سامى لبيب
الحوار المتمدن-العدد: 4479 - 2014 / 6 / 11 - 10:10
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
- نحو فهم للوجود والحياة والإنسان (13) .
فى المقال السابق تناولنا فلسفة اللذة والالم كشفرة وحراك الفعل الإنسانى ,فالوعى والمعرفة والتطور جاء من إحساس الإنسان بالألم واللذة والرغبة فى تحقيق وتأمين اللذة والإشباع والأمان وتجاوز الألم ليدور كل حراك الإنسان ومسيرته فى الحياة , فلا تحليق لفكرة بدون أن تكون اللذة والألم منطلقها و مرساها.
لا يكتفى الإنسان بلذة فى إطار وجوده الحيوى الطبيعى ليبدع لذات جاءت من سعاره نحو اللذة ورغباته الجامحة وقسوته ليختلق حالات جديدة من اللذة لا تقوم متعتها إلا بألم الآخر أى تحقيق متعتة على حساب أخيه الإنسان من خلال سادية لتسود هذه المتعة وتأخذ تمظهرات كثيرة نراها فى كثير من العلاقات الإنسانية بصور متفاوتة من لذة الطغاة والاقوياء بل البسطاء فى سحق من تطوله يدهم إلى رغبات ذكورية فى السيادة والهيمنة على المرأة إلى التلذذ بممارسة القوانين والحدود القاسية ,فمشهد إقامة الحدود من ذبح وقطع وجلد والتهليل لهذه العقوبات القاسية هى تلذذ بألم الآخرين أى سادية تتخفى وراء شعار تطبيق شرع الله فنزعة الإنتقام صارت لذة تجد حضورها عند أصحاب المشاعر الغير متمدينة بمنظور إشفاء الغليل .
لم يتخلص الإنسان من العنف الكامن تحت مسام جلده فلم يضمحل ولم ينقرض بل قُُل إنخفض منسوبه مع مسيرة التحضر ليظهر من وقت لآخر فى حالة صراع القوة ليجد الإنسان لذته فى ممارسة العنف من خلال التقاتل والتشاحن والحروب فهى رغبات لتحقيق لذة ممارسة العنف يُحركها مصالح النخب ,ويكون إندفاع البسطاء نحو القتال ليس لراية وطن أو دين بل لتحقيق عنف كامن والتلذذ بتفعيله ,, كذلك يتحقق العنف بمشاهدته فالإحتفاء والتهليل عند مشاهدة المصارعة الحرة أو الملاكمة أو تطبيق الحدود الإسلامية أو مصارعة الألومبيك قديماً هو تلذذ بمشاهدة العنف ,ومن نراهم يمارسون فعلاً إرهابياً هم باحثون عن لذة ممارسة العنف فلا تتصور أنهم يندفعون نتيجة تأثير نص يُؤمنون به بل هم بشعون يبحثون عن نصوص بشعة يحققون به بشاعتهم وعنفهم .
هناك من حول الألم لحالة إستمتاع لنحظى على حالة مازوخية تتحقق أيضا فى الكثير من الحالات الإنسانية بتلك اللذة فى الخضوع والإنسحاق والوصاية والتباهى بها كالإفتخار بعاداتنا وتقاليدنا وكحال المرأة الشرقية التى لم تكتفى بخضوعها لقيود الرجل بل تتباهى وتتلذذ بالتماهى فى هذه الوضعية المُزرية كمحافظة على أخلاقها ودينها كما تدعى ,وماهى إلا مازوخية تحقق لذة من حالة نفسية عبودية بالرغم من عدم وجود علاقات عبودية مُقننة ليفضح هذا المشهد وهم الإدعاء بالحرية ,فالعبودية حالة نفسية قبل ان تكون واقع مُعاش.
يمكن القول أن معظم أحاسيسنا باللذة والألم مُختلقة لا تمس الحاجات الطبيعية مباشرةً وذلك نحو سعى الإنسان لخلق لذات يكون لها مُتعتها وإشتيقاها ومن هنا جاءت لذة التمايز لتدوس على حياة وأمان الآخرين فى سعيها للتحقيق سواء أدركت الذات هذا بشكل واعى أو لم تُدركه لتتولد حالة جنينية من السادية أى المتعة فى إيلام الآخرين لتصير الحياة وفق رغبات مُتفاوتة مُتصارعة حول التمايز تدوس فى طريقها الضعفاء ومن هنا نبدأ الجزء الثانى مع " فلسفة التمايز" كمُنتجة لكل الصراعات البشرية من فجر التاريخ وحتى الآن .
نظرية التمايز تعتنى بتحليل وفهم المشهد الإنسانى بحثاً فى شفرة الحياة وماهية وكينونة الصراع البشرى ودينامو حراكه فى كل مكان وزمان ..لتأتى نظرية التمايز كإستلهام من عمق الفلسفة المادية الجدلية لتحتكم لقواعدها وتطورها بتنظيم صورها أو قل البحث عن الصورة المشتركة أى التنقيب فى المشهد الرئيسى للفعل الحياتى وما يُشعل الصراع ويُؤججه لأرى أن الصراع الطبقى إفراز وفعل وحراك النزعة نحو لذة التمايز فى حالة مجتمعية.
