|
سلطة الاغتراب : عزف على ايقاع الغياب
سعدي عباس العبد
الحوار المتمدن-العدد: 4450 - 2014 / 5 / 11 - 17:58
المحور:
الادب والفن
• في غياب القانون .. يحضر الخوف بقوّة .. وتحضر معه شتى العقد النفسية • في غياب القانون تتسع مساحة الاغتراب .. وتتسيّد قيم وتقاليد وفلكلور الغابة • ويصبح الامن والأمان محض ذكرى .. او طيفا موجعا يلوح من بعيد • يلوح عبر جدران موغلة في الحلم ..... ما نفتقده ليس غياب القانون فحسب .. بل ماتركه ذلك الغياب من • أثار وخيمة تتعلق بالروح والنفس وانعكاسهما على السلوك والرؤية والتصورات .. والشعور • بالغربة .. غربة الروح عن امكنتها الاليفة ..غربتها عن وعاءها او جسدها • الوعاء المتشظي في اتساع غربة الروح ..وكلما اتسعت مساحة الانفلات الامني • نزداد غربة وكلما ازددنا غربة,, اتسعت مساحة العقد والامراض النفسية .. • وتصبح الاشياء الاليفة غير قابلة للتفسير وكأننا نراها للمرة الاوّلى .. من المسؤول عن • الحفر في مناجم الغربة .. الحفر في اشد مناطق الروح رهافة ووجعا وضيّاعا • غياب القوانين المنظّمة للحياة هي الفأس والمعوّل في انشأ الحفر ..في تعميق جراح الروح • القوانين تسنّها وتشرّعها عقول معرفية تتميّز بالحكمة ... ولكي تتجسد تلك القوانين • على الارض تكون بالضرورة بحاجة لعقول مضيئة في إدارة البلاد .. في اسلوب الحكم • .. في التعاطي الحكيم بكلّ ما يتعلق بشؤون البلاد .. • ولكن اذا ما تسيّدت على إدارة البلاد ارهاط من اللصوص والقتلة تدور حولهم الشبهات • فمن البديهي انّ نساق كقطيع منفلت صوب الفوضى وشرائع الغابة والانحلال القيمّي • ومن المسلّم به انّ تشيع وتنتشر روح العصبية والثأر وقيم الصحراء .. وتختفي روح الالفة • تنزوي في ركن من الظلام .. او تطمر تحت غبار النسيان والقرون ورمال صحراء العقل • المرحّل ......... • واذا ما اثرنا النوم طويلا في كهوف الغياب .. غياب القوانين المنظّمة للحياة .. فسوف تتصحر • الروح وتتبلّد الإحاسيس ..ونغدو مخلوقات اشد وحشية من كائنات الغابة .. ولكن بفارق واحد • هو اننا نحوز العقل المفكّر ..العقل الذي سوف لايملك غير انتاج مزيدا من الاغتراب .. الشعور • بالاغتراب هو مايميّزنا عن مخلوق الغابة , شريكنا في حيازة الارض وما يطفو على سطحها • .. الاغتراب منفى الروح .. وصليب الجسد المذبوح ..والجدار العازل .. الجدار الفاصل بين الروح • وبين امكنتها الاليفة .. تغدو الروح هائمة في فضاء فسيح من اللامكان .. سائبة الجذور • جذور بلا مكان يشدها للنمو .. بلا تربة انسانية تغذي قنوات ديمومة الحياة .. الاغتراب • فقدان الجذر الموصل بين المكان والانتماء بين الارض والشعور بالامان ..الامان : الحياة في • شكلها الاكثر رقيا وتحضرا .. بغيابه يلغى الفرد كذات فاعلة ونشاط انساني وديمومة وانتاج • وخلق وابداع ..ويحل بدلا عن ذلك منفى .. وفناء . فناء الوجدان والعواطف في فضاء من • الاواصر غير السوية المبنية على اسس تضرب جذورها في ارض من الخوف والرعب .. • اواصر هشّة تغذيها مشاعر مفعمة بالخوف والشك .. حتى تمسي الحياة سجن بحجم مساحة • الاغتراب .. سجن تسيّجه جداران من الضيّاع والوشائج الواهية الهشّة والعزلة والتيه ......... • ويبلغ الاغتراب ذروته او اعلى قمة الخراب الروحي ويغدو اشد فاعلية في القسوة الوجودية • عندما تتمادى الحكومة او السلطة او المافيا المتلفعة ثياب او زي الحكومة .. في توسيع رقعة • الجوع والقمع وتعطيل ضرورات الحياة .. وتوغل في الحفر الطبقي والعزف على نحو صاخب على • وتر التميّيز العرقي والمذهبي والعنصري .. بغية تشتيّت روح الشعب وجعله جماعات متفرقة • متباعدة لا يجمعهم مشترك سوى الاغتراب والضياع .. وتسعى جاهدة لانتاج هويات مختلقة تعزز • الشرخ في جسد الانتماء .. تعزز الانقسام او الانشطار المختلق ..