أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - نوال السعداوي - لا يقول الحقيقة إلا الخيال














المزيد.....

لا يقول الحقيقة إلا الخيال


نوال السعداوي
(Nawal El Saadawi)


الحوار المتمدن-العدد: 4457 - 2014 / 5 / 19 - 08:26
المحور: حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
    


كنت نائمة أو على وشك النوم، فى اللحظات الساقطة بين الوعى واللاوعى، بين اليقظة والحلم، هى أجمل لحظات العمر، وأكثرها تحليقا فى الخيال الذى تخفيه الحقيقة، وأعظمها قدرة على اقتحام الممنوع (علنا) والمباح سرا، المحظور على النساء فقط والفقراء، المسكوت عنه فى صخب الكلام والخطب، المهدر حقوقه فى الظلمة والصمت.


تسللت الموسيقى خافتة ناعمة، من خلال الجدار بينى وبين جيران لا أعرفهم، أصبحت من الكائنات المكتفية بذاتها دون البشر أجمعين، لا أذكر من قال الآخرون هم الجحيم، لم أعد فى حاجة لشهادة بحسن السير والسلوك، أو لجائزة فى العلم أو الأدب، أو لصورة مع حاكم جديد أو قديم.

لا يكشف حقيقة الشهادات والجوائز إلا التاريخ، ولا يحتاج لختم الدولة أو بصمة المأذون من يعيشون بعد الموت، نجح الجدار فى امتصاص كلمات الأغنية، لم يتسرب إلى أذنى إلا اللحن الموسيقى كرائحة الياسمين، تذكرنى بالحب وأنا تلميذة صغيرة بريئة، متأهبة للموت من أجل الوطن والحب، كيف ارتبط حب الوطن بذاك الحب؟ ربما هى أغنية سمعتها فى الطفولة، أو نشيد وطنى يربط بين الثلاثى المقدس «الله. الملك. الوطن» كنا نرددها كل صباح بالمدرسة، حتى سقط الملك متهما بالفساد، وأصبحت الإذاعات تغنى «الله. الزعيم. الوطن» حتى مات الزعيم مهزوما بأعدائه المستعمرين، وجاء الرئيس المؤمن يغنى له الجميع، حتى قتل بأتباعه المؤمنين، ثم جاء حاكم جديد يغنون له كبطل النصر، حتى سقط متهما بالفساد والاستبداد، ثم جاء الرئيس الإسلامى ونال من الغناء أكثر من السابقين حتى سقط وراء القضبان، واليوم يغنون للحاكم الجديد. كلمات الأغنية امتصها الجدار، لكن اللحن الموسيقى كرائحة الياسمين ذكرتنى بحب الوطن، والحب الثانى المرتبط بالأول، كاد يدمرنى الحلم الثنائى المزدوج، لولا أبى وأمى وحبهما الكبير، لا يأتى الشفاء التام من البراءة والجهل إلا بدراسة التاريخ، لا شىء يكشف فساد الحاضر إلا فساد الماضى، ولا حب حقيقيا بعد موت الأم والأب.


تحتاج الدول (الطبقية الأبوية) إلى شعب ساذج (جاهل) يحبها لوجه الله (دون مقابل) ويموت من أجلها، وإن اكتسب الشعب بعض الوعى فإنه يقوم بثورة ضدها، لكن الدولة قادرة دائما على إجهاض الثورة تحت اسم الثورة، والقبض على السلطة والثروة تحت اسم الدولة، ويحتاج الرجل إلى فتاة ساذجة (جاهلة) تحبه لوجه الله، دون مقابل، وتضحى بحياتها من أجله، وإن اكتسبت الفتاة بعض الوعى، بعد دراسة التاريخ، فهى قادرة على التمرد واكتساب بعض الحقوق، لكن الدولة قادرة على سلبها حقوقها وإعادتها لنقطة الصفر، تحت اسم القانون والشرع.


