أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - سامى لبيب - ثقافة متصادمة منتفخة متقيحة.















المزيد.....


ثقافة متصادمة منتفخة متقيحة.


سامى لبيب

الحوار المتمدن-العدد: 4468 - 2014 / 5 / 30 - 18:19
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


أثارت الكاتبة أمال طعمه فى موضوعها الأخير "غرامة البكينى" مشهد جدير بالتأمل لخبر أوردته عن ثلاثة فتيات إيطاليات تم توقيع غرامة مالية عليهن لإرتدائهن البكينى فى بلاج مخصص للسياح العرب بإيطاليا ,ليصير حوار حول المشهد لأدلو برؤيتى فيه بأن الرغبة الراسمالية فى الإستثمار السياحى جعلت الحكومة الإيطالية تُبيح للسياح العرب التحكم فى نوع رداء البحر التى تلبسه الإيطاليات فى بلاج خاص بهم ويأتى هذا فى إطار فضاء إحترام الحريات الخاصة .
بالطبع العزيزة أمال لم تكتب مقالها هذا كإستياء من الحكومة الإيطالية أو لتتبنى قضية الظلم الواقع على الثلاث الفتيات الإيطاليات بل لتعطى مفارقات كثيرة بين سلوكنا ووعينا وسلوكهم ووعيهم وما معنى الحرية لأضيف رؤية بأن إيطاليا شأنها شأن الدول المتقدمة حضارياً تعتنى بالحفاظ على الحريات والحقوق كمعنى وقيمة ومبدأ عام متغلغل فى فكر الغربى يعتنى به ويحترمه ولا يعنيه إذا كان العرب والآخرون يحترمون الحرية والحقوق بالمثل أم لا .
هذا المشهد حثنى على الخوص فى فضح ثقافتنا المهترئة الخاوية المنتفخة المتقيحة التى تفيض بالتناقض والإزدواجية والغطرسة والنبذ لنحمل بين ضلوعنا كل التناقضات والصلف فى إستباحة الاشياء لنا وتحريمها على الآخرين ولترتسم خطوط ثقافة هشة لا تقوى ان تلاقى النور فحياتنا كلها فى العتمة والعفونة ولا سبيل أن نكسر شرانقنا الغبية فقد أصبحنا جزء منها .
موضوعنا يتناول الفكر والثقافة الإسلامية المتغطرسة الإنتقائية وعندما نقول ثقافة وفكر فيعنى نمط تفكير وسلوك جماهير وليس أداء نخب وحكومات بل وعى الجماهير وسلوكياتها وطرق تفكيرها ومن هنا تكون الطامة الكبرى فالأمور لا علاقة لها بإلقاء كل غسيلنا القذر على إستبداد وتعسف أنظمة حكم فهم من إنتاج ثقافتنا التى وصلت بهيمنتها وسطوتها أن أنتجت فى داخل كل منا إستبدادى ووصى وصاحب نزعة إقصائية تعسفية لا يحترم حق الآخر فى الحرية والكرامة والحقوق بينما لا يطيق على نفسه المس بحقوقه وتراثه .
تعرضت فى مقال سابق لندوة تليفزيونية ضمت جمع من الشباب والشابات أمام سؤال عن رأيهم وموقفهم فى من يرتد عن دين الإسلام فهل يسمح بإرتداده كحرية فكر وإعتقاد أم يُقتل .. لتأتى محصلة الإجابات من هذا الشباب المتعلم الجامعى بإختيار القتل بنسبة 76% أى أن الأكثرية المُطالبة بقتل المرتد جاءت من شباب جامعى وليست من شيوخ وخريجى كليات أصولية لتفضح هذه الصورة ثقافتنا الإستبدادية المتعنته التى تتغلعل فى جيناتنا ولتتهاوى كل الشعارات المزيفة التى نرفعها عن أملنا فى الحرية والديمقراطية فشعوبنا لا تعى أى مفردة من حقوق الإنسان فى الفكر والإعتقاد .
