|
حزب - الكَنَبَة - المصري .. وحزب - القَنَفَة - العراقي
عماد عبد اللطيف سالم
كاتب وباحث
(Imad A.salim)
الحوار المتمدن-العدد: 4453 - 2014 / 5 / 14 - 22:33
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
حزب " الكَنَبَة " المصري .. وحزب " القَنَفَة " العراقي
في مصر يوجد حزب إسمُهُ حزب " الكَنَبَة ". يقول أمين عزت مؤلف كتاب ( من الكَنَبَة إلى الميدان ) إنّ مصطلح حزب " الكَنَبَة " كان قد ظهرَ بعد أن نشر رسالة على صفحته في الـ FACEBOOK بعنوان ( إلى شعب الكنَبَة العظيم ) . وهناك انتشرتْ التسمية بسرعة ، ومنها انتقلت الى وسائل الأعلام المختلفة . والمفارقة أن مؤلف الكتاب ( أمين عزت ) ، كان يُصدّق كل ما يقوله النظام له ، ويعتبر المعارضة خائنة ، وتسعى لتدمير البلاد .. وتخريب العملية السياسية . ويعتقد " المنتمون " إلى هذا الحزب بأنّ لا قيمة للمشاركة السياسية من خلال التصويت . لهذا فان " أعضاء " هذا الحزب هم مجرد مجاميع انتخابية ، لا حاجة لذهابها إلى المركز الأنتخابي ، وتكبُّد معاناة التعبير عن الرأي من خلال الأدلاء بصوتها . فالدولة ، وأجهزتها ، هي التي ستتكفل بذلك .. من خلال التزوير . ان الواقع السياسي المتردي في مصر إنعكس على الحياة العامة ، سواء أكان ذلك في البيت أو المدرسة أو الجامعة ، أو العمل . مما أدى إلى زيادة تقهقر الفرد ، واختياره الأنطواء على ذاته ، والأكتفاء بالجلوس على " الكَنَبَة " ، والمراقبة .. وترك " الأب – النظام " حراً طليقاً يُبحِرُ بسفينة الوطن كيفما يشاء ، في وقت أصبحت فيه " المواطنة " ، وممارستها ، في ذيل الأولويات . لقد عاش منتسبو هذا الحزب سنين طويلة في حالة من القهر السياسي ، تحت حكم أنظمة أبويّة استطاعت إقناعه بانها الأب الحامي ، والقادر على الأنجاز ، ومنح العطايا . ولهذا ارتضتْ الملايين من الناس ان تمارس دور " الأبن " المطيع ، الواثق بقدرة " وليّ الأمر " على تسيير شؤون حياته . واستناداً لهذه القناعة ، يؤمن منتسبو الحزب بأن الساسة ، والمعنيين بالشأن السياسي ، هُم وحدهم القادرين على الحديث في الشأن العام والشأن السياسي . وما دون هؤلاء قد تواجههم السلطة بحزم و قسوة ، إن هم تجرؤا على فعل ذلك . ويقول أحد " أعضاء " الحزب أنّهُ لا يتذكر أنُّه رأى والدهُ يوماً يتوجه لصندوق الأقتراع للأدلاء بصوته . وهو اختار أن يسير على خطى والده . فكسب الرزق هو أفضل من إضاعة الوقت في امورٍ لا علاقة لهُ بها . وفي صعيد مصر ، بالذات ، يوجد العدد الأكبر من " أنصار " و " مؤيدي " و " أعضاء حزب " الكنَبَة " . والسبب هو : أنّ القبيلة " أو " العشيرة " ، لا تخرج عن رأي " كبيرها " . وهذا " الكبير – الشيخ – السيّد " هو الذي يحدّد إلى من ستذهب أصوات القبيلة . وفي هذا يقول شيخ إحدى القبائل إنّهُ هو الذي يحدّد لأفراد قبيلته التصويت لشخص بعينه .. أو إلتزامهم " الكَنَبَة " .. ومقاطعتهم للتصويت . إنّ التراكمات الهائلة ، والمعقدة ، لقرون من الأضطهاد والكبت السياسي ، دفعتْ الفئات الشبابيّة ، التي تربّتْ في أحضان " الكناباويين " إلى صناديق الأقتراع ( وخاصة بعد 25 يناير / كانون الثاني 2011 ) ، أملاَ منهم في ان ذلك قد يؤدي إلى " التغيير " . وعندما انتهتْ الانتخابات بفوز الأحزاب الأسلامية ( الأخوان المسلمون ) ، رأى هؤلاء أنّ " الفائزين " عادوا إلى ممارسات الانظمة الأستبداديّة ذاتها ، ولو برداء مختلف . لذا أنتفضوا على النظام " الجديد " .. ثم عادوا إلى " كنباتهم " سالمين .. في انتظار دعوة تظاهر، أو تفويض ، أو مبايعة .. جديدة . وبعد ان عاد " العسكر " إلى حكم مصر تعزّزت كوادر الحزب بوافدين جُدُد ، لم تكن تربطهم بـ " الكناباويين " السابقين أية رابطة . ولكنّ الواقع السياسي المصري البائس ، هو الذي عمل على توحيدهم . وفي العــــراق لدينا حزب مماثل .. يقوم على ذات المباديء ، ويعمل بمنظومة التفكير ذاتها ، وتتعامل معه البنى السياسية والاجتماعية والثقافية والقيمية ، السائدة ، و صاحبة السلطة والنفوذ حالياً ، بذات الطريقة التي تتعامل بها الدولة وأجهزتها في مصر ، مع حزب " الكنَبَة " . هذا الحزب يُدعى في