غادة هيكل
الحوار المتمدن-العدد: 4476 - 2014 / 6 / 8 - 01:04
المحور:
الادب والفن
سنوات صنعت فجوة
*************
توفى أخى فى العام 1987 وكان طالبا فى الثانوية العامة لم يتبقى على امتحانه سوى عشرة أيام وكنا فى ليلة وقفة العيدالصغير ، ، كنت فى الصف الثانى الاعدادى ،عندها توقف زمننا لبعض الوقت ، أغلق التلفاز الذى اشتراه أبى حديثا وتم غطاؤه بقطعة قماش ، ارتدت أمى الاسود ، وتوقف أبى عن الجلوس امام البيت ولعب الطاوله ، أما أخى الاكبر فقد خرج من الجيش فقد اصبح وحيدا ، أختى التى تكبرنى باعوام وقد تم خطبتها تركت المدرسة الثانوية حزنا على رفيق مشوارها اليومى من وإلى المدرسة ، وقد انتهى امرها بالزواج كعادة قريتنا ،أما أنا فكان حزنى مختلط بالاسئلة التى حيرتنى ، كيف يختار الموت وينتقى هذا البشرى المفعم بالحيوية والنشاط والأخلاق ، ويترك هؤلاء المتسولين للرحمات على الرغم من امتلاكهم القوة للعمل ، وكيف يختار الموت لقلب هذه الام ان يفتر بهذا الشكل ما بقى لها من عمر ، ولهذا الاب ان يسكنه الحزن الذى يداريه امامنا بصلابته المعهودة ، كيف ينتقى الموت اصحاب الرسالات ؟ على كل لم أكن على خريطة الاهتمام بما يدور بداخلى فكان الانطواء هو والعزلة التى اداريها بالطاعة هى مسلكى ، والبحث عن إجابات لاسئلتى فى مناحى أخرى ، توقف الزمن عن الإلتقاء بالعالم الخارجى وأحداثه والتطور الذى يحدث خارج محيط بيتنا ، حتى التحقت بالجامعة وهنا كان اتساع الفجوة بين ما انا عليه وما يدور من حولى ، سواء فى الملبس أو طريقة المعيشة او حتى فى الثقافة العامة وتطور اللغة والمصطلحات الحديثة التى تستخدمها الطلة والطالبات ، الجمود الذى يغلف عقلى ويجعله يتوقف أمام أتفه الأمور العلاقات الانسانية بين الشباب والشابات وكيف يكون الحوار البرئ محرما من وجهة نظرى ،اليوم وبعد محاولات الالتحاق بركب التطور فى كل شئ أجدنى أحتاج إلى صنع هذه الفجوة بنفسى والعزلة ولو لشهور عن مجريات الاحداث التى حطمت خلاياى ، الأن أحتاج لهدنة من كل الصخب الذى أصم أذنى ، وعطل حواسى عن الاستمتاع بسير الزمن الممنهج ورتمه الطبيعى ،ولكن العجلة تأبى أن تتوقف
#غادة_هيكل (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