|
فلما قضى زيد منها وطرا زوّجناكها - تحليل منطقي وأسئلة عقلانيّة
مالك بارودي
الحوار المتمدن-العدد: 4470 - 2014 / 6 / 1 - 20:55
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
فلما قضى زيد منها وطرا زوّجناكها - تحليل منطقي وأسئلة عقلانيّة
يقول كاتب القرآن: "وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللَّهَ وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَاهُ فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِنْهَا وَطَرًا زَوَّجْنَاكَهَا لِكَيْ لَا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ إِذَا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَرًا وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولًا" (الأحزاب، 37)... يقول محمد الطاهر بن عاشور في تفسير الآية: "والمعنى: فلما استتمّ زيد مدّة معاشرة زينب فطلقها، أي فلما لم يبق له وطر منها. ومعنى زوجناكها إذنا لك بأن تتزوجها، وكانت زينب أيما فتزوجها الرسول - عليه الصلاة والسلام - برضاها. وذكر أهل السير: أنها زوجها إياه أخوها أبو أحمد بن الضرير واسمه عبد بن جحش فلما أمره الله بتزوجها قال لزيد بن حارثة: ما أجد في نفسي أوثق منك فاخطب زينب علي، قال زيد: فجئتها فوليتها ظهري توقيرا لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقلت: يا زينب أرسل رسول الله يذكرك. فقالت: ما أنا بصانعة شيئا حتى أوامر ربي، وقامت إلى مسجدها وصلت صلاة الإستخارة فرضيت، فجاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فدخل فبنى بها. وكانت زينب تفخر على نساء النبي - صلى الله عليه وسلم - وتقول: زوجكن آباؤكن وزوجني ربي. وهذا يقتضي إن لم يتولّ أخوها أبو أحمد تزويجها، فتكون هذه خصوصية للنبي - صلى الله عليه وسلم - عند الذين يشترطون الولي في النكاح كالمالكية دون قول الحنفية. ولم يذكر في الروايات أن النبي - عليه الصلاة والسلام - أصدقها فعدّه بعض أهل السير من خصوصياته - صلى الله عليه وسلم - فيكون في تزوجها خصوصيتان نبويتان. وأشار إلى حكمة هذا التزويج في إقامة الشريعة وهي إبطال الحرج الذي كان يتحرجه أهل الجاهلية من أن يتزوّج الرجل زوجة دعيّه، فلما أبطله الله بالقول إذ قال وما جعل أدعياءكم أبناءكم أكد إبطاله بالفعل حتى لا يبقى أدنى أثر من الحرج أن يقول قائل: إن ذاك وإن صار حلالا فينبغي التنزه عنه لأهل الكمال، فاحتيط لانتفاء ذلك بإيقاع التزوج بامرأة الدعي من أفضل الناس وهو النبي - صلى الله عليه وسلم -." (التحرير والتّنوير)
وتكون الفضيحة على لسان القرطبي في شرحه للآية حيث يقول: "واختلف الناس في تأويل هذه الآية، فذهب قتادة وابن زيد وجماعة من المفسرين، منهم الطبري وغيره - إلى أن النبي صلى الله عليه وسلم وقع منه استحسان لزينب بنت جحش، وهي في عصمة زيد، وكان حريصا على أن يطلقها زيد فيتزوجها هو، ثم إن زيدا لما أخبره بأنه يريد فراقها، ويشكو منها غلظة قول وعصيان أمر، وأذى باللسان وتعظما بالشرف، قال له: اتق الله - أي فيما تقول عنها - وأمسك عليك زوجك وهو يخفي الحرص على طلاق زيد إياها. وهذا الذي كان يخفي في نفسه، ولكنه لزم ما يجب من الأمر بالمعروف. وقال مقاتل: زوج النبي صلى الله عليه وسلم زينب بنت جحش من زيد فمكثت عنده حينا، ثم إنه عليه السلام أتى زيدا يوما يطلبه، فأبصر زينب قائمة، كانت بيضاء