نجيب طلال
الحوار المتمدن-العدد: 4453 - 2014 / 5 / 14 - 07:14
المحور:
الادب والفن
الإشكال الذي لم يستطع أحد مناقشته لحد الآن، لماذا ينعم على زمرة من المسرحيين بالامتيازات كالأسفار وعضوية اللجن في عدة تظاهرات ، حتى في القصة المتوسطة والتفرغ الثقافي والتكريمات والجوائز ,,, ولماذا يحرم ويمنع آخرون من أبسط الحقوق، وليس الامتيازات ؟؟ فمناقشته يقدم وضعا تشخيصيا لثقافتناو مثقفينا؛ وإبداعنا ومبدعينا,ونحن بحاجة الى وقفة جدية ومراجعة جريئة في هذا السياق.
وفي تقديري، بأن اليوم الوطني للمسرح (14 مايو) مناسبة لمناقشة مثل هاته المواضع الحساسة، وذلك من أجل القضاء نسبيا عن الحساسية ( الثقافية) وبالتالي فهذا اليوم،يعد محطة استدراكية، لما لم يتم انجازه أو ما لم يتحقق في اليوم العالمي للمسرح، من لدن الجمعيات والمؤسسات الثقافية، على أساس تحقيقه في هذا اليوم، ذو خصوصية وطنية ؛ يفرض وقعه وحركيته في النسيج المجتمعي ، إن كان هنالك تلاحم ثقافي ومسرحي؛ بين الفعاليات والرواد، حول أنشطة فاعلة و مؤثرة ، فالملاحظ هناك العديد من الجمعيات والهيئات والمؤسسات ولا إشارة، لندوة فكرية( جامعة) من أجل استشراف فعلي وحقيقي لحركة إبداعية متوهجة، تعيد للمسرح المغربي، قوته وبريقه، بل ماهو سائد أو أمسى سائدا: مسألة[ التكريم] فحصيلة هـذا اليوم أكثر من (15 تكريما) طبيعي أن المواقف ستختلف، ومن حق المرء أن يختلف، في هذا الإطار، ولكن بمنظار محايد،انه استسهال عجيب، يفرض وقفة تأمل وتساؤل: هل التكريم ثـقافة أم نـزوة ؟
بداهة:. التكريم سنّة حميدة؛ إنـه سلوك ومسلكية أهل الجود و الكرم، الذين يعترفون بالآخر وتضحياته في مجاله، وابعد من كل هذا، يعـد استحقاقا ووجها من وجوه الإنصاف ؛ للإنسان، مهما كانت مهمته أو وظيفته، على الدور الذي أداه بتفان وبإخلاص، عبر مسار طويل، وفي محطات مـختلفة ومـتنوعـة.ومن خلالها تميز في عطاءه وإبداعه و ما قام به وأنتجه،في نظر الآخرين،
ولنكن أكثر شفافية ومصداقية، بأن التكريم هو[ ثقافة ] ويندرج ضمن التقاليد الثقافية المترسخة في بعض الدول، ولكن بمعايير مضبوطة، يتحكم فيها منطق الاعتراف ، لمن يمتلك التميز و الإنتاج المؤثر، الذي أرسى قيماً إنسانية في الواقع الاجتماعي والثقافي وحتى السياسي ...وهذا سلوك في المجتمعات الغربية ، يعكس تقدير الآخرين لجهوده، ويبرز اهتمامهم به، وفي نفس البعد، تكشف مدى قوة العلاقة بين الوطن وفعاليته المتميزة والمميزة ، وذلك مرتبط بالمشاعر الإنسانية أكثر من ارتباطه بنوعية العمل ومستواه، أو المستوى أو الثقافي لصاحبه. لأن محور التكريم ودلالاته هو الإنسان، المرتبط بالحراك الاجتماعي، الذي يشارك فيه الجـميع، سواء عن قريب أو من بعيد، وذلك لترسيخ الفعل الإنساني، رغم الاكرهات ومادية الحياة .
