غسان صابور
الحوار المتمدن-العدد: 4449 - 2014 / 5 / 10 - 18:29
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
كــلــمــة رثــاء لمدينة حمص السورية...
يا قوم.. يا بشر.. يا من تبقى من هذه المدينة...
هل رأيتم مدينة حمص.. أو ما تبقى منها؟؟؟...
هل رأيتم ما تبقى من الإنسانية فيها.. أو بقايا آثار إنسانيتها.. أيها المطالبون بالحرية والديمقراطية.. وهل هم ســوريـون ما فعلوا بها كل هذا الأذى؟؟؟...
ماذا تفيد كل حريات البشر.. وأية ديمقراطية أفلاطونية مثالية كاملة ببلد لم يعد فيه أية علامات من علامات المدنية أو الإنسانية؟؟؟...
ومن هم الأغبياء؟؟؟... أعمى الأغبياء وأبهمهم وأجرمهم الذين سموها عاصمة الثورة السورية؟؟؟... وما هي نتائج هذه الثورة التي تحرق وتفتت وتشرد شعبا بكامله... ثم يتفاوض رجالها, وهل تحق لهم هذه التسمية.. يتفاوضون مع السلطة التي تقبل انتقالهم أو انسحابهم إلى مدن أخرى, ليفعلوا بها ما فعلوا بحمص.. طيلة أكثر من ثلاثة سنين من أذى وخراب... أهذه ثورة؟؟؟... وهل يمكن لأي عقل أن يقبل أي طرف من المقاتلين بهذه الحرب التي ليس لها أي مبدأ ولا رأس ولا ذنب؟؟؟.. ولا مبدأ ولا غاية سوى الموت والخراب.. ثم الخراب والموت.. وكل مقاتليها مجانين بهلوسات دينية أو عبادة قائد أو إله أو نبي, شـرعوا القتل والاغتصاب باسمه ألف مرة في اليوم الواحد...
كرهت حرية الفرد والجماعة وخطابات الديمقراطيات الكرتونية الوهمية الكاذبة.. لما رأيت صور حمص السورية الحزينة المهدمة الميتة الفارغة من كل أسباب الحياة... وكم غضبت لما سمعت كلمات الانتصار من كل الأطراف الغبية المتقاتلة المتصارعة.. في سباق على من يقتل أكثر على مربع صغير من أرض مفحمة محروقة.. لم اعد تعد أيتامها وأراملها وأمواتها ومشرديها...
يا أنصاف البشر.. ويا أعداء الإنسانية.. حتى عندما غادرتم هذه المدينة المهدمة الميتة.. لماذا فجرتم كنائسها الأثرية, أو ما تبقى منها.. قبل هروبكم منها إلى مدن مجاورة.. متبادلين الصعوبات والمشاكسات والمطالب الخنقشارية والمواد الغذائية والأسرى والمخطوفين.. وغيرها من الشروط, حتى تعقدوا أكثر وأكثر كل أمل إنقاذ ما تبقى من آثار الحياة, بهذه المدينة التي لا حياة فيها؟؟؟!!!...
بكل الحروب, تبقى مجالات بسيطة للتفاوض بين المتحاربين من البشر.. حتى بأصعب الحروب وأغباها... أما أنتم فلا مجال بما تبقى من عقولكم التي تشبه لــحــاكـم المغبرة, سوى مبدأ الموت والتفجير ومتابعة القتل, كمبدأ وحيد, يربطكم بخط مباشـر سريع مع الجنة الموعودة.. ولأنكم لا تؤمنون لا بالحياة ولا بالإنسان ولا بالوطن... إذن كيف تريدونني بعد أن رأيت ما فعلتم بمدينة حــمــص السورية أن اؤمن بأي إلـه كرتوني من آلهتكم التي لم تحرك بعقولكم المنفوخة بــقــات الهلوســات الدينية العجيبة الغريبة, ســوى الــمــوت وأشباح الموت وبقايا الموت وخراب الموت.. ولا شــيء سوى الموت.. لأنكم الموت.. وخاصة مــوت الحريات.. كل الحريات وكل آمال الديمقراطية.. والتي لن تعود لهذا البلد ولو بعد ألف سنة.......
