|
الإعتداءات الجنسية : ألتناقض بين -مصلحة- الضحية وواجب التبليغ ..
قاسم حسن محاجنة
مترجم ومدرب شخصي ، كاتب وشاعر أحيانا
الحوار المتمدن-العدد: 4463 - 2014 / 5 / 25 - 21:30
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
الإعتداءات الجنسية : ألتناقض بين "مصلحة" الضحية وواجب التبليغ .. ." إن مدى إنتشار ظاهرة الإعتداءات الجنسية ما زال تقديريا ، رغم أنه من الجلي ووفقا للتقديرات فإن واحدة من كل أربع طفلات وواحد من كل ستة أولاد سيتعرضون لإعتداء جنسي ما ، قبل بلوغهم سن الثامنة عشرة. ويقدر الإخصائيون بأن ما بين ال30% إلى 50% من الإعتداءات على الأطفال تحصل داخل العائلة . كما وأن أكثر من 90% من الإعتداءات لا يتم التبليغ عنها ، علما بأن نسبة التبليغ في إرتفاع من سنة إلى اُخرى " . من تقرير إتحاد مراكز دعم ضحايا الإعتداءات الجنسية في إسرائيل . وبالتأكيد فهذه الصورة المؤلمة ليست حكرا على إسرائيل ، بل "تشترك " في هذه الصورة القاتمة ، المجتمعات البشرية على إختلاف قومياتها ، دياناتها وإثنياتها ( مع بعض الفروق الصغيرة هنا وهناك ). إذن ما الذي يدفع ضحايا العنف وضحايا الإعتداءات الجنسية خصوصا ، إلى التكتم على "المجرم " ، عن طريق عدم التبليغ عنه ؟؟!! مُنذ أن أنتقلت البشرية إلى مُجتمع ينصاع لقوانين عامة ، "وأوكلت " للسلطات "الرسمية " صلاحيات إدارة شؤون الحياة العامة بما في ذلك ، توكيلها "إحتكار القوة "، تنفيذ القانون والحفاظ على النظام العام، كان هناك دائما من "نفذّ" القانون بقوة الذراع ولم ينتظر القانون والعدالة لتأخذ له حقه . وبالمُقابل فقد نشأت معايير ومواقف إجتماعية لا تحبذ "إشراك " أو تدخل السلطة في شأن خاص ما . لذا ووفق الإحصائيات الرسمية في العالم ، فإن نسبة الجرائم التي يتم التبليغ عنها لا تتعدى الثلث من مجمل الجرائم التي تحصل في بلد ما ، وقد صدر مؤخرا تقرير عن نسبة الجرائم التي يتم التبليغ عنها في إسرائيل، وحسب تقارير الشرطة فإن 36% من الجرائم يتم التبليغ عنها فقط !! أي أن ثلتي الجرائم لا تصل إلى "أسماع " الشرطة ، ويُفضل الضحايا عدم التبليغ عنها بتاتا .
ويعود سبب هذا "السلوك " من قبل المواطنين ،إلى إنعدام االثقة في جهاز الشرطة ، وإلى عدم رغبة المواطن في تضييع جهده وماله على "شكاوى " ضد مجهولين في نهاية المطاف . لكن ما ينطبق على ضحايا "الجرائم "الصغيرة ، كالسرقات والإعتداءات الجسدية في العراكات بين الشباب، فإنه لا ينطبق على ضحايا الإعتداءات الجنسية ، حتى في حالة معرفة الأهل بقضية الإعتداء . فالمجتمع الذكوري ( وهو كذلك في كل المجتمعات البشرية ) ، يبحث عن "مُبررات " للمعتدي . فالضحية تصرفت بشكل مثير ، أو لم ترفض صراحة ، والمرأة عندما تقول "لا " فإنها تتدلل فقط وتقصد "نعم " !! ناهيك عن التحقيقات في شكاوى الإعتداءات الجنسية "تغوص " عميقا في حيثيات الإعتداء ، وتطلب من الضحية تفاصيل دقيقة ، وفي النهاية فأمام القضاء توضع "كلمتها " مقابل "كلمته " ، لكي يفصل القاضي في مصداقية الروايتين !! الأمر الذي يسبب إحراجا للضحايا . هذا في حالة ،إذا كانت الضحية بالغة ، أما إذا كانت الضحية قاصرا (طفل أو طفلة ) فتصبح القضية "أصعب " وأشد تعقيدا . فالعائلة المصدومة لا تريد أن "تُصدق " بأن فلانا "الصديق " ،"الجار " أو أحد أفراد العائلة قد اعتدى على الطفل -الطفلة ، فالأطفال ، في العادة ، "يتخيلون " أشياء غير واقعية !!