|
الصعود الثاني للأصولية الهندوسية
محمد سيد رصاص
الحوار المتمدن-العدد: 4462 - 2014 / 5 / 24 - 09:09
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
منذ تأسيس (حزب بهاراتيا جاناتا:"حزب الشعب الهندي")في عام1980انتقل هذا الحزب صعوداً في مقاعده بالبرلمان الهندي من مقعدين عام1984إلى(182مقعداً)عام1999من مجموع مقاعد البرلمان البالغة543ممامكنه من تشكيل ائتلاف حكومي بقيادته ظل يحكم في نيودلهي حتى خسارته أمام حزب المؤتمر في انتخابات2004. تزامن صعود هذا الحزب مع صعود موجة عالمية من "التدين السياسي"،شملت الأصولية الاسلامية بشقيها الاخواني السني(منذأواسط السبعينيات)والخميني الشيعي مع وصول آية الله الخميني للسلطة في طهران بيوم11شباطفبراير1979،فيمادخل البابا يوحنا بولس الثاني(المنتخب كبابا للفاتيكان في16تشرين أولأوكتوبر1978)،وهو محافظ وله اتجاه لاهوتي – فلسفي يعادي موجة "الحداثة الغربية"بمعناها الفلسفي،في صدام مع الشيوعية السوفياتية،وهو البولندي الأصل، من خلال رعايته ل (حركة التضامن) البولندية في صيف1980،حيث كان التفجير البولندي هو الانذار الأول بقرب تداعي البناء السوفياتي عالمياً(أفغانستان1988)واقليمياً(كتلة حلف وارسو بصيف وخريف1989وقد بدأت في العاصمة البولندية في حزيران1989لمافقد الشيوعيون السلطة)وداخلياً لماتفكك بناء الاتحاد السوفياتي في الأسبوع الأخير من عام1991. في الهند ،مزج(بهاراتيا جاناتا) الوطنية الهندية مع رؤية ثقافية للديانة الهندوسية بوحدة عضوية توحدهما في مجتمع لايشكل الهندوس فيه سوى84%من مجموع السكان،ويشكل المسلمون10-12%،وفي بلد كانت ولادته عام1947مترافقة مع حركة انفصال مؤلمة للجسد العام أدت إلى ولادة دولة للمسلمين في باكستان دخلت في ثلاثة حروب مع الهند.أضيف لتلك الرؤية الثقافية- السياسية طائفية هندوسية توجهت ضد المسلمين المحليين بلغت ذروتها عام1992باضطرابات قادها قادة الحزب،مثل لال كريشنا أدفاني،انتهت بتدمير المسجد البابري في أيوديا بدعوى أنه مقام على موقع معبد الإله الهندوسي رام،ثم باضطرابات عام2002في ولاية كوجيرات ضد المسلمين حيث قتل 2000وشرد من بيوتهم150ألفاً،واتهم بها أحد قادة الحزب ناريندرا مودي،رئيس وزراء الولاية،وهو زعيم الحزب عام2014. كان توحيد الهندوسية مع الوطنية الهندية عند (بهاراتيا جاناتا)مترافقاً مع نزعة من المحافظة الأخلاقية – الاجتماعية،ومع عداء شديد لحركة التبشير المسيحية ،التي لاقت رواجاً بين الهندوس دون المسلمين والسيخ(1,9%)، وللقيم الثقافية الغربية ولكن مع انفتاح واقبال على التكنولوجية الغربية عند حزب كانت قاعدته الاجتماعية متمركزة في التاجر الهندوسي الصغير والمتوسط والفئات الوسطى بين الهندوس في وقت كان المسلمون أكثر تعليماً،كوسط اجتماعي عام،وأكثر ثراء ولهم توزع أكبر في الإدارة الهندية يفوق نسبتهم العددية،لذلك صبوا أصواتهم عند (حزب المؤتمر) منذ الاستقلال مفضلين علمانيته ،وأحياناً الشيوعية وبالذات في ولايتي البنغال الغربي وكيرالا،على تشكيل أحزاب اسلامية فئوية خاصة. كان الصعود الاقتصادي الهندي منذ أواسط الثمانينيات مصعداً للفئات الوسطى وللتجار الصغار والمتوسطين نحو