جميلة جسيمة من أتم نساء قريش، فهويها وقال: سبحان الله مقلب القلوب! فسمعت زينب بالتسبيحة فذكرتها لزيد، ففطن زيد فقال: يا رسول الله، ائذن لي في طلاقها، فإن فيها كبرا، تعظم علي وتؤذيني بلسانها، فقال عليه السلام: أمسك عليك زوجك واتق الله. وقيل: إن الله بعث ريحا فرفعت الستر وزينب متفضلة في منزلها، فرأى زينب فوقعت في نفسه، ووقع في نفس زينب أنها وقعت في نفس النبي صلى الله عليه وسلم وذلك لما جاء يطلب زيدا، فجاء زيد فأخبرته بذلك، فوقع في نفس زيد أن يطلقها. وقال ابن عباس: وتخفي في نفسك الحب لها. وتخشى الناس أي تستحييهم." (الجامع لأحكام القرآن)
نرى أنّ سبب نزول هذه الآية مجرّد حدث تافه يتعلّق برؤية محمّد بن آمنة لزينب بنت جحش وهي في بيتها وإشتهائه لها بسبب جمال جسمها، فهل كانت هذه الآية فعلا مدوّنة في اللوح المحفوظ الخرافي؟ إن كانت هذه الآية غير مدوّنة، فكيف يقال أن اللوح المحفوظ موجود منذ الأزل وأنه لم يتغير ولا يتغيّر، ونحن نرى هنا آية لم تكن موجودة وزيدت فيه بعد حدوث الحادثة؟ وكيف يكون الله عليما بكلّ شيء وقد إتّضح أنّه لم يدوّن هذه الآية في لوحه لجهله حتميّة حدوث سبب نزولها؟ أمّا إذا كانت الآية موجودة فعلا في اللوح المحفوظ الخرافي، فهذا يعني أن الله كان يعرف أنه سيأتي وقت ويشتهي فيه محمّد بن آمنة زينب بنت جحش زوجة إبنه بالتبني زيد بن حارثة، فلماذا ترك زيدا يتزوّج الفتاة منذ البداية وهو يعرف أنّه سينتهي بها الأمر في أحضان محمّد بن آمنة؟ سيقولون أنّ الغرض من كل ذلك كان تحريم التّبنّي، لكن هل إله محمّد عاجز لهذه الدرجة حتى يؤلّف كلّ هذا السيناريو الرّكيك لتحريم التبنّي؟ ألم يرد في القرآن نفسه أن الله حرّم أشياء كثيرة بكلمة واحدة منه "لا تقم بكذا" أو "حُرّم عليكم كذا"، دون سيناريوهات ولا مسلسلات مكسيكيّة؟ ثمّ ألم يكن الأولى أن لا يُبرمج أو على الأقلّ أن يمنع تبنّي محمّد بن آمنة لزيد بن حارثة منذ البداية فيتفادى ما سيحدث في المستقبل؟ لماذا تركه يتبنّاه أصلا؟ هل غيّر الله رأيه؟ هل إله يغيّر رأيه هو فعلا إله؟ أم أنّ الأمر حصل في غفلة منه؟ هل الغفلة من صفات الألوهيّة؟ أم أنّه تفاجأ بعد ذلك كلّه بإشتهاء محمّد بن آمنة لمؤخّرة زينب بنت جحش فأراد إختلاق تبريرات واهية وهو لا يعرف أصلا أنّها متضاربة منطقيّا مع ما يوصف به من "علم" و"حكمة" و"قدرة"؟ هل الله يتفاجأ؟ أم أنّ الله وجبريل واللوح المحفوظ ليسوا إلاّ مجموعة أكاذيب إختلقها محمّد لتبرير كلّ التجاوزات التي يقوم بها ومنع النّاس من إنتقاده؟ ثمّ ما هذا الرّسول الذي يخيّل لمن يقرأ سيرته أنّه كان يعيش بين أهله وهو ماسك بذكره في يده؟ هل الشهوانيّة من صفات الأنبياء والرّسل؟ أم أنّها صفة خاصّة بمحمّد بن آمنة؟ ألم يكن الأولى أن ينزع هذا الإله الشهوة كلّيا من نفس رسوله فيريحه ويرتاح هو من مهمّة ترقيع اللوح المحفوظ الخرافي كلّما إشتهى محمّد بن آمنة شيئا (وما أكثر شهواته)؟ يعترف محمد الطاهر بن عاشور بأنّ أهل "الجاهلية" الذين ينعتهم القرآن بـ"الكفّار" و"المشركين" كانوا يتحرّجون "من أن يتزوّج الرجل زوجة دعيّه"... فأبطل الله ذلك، لكن هذا الإبطال لم يأت إلاّ عندما إشتهى محمّد بن آمنة زوجة إبنه بالتبني. فهل كان الله قبل هذه الحادثة موافقا على موقف الكفّار ثمّ خطر له أن يخالفهم نزولا عند رغبة رسوله؟ أم كان غافلا عن ذلك الأمر؟ وهل لو لم تحدث تلك الحادثة، كان الله سيترك الأمر على ما كان عليه من كراهة أهل "الجاهليّة" له أم سينزل آية دون الحاجة إلى أسباب نزول؟ ثمّ ماذا عن حديث زينب بنت جحش: "زوجكن آباؤكن وزوجني ربي"؟ ما هذا الإله الذي يترك العالم كلّه ليشتغل خاطبة لمحمّد بن آمنة؟ وماذا عن الإدّعاء بأن كلّ ما يخالف الذّوق العام والعادات والتقاليد التي كانت سائدة قبل الإسلام ثمّ يأتيه محمّد بن آمنة يتمّ تصنيفه على أنه من "خصوصيات نبوة محمد"؟ أليس هذا معناه أنّ ذلك الشيء لم يحدث قبله ولا يجب أن يحدث بعده أيضا؟ إذن، فهو عمل شاذّ، أليس كذلك؟ فهل يمكننا إعتبار الشّذوذ من خصوصيات محمّد بن آمنة؟ أليس هذا ضحكا على ذقون النّاس وإستهزاء بعقولهم؟
--------------- الهوامش: 1.. للإطلاع على بقية مقالات الكاتب على مدوّنته: http://utopia-666.over-blog.com 3.. لتحميل نسخة من كتاب مالك بارودي "خرافات إسلامية": http://www.4shared.com/office/fvyAVlu1ba/__online.html
#مالك_بارودي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
تفاهة الإسلام - تهافت منطق محمّد بن آمنة والقرآن في الرّدّ ع
...
-
خرافات إسلاميّة - إنشقاق القمر. لكي لا يزايد علينا حمقى الإس
...
-
فليأتوا بحديث مثله - سورة المنافقون
-
خرافات إسلاميّة – خالد بن الوليد، سيف الله المسلول والبطل وا
...
-
خرافات إسلاميّة - عمر بن الخطّاب، العادل الرّشيد أم السّاقط
...
-
خرافات إسلاميّة - عمر بن الخطّاب، العادل الرّشيد أم السّاقط
...
-
خرافات إسلاميّة: بين ساق الله في الإسلام وساق نجوى فؤاد
-
خرافات إسلاميّة - الفسق في القول كأحد أبرز قواعد الخطاب القر
...
-
خواطر لمن يعقلون - ج18
-
محمد بن آمنة أم محمّد بن عبد الله أم محمّد بن زرف الحائط - ر
...
-
محمّد بن آمنة، رسول الشّياطين: وحي إلهي أم شيطاني؟
-
محمّد بن آمنة، رسول المسلمين، وجماع الأموات - نحو شرح للحديث
...
-
محمد بن آمنة، رسول المسلمين، وجماع الأموات - ردّا على مقال ع
...
-
محمد بن آمنة، رسول المسلمين، وجماع الأموات - ردّا على تعليق
...
-
محمد بن آمنة، رسول المسلمين، وجماع الأموات
-
خواطر لمن يعقلون - ج17
-
فصول من مغامرات عاهات الثورات الزائفة: رئيس الجمهورية التونس
...
-
محمّد بن آمنة، رسول الشّياطين: شيطان محمّد الذي أسلم – ج1
-
محمّد بن آمنة، رسول الشّياطين: شيطان محمّد الذي أسلم – ج2
-
خرافات إسلاميّة: علاقة محمد بن آمنة بالشيطان بدأت عند ولادته
المزيد.....
-
هكذا أعادت المقاومة الإسلامية الوحش الصهيوني الى حظيرته
-
المقاومة الاسلامية في لبنان تستهدف مستوطنة-إيفن مناحم-بصلية
...
-
المقاومة الاسلامية بلبنان تعلن استهداف مستوطنة كتسرين بصلية
...
-
المواجهات الطائفية تتجدد في شمال غربي باكستان بعد انهيار اله
...
-
الإمارات تشكر دولة ساعدتها على توقيف -قتلة الحاخام اليهودي-
...
-
أحمد التوفيق: وزير الأوقاف المغربي يثير الجدل بتصريح حول الإ
...
-
-حباد- حركة يهودية نشأت بروسيا البيضاء وتحولت إلى حركة عالمي
...
-
شاهد.. جنود إسرائيليون يسخرون من تقاليد مسيحية داخل كنيسة بل
...
-
-المغرب بلد علماني-.. تصريح لوزير الشؤون الإسلامية يثير جدلا
...
-
المقاومة الاسلامية في لبنان تستهدف حيفا ومحيطها برشقة صاروخي
...
المزيد.....
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
المزيد.....
|