العراق بـ .. حزب " القَنَفَة " . ويتراوح عدد اعضاء هذا الحزب مابين 10 إلى 11 مليون منتسب على الأقل ( حسب إحصاءات المفوضية المستقلة للأنتخابات لعدد الذين امتنعوا عن التصويت ، ممن يحقّ لهم التصويت فعلاً ) . وهذا يعني أنّ حزب " القَنَفَة " ، هو حزب القاعدة الجماهيرية الأكبر ، على امتداد التاريخ السياسي للعراق الحديث ، والمعاصر . هؤلاء " الأعضاء " يجلسون على " القَنَفَة " ، عندما تكون الأوضاع السياسية متوترّة .. ويراقبون ما يحدث بقلق بالغ . ويتمدَدّونَ على " القَنَفَة " عندما تكون الأمور مُلتبِسَة ، أو " مليوصة " على حد تعبيرهم الدارج .. ويكتفون بالفُرجة .. بهدوء بالغ . وإذا لم تكن " القنَفَة " مريحة .. إستبدلوها بــ " قَنَفَة " أخرى . وإذا أهتزّت الأرض تحت " القنَفَة " .. إستأجروا سيارة نقل ( بيكاب ) وقاموا بنقل " القَنَفَة " إلى بيتِ آخر .. في منطقة أخرى . أمّا إذا ساءتْ الأمور إلى حدٍ لم يعُدْ فيه العيش فوق " القَنَفَة " مُمكناً ، فإنّهُم سيقرّرون الهجرة .. وسيأخذون " قنَفَتَهُم " معهم إلى المنفى . وبينما يفكّر حزب " الكَنَبَة " المصري في ترك " الكَنَبَة " ، والنزول إلى الشارع ، لتغيير المعادلة .. فأنّ حزب " القَنَفَة " العراقي يعتقد أنّهُ لا توجد في العراق أيّة إمكانيّة للتغيير ، ولا معادلة قابلة للتعديل ، ولا حتّى شارع صالح للتظاهر . يا شعــــب " القـَنَـَــفَـــة " العظيــــم . خُذوا " قَنَفاتكُم " معكـــم . وأذهبوا اليهم . وأحرقوا ، على الأقل .. بعض " القَنَفاتْ " .. إحتجاجاً على " بعض " هذا .. الذي يحدثُ لكُم الآن .
#عماد_عبد_اللطيف_سالم (هاشتاغ)
Imad_A.salim#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
بلدٌ مكسور .. قلبٌ مكسور .. روحٌ كسيرة
-
أنت وحيدٌ .. أنتَ وحدَك
-
موجز تاريخ المحنة - 3 -
-
بس لا هذا .. الراح يصير ؟
-
سيرة ُ - الطيّبين - القُدامى .
-
أحزانُ المصادفات السعيدة
-
موجز تاريخ المحنة - 2 -
-
العراق : - هوسات - .. و إنتخابات
-
الأشياءُ تأتي وحدَها
-
ميليشيا اليمام الأعزل
-
العراقُ .. بخير
-
مُختارات .. من قِصَصِ الأنتخاباتِ .. القصيرةِ جداً .
-
فلمُ حياتي الطويل
-
تاريخ كئيب .. للكآبة .. في العراق
-
هذا الكَهَف الجميل
-
نُريدُ لغُصْنٍ واحدٍ أنْ يُورِقْ
-
موجَز تاريخ المِحنة
-
الطلبةُ ، والعشائرُ .. وسَخامِ الحروب السخيفة
-
مثلُ بنتٍ وحيدة .. في شجرة العائلة
-
هذا .. الذي يحدثُ ُالآن
المزيد.....
-
موزة ملصقة على حائط.. تُحقّق 6.24 مليون دولار في مزاد
-
تقارير عن معارك عنيفة بجنوب لبنان.. ومصدر أمني ينفي وجود قاد
...
-
قوات كييف تعترف بخسارة أكثر من 40% من الأراضي التي احتلتها ف
...
-
إسرائيل تهاجم يوتيوبر مصري شهير وتوجه له اتهامات خطيرة.. وال
...
-
بوليتيكو: الصين تتجاوز الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي في
...
-
وسائل إعلام عبرية: اختفاء إسرائيلي في الإمارات والموساد يشار
...
-
غرابة الزمن وتآكل الذاكرة في أعمال عبد الله السعدي
-
فوائده كثيرة .. ابدأ يومك بشرب الماء الدافئ!
-
الناطق باسم -القسام- أبو عبيدة يعلن مقتل إحدى الأسيرات الإسر
...
-
-تحليق مسيرة ولحظة سقوط صواريخ-.. حزب الله يعرض مشاهد استهدا
...
المزيد.....
-
كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج
/ زهير الخويلدي
-
معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية
/ زهير الخويلدي
-
الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا
...
/ قاسم المحبشي
-
الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا
...
/ غازي الصوراني
-
حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس
/ محمد الهلالي
-
حقوق الإنسان من منظور نقدي
/ محمد الهلالي وخديجة رياضي
-
فلسفات تسائل حياتنا
/ محمد الهلالي
-
المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر
/ ياسين الحاج صالح
-
الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع
/ كريمة سلام
-
سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري -
/ الحسن علاج
المزيد.....
|