الإنسان يتصارع من أجل الحفاظ على وجوده ولإثباته أيضا ,فصراعه للحفاظ على وجوده هو لإيفاء حاجات الجسد من الإشباع والأمان أما الصراع لإثبات وجوده فهو إعطاء لوجوده معنى وقيمة وغاية فى وجود ليس بذات معنى من خلال خلق وتأجيج قضية صراع , فالإنسان أدرك منذ البدء أنه فى حالة إغتراب عن الطبيعة بوعيه الذى رصد الوجود المادى ليراه فاعل ومؤثر بالرغم من جموديته ,ومن هنا جاء تصادمه مع هذا الوجود ليتصالح معه بأن يُشخصنه ليسقط وعيه على الطبيعة معتبراً إياها ذات شاخصة مثله تتحكم فيها وتديرها ومن هنا جاءت فكرة الآلهة كإسقاط لصورته المُشخصنة الفاعلة وكرغبة إنسانية فى التعاطى مع الوجود من خلال ذات واعيه أو قل إسقاط ذاته ليكون الإنسان هو الإله المتوارى وراء فكرته .
الإنسان فى حالة نفيه لضآلته وعجزه وإحساسه بالتيه الوجودى سَخر فكره وجهده باحثاً عن إثبات قيمة مٌفترضة ورؤية وجودية يُحققها على حساب أخيه الإنسان الذى هو مرآة وجوده , ومن هنا نشأت الصراعات الإنسانية منذ البدء وحتى الآن فقيمة الإنسان لا تتحقق إلا على حساب الآخرين سواء بالقوة الفجة أو الناعمة ,فلو تصور أحد أن الوجود يسمح بالتعادل بديلاً عن الصراع فهذا يعتبر إنتفاء لقيمة البشر كلياً ,فقيمة وجود الإنسان لا تتحقق إلا على حساب إنسان مثله , فالقيمة تتواجد من وجود التباين وبدون التباين لا تستطيع أن تقول أن هناك قيمة ومعنى وتميز .
تكون كل رغباتنا فى الإنتصار والتفوق والتنافس والإستحواذ هو إثبات ذات كفاعل وجودى يبغى تجاوز التيه والعجز المتمثل فى الموت والإحساس بعدمية الوجود من خلال الغرق فى قضايا صراعية ,أى نحو قضية ذات حضور وجودى قوى مُفعم بالحيوية والحراك تصرف الذهن عن العدم والموت... من الرغبة فى الهيمنة والتمايز والفوقية تتخلق قضية للوجود تُشغل الإنسان عن الموت والعدمية من جهة وتصبو نحو الإحتكام للقوة و نزعة العنف المستوطنة تحت الجلد البشرى من جهة اخرى لتبغى تحقيق لذتها فى الصراع البشرى البشرى, ومن هنا جاءت الملكية والسلطة كترجمة لرغبات إنسانية فى القوة والتميز والهيمنة والسيادة لتعطى لوجوده التافه معنى وقيمة وغاية وتحقق نزعته فى الإستعلاء والفوقية كلذة جديدة منشودة لينتج الإنسان أفكار وفلسفات وأديان تُمنهج وتُؤدلج لقضية التمايز فتشرعن وتؤسس للأقوياء والنخب منهجيتهم فى الحياة لنرى هذا واضحاً فى الكثير من الأفكار والأديان والمعتقدات بشكل يمكن تلمسه بسهولة .
التمايز ليس رغبة فوقية إستعلائية فحسب تمنح لذة خاصة مُبتغاة بل يدخل فيها رغبة فى إعطاء معنى للوجود الإنسانى وسط حالة التيه الوجودى ففكرة محورية الإنسان فى الوجود التى بشرت به أفكار وأديان هى أول رؤية فلسفية تمايزية عزفت بمهارة على حاجة إنسانية بالإحساس بالمعنى والقيمة لوجوده وذلك بخلق حالة تمايزية وجودية تُؤدلج فكرة تمايز الأنا وتجد الحضور على مر العصور وحتى الآن بالرغم أن الإنسان المعاصر أدرك ضآلة وجوده ولكن الموت كمُحطم كل الأمان والأحلام يجعل الخائفون يهرولون إلى الدين ليستردوا توازنهم النفسى المتوهم عندما يجدوا من يقول لهم أن الإله خلق الوجود والحياة والعالم الآخر خصيصاً لهم ليميزهم عن بقية المخلوقات .ليتضح لنا أن فكرة لذة التمايز حاجة نفسية تتحرك فى إطار البحث عن إثبات وجود وإعطاءه معنى وقيمة وليست حقيقة وجود ,ومن هذه النقطة تجد فكرة الإله والأديان البقاء وسط بشر مازالوا لم يغادرون طفوليتهم .
