|
من بذرة ... إلى شجرة للخوف !!
سلام ناصر الخدادي
الحوار المتمدن-العدد: 4482 - 2014 / 6 / 14 - 00:07
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
اعتادت الأنظمة القمعية في مختلف دول العالم ، على ممارسة شتى أنواع الاضطهاد ضد مواطنيها ، من سجون وتعذيب وإعدامات ، ومحاكم صورية وإبعاد وتشريد وهدم الدور ، وتغييب الرموز الوطنية والدينية وسرقة أموال الشعب ، وتمجيد القائد الأوحد ، وهذه الأعمال تشمل الأنظمة الدائرة في فلك الامبريالية أو المعارضة لها فكريا والمنتهجة طريقا تدعي انه اشتراكيا !! ومع إن هذه الأنظمة لا تستطيع أن تمارس كل هذه الأعمال خلال حقبة زمنية واحدة .. إلا إن النظام السابق قد شملها جميعا ، وبترتيب منظم مدروس . ولو عدنا إلى الوراء ، والى بدايات حكم البعث المقبور ، ونستذكر كيف بدأ بتفتيت وحدة الصف ، وتخريب البنية الأساسية للشعب العراقي حينما أخذ ينشر التفرقة والتناحر داخل العائلة العراقية ، من خلال انتمائهم لحزبه فجعل الابن مخبرا على أبيه ، والأخ على أخيه والأب على ابنه وهكذا ازدادت وتيرة كتابة التقارير فشملت الجيران ، والأقارب والمحلة والدائرة ،وتهاوت العلاقات الأسرية المترابطة ، وتفككت عرى التلاحم التي ظل المجتمع العراقي يتفاخر بها شموخا واباءا ردحا من الزمن. وكانت أجهزة الأمن والمخابرات وباقي الأجهزة القمعية سيئة الصيت ، تمارس أقسى الفظائع في أقبيتها ودهاليزها وأقسى الأعمال دموية وثأرية ضد أبناء الشعب . وقد طبق النظام سياسته على ارض الواقع بسلوكه خطين متوازيين في آن معا : فهنا قمع وحشي وضراوة التعذيب وأقبية الأمن وظلمة ودهاليز السجون وتغييب للمجهول وإعدامات ... وفي الخط الثاني مارس الحرب النفسية بشكل فاق التصور!! وبدأ بزرع بذور الخوف لدى المواطن! لا تتحدث بما يسيء للنظام ، ولا تستمع لما يكره النظام ولا تقرأ لما لا يريده النظام ، ولا تكتب إلا لتمجيد النظام ... وانهالت قائمة المحاذير : لا تتحدث في المقاهي أو الشوارع أو في السيارات ، فهناك من يسمع ويراقب ويكتب !!! لا تتحدث في محل عملك أو مكتبك أو حتى في بيتك .. فأزلام النظام منتشرون أكثر من ذباب المزابل !! وربما هم الآن خلف بابك ينصتون !. هكذا رويدا رويدا نمت " بذرة الخوف" وترعرعت شيئا فشيئا في ظل المحظورات جميعا ، وسقاها البعث بسيل جارف من المحاذير الصدامية ، وغذاها النظام من خلال أجهزة الرعب ، والموت المتجول ، بجرعات يومية من البطش والاعتقال والتنكيل . وعشر سنين تتبعها ثانية وتأتي ثالثة وما انفك يغذي هذه ويراقب تلك ويزرع المزيد بتفنن طرق حديثة !! وقلوب الناس تترنح بين وجيس الخوف ، ورعب الكلام ، وجريمة أبداء الرأي إلا ... باستفتاء الأغاني في تلفزيون الشباب !! *** *** *** *** بعد الاجتياح الأمريكي للعراق ، والانهيار الكبير لتلك الزمر المتسلطة وفرار جميع القادة والقيادة ، وأركان الحزب والسلطة ... المفروض ان يعي المواطن العراقي لحقيقة هؤلاء الذين تسيدوا وتسلطوا وحكموا رقاب الشعب لعقود ، اتسمت بالخوف والرعب وبان النظام قوي جبار متسلط!!! وان يسترجع بذاكرته تلك السنين الحالكة وتلك الممنوعات الجائرة وان يتنفس عبق الحرية ملئ رئتيه ، وان ينزع عن كاهله عبء تراكمات السنين الممزوجة دما ورعبا وقسوة ....