التسقيطية
-
بمناسبة مرور 11 عاماً على تحرير العراق من الفاشية
-
مشروع القانون الجعفري وُلِدَ ميتاً
-
هل السيسي أتاتورك مصر؟
-
دعوة لوقف تداعيات مقتل الشهيد محمد بديوي الشمري
-
حرية نشر البغضاء والفتن الطائفية
المزيد.....
-
لأول مرة منذ 9 أشهر.. شاهد إجلاء مرضى فلسطينيين عبر معبر رفح
...
-
السيسي لترمب.. لا لتهجير الفلسطينيين
-
نتنياهو يتوجه إلى الولايات المتحدة ليكون أول رئيس يلتقي ترام
...
-
-د ب أ-: منظمة الشباب التابعة لحزب -البديل من أجل ألمانيا- ت
...
-
صربيا.. المحتجون يغلقون الجسور عبر نهر الدانوب في مدينة نوفي
...
-
اكتمال تثبيت قلب مفاعل الوحدة الثالثة في محطة -أكويو- النووي
...
-
بعد سحب منتجات كوكاكولا مؤخرا.. إليكم تأثيراتها على الجسم!
-
هل تعاني من حرقة المعدة أو الارتجاع بعد شرب القهوة؟.. إليك ا
...
-
مشاهد للقاء الأسير الإسرائيلي الأمريكي كيث سيغال مع بناته
-
ظاهرة غامضة تتسبب في سقوط شعر جماعي لسكان إحدى ولايات الهند
...
المزيد.....
-
الخروج للنهار (كتاب الموتى)
/ شريف الصيفي
-
قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا
...
/ صلاح محمد عبد العاطي
-
لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي
/ غسان مكارم
-
إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي-
...
/ محمد حسن خليل
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
المزيد.....
|