يأتى إيمان الإنسان بالميتافزيقا والأديان كونها تحقق طفوليته وغروره بإحساسه بأنا التفرد والتمايز من خلال فكرة أنه محور الوجود ولا يكون الغرور والنرجسية هنا تعبير فج عن الغطرسة بقدر ماهو غرور الفكرة والنهج الذى يريح إنسان مضطرب عاجز مُهمش لتعطى له دعم نفسى أنه مازال متواجداً فاعلاً سيداً ضد التهمييش الوجودى ,ليستبدل التهمييش بخلق فكرة تمايز وجودى تقوم على توهم أن النباتات والحيوانات التى يستفيد منها ويتطفل عليها تواجدت خصيصاً من أجل وجوده كأشياء مُسخرة لخدمتة وإشباع حاجياته الذاتية ليُترجم هذا فى اسطورة الخلق بمشهد الإله الذى خلق الكائنات الحية من أجله ولنا هذا المشهد الطريف بوقوف الحيوانات والطيور طابوراً ليمنحها آدم كل منها إسماً كتجسيد لفكرة التمايز والمحورية التى تُترجم ما فى داخل مبدع الأسطورة وكل من يؤمن بها بأن وجودنا تمايزيى لتجلب لذة مُبتغاة تبدد فى طريقها الإحساس بالإغتراب والتهمييش الوجودى .. بالطبع الأمور غير ذلك تماما ,فالأشياء تتواجد بذاتها قبل وجود الإنسان بمئات الملايين من السنين وغير مُجهزة لكى يكون مصيرها فم الإنسان وفعله , فما نصادفه ونراه مناسباً للتعاطى من خلال التجربة سنتعاطى معه ,ومن نجده ضار غير مفيد سننصرف عنه, فهكذا الفهم الحقيقى كوننا وحدة وجودية متطورة تتعاطى مع الطبيعة كماهى لتفهمها وتتعامل وتتناغم معها بدون أى أوهام أو تصورات تجعلنا تتوهم أننا محور الحياة والوجود.
مشهد آخر من الأسطورة الدينية يؤكد فكرة الإنسان الباحث عن تمايزه لتكون الاسطورة أداته للتعبير عن مكنوناته الداخلية فقد رسم مشهد الإله الذى يأمر الملائكة بالسجود لآدم ليكون ثمن عدم إذعان أحد الملائكة الذى تم تلقيبه بالشيطان هى اللعنه من الإله بالرغم ان هذا الملاك الشيطانى أكثر إخلاصاً وإيماناً بالإله فهو يرى أن الإله هو المُستحق للسجود فقط وحصراً ولكن تتوه هذه الرؤية عن الاسطورة حيث تعتبره مغروراً متكبراً لعدم السجود لكائن من الطين ,لتترجم هذه الأسطورة بوضوح تمايز ومحورية إنسان الطين بمشهد سجود كل المخلوقات الإلهية له .
الأديان والمعتقدات جاءت أساساً لتكريس التمايز لنخب القوية ولجماعة بشرية أيضا لتظهر بصورة فجة فى التراث العبرانى الذى يرفض إنضمام الأغيار لمشروعه ولتتفاوت المعتقدات لتؤكد قولنا بأن الدين إنتماء وهوية مجتمعية تحقق التمايز لجماعة بشرية على جماعات بشرية أخرى فلن تجد دين أو معتقد لا يؤسس لحالة التمايز على الآخر فهناك الشعب المختار ,وخير أمة أخرجت للناس ,والمخلصين بدم المسيح لتتنوع أشكال التمايز وتطال تشريعات ومعاملات وسلوكيات إلى عداوات أتحفتنا بها ما يقال عنها أديان سماوية ,, وحتى عندما تتضائل صور التمايز أو يقل منسوبها نجد إدعاءات بإحتكار الجنه للتابعين والجحيم للخارجين عن الجماعة المؤمنة ليملأ المؤمن الذى يعانى من حالة شظف العيش والإضطهاد والتهمييش وهيمنة الأقوياء صدره بنشوة التمايز ليكون هذا التمايز الأجوف تعزية لنفوس هؤلاء البسطاء فلهم حظ التمايز وإن كان متوهماً لتسرف الميثولوجيا فى الوعود للفقراء بأن لهم نصيب وافر فى جنة السماء عن الأغنياء برسم أمل التمايز فى عالم ماورائى يشفع لحالة الإنسحاق والتهمييش الارضى . . من هنا نقول أن الأفكار والأديان والمعتقدات لم تأتى أساساً لتسويق فهم للوجود والحياة بل لإعطاء قيمة إفتراضية تمايزية للإنسان والجماعة البشرية لخلق هوية جمعية متميزة تحس بتفردها وتميزها عن البشر فهى المفضلة فى الأرض والسماء لتكون السماء الصورة الوهمية لمنح التمايز للمسحوقين فى الأرض لذا لن نجد فكرة أو معتقد يُبشر بالمساواة لكل البشر على الارض والسماء , فالفكرة أو المعتقد نشأت خصيصاً لخلق حالة تمايزية داخل الجماعة البشرية لتجد الحضور كونها تمنح هذا الإحساس الغبى المتهافت بالمعنى والقيمة والتمايز .ولتتهافت المعتقدات والأديان لتخلق شرانق تمايزية داخل الدين الواحد .