وتسألنى الصديقة، ألا يوجد فرق بين الدول الرأسمالية والاشتراكية؟ اليمين واليسار؟ أو بين الرجل العلمانى والرجل الدينى؟ قلت، كلها تحكمها القوة وليس العدل، ويقوم الحب الناجح على السلطة والثروة، وأرخص أنواع الحب لوجه الله (بلا مقابل) للمرأة والوطن، ضحكت صديقتى وقالت، الوجوه التى أحاطت بناصر والسادات ومبارك ومرسى، هى نفسها أراها اليوم تحيط بالسيسى، ربما هم أو أولادهم، فالملامح هى نفسها، ونبرة الصوت، والضغط على مخارج الألفاظ بطريقة مدهشة، وسألتنى، ومتى يكون الحب غير رخيص؟ قلت، حين يكون صادقا، ومتى يكون الحب صادقا؟ قلت، حين تكون الدولة صادقة، ومتى تكون الدولة صادقة؟ حين تكون القوانين عادلة فى الحياة العامة والخاصة، فى البيت والعمل والشارع، ولا تفرق بين أفراد الشعب على أساس الطبقة أو الدين أو الجنس أو......،


وقاطعتنى:

تتكلمين وأنت نائمة؟ هل هذا خيال أم حقيقة؟

قلت، لا يقول الحقيقة إلا الخيال.



#نوال_السعداوي (هاشتاغ)       Nawal_El_Saadawi#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رجل الشارع والإنسان العادى
- رحلة لحلوان الثانوية للبنات
- رسالة أحمد دومة المنشورة
- النساء والبيئة وتوحش الحقيقة
- المعارضة الشرعية ونخب الميتافيزيقيا
- عبودية القرن الواحد والعشرين
- لن يغلبه زمن
- كافكا وأورويل وزويل وقانون الغابة
- تتوالد الأجيال الجديدة وتتكاثر
- هل تجهض الثورات الأفكار الوسطية؟
- ليس لأمي مكان في الجنة
- لو أن كل رجل أصبح إنسانا
- جدتى والعدالة الكونية
- الحديث
- لو أن كل وزير كان مثقفا؟
- إشارات القراء والقارئات
- لحظات فارقة فى حياتى ( ١)
- وهل تنال الكاتبة الثائرة حقها؟
- يدفعونها للأمام لتكون كبش الفداء
- لا كرامة لوطن تهان فيه الأمهات


المزيد.....




- رابط التسجيل في منحة المرأة الماكثة في المنزل 2024 الجزائر … ...
- دارين الأحمر قصة العنف الأبوي الذي يطارد النازحات في لبنان
- السيد الصدر: أمريكا أثبتت مدى تعطشها لدماء الاطفال والنساء و ...
- دراسة: الضغط النفسي للأم أثناء الحمل يزيد احتمالية إصابة أطف ...
- كــم مبلغ منحة المرأة الماكثة في البيت 2024.. الوكالة الوطني ...
- قناة الأسرة العربية.. تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك أبو ظبي ش ...
- تتصرف ازاي لو مارست ج-نس غير محمي؟
- -مخدر الاغتصاب- في مصر.. معلومات مبسطة ونصيحة
- اعترف باغتصاب زوجته.. المرافعات متواصلة في قضية جيزيل بيليكو ...
- المملكة المتحدة.. القبض على رجل مسن بتهمة قتل واغتصاب امرأة ...


المزيد.....

- الحركة النسوية الإسلامية: المناهج والتحديات / ريتا فرج
- واقع المرأة في إفريقيا جنوب الصحراء / ابراهيم محمد جبريل
- الساحرات، القابلات والممرضات: تاريخ المعالِجات / بربارة أيرينريش
- المرأة الإفريقية والآسيوية وتحديات العصر الرقمي / ابراهيم محمد جبريل
- بعد عقدين من التغيير.. المرأة أسيرة السلطة ألذكورية / حنان سالم
- قرنٌ على ميلاد النسوية في العراق: وكأننا في أول الطريق / بلسم مصطفى
- مشاركة النساء والفتيات في الشأن العام دراسة إستطلاعية / رابطة المرأة العراقية
- اضطهاد النساء مقاربة نقدية / رضا الظاهر
- تأثير جائحة كورونا في الواقع الاقتصادي والاجتماعي والنفسي لل ... / رابطة المرأة العراقية
- وضع النساء في منطقتنا وآفاق التحرر، المنظور الماركسي ضد المن ... / أنس رحيمي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - نوال السعداوي - لا يقول الحقيقة إلا الخيال