تعالوا لصور مختلفة وعديدة من صور قبحنا وإزدواجيتنا وصلفنا وتعنتنا الغبى .
نحن نقبل أن ينضم المسيحى واليهودى للإسلام لنهلل له ونمنحه محبتنا وأموالنا من سهم المؤلفة قلوبهم بينما المسلم الذى يترك الإسلام نُحقره ونُطارده ونضطهده ليكون مصيره القتل تحت يد سياف حد الردة ولنا فى مشهد مريم السودانية مثال قريب .
نمارس الدعوة لدين الإسلام فى كل بلاد العالم ونقيم مراكز فى قلب أوربا للدعوة الإسلامية بينما لا تسمح أى دولة إسلامية للبعثات التبشيرية أن تطأ أراضيها .
نقيم أفخم المساجد فى شوارع وميادين لندن وباريس وأوربا وتجزل المملكة الوهابية والمؤسسات الإسلامية العطاء لرفع راية الإسلام ببناء أفخم المساجد بينما لا تصرح الدول الإسلامية كالسعودية ببناء كنائس على أراضيها بالرغم من وجود جاليات مسيحية وهندوسية كبيرة بل يكتمل الوجه القبيح بتضييق بناء الكنائس فى الدول التى تضم مواطنين مسيحيين كأقباط مصر مثلا(12 مليون نسمة) ليتم التعسف بحقوقهم ليس من قبل الحكومة المصرية فحسب التى مازالت تعمل بروح الوثيقة العمرية بل من المواطنين المسلمين أنفسهم لتجد الإحتجاج والعنف عند بناء كنيسة أو ترميمها .
يخرج علينا المتأسلمون بمنع بناء كنائس فى المدن التى بناها المسلمون مثل العاشر من رمضان والسادس من أكتوبر وكأن الأرض إسلامية وكأن هذه المدن بنيت بمال وجهد المسلمين فقط ولا يستحى هؤلاء المتأسلمون من كونهم يبنون مساجد فى بلاد أوربا , فهل المسلمين بنوا مدن أوربا .؟
فى أنجولا تم حظر النشاط الإسلامى وغلق المساجد الغير مرخصة لتتعالى الصرخات الإسلامية بهذا الإضطهاد والتعصب الذى ينال من حق المسلمين فى التعبد ليشاركهم أصحاب الحريات وحقوق الإنسان وأنصار المجتمع المدنى التنديد بهذا التعسف ولكن المسلمين نسوا أن المملكة السعودية لا تسمح ببناء كنيسة على أراضيها منذ القدم وتُحظر أى نشاط دينى وبتعنت لا يعرف المرونة أو الظرفية سواء لأديان إبراهيمية أو غيرها ,فحلال لنا حرام على غيرنا .
المسلمون لا يسمحون بأى إنتقاد للإسلام ليكون حال من يمارس هذا النقد المحاصرة والإدانة والقتل بينما يتم التصريح بإنتقاد الأديان الأخرى وإحتقارها وإزدرائها عبر منابر الجوامع والمقالات والكتب بل يكفى أن صلاة المسلم الذى يكررها خمس مرات كل يوم تصف اليهود بالمغضوب عليهم والنصارى بالضالين وإذا كان هذا يعتبر فكر إيمانى توصيفى فلماذا لا يقبل المسلم نفس التوصيف من الذى يعتبر إيمانه شيطانى ضال .
المسلمون ينتفضون غضباً وحنقاً عندما ينال أحد من شخصية الرسول كما فى الرسوم الدنماركية والفيلم المسئ لمحمد وقد يكون الحق معهم كغيرة عاطفية على الإسلام ونبيه ولكنهم لا تعتريهم أى حمية أوغضب أو إستنكار عندما يتم النيل من مقدسات مسيحية أو رموز للصوفية أو شيعية بتسفيههم وإحتقارهم بل يتم حرق كنائس وحسينيات وقبور فهل وجدنا ذات مرة شيخ إسلامى يستنكر حرق حسينية أو مقام أو كنيسة بل على العكس سنجد من يُشيد بهذا مع لعناته على الكافرين .