لا يوجد شئ إسمه إله منفصل عن ذات الإنسان , فالإنسان هو الإله عندما يعتريه الشعور بالتمايز مغموراً بالنرجسية ليكون متوارياً خجولاً خافتاً فى معظم الأحيان نتيجة ضعفه وهوانه , وملحوظاً فجاً فى أحيان أخرى , فنحن لم نتخلص من الإنسان الإله فهى فكرتنا الداخلية الخجولة التى جاءت من إسقاط الأنا على الواقع للحصول على نشوة التميز الفوقى ليضع الإنسان نفسه كإله وكمحور الوجود ولكن عند إصطدامه بعجزه فى الواقع يخلق كينونة إله خارجى مٌتوهمة يدفع إليها فشله وإحباطه ,لتتحمل الفكرة كل شطحاته فى التعاطى مع الوجود فلا يتم محاسبتة لذاته ,ومع التطور المعرفى الإنسانى يبرز القلق الوجودى للبعض العائد إلى تطور وعى عظم ذاته ليسترد الفكرة البدئية أنه المتميز فمازال غموض الوجود يتحداه ويقذف فى وجهه بصورة عدمية الموت التى لا يقوى على إحتمالها ليتأرجح بين فكرة الإله وعدمية الوجود أى بين الرغبة فى التمايز الوجودى وعبثية وجود يصفعه .
إن صراع البشر على المال والسلطة والسطوة والهيمنة هى رغبة فى التمايز الفوقى مهما حاولوا أن يغطوه ويواروه بشعارات زائفة عن الإنتصار لمبادئهم أو دينهم أو قوميتهم فكلها ستائر تخفى العمق الإنسانى الذى يحاول إثبات وجوده وقيمته بإنتزاعها من الآخرين والإقرار بتميزه ,فالمال والسلطة هى وسائل فقط لتحقيق الرغبة فى التمايز .
نظرية التمايز تمنحنا القدرة على تحليل أى مشهد صراعى قديماً أو حديثاً ,فبوضع عدسته على أى مشهد حياتى سنتلمس سعى النخب والأقوياء ليتمايزوا لندرك على الفور أبعاد اى مشهد مهما بدا معقداً أو ذات محدودية ,فمجتمع العبودية ماهو إلا رغبة مجموعة من البشر فى التمايز الفج من خلال أسياد وعبيد ,وليأتى المجتمع الإقطاعى كتمايز السادة الإقطاعيين على الأقنان والفلاحين وكذلك مجتمع البرجوزاية تمايز الرأسماليون على العمال والتكنوقراط لنصل لأعلى مراحل الرأسمالية المتمثلة فى الإمبريالية كتمايز مجموعة صغيرة من البشر على مجتمعات وشعوب بأكملها .
الملكية والتمايز .
الرغبة فى التمايز لابد ان تبحث لها عن وسيلة للحضور والتفعيل فتكون القوة العامل الحاسم للتقييم ,فالأقوياء مُميزون بقوتهم العضلية ومهارتهم القتالية ولكن الأذكياء ليس بالضرورة أقوياء أو قل أن أقوياء اليوم هم ضعفاء الغد ومن هنا تتجلى أهمية تفرد الإنسان بالذكاء فى خلق قوة خاصة متميزة تفرض حضورها فى الحاضر والمستقبل لتتبلور فكرة الملكية التى هى فرض القوة الناعمة على المجموع من خلال إعتبار الموجودات المادية حكراً علي البعض ولا ننسى أن بدايات الملكية إعتمدت على القوة الغاشمة ولكنها إستمدت بقاءها بإشاعة مفاهيم يتم إقرارها من قبل الضعفاء فلا معنى لأى ملكية بدون أن تجد الآخر الذى يُقر ويَنصاع إلى إعلانك أنك تمتلك هذا الشئ .
لو تمعنت فى فكرة الملكية فستجد أنها ليست ذات كينونة ,فالملكية وسيلة لخلق التمايز لتأتى لهذا الغرض والهدف حصراً فليس هناك معنى لحيازة كم هائل من الأشياء فوق الإحتياجات الطبيعية سوى الرغبة فى الشعور بالتمايز والفوقية وخلق عملية فرز بين البشر على أرض الواقع بين من يملكون ومن لا يمتلكون ولتتباين الملكيات وتتفاوت خالقة تمايزاتها الداخلية .
إذن الملكية ليست غاية فى حد ذاتها كما يتصور البعض بل وسيلة لتحقيق حالة نفسية تبغى لذة التمايز والفوقية والسادية وكأداة تحقق وضعية تعتنى بالفوقية والسيادة من خلال إعتبار أشياء مادية بأنها ذات قيمة ,فكما ذكرنا أن الاشياء ليس لها اى معنى أو قيمة بدون الانسان الذى أسقط عليها المعنى والقيمة ,فالرمل بالصحراء ليس له أى معنى ولا قيمة الا بجهد الشغيلة التى نقلته ليتم إستخدامه ,والذهب ليس له أى قيمة سوى بإتفاق بعض البشر على ان يكون له قيمه ولتتحقق قيمته بالجهد المبذول بالتنقيب عنه ..الحجر فى المريخ ليس له معنى ولا قيمة إلا إذا اردنا ان يكون له معنى وقيمة بإيجاد علاقة معنا.