حتى يغدو التشظي المجتمعي • امرا واقعا مسلم به .. وهذا ماالزمت به نفسها .. وهو ماحدث ويحدث الآن على الارض.... • لئن في ذلك شرط ديمومتها .. وأحد اسباب اطالة امدها في التربّع على خزائن الثروة او المال • والرقاب .. انّ اغلب الحكومات او المافيات التي تكون من انتاج الآخر الغازي او المحتل .. • تكون كما جرت العادة في العديد من تجارب الشعوب .. اشد قسوة في تسلطها من المحتل • بغية تقديم شهادة للاخر تثبّت عبرها وفاءها واخلاصها لسيّدها وصنيعتها .. لتاكيد • حسن قمعها وسلوكها لما اوكل اليها .............. فضلا عن غياب الشعور بالانتماء الوطني • انّ المافيات لاتتمتع بادنى مرتبة لشيء اسمه الارض او الوطن .. تلك العناوين غريبة على سلوكها • وروحها ومنهجها .. ولاتعني لديها ادنى اهمية .. فالوطن على وفق سيكولوجية المافيوي المرتدي • زي الحكومة ..ليس اكثر من ثروة او ارض كأي ارض تحتوي على خزائن من الذهب قابلة للسرقة • لهذا نجدهم في تباري محموم لحيازة اكبر قدر من المال المنهوب .. يسرقون بشهية وروح • المافيوي المتعطش للنهب على الدوام .. بروح اللص الذي لا يتمتع بادنى مرتبة من المرؤة • او مشاعر التعاطف الانساني .. فحتى اللص مهما بلغ انتماؤه للجشع وحيازة مال الغير • قسرا .. تجده في بعض الاحيان يبدي تعاطفا مع الضحية .. يبدي ذلك في صحوة من صحوات • الضمير .. ولكن حتى هذه الصحوة الشحيحة النادرة . اختفت وغابت تماما عند الهولاء الحديثيّ • النعمة الحرام ... لهذا نكتشف سرقاتهم التي باتت علنية , تندرج ضمن قوانين مشرعنة .. يريدوا ا • انّ يشرعو للسرقات قوانين .. كم يبدو الامر مثيرا للدهشة والسخرية ... • في ظل هكذا نوع من المافيات الحكومية .. ذات الصبغة العنصرية مذهبيا وعرقيا ..والتي تكون فيها • شريعة الغابة والوحشية قد بلغت هذا المستوى المخيف من الانحطاط ... من البديهي انّ يسود مناخ • الاغتراب وانّ يكون الشظي المجتمعي هو السائد وهو من يتحكم بالمصائر .. سيما اذا ما اخذنا • التناحر او النزاع الذي يحفر في تربة الانتماءات المذهبية والعرقية او الهويات المختلفة بعين • الاعتبار ..فاحد اسباب غياب الثورة او الاحتجاجات المليونية هو غياب عامل اوعنصر الوحدة • الشعبية ..اشتغلت الحكومة على الغاء هذا العامل .. الذي يجمع قوى الشعب .. عبر مزاولتها • لتعميق مساحة التناحر او النزاع على الهوية ..فانتج ما انتج ذلك النزاع...فضلا عن انتاجه • لروح مغتربة .. تنزع نحو العزلة ونشدان الامن بحده الادنى , في اقل تقدير .. فيما الحكومة • ماضية في جري محموم لإدامة روح الاغتراب , عبر المزيد من الحفر في تلك المنطقة • الخطرة ..