|
دلالات نتائج الانتخابات الأخيرة
عبدالخالق حسين
الحوار المتمدن-العدد: 4459 - 2014 / 5 / 21 - 22:27
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
في لقاء تلفزيوني مع قناة الحرة- عراق مساء يوم 25/4/2014 حول الانتخابات العراقية، آخر جملة قلتها أن الانتخابات القادمة ستأتي بمفاجئات سارة لمن يريد الخير للعراق والديمقراطية. لم يكن توقعي ذاك من باب تفاءلوا بالخير تجدوه، فإني متفائل بالطبع، ولا التنجيم أو رجماً بالغيب معاذ الله، وإنما نتيجة المتابعة المتواصلة والقراءة الصحيحة للواقع، وحس الشارع العراقي. وموقفي هذا هو على الضد من سجناء كهوف الأيديولوجيات المظلمة التي عفا عليها الزمن، فتراهم يصورون الواقع كما يشتهون ويتمنون، ويتبعون أبشع الوسائل في الحط من قدر خصومهم السياسيين باتباع أساليب (البلطجة والقرجية) ضد خصومهم بلا حياء. وأخيراً قال الشعب كلمته.
ومن دلالات نتائج الانتخابات ما يلي: أولاً، أن الناخب العراقي تعلم قواعد اللعبة الديمقراطية ولم يتأثر بضجيج الاعلام المضاد، إذ تجاهل شريحة واسعة من الكتاب الذين استخدموا اسلوب القذف والتشهير بخصومهم السياسيين، فأثبت لهم الشعب أن هؤلاء الكتبة بعيدون عن الواقع ولم يصغ إليهم أحد. ولا أغالي إذا قلت أن ما تعرض إليه رئيس الوزراء العراقي، السيد نوري المالكي من حملة إعلامية ظالمة من التهجم والافتراءات والتلفيقات لم يتعرض لها إلا الزعيم الخالد عبدالكريم قاسم. وهاهو الشعب يكافئه بالتصويت إليه أكثر مما حصل عليه في انتخابات عام 2010 من ناحية عدد أصوات الناخبين و المقاعد البرلمانية من 89 إلى 95. بينما خصومه في تنازل. وكذلك النائبة الشجاعة، الدكتورة حنان الفتلاوي التي تعرضت للهجوم الشرس من قبل الطارئين على الكتابة من بلطجة القلم، والذين لم يتركوا عبارة نابية إلا ونعتوها بها، وهاهو الشعب يكافئها برقم قياسي من الأصوات في محافظة بابل بمنحها 90781 صوتاً أي ثلاثة أضعاف القاسم الانتخابي. وهذا اعتراف عظيم بمكانة المرأة العراقية، وصفعة ماحقة في وجوه بلطجة القلم.
ثانياً، واستنتاجاً للفقرة أعلاه، أثبتت هذه النتائج أن هناك شريحة واسعة من الكتاب يعيشون في حالة انفصام تام عن الشعب العراقي، ويصورن الواقع كما يرغبون ويتمنون، وإذا ما جاءت النتائج مغايرة لتوقعاتهم وخيالاتهم راح قسم منهم يتهم المفوضية بالتزوير، و آخرون فقدوا توازنهم فلم يتوانوا عن شتم الشعب العراقي ووصفه بالكلاب والتخلف وحتى باللاوطنية. عجبي!
ثالثاً، الملاحظ أنه ليس الشعب في بغداد ومحافظات الوسط والجنوب ذات الأغلبية الشيعية، صوت لصالح كتلة المالكي وعاقب الكتل المناوئة له، بل وحتى في المحافظات العربية السنية حيث عاقب الناخبون الكتل المتشددة وصوتت للمعتدلين الذين يريدون التعايش السلمي والتخلص من الصراعات الطائفية والقضاء على داعش والقاعدة وفروعها. فهاهي كتلة (الوطنية) برئاسة أياد علاوي (العراقية سابقاً) هبط رصيدها من 91 مقعداً عام 2010 إلى 21 فقط في الانتخابات الأخيرة.
