أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد الغني سلامه - العلاقات الكندية الإسرائيلية - دراسة بحثية















المزيد.....



العلاقات الكندية الإسرائيلية - دراسة بحثية


عبد الغني سلامه
كاتب وباحث فلسطيني

(Abdel Ghani Salameh)


الحوار المتمدن-العدد: 4459 - 2014 / 5 / 21 - 12:22
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


مقدمة:

تقع كندا في القسم الشمالي من القارة الأمريكية، وتمتد ما بين المحيطين الأطلسي والهادئ، وتعتبر البلد الثاني عالمياً من حيث المساحة، عاصمتها أوتاوا، وعدد سكانها نحو 35 مليون نسمة، وهي دولة فيدرالية، يحكمها نظام ديمقراطي وملكية دستورية، تتبع الملكة إليزابيث الثانية. تعد كندا واحدة من أكثر دول العالم تطوراً، حيث تمتلك اقتصاداً قويا ومتنوعاً، وتعتمد على مواردها الطبيعية الوفيرة، وعلى التجارة وبخاصة مع الولايات المتحدة اللتان تربطهما علاقة طويلة ومعقدة.

لكندا أهمية كبيرة في الساحة الدولية على المستويين السياسي والاقتصادي؛ فهي عضو في مجموعة الدول الصناعية السبع، ومجموعة الثماني، ومجموعة العشرين، وحلف شمال الأطلسي، ومنظمة التعاون والتنمية الاقتصادية، ومنظمة التجارة العالمية، ودول الكومنولث، والفرنكوفونية، ومنظمة الدول الأمريكية الإبيك، وبطبيعة الحال: الأمم المتحدة. وتمتلك كندا واحداً من أعلى مستويات المعيشة في العالم؛ حيث يضعها مؤشر التنمية البشرية في المرتبة الثامنة عالمياً.

خاضت كندا الحربين العالمية الأولى والثانية، كونها كانت تابعة في سياستها الخارجية لبريطانيا وفقاً لقانون الاتحاد، وخلال الحرب الباردة، كانت كندا مساهماً رئيسياً في قوات الأمم المتحدة في الحرب الكورية، وساهمت في تأسيس قيادة دفاع الفضاء الجوي الأمريكية الشمالية (نوراد) بالتعاون مع الولايات المتحدة للدفاع ضد الهجمات الجوية المحتملة من الاتحاد السوفياتي، وشاركت كندا في 50 بعثة على مستوى العالم من بعثات قوة حفظ السلام الدولية.

وبالرغم من العلاقات الوطيدة التي تربطها بالولايات المتحدة، خاصة وأنهما تشتركان في أطول حدود غير محمية في العالم، إلا أن لكندا سياسة مستقلة نوعا ما، وقد اختلفت مع الولايات المتحدة في أكثر من مرة، أبرزها الحفاظ على علاقات كاملة مع كوبا، ورفض المشاركة الرسمية في حرب العراق، ومع ذلك فإن كندا تتعاون مع أمريكا في الحملات والتدريبات العسكرية، وهما أكبر شريكين تجاريين لبعضهما البعض.

ارتبطت كندا مع كل من الولايات المتحدة والمكسيك في معاهدة "نافتا"، عام 1994؛ وهي معاهدة لإنشاء منطقة تجارية حرة ما بين هذه الدول، تُلغى فيها التعريفات الجمركية، والهدف منها تحقيق اقتصاد قوي للدول الأعضاء، يعطيها القدرة على منافسة التكتلات الاقتصادية الأخرى الصاعدة على المستوى العالمي، وبالأخص الاتحاد الأوروبي، والنمور الآسيوية.

وتعتبر كندا من الدول المتقدمة القلائل المصدرة للطاقة؛ حيث تمتلك كميات كبيرة من الغاز الطبيعي إلى جانب النفط، (تمتلك ثاني أكبر احتياطي من النفط بعد السعودية). ولها حصة كبيرة من السوق العالمي في مجال المنتجات الزراعية وخاصة القمح، وأيضا الأخشاب، بالإضافة إلى ذلك، لدى كندا قطاع صناعي ضخم يتركز في صناعة السيارات والملاحة الجوية، كما تجري "وكالة الفضاء الكندية" بحوثاً في الفضاء، والطيران، وتطوير الصواريخ والأقمار الصناعية، ولديها خمسة عشر عالما من الحائزين على جائزة نوبل في الفيزياء والكيمياء والطب.

