|
المثلية بين البيولوجيا والتنشئة ..
قاسم حسن محاجنة
مترجم ومدرب شخصي ، كاتب وشاعر أحيانا
الحوار المتمدن-العدد: 4480 - 2014 / 6 / 12 - 09:26
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
المثلية بين البيولوجيا والتنشئة .. جاء في تعليق للزميلة أمال طعمة على مقالي السابق ما يلي : "اما المثلية فذلك امر محير بالنسبة لي فالكثيرين يقولون بأن التنشئة لها دور واخرون يقولون انها جينات" ، فكان هذا التعليق مُحفزا لكتابة هذه المقالة الموجزة . قبل إيراد تعريف علمي مبسط عن المثلية ، أود أن أُوضح نقطتين هامتين في موضوع بحثنا أو مقالتنا هذه ، وأولهما وأهمهما هو إستبعاد الإعتداءات الجنسية على الأطفال والبالغين عن المثلية ، حتى في حالة كون الضحية والمعتدي من نفس الجنس ، فالإعتداءات الجنسية لا تدخل في هذا السياق . أما ثانيهما فيعود سببه الى الخلط بين ألسلوك الجنسي الشاذ ، ككل أنواع الشذوذ الجنسي المعروفة ، كجنس المحارم ، السادو- مازوخية ، الفيتيشية وغيرها من أمراض البارافيليا . ويجب التمييز بينهما ، فالمثلية ، وهو معجم تصنيف الأمراض النفسية .DSM ليست "شذوذا " ، أو مرضا وفق ال ويتفق العلماء على أن ألمثلية الجنسية هي الميل الجنسي نحو شخص من نفس النوع ، الذكور المثليين يميلون جنسيا الى الذكور والإناث للإناث ، ويتم اللقاء الجنسي الحميمي بإتفاق طرفي المعادلة وتنبع من رغبة مشتركة . علما بأن هناك مجموعة ممن يملكون ميولا جنسية مُزدوجة (بي –سيكسوال ) أي يميل بنفس القدر نحو الذكور والإناث .وقد تحدثت مخرجة فلسطينية عن ميولها المزدوجة بصراحة قل نظيرها ، لكن ردود القراء وتعليقاتهم تنّم عن جهل مطبق في موضوع المثلية الجنسية والميل الجنسي المزدوج ، وهذا رابط الخبر في صحيفة القدس العربي http://www.alquds.co.uk/?p=178820 : وأود أن أُنوه إلى ان علم النفس ما زال مُتمسكا بقسم كبير من مدرسة التحليل النفسي الفرويدي والتي بحثت عن جذور الميل الجنسي في طبيعة العلاقة مع الوالدين ، علما بأن أبحاث الدماغ وكيميائه تُبرهن وكل يوم من جديد بأن كل النشاط النفسي وحتى الذهني يرتبط ارتباطا عضويا بنشاط الدماغ وبالجينات ، بحيث أن الأبحاث الطبية تبحث عن جذور الأمراض العضوية المزمنة في "ثنايا "الجينات . ويتحدث العلم اليوم عن عوامل مؤثرة على تحديد الميول الجنسية ، ويحددها في ثلاثة عوامل رئيسية : اولا : العامل البيولوجي : وهي تضع تفسيرين للميل الجنسي ، الجينات والهورمونات على، وبناء على التفسير الجيني فأن هناك جينات تؤثر على ميل جنسي مولود ، اما التفسير الهورموني فإنه "يتحدث " عن خلل في الهورمونات في فترة قبل الولادة يؤثر على مبنى الدماغ ويؤدي الى ميل جنسي مثلي مولود .(منذ الولادة ) . ثانيا : ألعوامل الإجتماعية : وحسب هذا التفسير فإن التواجد في مجتمع يتقبل ويشرعن العلاقات المثلية ، قد "يشجع " على ظهر ميل جنسي مثلي ، خاصة إذا تعاملت البيئة الإجتماعية المذكورة بشكل منفتح وتُبدي تسامحا مع المثلية قولا وفعلا ، فمن الممكن ان يُشجع هذا الموقف على تجربة علاقات جنسية مثلية ، أو تقبل ميولهم الجنسية المثلية بشكل سهل ، وكما ذكرت في مقالي السابق ، فالحياة في مجموعات مغلقة مقتصرة على جنس واحد ، فقد يجد البعض متنفسا "للإحتقان الجنسي " في علاقة جنسية مثلية . ثالثا :العوامل النفسية : وهي تفترض بأن بعض ديناميكيات العلاقة في العائلة قد تؤدي الى ظهر ميل جنسي مثلي ،وعلى سبيل المثال ، حينما تكون العلاقة بين الاب وإبنه الذكر فاترة أو أن "يرفض " الأب إبنه ، فإن الإبن ونتيجة لذلك يصعب على الإبن التماهي مع الأب ويُكون في داخله رفضا للقيام بدور الأب مستقبلا ، فقد يؤدي هذا التباعد بين الاب والابن الى تطور ميول جنسية مثلية !! كما أن تعويض النقص في الدفء والحنان الأبوي قد يجد تعويضه في علاقة جنسية مثلية . وفي رأيي فأن هذا التفسير الذي يغوص عميقا في عوالم اللاوعي ، ليس له ما يثبته أو يدعمه على أرض الواقع ، فأعداد كبيرة عانت من "خلل " في ديناميكيات العلاقات داخل العائلة ، لكنها لم تُطور ميولا جنسية مثلية ، لكن من الممكن القول بأن هذه الديناميكيات قد ساعدت في ظهور الميل الجنسي المثلي المولود . وأود أن أقتبس قولا من رئيس كلية البيولوجيا في الجامعة العبرية في القدس الذي يقول وبالحرف الواحد ما يلي :"كما أن الإنسان لا يختار جيناته ولا ترتيب ولادته في عائلته ، فهو أيضا لا يختار ميله الجنسي " ، ويستمر البروفسور دربسي قائلا :"من الناحية العلمية ، وكيفما نظرت الى المثلية فهي ليست صفة يختارها الانسان ، وليست نتيجة خيارات قام بها في الماضي ، ولا يعني قيام ولد بالتنكر في ثياب بنت ،بأنه ستحول الى مثلي ،بل بالعكس ولأن لديه ميل مثلي مولود جينيا فإنه يتنكر في ثياب بنت". ولا يُلقي البرفسور كلامه جزافا ، بل يستعرض مجموعة من الأبحاث التي جرت في بلدان متعددة وفي افضل الجامعات والمراكز البحثية العلمية عالميا . ولا أود الخوض فيها في هذا السياق . ومع أنني أميل إلى هذا الرأي العلمي المدّعم بنتائج الأبحاث ، فإنني أعتقد بأن كثيرا من المثليين في المجتمعات المحافظة يعيشون حياة مزدوجة ، يتزوجون كرها وتحت ضغط إجتماعي لكنهم يعيشون حياة ثانية في الخفاء ، حياة تنسجم مع ميولهم الجنسية الحقيقية . ولهذا يعتقد بعض المعالجين النفسيين ، وخاصة المعالجين المتدينين ، بأن الميل الجنسي مكتسب ، وقابل للتعديل والتغيير . في إعتقادي فإن هذا الرأي "يرفض " تقبل الميل الجنسي المثلي من منطلقات عقائدية دينية ، والتي ترى في المثلية خروجا على الفطرة التي خلق الله بها الإنسان !! لذا يحاولون جاهدين رفض الحقائق العلمية التي تتراكم يوميا والتي تُبرهن بأن "ما باليد حيلة " ، فالميل الجنسي مولود وإن شئتم فهم مخلوق مع الانسان ، ككل الصفات الفيزيولوجية الموروثة .
#قاسم_حسن_محاجنة (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
المثلية ، السياسة والدين ..
-
-يعيش - الإحتلال ..!!
-
ألأخلاق وألسياسة..
-
إسرائيل : ما بين -عاهرة - وقديسة - !!!
-
حزيران بين -ألمسيحية - الإسلامية و- المسيحية -اليهودية ..
-
التستوستيرون بين ألقمع ،الإباحية والترشيد ..
-
ألفقر والأخلاق ..
-
شدو الربابة بأحوال الصحابة ..ألمُعاصرين !!
-
حق تقرير ألمصير : تصادم ألطموح والواقع .
-
نساء بيدوفيليات ..؟؟
-
ألرجم للعُشاق ..!!
-
ترهل أحزاب أليسار ألعربي .
-
على هامش مقالات الزميلة ماجدة منصور : ألداروينية ألإجتماعية
...
-
ألصلاة جامعة ..!!
-
الإعتداءات الجنسية : ألتناقض بين -مصلحة- الضحية وواجب التبلي
...
-
COGNITIVE DISSONANCE ألتناذر الإدراكي- أزمة مجتمع
-
القضية : حرية تعبير أم حرية تدمير ؟!
-
أيها الموت ألنبيل ، المجد لك.. !!
-
إضرااااااب ..!!
-
لا صوت يعلو فوق صوت -القضية - ..!!
المزيد.....
-
شاهد.. رئيسة المكسيك تكشف تفاصيل مكالمتها مع ترامب التي أدت
...
-
-لم يتبق لها سوى أيام معدودة للعيش-.. رضيعة نٌقلت من غزة لتل
...
-
وزير الخارجية الأمريكي يتولى إدارة وكالة التنمية الدولية، وت
...
-
شهادات مرضى تناولوا عقار باركنسون -ريكويب-: هوس جنسي وإدمان
...
-
شاهد: الرئيس السوري الإنتقالي أحمد الشرع يؤدي مناسك العمرة ف
...
-
باريس تُسلِّم آخر قاعدة عسكرية لها في تشاد.. هل ولّى عصر -إف
...
-
أول رئيس ألماني يزور السعودية: بن سلمان يستقبل شتاينماير
-
لماذا تخشى إسرائيل تسليح الجيش المصري؟
-
-فايننشال تايمز-: بريطانيا تستعد للرد على الولايات المتحدة إ
...
-
الرئيس السوري أحمد الشرع يصدر بيانا إثر مغادرته السعودية
المزيد.....
-
حوار مع صديقي الشات (ج ب ت)
/ أحمد التاوتي
-
قتل الأب عند دوستويفسكي
/ محمود الصباغ
-
العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا
...
/ محمد احمد الغريب عبدربه
-
تداولية المسؤولية الأخلاقية
/ زهير الخويلدي
-
كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج
/ زهير الخويلدي
-
معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية
/ زهير الخويلدي
-
الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا
...
/ قاسم المحبشي
-
الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا
...
/ غازي الصوراني
-
حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس
/ محمد الهلالي
-
حقوق الإنسان من منظور نقدي
/ محمد الهلالي وخديجة رياضي
المزيد.....
|