أسامة الساعدي
الحوار المتمدن-العدد: 4456 - 2014 / 5 / 18 - 16:52
المحور:
اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم
يظن بعض العلمانيين بأن سبب البلاء في بلداننا هو أن شعوبها متديّنة ومنقسمة إلى مذاهب شتّى؛ وأنه لو لم تكن هناك "سنة" و "شيعة" و"مسيحيون" و غيرهم؛ لما كانت هناك أيّة مشاكل.
وأنا لا أنكر بأن الطائفية؛ وانشغالنا في مشاكل الماضي وعيشنا في مجاهل التاريخ؛ هي بمثابة "سرطان" خبيث سرى في مجتمعاتنا، وساهم كثيراً في تراجعنا وغيابنا عن المشهد الحضاري العالمي.
لكننا لو رجعنا إلى فترة الخمسينيّات والستينيّات .. حينما كانت الطائفية نائمة وغائبة عن العالم الإسلامي، ماذا كان يجري؟ كانت شعوبنا في تلك الفترة مختلفة ومتناحرة بسبب اختلاف الإيديولوجيّات الشرقية والغربية: هذا ليبرالي وذاك علماني وذاك رأسمالي وهذا شيوعي وذاك قومي ... الخ؛ فنشبت أحقاد؛ وظهرت في وقتها مشاكل حادة: فقد قتل الشيوعيون كثيراً من القوميّين، ثم انتقم القوميّون فذبحوا وسحلوا كثيراً من الشيوعيين في الشوارع ! ، وتأخرنا كثيراً !
الاختلاف - يا أخوة - طبيعة متأصلة في البشر؛ ونحن لم ندرك إلى الآن بأن أفهام الناس مختلفة؛ وأن هذا الاختلاف في الأفهام يُنتج اختلافاً في التفكير والاتجاه، وأن البشرية لا تجتمع في يوم من الأيام على "دين واحد" أو "مذهب واحد" أو "اتجاه واحد" ؛ وبالتالي ستبقى الناس مختلفة إلى الأبد.
إذن ليست مشكلتنا أننا مختلفون ومنقسمون إلى "سنة" و "شيعة" و "مسلمين" و "غيرهم" ! فهذا أمر طبيعي جداً. مشكلتنا الحقيقية هي إننا لا نتقبل الآخر المختلف معنا، لأننا أمة لم تتعلم بعد "ثقافة الحوار" ولا تعرف "أدب الاختلاف" ! .
#أسامة_الساعدي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