تطور العلاقات الكندية – الإسرائيلية ..

أصدرت مؤخرا السلطات الكندية طابعا تذكاريا يظهر عليه العلمين الإسرائيلي والكندي جنبا إلى جنب، وذلك بمناسبة مرور 60 عاما على العلاقات بين كندا وإسرائيل، وقد طبعته باللغات الإنجليزية والعبرية والفرنسية. وهو موقف لا يعكس قوة العلاقات بين البلدين وحسب؛ بل ويدل على علاقة وطيدة نمت في السنوات الأخيرة، وأخذت تتعمق شيئا فشيئا. فكيف حصل ذلك ؟ ولماذا ؟

مع أن كندا كانت من الدول الأوائل التي اعترفت بإسرائيل؛ إلا أنها كانت على الدوام تحاول أن تأخذ موقفا حياديا من الصراع العربي الإسرائيلي، وإن كان موقفها منحازا بعض الشيء لإسرائيل، ويتماشى مع سياسة الولايات المتحدة الداعمة لإسرائيل بلا حدود، وكانت أيضا تدعو لحل سلمي للصراع، وتسويته عن طريق المفاوضات، وتسعى لمد جسور من التعاون مع بلدان العالم، بما فيها الدول العربية. لكنها مع وصول حزب المحافظين بزعامة "ستيفن هاربر" إلى الحكم عام 2006، تبدّلت السياسة الخارجية الكندية بشكل واضح، وأخذت تقامر بعلاقتها مع العالم العربي والإسلامي، فلم تعد كندا، كما كانت في العقود الماضية: إما تؤيد أو تمتنع عن التصويت على القرارات التي تعارضها الولايات المتحدة وإسرائيل؛ بل أصبحت تعارض بكل قوة أي قرار متعلق بالقضية الفلسطينية، وتعتبره مناهضا لإسرائيل. ولم تعد مشاركة قواتها العسكرية محصورة بقوى حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة، بل تعدتها للمشاركة في الحروب، كما حصل في أفغانستان، وأخذت تؤيد وتبرر بشكل صارخ كل الممارسات الإسرائيلية العدوانية سواء في لبنان (2006)، أو في غزة (2008، 2012)، وكانت حكومة "هاربر" أول حكومة قاطعت حكومة حماس إثر انتخابها، وهي الآن إحدى الدول القيادية العاملة ضد مخاطر البرنامج النووي الإيراني بالتعاون مع إسرائيل، ومن أهم الدول التي تؤيد إسرائيل تأييدًا كاملاً في مؤسسات الأمم المتحدة وفي منتديات دولية مختلفة مثل ال G-8، كما عارضت بشدة قبول فلسطين عضواً مراقباً في الأمم المتحدة، وأيضا في اليونسكو.

ورغم المعارضة الشعبية الداخلية، ومعارضة الحزب الليبرالي (الذي يحظى تقليديا بتأييد المهاجرين) واستهجان العديد من بلدان العالم، إلا أن حكومة المحافظين ماضية في سياساتها الجديدة والمثيرة للجدل المنحازة لإسرائيل. الأمر الذي يقوّض فرصها للقيام بدور "وسيط نزيه" في الشرق الأوسط.

ويتضح، خلال السنوات القليلة الماضية، أن العلاقات بين إسرائيل وكندا تتعزز وتتوسع باستمرار؛ فقد تجاوز حجم التبادل التجاري بين البلدين مليار دولار (تجاوز حجم الصادرات الإسرائيلية حجم الواردات من كندا)، وذلك بفضل توقيع اتفاقية على إقامة منطقة تجارة حرة بين البلدين قبل عشر سنوات؛ حيث وقعت كندا مع إسرائيل على معاهدة للتجارة الحرة عام 1996، ما أعطى المنتوجات الإسرائيلية ميزة خاصة إن من ناحية الضرائب، وإن في الأسعار المنافسة في السوق، ما شجع على الحصول عليها بسهولة. وفي المقابل لم تقدم على مناقشة أو توقيع أي اتفاق تجارة حرة مع فلسطين، أو مع أي من الدول العربية (باستثناء الأردن الذي وقع اتفاقية في 28 حزيران 2009).

كما تتوسّع العلاقات الكندية الإسرائيلية في مجالي التكنولوجيا والعلوم، وهناك عدّة صناديق للأبحاث والتطوير وللتعاون في الأبحاث الصناعية. وتقيم الدولتان كذلك علاقات في مجال الأمن القومي، بالإضافة إلى علاقات بين الأجهزة القضائية والمحكمتين العليين في كليهما.