وان ...وان ....,ولكن ما الذي نرى ؟؟ هناك البعض الذي استطاع أن يجمع شتات رباطة جأشه و( يبوح ) ببعض المكنون في صدره ! والآخر ما زال يردد عبارات ، هي مزيج بين الزرع البغيض وقلة الإدراك !! بينما ترى البعض الآخر ،ما أن تحاورهم ، أو تهم بطرح موضوع ما حتى ترى العجبا !! فهم عبارة عن ( أشجار خوف ) متحركة ، وما زالوا متطيرين من كل شئ والدنيا لازالت سوادا في أعينهم قاتمة !، ويقودهم التأويل إلى افتراضات ومواقف وتشعبات ، قد تعجب وتقف مندهشا أمام هذا أل(عقل) الذي تفجر تحليلا واستنتاجا !!. ورغم انقضاء هذه الفترة (منذ سقوط النظام) ما زال البعض يردد ما زرع لديه في البذرة الأولى وهم جماعة المتفرجين على التل ..." لنبقى بعيدين أحسن !"و"هذا لا يهمنا " و "لنبقى محايدين" وغيرها الكثير. ونسوا أو تناسوا عن قصد أو بدونه ، شاءوا أم أبوا ،إنهم جزء من هذا المجتمع ويعيشون في خضم صراعاته ، وفي وسط سياسته وعليهم بعد أن كانوا مغيبين مهمشين أن يدلوا بدلوهم ويميزوا الصالح من الرديء ويساهموا في بناء المجتمع الذي يبدأ من الأسرة مرورا بالمحلة فالمدينة ....وصولا إلى شعبنا .
فباسمكم جميعا سرقت أموالكم تحت مسمى إعادة الاعمار!! وما من إعمار !! وباسمكم وصلوا أناس غير مؤهلين ، وقالوا هذه إرادة الشعب !! وباسمكم شرعت قوانين لم تقرئوها!! وقالوا صوّت الشعب عليها.....وهكذا فماذا تنتظرون ؟؟ إكسروا حاجز الخوف هذا ، وسموا الأشياء بأسمائها ، فالإساءة والابتزاز والفساد إن صدرت من جهة ما علينا جميعا أن نشير إليها ونشخصها ولا نطلق عموميات الكلام " جهة ما عملت كذا"، فلنتعاون لنفرز المسيء ونلفظه ، فالعراق أشد ما بحاجتنا الآن ... أما " أشجار الخوف" فان لم تستطيعوا اقتلاعها .. فليكرمونا بسكوتهم !! لأن جملة منهم .... تثبط عزيمة عشر همم!!
ج
#سلام_ناصر_الخدادي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
طفلي المجنون
-
انتظار
-
عزف خارج الصوت
-
لحظة شوق
-
حارة كلمن ايده اله !!
-
جرح في مهب الريح
-
الحراك المدني العراقي .. آراء وملاحظات
-
حقوقنا بين الأدعية والنذور !!...
-
القادة الجدد والصناديق الفارغة
-
المندائيون .. وقانون انتخابات الأكثرية !!
المزيد.....
-
-عيد الدني-.. فيروز تبلغ عامها الـ90
-
خبيرة في لغة الجسد تكشف حقيقة علاقة ترامب وماسك
-
الكوفية الفلسطينية: حكاية رمز، وتاريخ شعب
-
71 قتيلا -موالين لإيران- بقصف على تدمر السورية نُسب لإسرائيل
...
-
20 ألف كيلومتر بالدراجة يقطعها الألماني إفريتس من أجل المناخ
...
-
الدفاع الروسية تعلن تحرير بلدة جديدة في دونيتسك والقضاء على
...
-
الكرملين يعلق على تصريح البنتاغون حول تبادل الضربات النووية
...
-
روسيا.. اكتشاف جينات في فول الصويا يتم تنشيطها لتقليل خسائر
...
-
هيئة بريطانية: حادث على بعد 74 ميلا جنوب غربي عدن
-
عشرات القتلى والجرحى بينهم أطفال في قصف إسرائيلي على قطاع غز
...
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|