المسلمون يغضبون بشدة ممن ينتقد الإسلام كونه يسئ لإيمانهم ومعتقداتهم بينما تصيبهم البلادة بفتاوى الشذوذ الفكرى كنكاح الميتة ورضاع الكبير ونكاح الجهاد وجواز اللواط لتوسيع الدبر لتستوعب متفجرات الجهاد وفتاوى الذبح والإنتهاك الذى يطال إنسانية المرأة فلا يغضبون ولا يثورون ضد هؤلاء بالرغم أنهم يسيئون للإسلام أكبر إساءة لتكتفى ثورتهم على من ينتقد فتاويهم وشرعهم وتراثهم .
عندما أصدر سلمان رشدى كتاب آيات شيطانية ثارت ثورة المسلمين وصدرت فتاوى عديدة بقتله وكذلك القمص زكريا بطرس الذى يوجه إنتقادات شديدة للإسلام ليتم رصد مكافأة مجزية لمن يأتى برأسه بينما ينتقد طابور طويل من الكتاب المسلمين المسيحية بالنقد الشديد ولم يطالب أحد بمحاصرتهم وقتلهم بل تتاح لهم الحرية فى أكبر الجامعات والمناظرات التلفزيونية الغربية فى دول تُصنف أنها مسيحية .
سلمان رشدى او زكريا بطرس أو أى أحد ينقد الإسلام يحظى بثورة غاضبة عارمة من المسلمين بالرغم أن الناقدين لا يستعملون إلا عقولهم وألسنتهم بينما الذى يضر الإسلام أشد الضرر ويشوهه أمام العالم مثل أسامة بن لادن والزرقاوى وداعش وغيرهم لا يحظون بأى ثورة عارمة بالرغم أن ضررهم بالغ فلم نجد مظاهرة قامت تندد بأسامة بن لادن والقاعدة وعندما يضطرالمسلمون للتنديد لإنقاذ ماء الوجه فى عالم يرفض الإرهاب فيأتى تنديدهم خجولاً وأقصى ما يقال أن هذا ليس من الإسلام أو أن الشيخ اسامة إجتهد وهكذا كان إجتهاده بل تصل الأمور فى شذوذها برفع رايات القاعدة وصور بن لادن إشادة وتهليلاً بجهادهم .
دكتور نصر حامد أبو زيد رجل مسلم أكاديمى وأستاذ جامعى قدم بحث عبارة عن قراءة مختلفة للقران ليُكفر الرجل ويُصدر قرار بتفريقه عن زوجته ليهرب خارج البلاد حتى لا يُقتل ولم نجد صوت إسلامى يدافع عنه بالرغم أن الرجل مسلم لم يفارق الإسلام فى حياته حتى مماته وفى الجهة الأخرى نقبل من يقدم فتاوى الفتنة والكراهية وإضطهاد المرأة والأقليات كالحوينى وبرهامى ووجدى غنيم حيث يتم تمجيدهم عبر وسائل الإعلام .
ظاهرة موجودة فى كل أصحاب الأديان ولكن تبرز فى الحالة الإسلامية بشكل خاص فتجد المسلمون ينتقدون معتقدات الآخرين وسلوكهم ومعيشتهم ويولون إهتماماً بفضائحهم بينما يعيشون على كل هائل من الخرافات والسلوكيات المتردية فلا ينتقدونها ولا يقتربوا منها وأرى أن فكرة النيل من الآخر هى حالة من إثارة الدخان لدفن الرؤوس فى الرمال أو التبرير بأننا كلنا نصابون مزيفون داعرون أو حالة من فش الغل ناتج من العجز والتهافت فى الدفاع عن الإيمان والتراث والتقاليد البائسة ,فالمسلمون الوحيدون فى العالم الذين يدفنون رؤوسهم ولا يريدون الإعتراف بخطأهم وفيما يوجه لهم من نقد بل لديهم أسلوب غريب بدفع النقد عنهم وذلك بإبراز عيوب الآخرين لمحاولة جعل القبح حسن فمثلاً عندما تنتقد سلوكيات وعادات وتقاليد لدينا تجد الإجابة بإثارة قبح الغرب مثلا أوالمتفرنجين والعلمانيين بينما لا نقترب من عيوبنا ليمتد هذا على مستوى التعاملات الشخصية البسيطة فعندما يوجه الأب او الأم النقد لأحد الأبناء تجد الإجابة : أخى يفعل ذلك أو جارنا يسلك هذا ليعبر هذا عن نفوس هشة تدفع النقد فى ملعب آخر .