وعبر المزيد من حسر مسافات الحرية والامان .. إنها ماتني تشتغل على تلك المناطق • المناطق الموبؤة بالحرمان والعوز والقحط والاغتراب والتميّيز بشتى الوانه وسائر اشكاله • بغية تعزيز وجودها الفجائعي وتمتين تماسك جدرانها .. جدارنها العازلة .. الفاصلة مابينها وبين • الشعب .. او الشعوب اذا ما ارتئينا الدقة والموضوعية في الوصف والتعريف .. اذ العراق يتكون • من اعراق وديانات ومذاهب من الصعب بمكان انّ تجمعهم او توحدهم في هوية واحدة .. عدا هوية • انتماءهم الوطني .. او انتماؤهم للعراق .. لعل هذا احد العوامل الذي ارسى دعائم السلطة المافيوية • وجعل جذورها تضرب في الارض عميقا .. وعزز من قوّتها وتماسك اركانها .. لو لا توفر المناخ • الذي تسوده تلك النعرات ..لكان لتاريخ قول اخر , فيما يتعلّق بوجود الحكومة .. فمناخ التميّيز • العنصري .. كان اقرب ما يكون للقدر __ قدر العراقيين __ المتحالف مع من اذاقونا مرارة الوجود • .. كان لتضامن ذلك القدر مع الحكومة المافيا دورا جوهريا في استمرار وجودها
#سعدي_عباس_العبد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
جراح النساء : وشم على جسد المرأة
-
نص : السيوف ......... السيوف
-
تاملات : الحياة كانت هناك
-
تاملات في الحبال : حبال الغسيل ........... حبال الشنق
-
استذكارات : القديس خياديف ............. خيون دواي الفهد : ال
...
-
استذكارات : خيون دواي الفهد : ذاكرة الشوارع والبارات
-
استذكارات : من كراج النهضة الى سجون المعسكرات
-
استذكارات : كراج النهضة ح8 : من كراج النهضة الى سجون المعسكر
...
-
استذكارات : كراج النهضة في اناشيد وقصائدوجمال ليالي بائعة ال
...
-
استذكارات : كراج النهضة ..: التابوت محمول على اكتاف الشاعر
-
استذكارات ... كراج النهضة ح3
-
كراج النهضة ح2
-
ما يدور بخلد الناخب : التغيّير محض حلُم
-
استذكارات : محمد راضي فرج .. شاعر غاب مبكّرا
-
جوائز الفن بين الحظ والاستحقاق
-
لا : لصناعة الموت
-
الانتخابات : اكذوبة راسمالية
-
تاريخ الحزن العراقي : الاغنية العراقية انموذجا
-
استذكارات : عن الشحاذ والي الاعرج او العراق , لا فرق
-
انطباعات سينمائية : الشخصية الروائية في السينما
المزيد.....
-
بعد نصف قرن على رحيلها.. سحر أم كلثوم لايزال حيا!
-
-دوغ مان- يهيمن على شباك التذاكر وفيلم ميل غيبسون يتراجع
-
وسط مزاعم بالعنصرية وانتقادها للثقافة الإسلامية.. كارلا صوفي
...
-
الملك تشارلز يخرج عن التقاليد بفيلم وثائقي جديد ينقل رسالته
...
-
شائعات عن طرد كاني ويست وبيانكا سينسوري من حفل غرامي!
-
آداب المجالس.. كيف استقبل الخلفاء العباسيون ضيوفهم؟
-
هل أجبرها على التعري كما ولدتها أمها أمام الكاميرات؟.. أوامر
...
-
شباب كوبا يحتشدون في هافانا للاحتفال بثقافة الغرب المتوحش
-
لندن تحتفي برأس السنة القمرية بعروض راقصة وموسيقية حاشدة
-
وفاة بطلة مسلسل -لعبة الحبار- Squid Game بعد معاناة مع المرض
...
المزيد.....
-
مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل
/ كاظم حسن سعيد
-
نظرات نقدية في تجربة السيد حافظ الإبداعية 111
/ مصطفى رمضاني
-
جحيم المعتقلات في العراق كتاب كامل
/ كاظم حسن سعيد
-
رضاب سام
/ سجاد حسن عواد
-
اللغة الشعرية في رواية كابتشينو ل السيد حافظ - 110
/ وردة عطابي - إشراق عماري
-
تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين
/ محمد دوير
-
مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب-
/ جلال نعيم
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
المزيد.....
|