لن نخوض فى أن الملكية لا تقوم لها قائمة بدون فعل البلطجة والنصب والقوة المغتصبة فهى تحققت هكذا فى البدايات وليكن إعتنائنا أن الإمتلاك هو المحقق للتمايز والفوقية ,وما نطلق عليه صراع طبقى هو الصراع الناشئ عن رغبة البعض فى التمايز ليعلن عن ذاته فى حالة طبقية ,فالتمايز هو جوهر الصراع على المستوى الفردى والجماعى .
الطمع والجشع والأنانية التى نصف بها الرغبة فى الإمتلاك والإستحواذ لا تخرج عن كونها توصيفات لتكالب البعض على الإستئثار والحيازة فما يحركهم بالفعل حالة صراع تجد رغبتها فى لذة التمايز والهيمنة والسطوة أى أن الإنسان تخلى عن الصراع الشرس الفج مع أخيه الإنسان المتمثل فى القوة الجسدية والتطاحن التى تمنحه لذة التفوق والقوة ليحولها إلى طلب الهيمنة والتمايز من خلال صورة سطوة الإمتلاك والإستئثار على اكبر قدر من خيرات الطبيعة كرمز وتجسيد للفوارق .
من هنا نبدأ الخوض فى موضوع ما يقال عنه حق الإمتلاك والإستحواذ لنتملس جذور الألم الإنسانى ,فالصراع هو نتاج رغبة البعض فى الإستحواذ على أكبر قدر من الأشياء كبحث مسعور نحو لذة التمايز والفوقية ليفسر لنا هذا معنى الملكية كونها لذة تمايز وإستعلاء وطلب إنسحاق الآخرين تبغى التحقق من خلال الإمتلاك ,فالملكية بلا أى قيمة مالم يقر الآخرون بها ومن هنا السعى لهذا الإقرار لنيل لذة فوقية إستعلائية .
التمايز والفوقية هى رغبة الملاك للإحساس بسطوتهم ومن هنا يجتهدون لخلق القيمة للاشياء فهم يقيمون الأشياء وفق القدرة على إمتلاكها والإستئثار بها علاوة على أن الإحساس بلذة التمايز لدى الملاك لن تتحقق عندما يحوز ويتداول الجميع نفس الأشياء .المُلاك يخلقون قيمة ومعنى للأشياء بغية خلق حالة تمايزية أنانية فلا وجود قيمة لأى شئ إلا بما نمنحه إياه من معنى ..فلا قيمة لمعدن الذهب سوى ان البعض اعتبره ذو قيمة وإستطاع أن يصدر هذه الرؤية للآخرين فسرى فى الموروث الفكرى الثقافى الإنسانى انه ذو قيمة بل تم منحه صفة معدن جميل .
كل الجهود المضنية التى بذلها الإنسان لإستخراج الذهب مثلا قديماً وحديثاً وما أدراك الجهود التى بذلتها الإنسانية فى العصور القديمة مع إفتقاد للتكنولوجيا والعلوم الجيولوجية والمعدات فلم يكن هذا البحث طلباً لتلبية إحتياجات ضرورية ولا لكون الذهب جميل ,فالجمال هو إسقاط إنطباعاتنا على الأشياء لكنه البحث عن شئ تمايزى لنقول هنا أليس من الحرى تسخير هذه الجهود الكبيرة فى إستصلاح الأراضى والإستفادة منها .ولكن السعار نحو لذة التمايز تُجيبنا فكل المحاولات المضنية الباهظة التى بُذلت قديما وحديثا هى من أجل هذا الغرور الغبى الأنانى الباحث عن التمايز والفوقية والسطوة بإستخدام معدن نادر لخلق التمايز بإمتلاكه وهذا هو هدف المُلاك فى حراكهم وسعيهم أن يخلقوا حالة تمايزية عن الآخرين لتتابين حسب إمكانيات الفعل والقدرة .
من هنا يمكن تَفهم لماذا بحث الإنسان عن الماس فهو معدن أكثر ندرة عن الذهب يعتنى ويخاطب مستويات أعلى من التمايز والفوقية فهناك بشر إمتلكوا الذهب فلنبحث عن شئ صعب المنال ولو قطعة زجاج نادرة تجعل حيازتنا لها خالقة لوضعية أعلى من التمايز والفوقية .
يجدر الإشارة أن هناك من يظن بأن الذهب والألماظ واللؤلؤ معادن جميلة وهذا سبب سعى الإنسان إليه لنقول أن هذا هو الهراء بعينه ,فالجمال هو معنى وتقييم إنسانى للأشياء أى أن الإنسان هو من إعتبرها جميلة فليس الجمال كينونة فى ذاتها لأنه لا يوجد شئ ذو كينونة جمالية فى ذاته ,لذا من العبث أن ينصرف الإنسان عن جوعه وحرمانه وعجزه ليفكر أن يبحث عن قطعة معدن او زجاج هاملاًً الطبيعة أمامه ليغامر فى أعماق الجبال والصحراء ولكن ماذا نقول سوى أنها نزعة التمايز الأنانية الشرسة .