وعلى ما يبدو فإن حكومة المحافظين في كندا تعتبر علاقاتها مع إسرائيل استثناء، حيث ضرب وزير خارجيتها عرض الحائط بالمقررات الدولية، وزار وزيرة الخارجية الإسرائيلية "تسيبي ليفني" في مكتبها في القدس، التي تعتبرها الأمم المتحدة أرضاً محتلة، إضافة إلى زيارته قاعدة عسكرية إسرائيلية في هضبة الجولان المحتلة.

وعلى رغم تحذير المعارضة الرسمية في مجلس العموم الكندي من العواقب التي ستجرها سياسة حكومة حزب المحافظين الخارجية في الشرق الأوسط على كندا، خصوصاً استيراد البضائع الإسرائيلية المصنّعة في المستوطنات في الأراضي الفلسطينية المحتلة، على اعتبار أنها مخالفة للقانون الدولي (الذي يدعو إلى تفكيك هذه المستوطنات)، وكذلك هي مخالفة لمقررات مؤتمر جنيف الرابع (الذي يمنع التموضع في الأراضي المحتلة)؛ ما زالت الحكومة الكندية تسمح باستيراد المواد المصنعة في المستوطنات الإسرائيلية. ورغم ذلك، فإن الكنيسة الكندية قادت حملة شعبية لمقاطعة منتجات المستوطنات، كما قام نشطاء كنديون وعرب بحملة شعبية مشابهة دعت لمقاطعة الشركات الإسرائيلية التي تعمل في المستوطنات.

مواقف كندا في الأمم المتحدة

اعترفت كندا بدولة إسرائيل في 11 أيار 1949، وكانت قد صوتت عام 1947 لمصلحة قرار التقسيم رقم 181، والذي يدعو لقيام دولتين عربية ويهودية، وصوتت أيضاً لصالح القرار 194 الداعي لعودة اللاجئين الفلسطينيين، أو تعويض من لا يرغب بالعودة. أما قرارات مجلس الأمن الدولي 242، 338، فلم تكن كندا حينها عضوا في مجلس الأمن، لكنها امتنعت عن التصويت على قرار مجلس الأمن بشأن القدس رقم ‏252‏ الصادر عام ‏1968‏ والذي اعتبر أن جميع الاجراءات الادارية والتشريعية التي قامت بها اسرائيل من شأنها أن تؤدي الي تغيير في الوضع القانوني للقدس هي اجراءات باطلة. وصوتت كندا ضد القرار رقم 3379 الصادر عن الجمعية العامة عام 1975، الذي اعتبر الصهيونية شكل من أشكال العنصرية والتمييز العنصري، وامتنعت عن التصويت لصالح قرار الجمعية العام بشأن "عمليات وكالة الغوث الأونروا". في ديسمبر 2010، وعارضت في نفس الجلسة قرار الجمعية العامة بشأن "الممارسات الإسرائيلية التي تمس حقوق الإنسان للشعب الفلسطيني في الأرض المحتلة، بما فيها القدس الشرقية" لكنها وافقت على أربعة قرارات أخرى متعلقة باستمرار عمليات الاونروا وممارسات اسرائيل بحق الفلسطينيين. كما عارضت خمسة قرارات اعتمدتها الجمعية العامة للأمم المتحدة بأغلبية ساحقة في نوفمبر 2012، تدعو لتسوية قضية فلسطين بالوسائل السلمية، حيث صوتت 163 دولة "مع" من ضمنها دول الاتحاد الاوروبي، فيما صوتت 6 دول "ضد" أبرزها الولايات المتحدة وكندا، إسرائيل، يؤكد القرار على ضرورة الوقف التام لجميع أنشطة الاستيطان الإسرائيلية في الأرض المحتلة، بما فيها القدس الشرقية، والتوقف فورا عن تشييد الجدار والوقف الكامل لكافة الأعمال الإسرائيلية الاستفزازية والتحريضية.

وعندما نالت فلسطين العضوية الكاملة في منظمة اليونسكو التابعة للأمم المتحدة بأغلبية كبيرة، عارضت كندا على القرار إلى جانب 14 دولة بينهم الولايات المتحدة وإسرائيل. كما عارضت بشدة التصويت لصالح قرار منح فلسطين صفة العضو المراقب في الأمم المتحدة، وهددت حينها بوقف المساعدات عن السلطة الوطنية. كما هدد وزير الخارجية الكندي "جون بايرد" بوقف المساعدات عن السلطة الوطنية في حال توجهها إلى محكمة الجنايات الدولية في لاهاي لمقاضاة إسرائيل.