هاته الرؤية، شبه مغيبة بمفهومها الواسع والشامل عندنا. وبالتالي فالتكريم يؤسس لثقافة جديدة في عمق الإنسانية. لكن(عندنا) نـزوة وليس ثقافة، راسخة، أوتسعى لترسيخ مقوماتها، لأننا لا نمتلك جرأة المواجهة والاعتراف بفضل الآخر؛ ونبحث عنه، أينما كان، بل ما هـو مشاع ومعاش، نفس الأسماء والوجوه ( تكرم) لاعتبارات شخصية ومصلحية، في كل المحطات واللحظات، كأنهم الوحيدون في ربوع المملكة أبدعوا وأنتجوا،وبالتالي فهم الذين يستحقون التكريم. بحيث الإشكالية الكبرى، انعدام المنهج النقدي، الذي يتتبع خطوات وعطاء المبدعين، لكي يتم التصنيف، على مستوى التميز والتأثير الإنساني ، وكذا انعدام الموضوعية والشفافية الخلاقة، وفي غياب العديد من المعايير، من بينها ثقافة الاختلاف، وقبول الرأي الآخر، فالتكريم( عندنا) يظل ( نزوة) كما أشرت، لأنه مقلوب الاتجاه والتوجه ويتحول وسيلة وغاية للمجاملة، من كلا الطرفين( المكرم/الجهة) ليصبح مادة إشهارية ، لخلق إشعاع لكلاهما دونما عناء، ومدخلا للانتهازية والاسترزاق؛ وثمة يفقد التكريم؛ قيمته وأسسه الفلسفية،ليصبح مضيعة للجهد و للوقت ،عندما يتساوى فـيه الفاعل الحقيقي والمبدع الجسور بالفاشلين والمتآمرين والأغبياء والمنافقين والانتهازيين والوصوليين...في منصات التكريم ، ومنصات توزيع شهادة الاعتراف ،لآ ن منظور العلاقات عندنا، ، ذات حدين متناقضين يحدوها قانون الجزاء طبقا للالتزام بالنسق العام أو الإخلال به، حسب رؤيتك وفلسفتك ،
1) الإخلال بما تقتضيه تصورات الجماعة التي تنتسب إليها، أو تتعاطف معها ، أو إيقاف مصالحها؛ سواء شخصية أو حزبية أو مؤسساتيا، ،فعملية الإقصاء/ ستكون مظهرا جليا، في حياتك المهنية والإبداعية، والإقصاء يمارس تجاه كل من يمتلك مخزوناً ثقافياً، وفكرياً، يساهم في استقلالية أفكاره وتصوراته، وً خاصة إن كان ذي شخصية مستقلة، مدرك ومتمكن في مجاله ؛ ومتحكم بقناعة راسخة فيه، فطبيعي ستكون هنالك حرب مسمومة ضدك ومن طرف جماعتك، وغالبا ما تكون من وراء حجاب(كواليس) لكي تفقد توازنك ولن تعود لديك شهوة العطاء والإبداع، وبالتالي تلقائيا ستضع نفسك في سلة الإهمال والمهملات، إن كانت للمرء هشاشة وعاطفة رخوة، وهذا ما يريدنه. لأنهم يدركون تميزك في المشهد الثقافي والفني؛ ليتم تفعيل الإقصاء والتهميش، من لدن الأفراد، الخاضعين بشكل مباشر أم لا للمؤسسة الثقافية، نظرا للإخلال بالمعايير،الواردة في النسق الثقافي والإبداعي.