المسلم يعيش فى الغرب بكامل حريته حائزاً على كامل الحقوق ورغماً عن ذلك لا يستحى أن يصف الغرب بالكافر المُنحل لذا لا مانع أن يختلس من أموال الضمانات الإجتماعية بحكم ان هذه البلاد كافرة وتصل الأمور لقمة البشاعة عندما يتآمر على هذه البلاد التى إحتنضته وقدمت له العمل والرزق والحرية ,فما هذه الثقافة الجاحدة ؟!.
نفرح ونهلل بوصول نواب مسلمين فى برلمانات الغرب ولكن لا نقبل فى بلادنا أن يعتلى مواطنين مسيحيين من بنى جلدتنا مقاعد فى البرلمان أو مراكز قيادية فلا ولاية لغير المسلم على المسلم وحسب قول مرشد الأخوان السابق أنه يقبل أن يحكمه مواطن ماليزى بسيط ولا يحكمه رئيس قبطى ,وإذا كان موضوع الولاية هذا ليس قانون فى معظم الدول الإسلامية إلا أنه قانون فاعل من ثقافة إسلامية حاضرة .
المسلمون يسخرون من الأباحية فى الغرب بالرغم أن أول الأماكن التى يرتادونها هى الملاهى وبيوت الدعارة ولا يستحون بالحديث عن اللواط والمثلية القبيحة فى الغرب لتعتريهم الغفلة والبلادة بإنصرافهم عن أن مجتمعاتنا العربية تحظى على أكبر نسبة من تلك السلوكيات الشاذة .
يسب المسلمين الغرب على الإنحلال الجنسى والدعارة بينما يأتى المسلمون كأكثر شعوب العالم التى ترتاد مواقع البورنو عبر النت والستالايت
المسلمون يتوهمون أن الجريمة فى بلادهم أقل من معدلاتها فى الغرب الفاجر ولم ينظروا بصدق إلى معدلات الجريمة فى بلادهم والعالم بل يتغافلون ولا يستحون عندما يعرفون بأن نسبة المجرمين المسلمين في بعض سجون الدول الغربية تصل إلى ثلث نسبة المجرمين الكلية على الرغم من أنهم أقلية ولتنحصر جرائهم فى السرقة والإغتصاب .
المسلمون يعيشون عالة على العالم يستهلكون علوم وتكنولوجيا وحضارة الغرب الطبية والحاسوبية والالكترونية وعلوم الكيمياء والفيزياء والرياضيات والاقتصاد والاجتماع وغيرها لينكرون فضل الحصارة الغربية في منفعة البشرية ,بل تجد من يتعامل مع الغرب بإحتقار وكراهية ونظرة دونية فنحن أصحاب الإيمان وهم كفرة أنجاس يشربون الخمر ويأكلون لحم الخنزير وتبلغ الصفاقة والغطرسة الخاوية أعلى مستوياتها عندما يردد بعض المشايخ ان الله خلق الغرب ليُسخر للمسلمين .