ومن جهة ثانية، ما زالت كندا ترفض الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، وتعتبر الضفة الغربية والقدس الشرقية وقطاع غزة ومرتفعات الجولان مناطق محتلة، وتعتبر أن حل القضية الفلسطينية يجب أن يكون من خلال المفاوضات.

الضوابط والمحددات التي تحكم العلاقات الكندية الإسرائيلية

1. الموقع الجغرافي: تقع كندا شمال الولايات المتحدة، ويفصل بينهما حدود تمتد لأكثر من 8900 كلم، الأمر الذي يعني ارتباط الأمن القومي لكل من البلدين بشكل حيوي، وبسبب طبيعة وتداخل العلاقات التاريخية والجغرافية بينهما، والهيمنة العسكرية والدبلوماسية التي تمارسها واشنطن على أوتاوا، ونظرا للاتفاقيات الموقعة بين الحكومتين، وعضويتهما في معاهدة "نافتا"، وغيرها من الهيئات والتحالفات الدولية، وبسبب حجم التبادل التجاري الكبير، واعتماد كندا على أمريكا لتسليح الجيش؛ فإن كندا لا تخرج بالعادة عن طوع أمريكا، وتظهر على الدوام سياسة تابعة لها، من النادر أن تشذ عنها. ومن المعروف أن أمريكا تعتبر إسرائيل حليفها الاستراتيجي الذي لا تتنازل عنه. وبالتالي فإن هذه المحددات كانت تلعب على الدوام دورا ضابطا لتحديد مواقف كندا إزاء إسرائيل، وإزاء كل ما يتعلق بالصراع العربي الصهيوني.

2. الحزب الحاكم: "حزب المحافظين" ذو التوجهات اليمينية والعنصرية، هو الحزب الذي حكم البلاد بحكومة أقلية منذ يناير 2006، ثم بحكومة أغلبية في انتخابات 2011. نشأ الحزب عام 2003 من اندماج الحزب التقدمي المحافظ لكندا مع الائتلاف الكندي، وقد لاحظنا كيف تطورت العلاقات الكندية الإسرائيلية على نحو كبير بمجرد وصول الحزب للحكم، فإذا كانت العلاقات بينهما في السابق جيدة، وتأتي في إطار السياسات الأمريكية العامة، فإنها مؤخراً باتت أكثر من مميزة، وتبدو في بعض الأحيان متشددة لصالح إسرائيل أكثر من الموقف الأمريكي نفسه. وهذا الانحياز أوقع المحللين السياسيين في كندا في حيرة من أمرهم، حول الأسباب التي تدفع رئيس الحكومة "هاربر" إلى ذلك، خاصة وأنه صرح مراراً بأنه سيدافع مستميتاً عن مصلحة إسرائيل، ولو كان ذلك على حساب مصلحة الشعب الكندي. وبالفعل فقد ضحّى "هاربر"، بمقعد في مجلس الأمن، عندما خسرت كندا الكثير من أصوات دول الجمعية العامة بسبب انحيازها الأعمى لإسرائيل.
وعلى الصعيد الداخلي، يعمل "هاربر" على إصدار قوانين جديدة تصنف أي انتقاد لإسرائيل، ولو كان سياسياً في خانة جرائم معاداة السامية التي يعاقب عليها القانون.

3. المصالح المشتركة والاتفاقيات الثنائية: في أثناء زيارة وزير الخارجية الكندي "جون بيرد" لإسرائيل اتفق مع "نتانياهو" على أهمية تعميق وترسيخ العلاقات الثنائية، وعلى ضرورة توسيع نطاق الاتفاقات الثنائية مثل اتفاق الاعتراف المتبادل في مجال الاتصالات الموقع في شهر حزيران 2012. والتفاوض تمهيداً لتوقيع اتفاق جديد للتجارة الحرة بين البلديْن. وعلى توسيع رقعة العلاقات التجارية بما في ذلك في مجال الابتكارات، والتعاون في المجالات الأمنية والاستخباراتية، وتنمية العلاقات الجامعية بين البلديْن بما في ذلك من خلال وثيقة التفاهمات التي أبرمت في أيار 2012 بين الجمعية الملكية الكندية وأكاديمية العلوم الإسرائيلية، وأيضا تعميق الشراكة الثنائية بين القطاع الخاص في كلا البلديْن، بالإضافة للتعاون أيضاً في مجالات الطاقة (استناداً للبيان المشترك الخاص بالتعاون الثنائي في مجال الطاقة الصادر في يونيو حزيران 2012) وكذلك مجالات الأمن والدعم والتنمية الدولية، والاستفادة من الخبرات الكندية والإسرائيلية سعياً لتحسين جودة الحياة في البلدين.

وكان وزير الموارد الطبيعية الكندي "جو أوليفير" ووزير الطاقة والمياه الإسرائيلي "عوزي لانداو" قد أعلنا في أكتوبر 2012، عن إنشاء صندوق كندي – إسرائيلي لعلوم وتقنيات الطاقة الحديثة بشكل يتيح تطوير موارد النفط والغاز الجديدة، وإطلاق مشاريع تجارية تتعامل مع التحديات البيئية المشتركة. كما أعلن عن إنشاء صندوق التعاون الثنائي في مجالات الطاقة المتجددة وزيادة الجدوى في استغلال الطاقة. برأسمال يتراوح بين 20-40 مليون دولار في مشاريع البحث والتطوير المشتركة خلال السنوات الثلاث المقبلة. وقد جرت في كندا ورشتا عمل في آذار 2013 واستقطبتا جهات معنية من كندا وإسرائيل لاقتناص الفرص المتاحة لإرساء مشاريع التعاون.

وفيما يتعلق بمجال التنمية الدولية فقد طرح رئيس الوزراء "نتانياهو" ووزير الخارجية "بيرد" استمرار التعاون بين البلديْن. ومن الأمثلة على هذا التعاون أداء منظمة Grand Challenges Canada [التحديات العظمى – كندا] والمدعومة من الصندوق الكندي للتطوير والابتكار سعياً لاستحداث هيئة مماثلة في إسرائيل تعتمد النموذج الكندي.

وسبق لرئيسيْ الوزراء "هاربير" و"نتانياهو" أن أطلقا في أيار 2010 خطة عمل اقتصادية مشتركة أدت إلى إنشاء الشراكة الكندية الإسرائيلية في الابتكارات التكنولوجية (CIIP)وتدعم هذه الشراكة مشاريع مشتركة من خلال عدة آليات تمويلية ومنها إصدار نداء مشترك لتقديم العروض في تموز 2012 بدعم من دائرة كبير العلماء في وزارة الصناعة والتجارة الإسرائيلية ومجلس الأبحاث القومية التابع لبرنامج دعم الأبحاث الصناعية في كندا. وتُعتبر هذه الشراكة أول مبادرة كندية في إطار صندوق EUREKA وهي شبكة أوروبية للتعاون تشارك فيها كندا وإسرائيل على السواء (كان قد تم قبول عضوية كندا في هذا الصندوق خلال فترة تولي إسرائيل رئاسته الدورية عام 2011). وتسعى الشبكة إلى زيادة رقعة المنافسة الصناعية من خلال دعم الجهات الناشطة في الأعمال والابتكارات. وتلتزم كلا الحكومتيْن بإطلاق مشاريع عملية لدفع التعاون الثنائي في مجال الأبحاث العلمية، حيث كانت الحكومة الكندية قد رصدت الميزانيات لهذا الغرض.

4. اللوبي اليهودي في كندا: بلغ عدد اليهود الكنديين عام 1992، 356 ألف نسمة، وهم اليوم أكثر من 375 ألف نسمة، وهم جزء من التشكيل الاستيطاني الأنجلو ساكسوني في كندا. ورغم وجود أعداد منهم يتحدثون الفرنسية، فإن الأغلبية العظمى تتحدث الإنجليزية. وكما هو حالهم في الولايات المتحدة وأوروبا؛ فإن النخبة من يهود كندا ينتمون لمنظمات سياسية واجتماعية، تشكل أداة ضغط على السياسة الخارجية والداخلية للحكومة، وهي ما يُعرف باللوبي اليهودي.
في الماضي، كانت كندا تمثل بالنسبة للحركة الصهيونية، معضلة وساحة صعبة، وليست سهلة كما هي الولايات المتحدة، أولاً لصِغر حجم الجالية اليهودية في كندا نسبياً، وثانياً لأن يهود كندا المثقفين لم يكونوا في غالبتهم صهاينة بالمعنى المعروف، ومن ناحية ثانية، لعب تأثير المجتمع الكندي بميزاته الإنسانية والفكرية دورا هاما في إضعاف دور اللوبي الصهيوني، حيث ترفض القيم الكندية الظلم وتعلو على العنصرية، وتحترم حقوق الإنسان. ولقد شكلت كل هذه القيم أساس الموقف السياسي لكندا من قضية الصراع الإسرائيلي-الفلسطيني. وقد حاول مؤسسو السياسة الخارجية الكندية أن يظهروا نوعا من الحياد في توجههم نحو القضية الفلسطينية، فكانت السياسة الكندية متوازنة إلى حد ما، وقد التزمت بها كل الحكومات الكندية من ليبرالية ومحافظة، حتى جاء عصر "هاربر" رئيس الوزراء المحافظ الحالي، وغير وجه السياسة الكندية على نحو لم تحلم به منظمات اللوبي الصهيوني الكندية ذاتها. صحيح أن اللوبي اليهودي الكندي قد قويت شوكته وانتشر وتوسع نفوذه في دوائر صنع القرار السياسي الكندي أكثر في السنوات الأخيرة، وهو أصلا لوبي منظم ومتمكن، لكن أكبر مصدر لقوته وتمكنه هذا هو ضعف الموقف العربي، وضعف الجاليات والسفارات العربية في كندا.

5. القيمة الاستراتيجية لمنطقة الشرق الأوسط: تنطلق السياسة الكندية الجديدة من رؤيتها لأهمية القيمة الجيو-ستراتيجية لمنطقة الشرق الأوسط، باعتبارها تحتل مكان الصدارة في سلم الاهتمامات الدولية، وأنه لا يمكن لأي نظام عالمي أن يتشكل بعيداً عن تلك المنطقة الحيوية، لما تمثله من قلب للعالم، فيها يتقرر مراكز التوازنات والقوى، ولكونها تمثل منصة ارتكاز ورافعة سياسية لأي دور محتمل لأي قوة عالمية طامحة. وتعتقد كندا أن إمكاناتها وعلاقاتها المميزة مع إسرائيل (وأمريكا) وتوجهاتها الحالية تؤهلها لحجز مكان بارز في خارطة تشكل العالم الجديد من خلال تعزيز علاقتها أكثر مع إسرائيل. ما يعني أن كندا في ظل حكم المحافظين قد اختارت أن تنحاز لإسرائيل، غير عابئة بما قد يجره ذلك عليها من انتقادات من قبل الدول العربية والإسلامية، وما يشجعها على ذلك ضعف الموقف العربي، وعدم جديته، وربما عدم معارضة البعض لدعمها لإسرائيل. ومع ذلك تحاول كندا ألا تخسر أحدا من الأطراف؛ فمثلا افتتحت لها بعثة دبلوماسية في رام الله، وقدمت الكثير من المساعدات المادية للسلطة، وتراعي أحيانا، وقدر الإمكان ألا تثير قلق الدول العربية الأخرى.

العلاقات العسكرية والتعاون الأمني

تقيم كل من كندا وإسرائيل علاقات ثنائية مميزة على الصعيد العسكري والأمني والاستخباراتي، وبينهما تحالفات ومعاهدات آخذة بالتطور، ففي نيسان 2008، وقع وزير السلامة العامة الكندي "ستكويل داي" مع وزير الأمن العام الإسرائيلي "عافي ديختر" على اتفاقية تعاون أمني أطلق عليها اسم «اتفاقية التعاون الإسرائيلي – الكندي الأمني المتقدم»، وعقب التوقيع أصدر الجانبان بيان خاص سمي "إعلان النوايا" أهم ما تضمنه: الدعوة لتقوية وتعزيز التعاون الإسرائيلي – الكندي في مجالات الأمن والسلامة العامة، وأن هذا الاتفاق سيتيح لإسرائيل وكندا تعاوناً أكبر في مجالات مكافحة الجريمة المنظمة، وإدارة الطوارئ، ومجالات السلامة العامة، وتبادل المعلومات، ومكافحة الإرهاب، وحماية المصالح الوطنية الإسرائيلية والكندية.
وتضمن البيان تعاونا أمنيا غير مسبوق؛ حيث ستقدم كندا لإسرائيل المساعدات في الرقابة وضبط الحدود الإسرائيلية مع سوريا، لبنان، والأراضي الفلسطينية. فيما تقدم إسرائيل المساعدات لكندا لجهة ضبط هجرة القادمين من الشرق الأوسط، بحيث يقدم الخبراء الأمنيون الإسرائيليون المشورة والمعلومات المتعلقة بالمهاجرين العرب إلى كندا، والمساعدة في إدارة شؤون المسلمين الكنديين والجالية الإسلامية الكندية، ويكون للإسرائيليين الحق في الاضطلاع على الملفات السرية الكندية، وبالذات المتعلقة بمنطقة الشرق الأوسط، كما اتفق الطرفان على أن يتم التنسيق المشترك والاتفاق المسبق قبل قيام الكنديين باتخاذ أي إجراء أو قرار يتعلق بالقضية الفلسطينية.

