أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فوزية المرعي - تهجدات في بيت الرقة - الأورفلي














المزيد.....

تهجدات في بيت الرقة - الأورفلي


فوزية المرعي

الحوار المتمدن-العدد: 4467 - 2014 / 5 / 29 - 13:09
المحور: الادب والفن
    


هربتُ من شجني إلى شجني ..ورحتُ أبحثُ عمّا آلت بهِ المحَنِ ..فوجدتُ أسرابَ القطا في كلّ زاوية ٍ ...تتحلزن في النأي تبكي على الوطن ..هذا جريحٌ جاء يكتُمُ أنّـتهُ ...وذاك َمصلوبٌ على المفارق في وهَنِ ...وذا يصيح ُ بجوفُ الليلِ في حَزَنِ...ويحُ الزمان كم خانَ بأفئدةٍ...
وكم أودى بآماقٍ ترياقها الوسنِ....ناجيتُ سُـمّاري وعين الوجدِ ترمقني ..
يا حادي الليل قودِ الركبَ للوطن ِ...
بيتُ الرقةـ الأورفلي ...خيمةٌ كبيرةٌ شرّعتْ أوتادها الاسمنتية ...على الجهات الستْ ..
لذتُ بإحدى زواياها فمنحتني الطمأنينة وكثير من الراحة النفسية التي كنت أفتقدها ...
نشدتُ التوحدَ فيها فألفيتها ندّاً لأنشودة الروح ...فأورفا أقربُ مكانٍ يفصلُنا عن حدود الرقة
القريبة البعيدة ..الهواء الذي نتنسمه مزيج ٌ من عبق الفرات والعبق الأورفلي ..الغيمة في السماء قوامها رقيٌ ..وآخر أورفلي ..
الشباب الذين يلوذون في رحاب البيت الرقي أغلبهم شباب جامعيون هربوا من طغاة العصر
حرموا من متابعة دراستهم الجامعية ...أغلبهم مصابٌ بشظية في الكتف أو في الساق أو في الرأس..جاؤوا ينشدون العلاج في مشافي أورفا التي فتحت لهم بوابات مشافيها على مصراعيها ...الكل ُ هربوا من الموت ..بينهم اعلاميون وفنانون ..ومن شرائح اجتماعية مختلفة ..وجدوا الامان تحت سقف البيت الرقي ..ولكنهم جاؤوا بجيوبٍ خاوية يملؤها الرعب
والخوف من موتٍ محتم ٍ ...معاناتهم كبيرة جداً ..لجأ بعضهم للعمل في المطاعم التركية ومطابخها ليحصلوا على ثمن رغيف خبز يسد الرمق ..والبعض الاخر يبحث باستمرار عن فرصة عمل ولا يجد ...العوز يحاصرهم بالجوع والعري إضافة الى حصار الخيبة من متابعة
تحصيلهم العلمي ..وحصار الحنين للأهل والمرابع أشدُّ وطأةً على النفس والروح ...
جلس بعضهم بالقرب مني حين قمتُ بتجهيز وجبة شعبية تسد الرمق فأبكاني حين قال:
والله يا خالة أشم رائحة أمي في ثنايا خطاكِ وأنت تعدين لنا الطعام ...وقال آخر لقد أطفأت شيئاً من لهيب قلوبنا بحضورك وشعرنا أننا أصبحنا أسرة أنت الأم ُ فيها ...وآخر يقول لي أنا رهن إشارتك فيما تطلبين ...وأنا بينهم لا حيلة لي سوى الاغفاء على صمتٍ لا يترجم أبجديته سوى الله وحده ...
هُمْ منحوني حالة الأمومة التي افتقدتها دون الاناث ...وكان وجودهم معي سلوى لروحٍ أضناها كثيراً حرمان الانجاب ...ولكن تحاورتُ مع نفسي كثيراً هل يكفي منحهم وجبات الحنان ؟ وهل
سأطبخ لهم وجبات مختلفة من الكلمات ؟؟ ما العمل يا الله ؟
أقف على شرفة الليل أناجي الله في سحر الليالي ..ليتني كنت ممن يملكن المال لأنثره على رؤوسكم ..وأسدُّ به رمق جوعكم ...وأكسي به عريكم ....يا لمرارة الأم حين تتأمل أولادها
وهم يذرفون دموع الحصار بكل أشكاله ...لقد منحوني شرف الأمومة المفقودة لدي ..لكن المنحة باتت توجعني لأنني عاجزة عن منحهم حقهم في تبنيهم ...والأمنيات والمشاعر في هكذا أمر تتكاثف في سماء الخيمة غيوماً من خيبة وألم وحسرات ...وتلك وجبات تتلاشى في خضم الحقيقة ...الحقيقة المرة التي يعيشها أبناء بيت الرقة الأورفلي .
_____________
كاتبة وشاعرة سورية



#فوزية_المرعي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قيثارة الحروف
- أنا و الليل و العصفور
- هديل على مقام النوى
- تهجدات في محراب الألم


المزيد.....




- عن عمر ناهز 64 عاما.. الموت يغيب الفنان المصري سليمان عيد
- صحفي إيطالي يربك -المترجمة- ويحرج ميلوني أمام ترامب
- رجل ميت.. آخر ظهور سينمائي لـ -سليمان عيد-
- صورة شقيق الرئيس السوري ووزير الثقافة بضيافة شخصية بارزة في ...
- ألوان وأصوات ونكهات.. رحلة ساحرة إلى قلب الثقافة العربية في ...
- تحدث عنها كيسنجر وكارتر في مذكراتهما.. لوحة هزت حافظ الأسد و ...
- السرد الاصطناعي يهدد مستقبل البشر الرواة في قطاع الكتب الصوت ...
- “تشكيليات فصول أصيلة 2024” معرض في أصيلة ضمن الدورة الربيعية ...
- -مسألة وقت-.. فيلم وثائقي عن سعي إيدي فيدر للمساعدة بعلاج مر ...
- رايان غوسلينغ ينضم لبطولة فيلم -حرب النجوم- الجديد المقرر عر ...


المزيد.....

- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري
- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت
- أحلام تانيا / ترجمة إحسان الملائكة
- تحت الركام / الشهبي أحمد
- رواية: -النباتية-. لهان كانغ - الفصل الأول - ت: من اليابانية ... / أكد الجبوري
- نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر ... / د. سناء الشعلان
- أدركها النسيان / سناء شعلان
- مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل / كاظم حسن سعيد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فوزية المرعي - تهجدات في بيت الرقة - الأورفلي