التحرش السـياسي

نضال نعيسة
كاتب وإعلامي سوري ومقدم برامج سابق خارج سوريا(سوريا ممنوع من العمل)..
(Nedal Naisseh)

الحوار المتمدن-العدد: 1269 - 2005 / 7 / 28 - 10:53
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    

في حمأة هذه "الطحلبة" الفكرية,ومحاولات تعويم الأوراق المحروقة لدى فرسان المعارضات الأشاوس,من كتبة التقارير الخيرية أيام زمان, تسود الآن الساحة الكثير من عمليات التحرش والاستفزاز السياسي والاستغباء ,وصلت الحد بأحدهم لتسويق الظلام السياسي على أنه أصبح حقيقة نورانية هابطة من علياء السماء.فالكل,مثلا وبالطبع, شهد ويشهد عمليات التحرش السلطوي التي تمت ضد المعارضين وأصحاب الرأي الآخر وما صاحب ذلك من عمليات تصفية ونفي واعتقال وحتى اغتصاب وفض بكارات للعقول النظيفة الصافية العذراء.وهذا أمر أصبح مألوفا في قوانين العساكر و"شوفيرية" الدبابات ,ومن عادات ,وتقاليد, وثوابت جامعة عمر موسى وصحبه الأخيار الأبرار الذين ترونهم يوميا في فضائيات النضال, والاستهبال,والعمائم ,قزحية الألوان, على حد سواء.وعلى مبدأ "ماحدا أحسن حدا" فلم لا يتنطح البعض لهذه المهمة الجليلة طالما أن هذا "البيدر" المقفر مستباح لكل من هب, ودب, وقب على وجه هذه الأرض؟

فكعلمانيين, وليبراليين ,وتنويريين ,وكإنسانيين أولا ,وأخيرا ,لسنا ضد الغزل ,والحب ,والعشق وحتى التزاوج والإنجاب بين مختلف الأطياف والأجناس السياسية,ولكننا بالمطلق ضد الحرام وزيجات السفاح,ومع أن يمارس الإنسان ما يحلو له من الطقوس والعادات ,والاتجاه الذي يراه مناسبا لحياته ومتوافقا مع تفكيره,ومهما كان ساذجا ومتواضعا ,وحسب تربيته ,وتنشئته ,وهذا حقه بالطبع,ولكن بشرط ألا يتحول إلى تحرش علني بعذريتنا الفكرية ,وإلى زواج عرفي مرحلي غايته اللذة الآنية ,والمكاسب اليومية,وإخفاء كل العيوب المصاحبة له .فأن يعشق الرجل صبية حلوة تتدفق جمالا وفتنة وحيوية ويتغزل بها ,ويبرز مفاتنها ,فهذا أمر مقبول جدا ,أما أن يذهب ليحب ويتغزل بعجوز ذهب بها الزمان بعيدا ,وترهلت ,ومضى ذاك الزمان التي كانت به تلهو وتلعب وتعربد ,ومحاولة أن يظهرها ويقدمها على أنها فتاة حلوة ,وصغيرة ,وفي سن الزواج ,ويضحك على "شيبتنا" من خلال بعض العموميات والأحكام التي تتستر ببعض الأدبيات البراقة التي لا أساس لها على أرض الواقع,مستفيدا من الدروس والعبر التي تعلمها وتلقنها من إعلام فقهاء الزمان الذين لا تنتهي ولايتهم حتى بعد الوفاة, فهذا لعمري من عجائب وفنون العربان.إن تغيير الشكل ,وتغليفه ببعض البلاغة المنمقة لا يغير من الجوهر المعروف جيدا الذي لا يجرؤ أحد على الاقتراب منه ,واللعب بمضامينه التي تعتبر مقدسة ,وثابتة على الدوام.فإن جوهر البنيان العقائدي لم يتغير ولم يحصل عليه أي تعديل .

وإذا كانت الغاية من إطلاق هذه المبادرات, هو إحداث اختراق في النظرة العامة الموروثة عن تقاليد وسلوك هذا التيار ,فإن الهدف يبدو صعب التحقق عند شرائح عريضة من الطيف السياسي لأن هناك الكثير من الأمور الجوهرية التي لم يقترب منها هذا التيار. والتغيير الشكلي لا يعني أن كل شيء في فكر هذه الجماعات قد تغير .هناك ثوابت راسخة ومعتقدات يعتبر مجرد مناقشتها كفر وإلحاد.يبدو البعض الآن صامتا, وساكتا ويمشي "الحيطة الحيطة" ويقول "رب استر" , ولكن يحاول البعض أن يتحرش به وبما هو موروث ومقدس أيضا في ثوابت الفكر الإنساني العظيم الذي أبدع الحضارات ,ومجّد الإنسانية ,وهذا من كبائر الظلم والإجحاف وقصر النظر,وتكريسا لفلسفة التضليل ,والتجهيل التي مورست عبر عقود من الزمان,وتحرشا سياسيا ,صارخا,سافرا, وفاضحا تعادل شرب الخمر المنكر المذموم الملعون,وخلع الحجاب وهتك العورات,وموالاة الكفرة في فقه الظلام,الذي يسوقه الآن أدعياء اللبرلة ,والمركسة ,وفقاعات الخواء من حجاج المعارضات .كما لم تعد هذه الساحات الخاوية برعاياها المنكوبين مكانا ,وفئرانا للتجارب السياسية. فلا يزال هناك الكثير من الأشياء الضرورية والأساسية بحاجة إلى مراجعة ,وتهذيب ,وتشذيب, ولن يتمكن مقال بائس من سردها وتقديمها على أساس من أنها إكسير وشفاء للأوطان . فكثير من الأمور الهامة وبديهيات الحياة لم نستطع أن نفهمها ونتعلمها جيدا حين كنا صغارا,ويبدو أننا سننتظر زمنا طويلا ريثما يبلغ البعض سن الرشد ,ويتعلم بعض الأشياء البسيطة.

#نضال_نعيسة (هاشتاغ)       Nedal_Naisseh#          

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات