|
سيناريوهات ملامح الحكومة القادمة !
صبحي مبارك مال الله
الحوار المتمدن-العدد: 4452 - 2014 / 5 / 13 - 18:56
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
يسود في الوسط السياسي والشعبي الآن نقاش وحوار حول شكل وملامح الحكومة الجديدة المرتقبة بعد اعلان النتائج المتوقعة في نهاية شهر مايس كما أعلنت ذلك المفوضية العليا المستقلة للأنتخابات، وهناك محاور متعددة لهذا النقاش ومنها الخارطة السياسية الجديدة لمجلس النواب ونوع التحالفات الجديدة داخل البرلمان ، ونوع الحكومة هل ستكون حكومة أغلبية سياسية ؟ أم حكومة شراكة وطنية ولكن على أسس جديدة ؟ ، وهل ستستمر نفس الوجوه في الحكم أم تتغير ومن هي القوى الجديدة التي ستدخل البرلمان ؟ كذلك يمتد الحوار إلى طبيعة النظام السياسي وكيف سيكون شكل ومضمون هذا النظام وهل ستستمر سياسة المحاصصة والسياسة الطائفية والأثنية عل ضوء المؤشرات التي ستفرزها نتائج الإنتخابات ؟ كما أن هناك سؤال حول مصير العملية السياسية ، وماهي إتجاهاتها المستقبلية ؟ أن الدافع لهذه التساؤلات ومايجري من نقاش حولها ، هو ما تجسد أمام المواطن من سوء ادارة سياسية وأقتصادية وتنموية خلال الثمان سنوات الماضية وعدم معالجة المشاكل المتراكمة التي أثرّت في حياته وبصورة مباشرة سواء من نتائج سياسة المحاصصة والطائفية ، أوغير مباشرة من خلال نتائج وأفرازات الفساد السياسي والأداري والمالي ، كما أن المواطن العراقي لم يلمس العدالة الأجتماعية في كافة التوجهات ومنها الخدمات وبناء البنى التحتية والأمر ليس كلام وأنما هناك فعل حقيقي على أرض الواقع ، ان التحليل السياسي يقودنا إلى أن تقييم المرحلة السابقة التي اقتطعت فترة زمنية ليست قليلة من حياة الشعب العراقي ولكن دون نتائج أوجني ثمارلأي تطور يُذكر وعلى كافة الأصعدة والتي كان يأمل فيها إنبثاق العراق الجديد بعد عقود طويلة من الخراب النفسي والأجتماعي والثقافي وضياع الأنسان والثروة والذي قادته الحكومات الدكتاتورية مما أصاب المواطن بصدمة وخيبة أمل وأحباط ،حيث جعله غير مُبالي بما يجري ، ولم يشارك الجميع في العملية الإنتخابية ، بأعتبار وحسب رأي المواطن ، بأنه لاجدوى من ذلك وأن النظام تقولب على سياسة معينة سيستمر عليها وسيكون التغيير طفيف . وبما أن الجميع من الكيانات السياسية في حالة أنتظار النتائج لكي تحدد موقفها ، ولكن يبدو أن الكتل السياسية بدأت تمد مجساتها لمعرفة توجهات الكتل الأخرى ، وتحسب حساباتها لغرض تحديدالتحالفات القادمة داخل البرلمان فهل ستحصل أصطفافات جديدة ؟ أنّ تشكيل الحكومة القادمة سيكون أمر صعب جداً ، بسبب الأختلاف في الرؤى ومنطلقات العمل السياسي القادم ، وبما أن من يشكل الحكومة هو من يمتلك الأغلبية من المقاعد أي 50% +1 ، وهذا يتطلب وجود 168 مقعد من أصل 328 وهذا يعتمد على مكونات الكتل الكبيرة التي تمتلك مقاعد عديدة ،المؤشرات تشير إلى أن الكتل الكبيرة الحاكمة في الدورة السابقة عانت من التفكك ولهذا فالبحث عن كيانات صغيرة لأتمام ما فقدته الكتل الكبيرة من مقاعد أصبح أمر ضروري، وهذا يتطلب فترة طويلة تُعد بالأشهر ، كما أن المناصب السيادية الرئيسة أصبحت بحكم العُرف ، بطريقة المحاصصة الطائفية والسياسية أي بمعنى منصب رئيس الجمهورية من حصة الكُرد ، رئيس مجلس النواب من حصة المكون السُني ، ورئيس مجلس الوزراء من حصة المكون الشيعي هذا التوجه لايدعمه الدستور ، أي لاتوجد مواد دستورية تقر ذلك كما في الدستور اللبناني الطائفي ولهذ ستنشأ أزمة جديدة في بداية تشكيل الحكومة . بدأت الكتل السياسية تعقد أجتماعاتها وتحاول لملمة الصفوف ، كما نرى هناك حراك سياسي واسع في المكون السُني نحو تكوين تحالف عراقي سُني كما أعُلن عن ذلك والتحالف الوطني يحاول ترتيب البيت الشيعي من جديد .والسؤال ماهي السيناريوهات الموضوعة لتحديد الحكومة القادمة بعد الفشل الذي أصاب الحكومة السابقة في عدم تنفيذ برنامجها الذي أعلنته أمام مجلس النواب والشعب العراقي؟ فهذه السيناروهات تدور حول تركيبة الحكومة الجديدة وقيادتها الفاعلة وهناك عدة عوامل تتداخل في عملية تشكيل الحكومة والمناصب السيادية والتحالفات المستقبلية ومنها :- 1- موقف المكون الشيعي وأحزابه السياسية والمراجع الدينية التابعة له 2- موقف المكون السُني واحزابه السياسية ومراجعه الدينية 3- الموقف الكُردي واحزابه السياسية 4- الموقف الليبرالي والديمقراطي 5- الموقف الدولي والأقليمي 6- القوى المتطرفة وتنظيمات القاعدة وداعش وبقايا النظام السابق من خلال التمعن في هذه العوامل المذكورة أعلاه ، نجد هناك الكثير من الأحتمالات وهذا يعتمد على فلسفة أدارة الدولة وطبيعة النظام ، فأذا كان التوجه نحو بناء الدولة المدنية الديمقراطية وأعتماد الديمقراطية كأساس لهذا البناء ، دولة المواطنة والهوية الوطنية العابرة للطائفية والمحاصصة ، فأن الذي يعتقد ويؤمن بهذه المبادئ سيجد الوصول إلى هذا البناء سهلاً ، لأنه يؤمن بوحدة العراق ، وبالديمقراطية والفدرالية والتعددية ، وبالحريات وحقوق الأنسان ، والتداول السلمي للسلطة و لكن من يؤمن بالمحاصصة السياسية والطائفية والأثنية سيجد نفسه وسط أوضاع شائكة ومعقدة (كما رأينا في الدورتين السابقتين )، لأن أدارة دفة الحكم ستكون خاضعة لهذا المفهوم ويفتح الطريق أمام نظام شمولي دكتاتوري وكل جهة تحاول قظم جزء من الجهة الأخرى سواء على مستوى الأرض أو السكان وهذا يؤدي إلى الأحتراب الطائفي والأثني . وبما أن الكتل السياسية الكبيرة تحاول أعادة حساباتها وهي تتوجه نحو المساهمة في تشكيل الحكومة القادمة وخصوصاً الحاكمة فهناك أحتمال أما ألأستمرار نحو التبلور الطائفي (سني وشيعي ) والحكم من خلال أغلبية سياسية ذات أنسجام في الكينونة الطائفية وتكون عابرة للخلافات بينهم التي أساسها المناصب والنفوذ والثروة أو تشكيل حكومة شراكة وطنية تشمل الحالة الوسطية بين المكونات تظم كافة الأطياف ولكن يجب أن تكون البداية على أساس السياسة الواضحة وليس على أساس العمل بأتجاهين متعاكسين كما حصل في الحكومة السابقة التي تحكمت فيها الخلافات والأهواء السياسية والأزمات السياسية وكان واضح و المعلن شيئ وغير المعلن شيئ آخر والكل يعمل ضد الكل الأمر الذي أنعكس على أداء الحكومة والبرلمان ، ولكن من الذي سيتحكم في هذين الأتجاهين (الأغلبية أو الشراكة الوطنية ) ؟ الذي سيتحكم فيهما هو الثقل السياسي من خلال عدد المقاعد والنجاح في أقامة الأئتلافات أو التحالفات داخل البرلمان .أما السيناريو الآخر هو تشكيل حكومة أغلبية مع أستحداث معارضة فعالة ولكن إيجابية كما في الدول الديمقراطية وهذا يعتمد على التجربة البرلمانية والوعي والثقافة البرلمانية ويعتمد على مبدأ قبول الرأي والرأي الآخر، وعدم أعتماد المعارضة لأجل المعارضة وأنما يعتمد الدور الرقابي والتشريعي الذي سيكون فعال . أن تشكيل أي حكومة يجب أن تضع أمامها برنامج واضح فأذا كانت مؤتلفة فيجب أن تأخذ بنظر الأعتبار البرامج في الحملات الإنتخابية لكافة أطرافها ، وعندما يكون البرنامج متفق عليه يكون من السهل التفاهم والحوار ، وهذا يعتمد على شخصية رئيس مجلس الوزراء الذي رشحته كتلته وتم الأتفاق عليه آخذين بنظر الأعتبار المشاكل والأزمات السابقة والأنفراد بالرأي وأتخاذ سمة القرارات الفردية دون أجماع كمنهج يتبع مُستقبلاً الأمر الذي يؤسس دكتاتورية من شكل آخر ، مغطاة بالحرير الناعم ، ولايخفى أن التدخل الدولي الذي تمثله أمريكا وحُلفائها والتدخل الأقليمي الذي تمثله أيران وتركيا ودول الخليج والسعودية سوف تمتلك نسبة عالية من الأختيار والتوافق عليه لغرض ضمان تمشية المصالح والحفاظ عليها ولهذا سوف نرى نشاط واضح من هذه الدول عندما تظهر النتائج والتي ستؤدي إلى تشكيل الحكومة وتسنم المناصب السيادية ، مستخدمة أساليب الضغط والأتصال بالمعتمدين الموافقين على تدخلها لغرض تشويش المشهد السياسي ولهذا سيكون أستقلال القرار العراقي قوي كلما تعززت الوحدة الوطنية العراقية بعيداً عن التدخل الأجنبي ويكون القرار ضعيف وغير نافذ كلما ضعفت الوحدة الوطنية وأزداد التدخل الأجنبي . أن تجاوز الأزمات ومعالجة كافة المشاكل ذات الأتجاهات المتشعبة والتي تتحكم فيها العلاقة مع الأقليم وتأسيس أقاليم جديدة ، والمناطق الغربية يجب أن يكون ضمن برنامج الحكومة القادمة ، وربما تكون هذه المعوقات على طاولة الحوار قبل تشكيل الحكومة ، كذلك الحد من التداخل الديني السياسي سيكون له مردود إيجابي على تعزيز الدولة المدنية . ولهذا فان القيادات السياسية تتحمل مسؤولية المرحلة القادمة ويجب أن تنطلق من تجربتها السابقة غير الناجحة من خلال تقييمها لما مضىى. المتوقع أن تظهر تكتلات كبيرة جديدة على أنقاض الكتل السابقة وبمسميات جديدة أما تكون من مكون واحد أو عدة مكونات وهذا ما يُطرح الآن على الساحة العراقية السياسية بمعنى أن تتداخل التحالفات السابقة مع بعضها البعض الآخر لغرض ضمان الأغلبية في البرلمان . ولكن ماذا عن الموقف الليبرالي والديمقراطي المتوقع أن يدخل هذا الكيان السياسي البرلمان بعدد من المقاعد قد تكون قليلة ولكن سيكون لها تأثير في الخارطة السياسية البرلمانية وستكون ذات شأن مهم فالتحالف المدني الديمقراطي أثبت وجوده فهو يسعى إلى بناء الدولة المدنية الديمقراطية وهو نقيض سياسة الطائفية والمحاصصة وهو حامل مشروع وطني طموح ، وسوف يشكل هذا الكيان نواة التغيير نحو الأفظل . كما ستظهر حركة من الكتل الكبيرة بأتجاه ضمّ الكيانات الصغيرة لغرض ترجيح كفتها في البرلمان وفي الحكومة . أن عامل القوى الدينية المتطرفة وتنظيمات داعش والقاعدة بالتحالف مع بقايا النظام السابق سيكون له تأثير كبيرة بسبب وجود الحواضن الموجودة في العراق ، وهي حرب خفية مدعومة من دول الجوار ومتطوعين ومرتزقة قادمين من دول أجنبية حاملين الدمار والموت الأسود والهدف هو إسقاط العملية السياسية والتجربة الديمقراطية في العراق ، مستفيدين من أثارة النوازع الطائفية والأقليمية والتظاهر بالألتزام بتأريخ السلف والدفاع عن الدين ، ولكن أثبتت التجربة هو أثارة المتاعب والمشاكل وتمزيق الوحدة الوطنية العراقية وطرح طريقة حكم متخلفة ومحاولة إيقاف عجلة التأريخ والتطور ودفع الناس بالقوة في طريق الجهل والوعود الكاذبة . أن من أولويات الحكومة الجديدة ، هو تحقيق الأستقرار والأمن ومكافحة الفساد ومحاربة المحسوبية والحزبية الضيقة وضرورة الأستفادة من التجارب السابقة ، كما نعود ونقول أن الوحدة الوطنية وحل الأزمات السياسية المتراكمة وألغاء سياسة المحاصصة والطائفية والأثنية والعمل على تحقيق الدولة المدنية الديمقراطية هي من أهم واجبات الحكومة . كما أن الألتزام بالدستور وتفعيل الجهد نحو المصالحة الوطنية الحقيقية وأنهاء حالة التقسيم والأحتراب بين مكونات الشعب ، سوف يعزز الوحدة الوطنية وأنهاء تواجد القوى الأرهابية وتجفيف منابعه. كما أن تحويل البرلمان إلى قوة فعالة في التغيير نحو الأفظل وتشريع القوانين التي تعزز الديمقراطية وأعادة تفعيل واجباته في التشريع والمراقبة له أهمية في الأستجابة لمطالب الشعب في تحقيق العدالة الأجتماعية . سنكون في إنتظار النتائج وما يحصل بعد ذلك .
#صبحي_مبارك_مال_الله (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الإنتخابات في التطبيق !
-
المفوضية تستقيل ....المفوضية تسحب الأستقالة!
-
مخاوف مشروعة
-
هل أُشارك في الأنتخابات النيابية القادمة ؟!
-
البرلمان العراقي في مواجهة أزماته المتراكمة !
-
الأنتخابات القادمة ومتغيراتها السياسية
-
قراءة في البرنامج الإنتخابي والبيان السياسي للتحالف المدني ا
...
-
تأمُلات وأُمنيات سياسية للعام الجديد 2014
-
حسم الصراع حول قانون أنتخاب مجلس النواب !
-
شرعنة الطائفية في القوانين العراقية !
-
حول ضحايا الحرب والعنف في العراق
-
الألتفاف على قرار المحكمة الأتحادية والصراع حول قانون الأنتخ
...
-
الشعب السوري بين الحلول السلمية والضربة العسكرية
-
التظاهرالسلمي حق مشروع و مكفول دستورياً
-
مخططات وحسابات سياسية تستهدف المنطقة !
-
(عِيدُ بأيةِ حالٍ عُدت يا عيدُ بما مضى أم بأمرٍ فِيك تجديدُ)
...
-
حاجز الصمت !
-
ماذا بعد تداعيات أنهيار الوضع الأمني ؟!
-
ثورة الرابع عشر من تموز ... دروس للحاضر والمستقبل !
-
تصحيح المسار!
المزيد.....
-
ترامب يعلق على تحطم طائرة صغيرة في فيلادلفيا
-
سوريا.. فيديو ودلالة هدية أحمد الشرع إلى أمير قطر ورد فعل ال
...
-
السعودية.. فيديو ما فعله وافد يمني ومواطن بالشارع العام يشعل
...
-
تونس تُطلق مبادرة لدعم دخول شركاتها إلى أسواق موريتانيا والس
...
-
مسؤولون أوكرانيون لـCNN: قوات كورية الشمالية انسحبت من الخطو
...
-
عاجل| نيويورك تايمز: إدارة ترامب تخطط لمراجعة دقيقة لعملاء ف
...
-
ماسك يبدأ تنفيذ تكليف ترامب.. وهذا ما فعله بموظفي الحكومة
-
ترامب يعاقب عناصر -إف بي آي- المشاركين في التحقيقات بشأنه
-
من بينهم مصريون.. محكمة تحدد مصير -المحتجزين في ألبانيا-
-
رغم الحذر السائد قبيل قرار ترامب مؤشر أسهم أوروبا يقفز لمستو
...
المزيد.....
-
الخروج للنهار (كتاب الموتى)
/ شريف الصيفي
-
قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا
...
/ صلاح محمد عبد العاطي
-
لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي
/ غسان مكارم
-
إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي-
...
/ محمد حسن خليل
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
المزيد.....
|