وفي زيارته لإسرائيل في نوفمبر 2011، قال وزير الدفاع الكندي "بيتر مكاي" أنه يوشك مع وزير الدفاع الإسرائيلي "يهودا باراك" على وضع اللمسات النهائية لمذكرات تفاهم تبني على ما اتفق عليه الجانبين في السابق، وأضاف "مكاي" إن الاتفاقات الجديدة ستشمل مجالي تبادل المعلومات والتقنيات العسكرية. وأضاف: "إن إسرائيل بحاجة إلى أصدقاء أقوياء وأوفياء، وكندا أحدهم بالتأكيد. ويمكنني القول أن الإسرائيليين لن يعثروا على بلد أكثر دعما لهم على هذا الكوكب من كندا." ووصف الاتفاقات التي توصل اليها الجانبان بانها "تمثل الطريقة التي تتمكن كندا من دعم اسرائيل بطريقة فعالة."

وقد زار إسرائيل في 21 نيسان 2013 رئيس هيئة أركان الدفاع الكندي "توماس لاسون" لإجراء محادثات ترتكز على "التحديات الامنية المشتركة فضلا عن التعاون بين الجيشين، الإسرائيلي والكندي".
وفي مجال صفقات الأسلحة، ووفقا لأرقام وزارة الدفاع، فإن قيمة الصادرات الإسرائيلية من الأسلحة لنحو 70 دولة، بلغت سنة 2012 نحو 7.5 مليار دولار، من ضمنها 3.5 مليار دولار قيمة أسلحة بيعت للولايات المتحدة وكندا وأوروبا.

العلاقات الكندية - الفلسطينية

تماشيا مع اتفاقات أوسلو 1993، افتتحت كندا مكتب تمثيل دبلوماسي لها في رام الله، وهو المسئول عن إيصال المساعدات الاقتصادية والتنموية إلى الفلسطينيين في الضفة الغربية وقطاع غزة. وفي المقابل افتتح في أوتاوا في العام 1995 مكتب تمثيل للوفد الفلسطيني العام الذي يمثل المصالح الفلسطينية في كندا.

وحسب تصريحات الخارجية الكندية المتكررة؛ تلتزم كندا بالسلام الشامل والعادل والدائم في الشرق الاوسط، وإقامة دولة فلسطينية ديمقراطية مستقلة قابلة للحياة تعيش جنبا إلى جنب بسلام وأمن مع إسرائيل. وتؤمن كندا أن السلام العادل والدائم يمكن تحقيقه فقط عن طريق حل الدولتين والتفاوض.

وتتميز العلاقة بين كندا والسلطة الفلسطينية بالإيجابية وهي تسير قدماً. وقد رحبت كندا بقيادة الرئيس محمود عباس منذ انتخابه، وبتولي د. سلام فياض رئاسة الوزراء في حزيران 2007، ودعت لإقامة حكومة ملتزمة باللاعنف والاعتراف بإسرائيل وقبول الاتفاقات والالتزامات السابقة.

وما زالت كندا تواصل دعم الجهود المبذولة من جانب السلطة الفلسطينية وإسرائيل للدخول في مفاوضات مباشرة، لأنها تؤمن بأن المفاوضات المباشرة فقط يمكن أن تنتج اتفاق سلام مقبول من جميع الأطراف، كذلك تعد كندا المساهم الرئيسي في تطوير المؤسسات الفلسطينية؛ حيث أعلنت مساهمتها بـ 300 مليون دولار على مدى خمس سنوات وذلك لدعم المسيرة السلمية والاصلاح والتنمية الفلسطينية في قطاعات ذات اولوية وهي: الأمن والحكم الصالح ومشاريع التنمية، والقضاء، إضافة لتلبية الاحتياجات الإنسانية العاجلة. وتساهم كندا في بعثة المنسق الأمني الأمريكي، ومكتب تنسيق شرطة الاتحاد الأوروبي لدعم الشرطة الفلسطينية.