المسلمون ينتفضون ضد الغزو الأمريكى للعراق بالرغم أنه رحل ولم ينفى احد انه إستعمار بينما لا يعتبر المسلمون الغزو الإسلامى لبلادهم غزواً ولا إستعماراً إستيطانياً دخل بغية النهب والغنائم والسبى والتحكم بل مسخ هويات وثقافة ولسان الشعوب فى سبيل الهيمنة بل يتم تمجيده كفتح مبين نفتخر به لنسمى شوارعنا وميادينا وأولادنا على أسماء الغزاة الأوائل .نحن إزدواجيون بجدارة فالغزو والجزية والسبى وذبح البشر من الوريد للوريد كالنعاج هو جهاد بينما ما يفعله الآخرون بنا إجرام ووحشية .
المسلمون الوحيدون فى العالم الذين لديهم منهجية الكيل بمكيالين والتحايل التبريرى فعندما يصاب مسلم أو يُضطهد فمواقفهم صارخة تنادى بحقوق الإنسان وعندما تكون سلوكيات المسلمين قميئة بشعة تنتهك حقوق الإنسان تجد التبرير بأنهم غلضبون خرجوا عن شعورهم مثل التبرير بذبح صحفى أو مهندس ,فالمجاهدون يناضلون ضد الغزو الأمريكى وقوى الطاغوت وفى أحسن الأحوال نفاقا يقولون لك هم مُغالون أو ليس هكذا الإسلام فإذا كان هذا ليس الإسلام ففعلهم الإرهابى يُجلب أشد الضرر على الإسلام فلما لا تقوموا بمظاهرات صاخبة مثل التى تقوم من اجل فيلم مسئ أو رسومات .
المسلمون يعترضون على حصار غزة ويعتبرونه شكل من أشكال اللاإنسانية والظلم وهو كذلك بالفعل ولكنهم لا يستحون من أن الحصار كان نهج المسلمين الأوائل فى معاركهم بتقطع أشجار النخيل بأمر الرسول وتجدهم يبررون هذا ويكتمل التناقض بحصار ومذبحة بنى قريضة التى لا تجد الخجل والإستحياء من قبل المسلمين بل الإشادة والفخر .. نحن أصحاب رؤية إزدواجية والكيل بمائة مكيال عندما نُقيّم مواقفنا ومواقف الغير .
المسلمون إزداوجيون حتى النخاع فلديهم إستهتارغريب بدماء الآخرين لتبقى الدماء الإسلامية هى النقية وكرامتنا هى الكرامة التى لا يعلوها كرامة ففى مشهد جمهورية افريقيا الوسطى تعالت الصرخات على ذبح المسلمين بيد ميليشيات مسيحية ليشاركهم العالم المتحضر هذا التنديد بينما لم تتحرك الحناجر تدين المذابح البشعة التى قامت بها جماعات سيليكا الإسلامية قبلها فدماء الآخرين رخيصة لا تعنينا بينما دماء المسلمين غالية ولتتحرك النفوس المريضة عندما تصور إرهاب الجماعات المتأسلمة كجماعات سيليكا أنه جهاد .
الشعوب الإسلامية الوحيدة فى العالم التى تبنى مواقفها السياسية والإنسانية بعد أن تبحث فى هوية البشر فإذا كانوا مسلمين مثلنا فحق لهم النصرة والدعم بالرغم أن ما يُقدم لا يساوى شيئا أمام دعم الغرب الكافر .. حتى الهلال الأحمر لا يتحرك إلا لمنكوبى المسلمين فقط بينما نجد الصليب الأحمر يتوجه بمد يد الدعم والمساعدة لضحايا الكوارث والأوبئة فى أى بقعة بالعالم دون الإعتناء بهوية وعقيدة المنكوبين .