هكذا يقول الجميع بما فيهم الأهل . إضافة إلى أن العائلة "تشعر " بالعار لأن أحد أفرادها قد تعرض لإعتداء ، ولا تريد أن "تنشر غسيلها الوسخ " على الملأ !! ناهيك عن تعامل السلطات الرسمية مع ضحايا الإعتداء وأبناء عائلاتهم ، فهو تعامل بيروقراطي بحت ، يبحث عن الدليل فقط ولا يهتم بالإنسان قدر إهتمامه بالدليل . أما ما يُميز مجتمعاتنا العربية ،فإضافة الى كل ما ذُكر أعلاه ، فالمجتمع يُعاقب الضحية وعائلتها ويتعامل معهم على أنهم موسومون بوصمة عار ، ويتجنب مصاهرتهم ، خاصة إذا كانت "الضحية " فتاة ، فيسحبون هذا على باقي بنات الأُسرة وكأنهن "بنات معيوبات " ، لمجرد أن واحدة منهن وقعت ضحية جريمة إعتداء جنسي !! هذه النظرة وهذا التعامل المُتوقع ، يحول دون الأهل وتقديم شكوى !! ولا ننسى بأن الضحية "ترغب " بالحفاظ على "سمعتها " ، وتحاول الهروب من "ذكريات " الإعتداء على أمل أن تتجاوز الصدمة وتحظى بإقامة بيت وعائلة كباقي الصبايا ، وهذا حق مشروع في حد ذاته . إذن العائلة ومن رؤيتها لمصلحة الضحية ومصلحة باقي أفرادها ، تفضل "تخطي " هذه "الأزمة " ، وكظم غيظها حتى لا تزيد الطين بلة !! هل تنسى الضحية جلادها ؟؟ لا أعتقد ذلك ، لكن "البدائل أشد قسوة ؟؟!! ويبقى المجرم حرا طليقا ، يسرح ويمرح ، لأن الموكلين بتنفيذ القانون والضحايا ( ضحية الإعتداء وعائلتها ) ، لا يقومون بواجبهم كما يجب نتيجة ضغوط إجتماعية ثقافية ومُقتضيات قانونية !!
#قاسم_حسن_محاجنة (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
COGNITIVE DISSONANCE ألتناذر الإدراكي- أزمة مجتمع
-
القضية : حرية تعبير أم حرية تدمير ؟!
-
أيها الموت ألنبيل ، المجد لك.. !!
-
إضرااااااب ..!!
-
لا صوت يعلو فوق صوت -القضية - ..!!
-
400 زهرة ، مُشاكسة أخيرة وكلمة وداع ...
-
أنا وبيكاسو ..!!(4)
-
ألنص -رهينة - ألشخصنة ..(3)
-
ألكتابة ما بين ألشعبوية والنخبوية ..!!(2)
-
لماذا يتوقف الكاتب عن الكتابة ؟؟
-
كباقي الدول ؟! زواج السُلطة والمال ..
-
دماؤهم على أكُفّهم !! عمال هاربون من الحصار ..
-
كيف يتحول الإنسان إلى -وحش- ؟؟
-
الحوار والتحوير !!المشاكسة قبل الأخيرة ..
-
-عاموس عوز- : نيو- نازية يهودية !!
-
يوم النصر على النازية !!
-
-ألتسطيح- أفيون الجماهير ..
-
إستقلالهم نكبتُنا ؟!ماذا عن التزمت والأوهام ، أيضا !؟
-
دكتور جايكل ومستر هايد !!
-
إنهم -يخترقون - جُدران ألخزّان . مُهداة إلى روح غسان كنفاني
المزيد.....
-
عربات قطار بأمريكا تستبدل الركاب بالشعاب المرجانية والسلاحف
...
-
مسؤولان أمريكيان لـCNN: فريق بايدن ليس لديه خطط وشيكة حول اق
...
-
-ميتا- تحظر وسائل الإعلام الروسية الرسمية على منصاتها لمنع أ
...
-
-نزهة الغولف- الخاصة بترامب.. -مصدر قلق طويل الأمد- لدى الخد
...
-
ماهر الجازي: الأردن يستلم جثمان منفذ -عملية اللنبي- في مسقط
...
-
بعد محاولة الاغتيال المفترضة.. بايدن يتصل هاتفيا بترامب
-
بعد رحلة تاريخية من جدة إلى الرياض.. -طائرات موسم الرياض- تس
...
-
الجيش الإسرائيلي يعلن اغتيال رئيس وحدة الصواريخ والقذائف في
...
-
الإعلام العبري يرصد صواريخ باليستية مصرية في جبال سيناء ويتس
...
-
ناريشكين: الأنظمة الموالية لواشنطن في أوروبا تسير على خطى ال
...
المزيد.....
-
الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا
...
/ غازي الصوراني
-
حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس
/ محمد الهلالي
-
حقوق الإنسان من منظور نقدي
/ محمد الهلالي وخديجة رياضي
-
فلسفات تسائل حياتنا
/ محمد الهلالي
-
المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر
/ ياسين الحاج صالح
-
الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع
/ كريمة سلام
-
سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري -
/ الحسن علاج
-
فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال
...
/ إدريس ولد القابلة
-
المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب
...
/ حسام الدين فياض
-
القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا
...
/ حسام الدين فياض
المزيد.....
|