عبد الرزاق عيد
الحوار المتمدن-العدد: 4451 - 2014 / 5 / 12 - 08:22
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
منذ الطهطاوي قبل (قرن ونصف) وصولا إلى الإمام محمد عبده وتلميذيه الكبيرين ( طه حسين الليبرالي الراديكالي وعلي عبد الرازق الليبرالي الإسلامي ) ، والتيار التنويري الإسلامي النهضوي يسعى إلى البرهنة على أن لا تناقض بين (الإسلام والعصر) ، وأن الإسلام (صالح لكل الأزمنة) من خلال تأويله وفق قاعدة النوازل من الحوادث والوقئع، ودوران الأحكام بدوران الزمان ... ) .
لكن في كل فترة تأتينا جوائح باسم، الإسلام لتخرب علينا كل ما بناه الإسلام التنويري ( النهضوي والمعتدل) ، طبعا لن نتحدث عما شكله (حسن البنا) في عشرينات القرن العشرين وامتداده الأخواني عبر (السيد قطب ) في الستينات، وما سببه حتى اليوم من حالة انكسار وانحدار للمشروع النهضوي الإسلامي عبر تأويل حرفي وخشبي لمبدأ ( (صلاحية الإسلام لكل زمان ومكان)، بأنه قابل التطبيق عبر (نقله حرفيا عبر العصور، بل وعبر الأمكنة والأزمنة المجمدة... من الصومال وأفغانستان إلى أمريكا وأوربا مثلا ..ولهذا تجد الإسلام السياسي يمتلك الثقة البديهية بإمكان نشر الإسلام عالميا بل وفرضه بحد السيف أو القنابل المفخخة، وأن ذلك قادم لا محالة ، حيث يمكن لداعش أو بوكو حرام أن تهزم العالم وتحكمه بقوة (شرعها) ...
،مما يترتب على ذلك، (أسلمة السياسة ) وتحويل الشريعة من دين يمثل ضمير الأمة الأخلاقي، إلى عصبة حزبوية تحتكر دين الأمة، حيث تغدو الأمة بمنظورهم ( جاهلة كافرة ) وفق نظرية (السيد قطب والمودودي عن (الحاكمية ) ...
وكأن الإسلام ليس دين الأمة، بل مذهب حزبي وعصبوي سياسي ..مهما تفرعت أغصان شجرته، فإن لشجرته جذورا واحدة، فكما تفرعت شجرته حنبليا وشافعيا وحنفيا في زمن نهوض الأمة الإسلامية ثقافيا وفكريا وحضاريا ، فإنه وفق مبدأ (النقل والعقل )، فإن تفرعاته اليوم في زمن انحطاط الأمة وهزيمتها، لا يمكن إلا وأن تكون على غرار (داعش ولاحش وبوكو حرام )، أي لا يمكن لشجرة الإسلام السياسي (الأخواني الأصل- معرفيا وابستميا ) أن تفرع من جذعها الأصلي الواحد إلا مثالاتها وأشباهها ونظائرها الجينية، ولا يمكن أن تنتج نقيضها السياسي إلا بدولة العسكر كرد مجانس ومماثل شموليا لدولة الدين ...
ولا يمكن للعالم أن يصدق (اعتدال ) أي مذهب، مادام يحمل ممكنات معرفية ذاتية في بنيته العضوية قادرة أن تنتج (بوكو حرام) تخطف وتبيع النساء كسبايا، وتزوجهن كرها بدون موافقتهن، وموافقة ولي الأمر ..مما يمكن أن يعتبر أنه تجارة جنسية فاحشة وبدائية ، أي بغاء تحت ظلال الشرع ، ومع أن هذا الموضوع هز الضمير العالمي هزا ، لكنه لم يهز لحية فقيه أو داعية من المحيط إلى الخليج ...ومع ذلك ننتظر من العالم المتحضر أن لا ينظر إلى هذه القوى بوصفها لا تقل وحشية عن الأسدية !!!ّ!
مما مكن النظام الأسدي أن يلعب بالمقدس الإسلامي السياسي لأغراضه وأهوائه وفيما يخدم معركته ...وليس ثمة أية نوايا تلوح في أفق الإسلاميين ( الأخوانيين) ، بعد تدمير سوريا باسم (الحرب على الإرهاب) تحت صمت العالم وتوطؤه، أن يعلنوا أنهم أحزاب وطنية مدنية بعد إعادة النظر ببرامجهم، ليشكل الإسلام جزءا من هويتها الثقافية والحضارية، ليبستفيدوا من التجربة الناجحة لحزب العدالة والتنمية التركي ....الذي لم يستفد من تجربته أحد من الأخوانيين العرب سوى (حزب النهضة التونسي ) حتى الآن،.حيث تونس هي الوحيدة التي أنقذت سمعة الربيع العربي ...
2J’aime · ·
#عبد_الرزاق_عيد (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