رابعاً، نتائج الانتخابات في كردستان كشفت نتائج الانتخابات أن هناك توجه عام في كل العراق، وبين جميع مكونات الشعب العراقي، مؤيد للحكومة التي يقودها رئيس الوزراء، السيد نوري المالكي، ليس في المحافظات العربية (الشيعية والسنية) فحسب، بل وحتى في منطقة الاقليم الكردستاني.. وفي هذا الخصوص نود أن نناقش مقالاً للسيد أمين يونس، بعنوان (نظرة على نتائج إنتخابات 30/4/2014)(1) جاء فيه: أن "الحزب الديمقراطي الكردستاني خسرَ حوالي 14% من قوتهِ التي كان يمتلكها في 2010 حيث كان له 29 مقعدا، واليوم 25 مقعدا فقط. بينما الإتحاد الوطني الكردستاني، زادَ بنسبة 50% ، فعنده الآن 21 مقعدا، وفي 2010 كان عنده 14 مقعدا فقط." انتهى. ونقولها بألم، فبدلاً من أن يوعز السيد الكاتب هذا التغيير إلى رغبة الشعب الكردي وبإرادته الحرة إلى مكافأة حزب الإتحاد الوطني الكردستاني على دوره في التقريب بين الإقليم وبغداد، وعاقب حزب البرزاني الذي ما انفك يفتعل الأزمات مع "حكام بغداد" كما يسمي الحكومة الفيدرالية، نقول وبدلاً من تفسير هذا التغيير إلى إرادة الشعب الكردستاني الحرة، راح هو الآخر يردد نغمة العروبيين في تأويل كل شيء يحصل في العراق إلى إيران والجنرال قاسم سليماني. وفي هذا الخصوص وبعد أن يصب كل سيئات الدنيا ويستعير حتى سيئات حزب برزاني على حزب الاتحاد الوطني الكردستاني، يسأل: "فلماذا حصلَ الإتحاد ، رغم كل ما ورد أعلاه، على أصوات كثيرة الى درجةٍ فاجأتْ حتى أكثر المُراقبين قُرباً للإتحاد؟ الجواب في إعتقادي، يكمن في [[الدَور الإيراني ]] !".
وبعد هذا "الاكتشاف العظيم" يضيف الكاتب قائلاً: "فالكثير مّنا، كان يعتقدُ متوهماً، ان " قاسم سليماني" أو وكلاءهُ ، كانوا يأتون الى محافظات الإقليم للسياحة والإستجمام، بينما كانوا يأتونَ للعَمَل!. فعدا زياراتهم العلنية القليلة، فأنهم كانوا مُتواجدين بصورةٍ شُبه دائمة، طيلة السنتَين الماضيتَين. وهُم كما يبدو، وبدهائهم المعروف وأساليبهم المتنوعة، استطاعوا التأثير على مُجريات الإنتخابات. وأوقفوا تدهور الإتحاد الوطني". وبهذا الاكتشاف فقد توصل السيد الكاتب إلى لحظة ذروة الشعور بفرحة الاكتشاف ليصرخ كما صرخ العبقري أرخميدس وجدتها وجدتها(Eureka, Eureka)!!!. لا أعرف كيف استطاع قاسم سليماني أن يسحر الشعب الكردستاني، بل وكل مكونات الشعب العراقي ليصوتوا لصالح المالكي؟ أليس هذا إهانة لذكاء الناخب العراقي، عرباً وكرداً ومن كل المكونات، وإظهاره وكأنه بلا إرادة ولا وعي، وأنه ألعوبة بيد شخص أسطوري ملحمي يدعى الجنرال قاسم سليماني؟ ولم يتردد كاتبنا من تحذير الشعب الكردستاني من أي تقارب بين حزب الاتحاد الوطني الكردستاني من كتلة المالكي لتشكيل الحكومة فيقول: "والخِشية كُل الخشية، من يكون الإيرانيون، قد وضعوا خطةً بعيد المدى، من أجل جَر الإتحاد الوطني للتحالُف " مُنفرِداً " مع دولة القانون، أي المالكي. وبهذا سيمزقون وحدة الصَف الكُردي من جهة، ويُقوون جبهة المالكي ضد خصومه، من جهةٍ أخرى! (ومن الواضح ان هنالك بعض قياديي الإتحاد يميلون الى التنسيق مع المالكي منذ فترة طويلة). وإذا حدث هذا السيناريو اللعين، فليس من المُستبعَد، ان يسوء الوضع الأمني في داخل الأقليم نفسه، وإحتمال إندلاع معارك بين الأطراف الكردية ... مما سينسف الطموحات الكردية الى أجلٍ غير مُسَمى!" .
أود أن أشير هنا إلى مقال للسيد واثق العاني جاء فيه: " كما لم يلاحظ احد ان جميع النواب الاكراد الذين واصلوا لسنوات هجومهم على المالكي وحكومته من امثال الاتروشي وطه شوان واربعة غيرهم لم ينتخبهم احد وخصوصا في دهوك. وأنا من الناس المتفائلين رغم حجم التهويلات للخلاص من المالكي بان الوضع بعد هذه الانتخابات اوضح ان كل النواب الذين تركوا مهامهم الحقيقية وذهبوا للتهريج في شاشات التلفزيون قد اسقطهم الناخب بعدما كانوا يعتقدون ان ذلك سيجعلهم نواب دائميين" (2).