ما نقيمه كأشياء رائعة كالمنتجعات السياحية والفنادق المتميزة والمقاهى الراقية ماهى إلا خلق وتكريس التمايز وعملية فرز بين المتميزين وغير المتميزين فهذه الأماكن خُلقت من أجل وضعية يبغاها المتميزون فى الفرز والتميز. فالباحثون عن التميز يتفنون فى خلق حالات وصور لتمايزهم فليست قضيتهم إشباع إحتياجات جسد ضرورية ولكن إشباع لذة تمايزية فوقية فكوب الشاى المصنوع من ملعقة شاى تم غليه فى ماء ساخن مع القليل من السكر سيكلف جنيه واحد لو تناولته فى مقهى عادى ولكنه سيكلفك خمسون جنيهاً لو تناولته فى منتجع سياحى بالرغم ان مكوناته واحدة ولكن سيقال لك لأنك فى منتجع ومكان مميز .. والحقيقة أن الأثرياء أرادوا هذا المكان المتميز لإبعاد البؤساء عن شرب الشاى معهم ..أن يحسوا أنهم متميزون عن الصعاليك والمُهمشين.
قانون العرض والطلب هو وضع التمايز فى قانون .فالسلعة متواجدة لمن يقدر على سعرها رغم أن الكل يريدها من إجل إشباع إحتياجاته الجسدية ولكن لن ينالها إلا من يقدر على ثمنها .
لا تكتفى اللذة بإقتناء أشياء يفتقدها الآخرون بل ستحرص على إفتقاد الآخرين لهذه الأشياء ليتولد إحساس بالتمايز يشبع غرور أنانى مما يجعلنا نحرص على إقتناء الأشياء التى تميزنا وفى المقابل سنحرص بوعى أو بدون وعى على تعجيز الآخرين بعدم إقتناءها. وهنا تطفو قمة سفالة المُلاك التى لا تقتصر على أفراد بل مؤسسات ودول تخلق لذتها من حرمان الآخرين .فالدول الكبرى الغنية تُمارس نفس رؤية الأثرياء وإن أضافت لها بعض المصالح المادية الأخرى .. فليس من مصلحة الدول الغنية أن يسقط الجميع قتلى الحاجة والعوز فهنا سيصبحون قنابل بشرية يهدد الإستقرار العالمى وهو ما يوصف فى السياسة بالتوازن ,كما ستفقد هذه الدول من يشترى إنتاجها لتفقد أسواق بالضرورة لذا فلنساعد هؤلاء الشعوب أن يتنفسوا ويستمروا فمن الحماقة نزع أنبوب الأكسجين الواهب للحياة منهم .
من الخطأ تصور أن هناك رغبات لدى المتميزون فى مساعدة الغير ليحيوا حياة قريبة منهم فهذا وهم البؤساء والمهمشين والمثاليين ,فالمتميزون لن يسمحوا للآخرين أن يقتربوا من حالتهم التمايزية الفوقية فحينها سيفقد معنى التمايز قيمته لديهم لذا من الوهم تصور أن هناك من يريدون القضاء على الفقر بل سيحرص الأغنياء ان يبقى الفقراء فقراء أمام أعينهم فحينها يستمتعون بغناهم وتميزهم ,لذا لن يتم القضاء على الفقر فى ظل منظومة الملكية ,ولا يكون دعم الأغنياء للفقراء والحيلولة دون موتهم جوعا إنسانية مُفترضة ولكنها بشاعة الإنسان الداخلية المتوارية فى مخزونه اللاواعى ,فعندما يموت الفقراء فعلى من نمارس تمايزنا وفوقيتنا .
تكون العشور والزكاة وجمعيات التضامن والتكافل الإجتماعى وماشابه من أعمال خيرية تتعاطى مع الفقراء ليس بمنظور تكافل إنساني راقي كما نظن أو كما يتم تسويقه بل هو الحفاظ على وضعية أن يبقى الفقراء على قيد الحياة لنمارس عليهم تمايزنا وفوقيتنا اللذيذة فنحن لا نريد موتهم جوعا فهذا سيحصرهم فى الركن ليثوروا ويتوحشوا و يقلبون الطاولة على الأثرياء لذا فلا يجب أن نصل بهم إلى هذه الحالة فليظلوا أحياء فقراء جوعى يتنفسون أمامنا ونرى عيون الجوع والحاجة والحسد تنطلق من عيونهم البائسة ووجوههم الشاحبة .
مشهد جانبى نلاحظه أن تجمعات الأثرياء تحرص دوما أن تكون قريبة من تجمعات الفقراء بل الكثير منها نشأ على أطراف مجتمعات الفقر ,فشئ رائع ان أمر بسيارتى على هؤلاء الفقراء وأتحسس بؤسهم لترتفع معنويات التمايز والفوقية فى الداخل .!