في بداية هذه الأحداث.. وهذه النكبة السورية.. كنت آمل دوما, رغم الصعوبات كنت آمل أنه بالإمكان العودة إلى مصالحة ســورية ــ ســوريـة.. ومحاولة بناء مشتركة بين جميع الأطراف لوطن ديمقراطي علماني متجدد حديث... ولكنني اليوم بعدما رأيت مدينة حمص, يرحل منها من فجروها وهدموها.. إلى مدينة أخرى حتى يتابعوا الهدم والتفجير والقتل والتقتيل, ببقية المدن السورية, ومتابعة (ثورتهم وربيعهم العربي).. تــأكــدت ألا مبدأ بهذه الحرب الآثمة المجرمة الغبية, سوى مبدأ فناء هذا الوطن.. وهذا ما خطط لـه.. وخاصة أن السيد أحمد الجربا, رئيس إحدى تشكيلات المعارضة الصالونية التي تساهم بكل هذه النكبات والمآسي التي أصابت البلد, موجود حاليا لدى الدولة الكبرى التي تعيش من النكبة السورية.. كما تعيش من كل مــآسـي العالم وتتغذى من دمائها.. يتباكى عندها مطالبا بأسلحة حديثة (غير فتاكة!).. لمتابعة عمليات إنهاء حياة ما تبقى من هذا الوطن الحزين...
حــمــص الــيــوم... وغدا إلى أيــن؟؟؟... هل هناك اليوم من يدري...غير الذين يتفرجون ــ ضاحكين منتصرين مستفيدين ــ من مــآســيــنــا؟؟؟!!!...
*********
على الهامش
همهمات وتسربات ببعض وسائل الإعلام اللبنانية المحايدة المهتمة بالشأن السوري, بأن إخلاء المقاتلين الإسلاميين من مدينة حــمــص السورية جاءت نتيجة لمفاوضات (عالية المستوى) عالميا لدول لها علاقة بالاكتشافات النفطية والغازية الهامة تجاه الساحل السوري واللبناني والضمانات والمشاركات والشركات الرأسمالية المتعددة الجنسيات التي سوف تشارك بها أم لا. أم حصرها بشركات روسية أو أمريكية.. وأن الاتفاقيات المحيطة بهذا المشروع الرأسمالي العالمي وحماية ضماناتها.. أصبحت جــاهــزة.. ومنها مستقبل الأحداث... مما يعني أن كل هذه النكبات وما أصاب مدينة حمص وغيرها.. وشعب ســوريا.. وما عانى.. كان كل هذا من أجل هذا.. حسب المثل الفرنسي المعروف « Tout ça… Pour ça ??? »
دون أن ننسى مطامع تركيا وإسرائيل التي تحيط بهذا المورد الهام من الجنوب والشمال... وتشحذ أسنانها بانتظار اقتسام الكعكة.. بشجع وإمكانية تعدي وتـــآمر واسعة في المنطقة...
آمــل وبعد أكثر من ثلاثة سنين وثلاثة أشهر من حرب غاشمة عمياء, ومؤامرات ونكبات لم تعرفها سوريا من مئات السنين, وضحايا بالملايين, وخراب يحتاج لعشرات السنين وأكثر لإعادة إعماره.. وآثار وحضارة وفنون ضاعت أو تمزقت.. وتراث من المعرفة والتقنيات لا ولن تعوض.. أن يكتسب هذا البلد وشعبه الطيب بعضا من المعرفة وبداية تعلم ديمقراطية وحريات حقيقية إنسانية... لا قصة براميل نفط أو غاز... فــقــط لا غــيــر!!!...
بـــالانـــتـــظـــار............
للقارئات والقراء الأحبة كل مودتي وصداقتي ومحبتي وولائي واحترامي.. وأصدق تحية طيبة مهذبة.. حــزيــنــة.
غـسـان صــابــور ـــ لـيـون فــرنــســا
#غسان_صابور (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