ومنذ العام 1994 قدمت وكالة التنمية الدولية الكندية (CIDA) أكثر من 500 مليون دولار للمبادرات التنموية في الضفة الغربية وقطاع غزة، ومساعدة اللاجئين الفلسطينيين ودعم مسيرة السلام في الشرق الاوسط.
وخلال الأعوام المنصرمة استفادت العلاقات الكندية الفلسطينية من الاتصالات المتزايدة على مستوى الوزراء، ففي عام 2012 قام كل من وزير الشؤون الخارجية "جون بيرد"، ووزير المالية "جيم فلاهرتي"، ووزير الزراعة "جيرالد ريتز"، ومحافظ بنك كندا "مارك كارني"، فضلاً عن العديد من المسؤولين والبرلمانين ورؤساء البلديات والمقاطعات بزيارة الأراضي الفلسطينية، والتقوا بدورهم مع نظرائهم من المسؤولين الفلسطينيين في رام الله.

والتزاما مع بروتوكول باريس، يستفيد المصدرين الفلسطينيين إلى كندا من المعاملة المميزة التي تقدمها اتفاقية التجارة الحرة بين كندا وإسرائيل. بالإضافة إلى ذلك، وقعت كندا في العام 1999، اتفاقية إطار عمل مشترك كندي فلسطيني حول التعاون الاقتصادي والتجاري مع منظمة التحرير الفلسطينية.

هذا البحث جزء من الفصل الثالث من كتاب "علاقات إسرائيل الدولية" إصدار المركز الفلسطيني للدراسات الإسرائيلية - 2014 . تحرير د. عاطف أبو سيف . http://www.madarcenter.org/pub-details.php?id=508
وهو من إعدادي



#عبد_الغني_سلامه (هاشتاغ)       Abdel_Ghani_Salameh#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هرتزل، والسلطان عبد الحميد ونكبة فلسطين
- السويد والقضية الفلسطينية
- وعاد الربيع .. وبقينا كما نحن
- صديقي .. المهدي المنتظر
- أسبوع في بلاد قوس قزح
- تعذيب طفلة مصابة بالغرغرينا
- قراءة على جدار فيسبوكي
- صورة على جدار ..
- القارئ رقم مليون
- نظرة من البعيد .. إلى كوكب الأرض
- جنون الاستبداد
- هكذا تُصنع الدكتاتوريات
- القتل باسم الشعارات الجميلة
- تنظيم القاعدة، هل هو صناعة أمريكية ؟!
- جدال على تخوم اليرموك .. من يحاصر المخيم ؟
- إنهم يحرقون الكتب
- معايير نظام العولمة
- حل الدولتين .. وحل الدولة الواحدة .. دراسة من جزئين، ج2 : أي ...
- حل الدولتين .. ماذا حلَّ به ؟ وإلى أين وصل ؟ دراسة من جزئين ...
- تأملات في خريف العمر


المزيد.....




- رجل وزوجته يهاجمان شرطية داخل مدرسة ويطرحانها أرضًا أمام ابن ...
- وزير الخارجية المصري يؤكد لنظيره الإيراني أهمية دعم اللبناني ...
- الكويت.. سحب الجنسية من أكثر من 1600 شخص
- وزير خارجية هنغاريا: راضون عن إمدادات الطاقة الروسية ولن نتخ ...
- -بينها قاعدة تبعد 150 كلم وتستهدف للمرة الأولى-..-حزب الله- ...
- كتاب طبول الحرب: -المغرب جار مزعج والجزائر تهدد إسبانيا والغ ...
- فيروز: -جارة القمر- تحتفل بذكرى ميلادها التسعين
- نظرة خلف الجدران ـ أدوات منزلية لا يتخلى عنها الألمان
- طائرة مساعدات روسية رابعة إلى بيروت
- أطفال غزة.. موت وتشرد وحرمان من الحقوق


المزيد.....

- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني
- ، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال ... / ياسر جابر الجمَّال
- الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية / خالد فارس
- دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني / فلاح أمين الرهيمي
- .سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية . / فريد العليبي .


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد الغني سلامه - العلاقات الكندية الإسرائيلية - دراسة بحثية