الأعلى،وللشرائح العليا من الفقراء نحو الفئات الوسطى،وقد ترافق هذا عند هؤلاء،ومعظمهم من الهندوس،مع طائفية سياسية كان وعائها هو(بهاراتيا جاناتا) حيث كانت مرآتها هي أصوات صاعدة لهذا الحزب انعكست في مقاعد البرلمان:1989:85،1991:120،1996:161،1999:182. كماكان الأمرعند الأصولية الاسلامية، حيث كانت المحافظة الثقافية-الاجتماعية مترافقة مع انفتاح كبير على التكنولوجيا وهو أمر نجده عند الأصولية اليهودية أيضاً ،حصل شيء مشابه عند الهندوس وانفضاض عن علمانية حزب المؤتمر الذي مزج علمانيته مع رؤية للوطنية الهندية لاتحددها بديانة بل بمكان جغرافي يضج بالتنوع الديني- الثقافي- الإثني .كان هذا الانفضاض مترافقاً مع احساس ثقافي- سياسي بالذات الهندوسية تحول إلى أيديولوجية لحزب رأى الأكثرية ولم يرى الأقليات التي كان عداؤه لها لايقتصر على المسلمين بل شمل اشتراك (بهاراتيا جاناتا)في اضطرابات1984في ولاية البنجاب ضد السيخ أثناء أحداث المعبد الذهبي في أمريتسار والتي تسببت في اغتيال رئيسة الوزراء أنديرا غاندي. كانت الأصولية الهندوسية هنا مرفوقة مع تصلب في السياسة الخارجية تجاه باكستان والصين مع انفتاح على واشنطن وتل أبيب ومع ابتعاد عن رؤية حزب المؤتمر حول(عدم الانحياز). في فترة حكم (بهاراتيا جاناتا)بولاية برلمانية كاملة بين عامي1999-2004طبقت هذه التوجهات من قبل رئيس الوزراء(أتال بيهاري فاجبايي). كانت فلسفة النمو الاقتصادي ممزوجة مع المحافظة الثقافية- الاجتماعية عند الحكومة وعند أنصار (بهاراتيا جاناتا) وأيضاً مع الطائفية تجاه المسلمين والتصلب ضد باكستان وخاصة في ظرف مابعد11سبتمبر2001لماحصل ردفعل هجومي من واشنطن تجاه(الاسلام السياسي)بشقيه الاخواني والسلفي-الجهادي مماانعكس في ازدياد مكانة نيودلهي في الرؤية العالمية الاستراتيجية الأميركية وخاصة مع ترادفها برؤية تجاه الصعود الصيني بدأت الإدارات الأميركية منذ كلينتون ترى حيوية الجدار الهندي الغربي مع ذاك الشرقي الياباني لاحتوائه. سقط (بهاراتيا جاناتا)في انتخابات2004 ونزلت مقاعده إلى(138)وفي انتخابات2009أكثر نحو(116).في انتخابات2014سجل(بهاراتيا جاناتا)أغلبية تتيح له الحكم مفرداً كحزب ب(282مقعداً).كان الأداء الاقتصادي لحزب المؤتمر الحاكم خلال العشرة سنوات الأخيرة هي العامل الرئيسي في سقوطه مع تباطؤ النمو الاقتصادي الهندي،فيماكان هناك صعود وازى النمو الصيني في فترة العقد الأول من القرن الواحد والعشرين. انضاف لهذا تفشي الفساد في الجسم الاداري الحكومي لدرجة أن يتأسس حزب في عام2012،هو"حزب الانسان العادي:AAP"،نال عام2013المرتبة الثانية في مجلس العاصمة وحصل على أربعة مقاعد في برلمان2014،على مبدأ مكافحة الفساد من دون أيديولوجية حزبية.