مشهد ظريف من بيونس ايرس بالبرازيل فقد نظمت شركة سياحية رحلة للسياح بالتجول فى شوارع ريودى جانيرو ليتجولوا وسط أزقتها القذرة العفنة ليشاهدوا بشر يعيشون فى أكواخ من الصفيح والكرتون تفتقد لأى شكل آدمى للمعيشة .ليستمتعوا بأن يلمحوا العيون البائسة والوجوه الشاحبة والأجساد المُنهكة من الفقر والمرض والروائح العفنة المنطلقة فبماذا نفسر هذه الجولة السياحية سوى ان شركة السياحة من الذكاء لتدرك الأعماق الداخلية للأثرياء فلم تتوانى أن تمنحهم هذا الشعور العميق برؤية الفقراء وكأنهم حيوانات فى حديقة لتغازل نزعة الفوقية والتمايز والإستعلاء لديهم .
قد يرى البعض أننا نتجنى بقسوة على المشاعر الإنسانية ليقول قائل أن هناك بشر يتألم بالفعل لحال الفقراء والجوعى والمهمشين وهذا لا ننفيه ولكنها مشاعر منزوعة عن الرؤية الحقيقية للأوائل فالقدماء إعتبروا عملية دعم الفقراء عمل جيد للحفاظ على منظومتهم وأملاكهم حتى لا يتحول الفقراء إلى وحوش ضارية ليحيطوا هذا الفعل بحالة إنسانية ويصدروها للأبناء والأحفاد كعمل طيب مُستحسن ليتغلف الفعل المصلحى بالشفقة والعطف وتدخل فى الموروث الثقافى بمشهد الشفقة وهذا حال كثير من التوجهات الإنسانية التى تتوارث وعى مغاير لما كان عليه الرؤى البدئية .
من الخطورة بمكان عدم إدراك ممارسة التمايز المتغطرس بالملكية على سلام البشرية ,فهذا الوعى المشوش المريض الذى يتصور الحق للملاك فى الحياة بأملاكهم كون هذا رزق منحه لهم الإله أو كونهم مجتهدون ليتشرعن من هذا التمايز والفوقية كناموس حياة يجد له حضورا ومنظومة فكرية نجدها للأسف تتغلغل فى جمهور الفقراء والمهمشين ليقتنعوا بها ,فهكذا إرادة الإله ورزقه وإعتناءه أو هكذا هم مجتهدون كما فى الميديا الرأسمالية .. لذا لابد أن نعى أن الرغبة فى التميز على أرضية الملكية والإستحواذ خلقت كل قبح العالم من استغلال ونهب وحروب .
فى التراث الإسلامى عبارة صريحة تعتنى بتصدير التمايز بشكل فج فتقول " وأما بنعمة ربك فحدث " وهنا تحث الأثرياء على ممارسة متعتهم بلا حياء فأنت فى نعمة وجاه ومال فلماذا لا تفتخر بها وتستمتع بتمايزك .! وليحاول البعض إيهامك أن المقصود هو الإشادة بالله المانح الواهب فهم هنا يستخفون بعقولنا فهل الفقير لا يعرف أن النعم التى فى حوذة الغنى هى هبه من الله ومنحه ومشيئته وفقاً لإيمانه ..بل هذا سيثير الحقد والحسد فى داخله فلماذا لم يوهبنى الله منح وعطايا كهذا المتحدث بنعمه.
المالك خلق فكرة الإله وطوعها على مزاجه ورغباته وهواه من خلال دين يكون بمثابة تشريع وتقنين وسياج يحفظ ملكيته وتميزه ومن هنا جعل الأرزاق فى يد الإله يقسمها بمشيئته ولتبالغ بعض الميثولوجيات فى الزعم بأن تقسيم الأرزاق تم قبل الخلق لذا من سيعترض على هذه التقسيمات فقد خرج من الإيمان بل جعلوا الإله راصد ومراقب ومنتقم من الذين يتعدون على الأملاك بالعقوبات السمائية والأرضية لخلق سياج حول ممتلكاتهم من الفقراء والمهمشين والمسحقوين بل زيادة فى التسييج أصبحت النظرات والأمنيات الخجولة كالحسد غير مقبولة لدى المجتمع والله فعليك أن تكون قانعاً راضياً صابرا حتى تنال الجنه والملكوت .لذا تجد وعود خائبة بمنح الجنه للفقراء وتمتعهم فى حضن إبراهيم بينما يقاسى الغنى كما فى قصة أليعازر ولتظهر آية أن دخول الغنى من ثقب إبرة أيسر من دخوله للملكوت ليستحضرنى مقولة جمال عبد الناصر الساخرة " هما الفقراء دول لهم الجنه طب ملهمش أى حظ فى الدنيا "
لقد تشوهت مفاهيم ومشاعر فى طريق نزعة الملكية القذرة لتدوس على الحب وتشوه الجنس فهما لا يتحققا إلا عندما تمتلك المال لتحب إمرأة ويحق لك ان تعتليها فإذا لم يكن معك من المهور والأجور فليس لك ان تحب أو تمارس الجنس وإذا كان معك القليل فلتؤجر عاهرة ولكنك يمكنك أن تضحى أكثر لتمتلك إمرأة طوال العمر فستكون إقتصادية بشكل أوفر !.. لقد دخل الحب فى قضية الإمتلاك مفهوما ونهجا .
لذة التنافس .