يثور المسلمون على حكومة فرنسا التى قررت منع أى شارات دينية فى مدارسها لليهود والمسيحين والمسلمين فيثور مسلمى فرنسا ويتعاطف معهم المسلمين العرب على منع الحجاب فى المدارس الفرنسية بينما موقفنا قاهر فارض الحجاب على بناتنا فى المدارس فلا تكتفى بالمعاهد والكليات الإسلامية ليطول المدارس المدنية والحياة المدنية لتمارس كل أساليب الإرهاب والقمع الغير مُعلن والغير مُقنن ضد غير المحجبات فلماذا لا نستنكر ونثور ضد قهر غير المحجبات
الثقافة الإسلامية لم تكتفى بهيمتنها وتغلغلها فى الجين الثقافى والفكرى للمسلم بل طالت مسيحىّ الشرق بدرجة ما لينتهجوا نفس النهج بشكل أقل حدة , فالمسيحى الشرقى ينصرف عن نقد إيمانه بالتوجه لنقد الإسلام وكل إعتنائه بمن يشاركه الهوية الدينية فلا تعاطف مع الآخر وأتصور أن هذا نتاج حضور الدين كثقافة تطلب خلق التمايز كقضية وجودها وهذا ما سأتعرض له فى فلسفة التمايز لاحقاً .
يمكن القول بشفافية أن تلك الثقافة طالت أيضا اللادينيين والملحدين بدرجة ما وذلك لإنحدارهم من تلك الثقافة ونمط تفكيرها ولكن من الخطأ تصورها ظاهرة فهى ليست بذات الفجاجة والإزدواجية لدى المسلمين بحكم أن هناك تحرر ورفض للثقافة والشرنقة القديمة ولكن تبقى بعض الظلال .

يمكن ان نعدد الكثير من التمظهرات لنمط تفكير وسلوك يتسم بالتصادم والإزدواجية والغطرسة والتعنت لا يعرف خجل ولا مصداقية وشفافية الفكر ولا توازن المواقف وهذا نتيجة ثقافة تغلغلت فى النفوس تحمل فى طياتها الإقصاء والإستبداد والتعالى والتصادم والإزدواجية لتطال الجميع من الغفير إلى الأمير فلا عجب أن نتمرغ فى أحضان الإستبداد لنلعق نعال الأقوياء فكلها من معين تلك الثقافة ولا تزيد الأمور عن سمك كبير ومتوسط وصغير ولكن كله سمك .
الثقافات الهشة لا سبيل امامها لتتواجد وتبقى إلا الحظر والإقصاء لمن يعارضها لتحاول جاهدة الإستفادة من الأبواب المفتوحة لتستفيد منها ولكن لن تقبل أبدأ أن تفتح أبوابها لأحد فأى نفخة هواء جدير ان يبددها .
الثقافات الهشة تحصن نفسها بالإستعلاء والغطرسة كبديل عن هوانها فهى تغذى روح التعالى والتمايز على الآخرين كتعويض نقص وإحساس بالإنسحاق والتهمييش بوهم التمايز الذى لا يوجد له أى ملمح على الأرض فليكن بتوهم حالة أننا خير أمة أخرجت للناس بنعمة الإسلام .
الثقافات المهترئة لا تعيش إلا بخلق فكرة المؤامرة وحالة تصادم لذا بقيت فكرة ولن يرضى عنك اليهود والنصارى حتى تتبع ملتهم باقية يتم تأجيجها دوما فى الجين الوراثى الإسلامى من منطلق تجييش المشاعر ضد عدو مُفترض مُتربص للإسلام فتنخرط الجموع مُتحفزة غاضبة ليزداد تشبثها وتعاطفها لمشروعها الإسلامى كهوية وانتماء ولتنصرف عن سوء حالها ويستمر مسلسل الوهن والتعصب قائما .
لا نريد أن نجعل الصورة قاتمة شديدة الخطوط الغليظة فبالفعل هناك حالة من التمدين تتواجد نتيجة حضور الثقافة الغربية وسط النخب ولا يعنى هذا أن النخب تطهرت تماما بل للأسف نجد فيها الثقافة عندما تتوحش وتنتفخ وتتورم تفصح عن نفسها وكأن الأمور هو مقدار حك الجلد فهناك جلود سلفية واضحة الملامح وهناك من تحك جلده قليلا فتطفو الثقافة وهناك من يحتاج حك جلده كثيراً حتى تبرز ملامح ثقافته القديمة .