في عام2004سقط(بهاراتيا جاناتا)بسبب الاضطراب الطائفي،وخاصة بعد أحداث كوجيرات بعام2002وماولدته من توتر بين الهندوس والمسلمين في وقت لم تكن تداعيات 1992بأيوديا قد التأمت،فيماعاد للسلطة بسبب الاقتصاد في عام2014وبسبب فساد (حزب المؤتمر) في السلطة. على الأرجح أن هناك عامل ثالث وراء صعود الأصولية الهندوسية ثانية للسلطة في عام2014:في انتخابات البرلمان الأخيرة هناك مؤشرات على ضعف الأحزاب العابرة للجغرافية الهندية وازدياد قوة الأحزاب الاقليمية القاعدة(نالت كمجموع114مقعداً في انتخابات2014من أصل543)فيماالأحزاب ذات النفس الوطني العام ولكن التي لم تتجاوز حدود اقليم(حزب المؤتمر الوطنيNCP:في ولاية مهاراشترا وانشقوا عن"حزب المؤتمرinc"اعتراضاً على زعامة الايطالية الأصل سونيا غاندي للحزب عام1999،و"الجبهة الديمقراطية لعموم الهند"التي لم تتجاوز حدود ولاية آسام)أوالتي ذات طابع قطاعي فئوي(منبوذي ولاية أوتار براديش:الحزب الاشتراكيsp،منبوذي ومسلموا ولاية بيهار:حزب راشتريا جاناتا دال)لها18مقعداً.(حزب المؤتمر)نزل من206إلى44والحزبين الشيوعيين من20إلى10،وهم ثلاثة أحزاب عابرة لعموم الجغرافية الهندية وللمكونات الهندية،فيما(بهاراتيا جاناتا)عابر للجغرافية الهندية بحكم توزع أبناء الأكثرية الهندوسية ولكن ليس عابراً في كتلته التصويتية لمكونات المجتمع الهندي،وربما كان لجوء أغلب الهندوس ل(بهاراتيا جاناتا) في انتخابات2014من أجل تشكيل جدار مركزي في دلهي أمام نمو النزعات الاقليمية في ولايات تاميل نادو(هنا إثنية أيضاً) وأندرا براديش،إضافة للاقتصاد وسجله الجيد في فترته السابقة للحكم. هل انتخابات2014نذير باضطراب داخلي هندي قادم؟.........
#محمد_سيد_رصاص (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
يساريون وليبراليون وعلمانيون مع الجنرال
-
ملامح الحياة السياسية العراقية
-
الاستيقاظ الروسي
-
فشل الثورة المصرية
-
الاخوان المسلمون والسعودية
-
الفشل الثاني لتيار الإسلام السياسي السوري
-
أوكرانيا: عبء التاريخ والجغرافية والبنية
-
محمد سيد رصاص - كاتب وباحث وناشط يساري سوري - في حوار مفتوح
...
-
عام2011: فشل محاولات توحيد المعارضة السورية
-
(جنيف 2)
-
انشقاق المعارضة السورية (2006-2010)
-
هل سيكون أردوغان مندريس الثاني؟.....
-
قراءة في تجربة (جماعة الإخوان المسلمين) في سورية
-
تبلور نزعة المراهنة على الخارج في المعارضة السورية (2003 - 2
...
-
انزياح أميركي عن الشرق الأوسط نحو التركيز على الشرق الأقصى
-
المعارضة السورية في بداية العهد الجديد: (10حزيران2000- 9نيسا
...
-
المعارضة الحزبية في مرحلة الأسد الأب
-
دخول الدور الاقليمي التركي في طور الضعف
-
النزعة الإرادوية في المعارضة السورية
-
دور العامل الخارجي في الصراعات الداخلية
المزيد.....
-
-لا يتبع قوانين السجن ويحاول التلاعب بالشهود-.. إليكم ما نعر
...
-
نظام روما: حين سعى العالم لمحكمة دولية تُحاسب مجرمي الحروب
-
لأول مرة منذ 13 عامًا.. قبرص تحقق قفزة تاريخية في التصنيف ا
...
-
أمطار غزيرة تضرب شمال كاليفورنيا مسببة فيضانات وانزلاقات أرض
...
-
عملية مركّبة للقسام في رفح والاحتلال ينذر بإخلاء مناطق بحي ا
...
-
إيكونوميست: هذه تداعيات تبدل أحوال الدعم السريع في السودان
-
حزب إنصاف يستعد لمظاهرات بإسلام آباد والحكومة تغلق الطرق
-
من هو الحاخام الذي اختفى في الإمارات.. وحقائق عن -حباد-
-
بيان للجيش الإسرائيلي بعد اللقطات التي نشرتها حماس
-
اختتام أعمال المنتدى الخامس للسلام والأمن في دهوك
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|