الذي يتحكم في الجماعة، وبالتالي فالعديد ممن يستحقون التكريم ،تتم معاقبتهم ومجازاتهم تبعا لانزياحاتهم عن المعايير، لأنه ضمنيا أولئك بمثابة فوضويين ومتمردين ، رغم أنهم قدموا تضحيات وخدمات جليلة للمسرح المغربي، سواء في التسيير أو الممارسة الركحية أو التقنيات؛؛؛ ولم يلتفت إليهم أحد، وهم لازالوا لحد الآن إحياء بيننا، مثل( إبراهيم ورده / مصطفى ياسر/ احمد أمل/ محمد الوافي/أيت الحاكي لحسن / أحمد العرباوي( ثقني)/محمد الصنهاجي/ زكي الهواري/محمود مانا/ع الواحد حسنين/,,,,/ أوالذين غادروا دنيانا، إلى دار البقاء,مثل: ع الصمد الكنفاوي/ ع الصمد دينيا/ عباس إبراهيم/زكي العلوي/ الشتوكي/ العربي الدغمي/,,,,/ وهنا التكريم، في بعده الحقيقي، هو ترسيخ الفعاليات المنتجة في ذاكرة التاريخ، عبر إنجاز كتب لهم، أو تخصيص حوافز باسم المكرم، كما هو الشأن في البلدان التي تعترف، بأبنائها المتميزين،وليس إلقاء شهادات وإطناب كلام، لآن هاته المسألة، كثيرا ماتكون مضحكة؛ من عدة زوايا، منها الرياء والكذب والنفاق الذي يسمعه( المكرم) والحاضرين، وثانيا، الذي يقدم شهادته،أصغر سنا من ( المكرم) بمعنى لم يجايله ولم يشاهده في أي عمل قدمه أو شارك فيه، والأخطر من كل هذا، فالمكرم يلتزم الصمت،تاركا ويترك المغالطات والأخطاء تمر وتتمرربشكل تلقائي،أمام مسامعه,طبعا فمن منطلق طقوس الاحتفاء، لايحق له الاعتراض، ولكن خارج الاطار، فمن واجبه كشف وتفنيد تلك الترهات والمزايدات، التي لا تخدمه ولا تخدم تاريخه، إن كان فعلا يتوفر على تاريخ ابداعي رصين، وليس مهلهلا. لكن مهما تحايلنا، فالعيب وقلة مروءة وحياء في تلك (الطغمة) من المتملقين والمزمرين، الذين ينهالون ويتفوهون بعبارات الثناء والمديح، على (المكرمين) مما يؤكد أن: التكريم نزوة، لتزييف القيم ، وتمييع المشهد الثقافي والإبداعي ، وهذا مرتبط ب:
2) الالتزام والتبعية/ زمرة من الفنانين وبعض المثقفين يلتزمون بالمعاييرَ، التي تضعها بعض العقليات و المؤسسات الثقافية ومن يقف وراءها، وهنا لا نحدد فقط المؤسسة( الرسمية) بل كل إطار يتحرك في المشهد الثقافي والفني، وهؤلاء أخطر من مؤسسة الدولة، من حيث التعصب وشحذ أسلحة الدمار، ضد من يناوشهم ، أو يهدد تشكلاتها الجمعوية ( الأمثلة متعددة) لكن الذين يسيرون أو ساروا في سكتها ؛ ويدافعون سرا أو علنا على مبادئها وأطروحاتها، فمن خلال التبعية و الخضوع، ينالون ما يستحقونه من امتيازات ومن تكريم وتشجيع واعتراف. وهذا نتاج نزوات ومصالحَ شخصية لا تتصل بالثقافة ولا ترتبط بالإبداع والخلق ، سواء من قريب أو بعيد، مما أمسى المشهد في كليته، مفعم بالإسفاف والابتذال. إذن فاليوم الوطني للمسرح، فرصة ثمينة، لنشر غسيلنا بكل هدوء و جرأة، تصل إلى جلـد الذات حتى.إن كنا نسعى لبناء حضارة فعالة، وبناء إنسان العقود المستقبلية، لأن المصالح الذاتية والنزوات ، أعراض وحالات عابرة، وما يدوم إلا ما أفرزه ورشحه التاريخ ، أنه الأصوب
#نجيب_طلال (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