ما الحل؟
ليس من الصعوبة بمكان تلمس أثر الثقافة الإسلامية وتداعياتها فالأمور من فجاجتها تصرخ بوضوح بأسبابها ومكنوناتها فالتمظهرات التى نراها من سلوكيات قميئة وفجة ما هى إلا نتاج ثقافة متصادمة منتفخة خاوية متورمة وهذا ما سنتعرض له فى المقال القادم عندما نضع المشرط فى جسد تلك الثقافة لنبين كيف أنتجت تقيحات وأورام ونتواءت فى ذهنية ونفسية المسلم
يكون السؤال المهم كيفية الخروج من هذه الحالة الفكرية والسلوكية المتردية فلا يكفى أن نشخص المرض ونترك المريض لحال سبيله .ومن هنا تأتى الدعوة لطرح الأفكار التى تنتشل شعوبنا من هذه الحالة المتردية وإذا كان المرء يمتلك رؤية للحل سأطرحها فى مقالى القادم بعد تحليل أثر الثقافة فى إنتاج مشهدنا هذا إلا أننا فى حاجة إلى تفاعل كل العقول الحرة لتعطى زخم وإضافات وآفاق وإشراقات جيدة للوصول لأعتاب برامج وحلول للخلاص من مستنقع التخلف والتردى .. لذا فلنطرح رؤى للعلاج وكيفية الخروج من هذا النفق المظلم , ولكن أأمل ألا أجد رؤية تقول أن الأم والجنين ماتا ولكن العملية ناجحة والطبيب ماهر , فالأم والجنين هى مجتمعاتنا التى نأمل ان تنجح العملية بإنقاذ حياتهما فلا بديل سوى الإسعاف والإنقاذ أو فليكن الإنتحار أو الإنقراض .

دمتم بخير
لو بطلنا نحلم نموت .. طب ليه ما نحلمش .



#سامى_لبيب (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- فلسفة اللذة والألم .
- تناقضات فى الكتابات المقدسة جزء رابع-الأديان بشرية الفكر وال ...
- فلسفة الرسم وماهية العشوائية والنظام والمعنى.
- نصابون ومتبجحون –الأديان بشرية الفكر والهوى والهوية.
- إدينى عقلك-الأديان بشرية الفكر والهوى والهوية.
- فيلم حلاوة روح يعرى قبحنا وهشاشتنا .
- إستحالة الخلق –خربشة عقل على جدران الخرافة والوهم .
- آلهة شريرة أم مزاجية أم تبريرات بشرية.
- العشوائية والمعنى– نحن من نخلق المعنى.
- توقف وتأمل قليلا-الأديان بشرية الفكر والهوى.
- النقد الدينى الدينى بين التهافت والإزدواجية والتبجح .
- وجود عشوائى-نحو فهم للوجود والحياة والإنسان .
- تسامح الإسلام المنسوخ .
- ثقافة البغبغاء – لماذا نحن متخلفون.
- سامى لبيب - مفكر يساري وباحث في الشأن الديني – فى حوار مفتوح ...
- ثقافتنا البشعة طالت العلمانيين والملحدين واللادينين العرب.
- شهيد الذبابة.
- تأملات فى ثقافتنا البائسة-لماذا نحن متخلفون.
- تخاذل المثقف – لماذا نحن متخلفون .
- عذراً إيمانكم كله خاطئ فالله ليس كمثله شئ.


المزيد.....




- دراسة: السلوك المتقلب للمدير يقوض الروح المعنوية لدى موظفيه ...
- في ظل تزايد التوتر المذهبي والديني ..هجوم يودي بحياة 14 شخصا ...
- المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه ...
- عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
- مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال ...
- الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي ...
- ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات ...
- الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي
- نزع سلاح حزب الله والتوترات الطائفية في لبنان.. شاهد ما قاله ...
- الدعم الأميركي لكيان الاحتلال في مواجهة المقاومة الإسلامية


المزيد.....

- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - سامى لبيب - ثقافة متصادمة منتفخة متقيحة.