وأنا إذ أسأل السيد أمين يونس: هل الجنرال قاسم سليماني هو الذي أوعز للناخبين الكرد بأن لا ينتخبوا الاتروشي وطه شوان واربعة غيرهم؟ الحققيقة التي لم يشر إليها السيد أمين يونس وأمثاله من الكتاب المعارضين الذين صارت عندهم عقدة نفسية مستعصية من المالكي، أن الشعب الكردي، كغيره من مكونات الشعب العراقي، قد سأم وملَّ من الحروب والصراعات الأثنية والطائفية وتهديدهم بالحروب الأهلية، وافتعال الأزمات مع "حكام بغداد" من قبل السيد بارزاني كلما هبطت شعبيته في الشارع الكردستاني، فهو كغيره من شعوب العالم، يحلم الشعب الكردستاني بالتعايش السلمي والازدهار الاقتصادي في بلاده مع بقية مكونات الشعب العراقي، خاصة وأن ما حققه الشعب الكردي في العراق الديمقراطي الفيدرالي، لم يعشه طوال تاريخه من قبل. ولا أعرف لماذا يريد هؤلاء الأخوة الكتاب أن يفرطوا بكل هذه المكتسبات وتحميل الحكومة الفيدرالية والمالكي جرائم الحكومات العراقية المعاقبة وخاصة فترة المجرم صدام حسين.
وفي هذا الخصوص قال القيادي في حزب الاتحاد الوطني الكردستاني عادل مراد في مؤتمر صحفي اليوم 21/5/2014، أن"الاجندة السعودية والتركية تحاول إبعاد الكرد من العملية السياسية في بغداد، مشددا على عدم السماح لهذه المحاولات والعمل على المشاركة في الحكومة المقبلة ايا كان الفائز فيها لضمان الأمن والاستقرار في اقليم كردستان". (3)
وأخيراً، أنصح هؤلاء السادة أن العراق بحاجة إلى دعم أبنائه وبالأخص المثقفين منهم للعمل على التقارب والتلاحم الوطني بين مكونات الشعب العراقي، ودعم الديمقراطية. فالعراق فيه ثروات كثيرة بددها حكم البعث الصدامي على الحروب والدمار، وقد وفر له التاريخ الآن فرصة ذهبية لا تتكرر، ويجب على العراقيين عدم الإفراط بها تحت تأثير السعودية وقطر وتركيا. فهذه الحكومات تريد الشر بالشعب العراقي ولا تريد له خيراً، لذا يجب أن نعمل جميعاً من أجل أن لا نسمح بتكرار مؤامرة 8 شباط 1963. وإلى متى يلدغ العراقيون من جحر عشرات المرات، ويعيدون نفس الأخطاء؟ ألا هل من مجيب؟ اللهم اشهد. ــــــــــــــــــــــــ 1- أمين يونس: نظرة على نتائج إنتخابات 30/4/2014 http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=415662
2- واثق العاني: اغلب النواب حبسوا عقولهم بمسلمات خاطئة للاجترار http://alakhbaar.org/home/2014/5/168787.html
3- حزب طالباني : الأجندة "السعودية" و "التركية" وراء ابتعاد الكرد عن العملية السياسية في بغداد http://www.faceiraq.com/inews.php?id=2735435
#عبدالخالق_حسين (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
هل ممكن تشكيل حكومة الأغلبية بجميع مكونات الشعب؟
-
محاولة لتفسير التخندق الطائفي في الانتخابات
-
نجاح الانتخابات دليل على التزام شعبنا بالديمقراطية
-
يا أعداء المالكي اتحدوا !!!
-
لماذا حكومة الأغلبية السياسية؟
-
العلمانية الديمقراطية لا تُبنى على الكذب
-
إسقاط حكم البعث في الميزان (2-2)
-
إسقاط حكم البعث في الميزان(1-2)
-
الانتخابات وهستيرية الحملات التسقيطية
-
بمناسبة مرور 11 عاماً على تحرير العراق من الفاشية
-
مشروع القانون الجعفري وُلِدَ ميتاً
-
هل السيسي أتاتورك مصر؟
-
دعوة لوقف تداعيات مقتل الشهيد محمد بديوي الشمري
-
حرية نشر البغضاء والفتن الطائفية
-
المؤتمر الدولي لمكافحة الإرهاب، ما له وما عليه
-
ليكن الرئيس العراقي القادم مسيحياً
-
على العراق أيضاً سحب سفيره من قطر
-
مبادرة علاوي لإنقاذ داعش من الهزيمة
-
لماذا يحتاج العراق إلى الدعم الأمريكي؟
-
نهاية البعث في تحالفاته الأخيرة
المزيد.....
-
ماذا يعني إصدار مذكرات توقيف من الجنائية الدولية بحق نتانياه
...
-
هولندا: سنعتقل نتنياهو وغالانت
-
مصدر: مرتزقة فرنسيون أطلقوا النار على المدنيين في مدينة سيلي
...
-
مكتب نتنياهو يعلق على مذكرتي اعتقاله وغالانت
-
متى يكون الصداع علامة على مشكلة صحية خطيرة؟
-
الأسباب الأكثر شيوعا لعقم الرجال
-
-القسام- تعلن الإجهاز على 15 جنديا إسرائيليا في بيت لاهيا من
...
-
كأس -بيلي جين كينغ- للتنس: سيدات إيطاليا يحرزن اللقب
-
شاهد.. متهم يحطم جدار غرفة التحقيق ويحاول الهرب من الشرطة
-
-أصبح من التاريخ-.. مغردون يتفاعلون مع مقتل مؤرخ إسرائيلي بج
...
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|