|
ماذا ينقصنا ؟
امين يونس
الحوار المتمدن-العدد: 4465 - 2014 / 5 / 27 - 12:17
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
* هنالكَ إحتمالَين ، الأوَل : هو أن نعترِف بأننا شعبٌ أقّل مُستوى من الشعوب الأخرى ، ثقافةً ووعياً ومعرِفةَ ، وأننا شعبٌ كسولٌ غير مُنتِج ، إتكالي خانع . وأن نُصّدِق النظريات العُنصرية ، ونستسلِم للشعور الذاتي ، بالدونية . أو الثاني : هو إدراكنا ، بأننا لانختلف عن أي شعبٍ آخر في الجَوهَر ، وبالرغم من ذلك ، لا نفعل شيئاً لللحاق بركب الحضارة والتقّدُم !. وكِلا الإحتمالَين ، مُؤشران على الحياة البائسة التي نعيشها والواقع المُزري الذي نحنُ فيهِ . * فدولة صغيرة مثل " سويسرا " نفوسها بالكاد يُساوي نفوس بغداد فقط ، ومساحتها أقل من عُشُر مساحة العراق ، وليسَ لديها موارد نفطية ولا معادن ، ودولة داخلية ليسَ لها أي مًنفذٍ على البحر ، تتكون من 26 كانتوناً ، وشعبها من عدة أثنيات وطوائف ويتكلمون لغاتٍ مُختلفة .. هذه الدولة الصغيرة .. كانَ واردها القومي الإجمالي ، لسنة 2012 مثلاً ، عِدَة أضعاف الوارد الإجمالي للعراق ، علماً ان العراقيين ، سّمّوا المئة مليار دولار ، أي ميزانية العراق لتلك السنة " إنفجارية " ! . وبالطبع فأن السنين اللاحقة أيضاً ، شهدتْ الفرق الهائل بين وارد الدولتَين . مواردنا متأتية ، من سلعةٍ واحدة فقط ، هي النفط .. ليسَ لنا يدٌ في تواجده في أرضنا ، بل ان الطبيعة وّفرتْه لنا.. ولا نقومُ نحنُ بإستخراجه من باطن الأرض ، بل الشركات الإجنبية تفعل ذلك .. نحن فقط ، نبيع النفط ، ثم نجمع وارداتنا ونتفاخَر بأن ميزانيتنا إنفجارية ! . بينما هُم ، أي السويسريين .. بدولتهم الصغيرة ونفوسهم القليل ، وبدون نفط .. يعملون وينتجون ، فيُصّدرونَ الأجهزة الدقيقة والأدوية والكيمياويات وغيرها ، ويزرعون أراضيهم بأحدث الطُرُق ويُرَبون الماشية ، وينتجون الأجبان بكميات كبيرة ، ويطّورون النظام المصرَفي بصورةٍ مُستمرة ، ومنشآتهم السياحية على أعلى مُستوى... الخ . عموماً ، ان واردهم الإجمالي ، المتأتي من الصناعة والزراعة والسياحة ، يبلغ أضعاف أضعاف ، واردنا الإجمالي في العراق . * يقول البعض ، ان " الدين الإسلامي " هو الكابِح لتقدُمِنا والمانع لتطورنا . أقول لهؤلاء : ان الشعب التُركي والشعب الماليزي ، مُسلمان ، لكنهما إستطاعا خلال عقدَين من الزمن فقط ، نقل بلدَيهما ، من التخلُف والركود الإقتصادي والمُعاناة تحت وطأة الديون ، الى بلدَين قويَين منتعشَين ، إقتصاديا وإجتماعياً . مَهما يكُن حجم الإختلافات ، مع سياسة " أردوغان " وحزبه ، غيرَ أنه ، لايُمكننا إلا أن نحترِم مثابرته وتفانيه ، منذ أن كان رئيساً لبلدية أسطنبول ، ودوره في تطوير وإزدهار تُركيا . أما " مهاتير مُحمد " ، فلقد كانتْ عينهُ على مّكة حيث القِبلة ، في كُل صلاةٍ يُصّليها .. لكن صلاته كانتْ تستغرق دقائق فقط .. وكُل الوقت الباقي ، ينظر فيهِ الى طوكيو وبكين ، حيث الصناعة والتنمية السريعة والتطور المُدهِش ! . أردوغان ومهاتير ، الحاكمان المُسلمان .. كانا نزيهَين ووطنييَين مُخلِصَين ، ولم يسمحا بأن يتغلغل الفاسدون الى مكاتب الإستشارات او الوزارات او القضاء او مواقع صنع القرار .. فنجحا إيما نجاح . * حتى بعض البُلدان " المجهرِية " مثل سنغافورة .. الصغيرة " فمعظم محافظاتنا العراقية ، أكبر منها مساحة ونفوساً " ، والمفتقرة الى الموارد النفطية وغيرها .. إستطاعت ان تنهض بقوة وتصل الى مصاف الدول المتقدمة ، خلال العشرين سنة الماضية . بل ان سنغافورة العاصمة تُعَدُ من أنظف مُدن العالم . ناهيك عن بُلدان حديثة التكوين نسبياً ، مثل الإمارات العربية المتحدة ، ذات الطبيعة الجغرافية القاحلة ، والتي نفطها أقل من نفطنا كثيراً .. تمكنتْ أن تتطور بصورةٍ مُذهلة خلال العقدَين الماضييَين . ............................ فماذا دهانا نحنُ ؟ وما الذي ينقصنا يا ترى ؟ علينا أن نقوم بعمليتَين بالتوازي : الهَدم والبناء . هَدم منظومة القِيَم المتخلفة التي ترَبينا عليها ، والقائمة على الوَهم والنفاق والزيف والإتكالية والخضوع الأعمى للحاكم ، من ناحية . وبناء الإنسان وفق اُسُسٍ صحيحة من ناحيةٍ أخرى ، من خلال نظامٍ تعليمي وتربوي حديث . وكِلا الأمرَين ، بحاجة الى عملٍ مُخلِص ومُثابرة ونزاهة . هذا كُل ما نحتاج إليهِ : تنمية بشرية مُستدامة . فينشأ جيلٌ خالٍ من الأمراض الإجتماعية المُزمنة .. جيلٌ لا يقبل أن يُسّيِرهُ دكتاتورٌ أرعن ، أو يخضع لسطوة وظُلم حزبٍ أو حفنةٍ من السياسيين الفاسدين . نستطيع خلال 15 – 20 سنة ، أن نصبح شعباً مُحترماً ودولةً ذات شأن !.
#امين_يونس (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
لَعَنُ اللهُ مَنْ إخترعَ السكايبي والفايبر
-
مُجّرَد إشاعات
-
سِكْراب
-
الغرور السياسي
-
نظرة على نتائج إنتخابات 30/4/2014
-
راتب - ليو ميسي -
-
لقَد فَضَحْتَنا يا إبن الكَلب !
-
توزيع الأراضي
-
القروض
-
الطبقة الحاكِمة ، تستحق العِقاب
-
الديمقراطي الكردستاني .. الأوَل والأكثر إستقراراً
-
- الإنتفاضة الإنتخابية - للإتحاد الوطني الكردستاني
-
الإنتخابات العراقية .. مَلامِح أولِية 1
-
كُلّهُم .. زِفت !
-
تأمُلات بسيطة
-
الإنتخابات .. وإنتقالات اللاعبين
-
الإتحاد الوطني الكردستاني : هل - ينطيها - ؟!
-
مُقاربات إنتخابية / أُمنِيات صَعبة
-
مُقاربات إنتخابية / في ملعب كُرة القَدَم
-
مُقاربات إنتخابية / مضيف - الشيخ - أهم من المقر الحزبي
المزيد.....
-
إسرائيل.. إعلان وزارة الدفاع عن إنشاء مستشفى ميداني للأطفال
...
-
استطلاع: 80% من الأمريكيين متشائمون عقب محاولة اغتيال ترامب
...
-
شاهد: بوتين يقود -لادا أورا- الجديدة ويفتتح بها الطريق السري
...
-
ألمانيا تعلن مبادرة لتعليم مليوني طفل بمنطقة الساحل الأفريقي
...
-
تقرير يتحدث عن مؤامرة إيرانية لاغتيال ترامب وطهران تنفي
-
البنتاغون: نعتزم تسريع تطوير واختبار الصواريخ فرط الصوتية
-
تدمير تسع مسيرات أوكرانية فوق مقاطعة كورسك الروسية
-
-نيوزويك-: أنظمة الحرب الإلكترونية الروسية تشل فعالية الأسلح
...
-
انقلاب حافلة عند دخولها نفقا بالقرب من برشلونة
-
صيادون يرصدون تحليق صواريخ روسية فوق بحر قزوين
المزيد.....
-
فكرة تدخل الدولة في السوق عند (جون رولز) و(روبرت نوزيك) (درا
...
/ نجم الدين فارس
-
The Unseen Flames: How World War III Has Already Begun
/ سامي القسيمي
-
تأملات في كتاب (راتب شعبو): قصة حزب العمل الشيوعي في سوريا 1
...
/ نصار يحيى
-
الكتاب الأول / مقاربات ورؤى / في عرين البوتقة // في مسار الت
...
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
هواجس ثقافية 188
/ آرام كربيت
-
قبو الثلاثين
/ السماح عبد الله
-
والتر رودني: السلطة للشعب لا للديكتاتور
/ وليد الخشاب
-
ورقات من دفاتر ناظم العربي - الكتاب الأول
/ بشير الحامدي
-
ورقات من دفترناظم العربي - الكتاب الأول
/ بشير الحامدي
-
الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة
...
/ ماري سيغارا
المزيد.....
|