هناك تقارب بين فلسفة التمايز والتنافس فهناك خيط رفيع بينهما يزول عندما يعتنى بالإمتلاك فكلا الفكرتين يتم إستغلالهما للإعتناء بالفوقية والإستعلاء بدون تقديم مصوغات حقيقية لها ,فالتنافس شئ جميل ورائع فى الإنسان لتجعله يبرز كل طاقاته ومكنوناته الإبداعية الداخلية فى سبيل التفوق والتمايز وهنا لا نجد أى إشكالية بل هو شئ رائع أن يتم التمايز من خلال التنافس كما فى المسابقات العلمية والرياضية والفنية والإبداعية ليكون التمايز وسام إستحقاق لأصحاب القدرات والمجتهدين ولكن إشكالية التنافس عندما تقودنا لحالة من التمايز الغير المستحق عندما يكون المعيار هو الإمتلاك فأنا بأملاكى أصبحت متميزاً طالبا التنافس وسط أقرانى الملاك فلا وجود لإبداعات داخلية إنسانية وفرص متكافئة لوجود تنافس وتمايز مستحق .
يخطئ من يظن أننا نرفض التمايز والتنافس , فبداية ليس من حقنا أن نرفضه بحكم أنه صيرورة ودينامو الحياة فلا حياة بدون تمايز أو قل تنافس يبعث الحركة والحراك ولكن هناك فرق بين تمايز يتم فعله من خلال الصعود على أكتاف الآخرين ومص دمائهم والسيادة عليهم دون تقديم إستحقاقات حقيقية وبين تمايز يتم بناءه على كفاءات ومهارات خاصة جاء الكثير منها بجهد وإبداع إنسانى فى إثبات ذاته دون أن ينال من الآخرين بل على العكس ففعل تمايزه وتنافسه هنا جاء مانحاً الآخرين عصارة فكره وإبداعه كما نرى التمايز فى الفنون والتفوق العلمى والرياضى .أى اننا نصبو للتمايز الفكرى الإبداعى نحو رقى الإنسان وليس التمايز الذى ينال من حق الآخرين فى حياة كريمة .
بماذا نفسر التفوق الملحوظ للدول الشيوعية فى مجالات العلوم والرياضة والفنون بالرغم قلة إمكانيات تلك الدول سوى رغبة البشر فى التمايز والتنافس كرغبة دفينة فى داخلهم لم ولن يتم إستئصالها فبعد تحطيم التمايز الطبقى فى هذه المجتمعات جاء تمايز البشر من خلال التفوق العلمى والفنى والرياضى فهى السبيل لإثبات وجودهم وخلق إحساس بلذة التمايز والتنافس .
بالرغم أن هناك تفوق ملحوظ لتحقيق التمايز فى الشعوب الشيوعية من خلال العلم والفنون والرياضة إلا أن هذا لم يكن كافياً ومتاحاً للكل بينما ظهر التمايز من خلال الإلتحاق بالحزب الشيوعى ومراكز السطة وهذا ما أدى لسقوط التجارب الإشتراكية , فالتمايز عندما يبحث عن الهيمنة والسيادة يكون مُدمر للإنسان بل للمجموع أيضا لتتضائل التجارب الرائعة من خلال التمايز الأنانى .
نظرية التمايز تمتلك مرونة كبيرة فى التعاطى مع المجتمعات البشرية فلا تنتظر تطور المجتمع بالشكل المعهود حتى تخطو نفس الخطوات أى ظهور البرجوزاية من رحم الإقطاع والاشتراكية من مجتمع رأسمال فهذا التطور الطبيعى ليس بالضرورة سارياً فى المجتمعات الإنسانية بنفس الوتيرة بل هناك مجتمعات مازالت تعيش خليط بين ثقافة مجتمع الإقطاع والعلاقات الراسمالية فى حيزها الريعى الطفيلى علاوة على عدم وجود طبقة عامله من أساسه كما فى مجتمعاتنا العربية فهل نتصور أن هذه المجتمعات فى سبيلها نحو الإشتراكية. لذا تكون نظرية التمايز وإدراك الجماهير للنخب التى تُمارس التمايز هى السبيل لإدراك أطراف الصراع و إيجاد معادله جديدة تعبر عن مصالحها نحو مجتمع المساواة .
تكون القضية الحيوية والمصيرية التى يجب ان نبحث عنها هى كيفية إقامة علاقات تمايزية بدون ان تنال تلك العلاقات من حق الآخرين فى الحياة والعيش بكرامة وشبع وشرف ولن يأتى هذا إلا بإقامة عداء مع كل المنظومات والافكار التى ترسخ لوضعية التمايز الإستعلائى والتى تتمثل فى الملكية والإستحواذ والتى تعتبر حجر الزاوية التى يبنى عليها الناشدين للتمايز تمايزهم المتغطرس ليسحقوا فى الطريق البسطاء بمص دمائهم ونهب لقمة عيشهم وكرامتهم فداء رغبة مجنونة بشعة فى التمايز الأنانى والتعالى المتغطرس .
دمتم بخير .
-"من كل حسب طاقته لكل حسب حاجته " - حلم الإنسانية القادم فى عالم متحرر من الأنانية والظلم والجشع .
#سامى_لبيب (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