أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد الذهبي - قداس جنائزي جدا














المزيد.....


قداس جنائزي جدا


محمد الذهبي

الحوار المتمدن-العدد: 4449 - 2014 / 5 / 10 - 13:57
المحور: الادب والفن
    


قداس جنائزي جدا
محمد الذهبي
انتبه فزعا وهو يقلب آخر كتاب حصل عليه يحكي عن فترة سابقة من تاريخ دموي، حط ركابه في مدينته التي تعج بالامراض وسوء الخدمات، ادار رأسه في بيت اشبه بالخرابة تركه قرض الاسكان متهالكا ولم يعط رأيا واضحا في مشروعية انتمائه لهذا الوطن، لم يزل يحصد النجوم ويكلم العذراوات في ليله الطويل المصحوب باحاديث الغزل المملة، والتي تركت لديه كما هائلا من التصورات الجنسية عن ليلة البارحة، وهو يطوّح بفكره عن ليلة اخرى من عذابات الخيال الازلي، عاد الى كتابه وهو يهم بقراءته عن آخره ليجد سبب الهالة الكبيرة التي يرسمها اصدقاءه حول هذا الكتاب العجيب المقتبس من قصة اجنبية، والذي كان سببا لسوء فهم بينه وبين احد الندامى في جلسة الخميس الماضي، انه كتاب حصد جائزة خطيرة، حاول العودة الى الروايات الكبيرة التي قرأها ومنها فاوست الذي ابرم عقدا مع الشيطان لبلوغه قمة السعادة مقابل تسليم روحه في النهاية، حاول ان يبحث في خزانته القديمة عن روايات اخرى يتكلم فيها الموتى ويعودون الى الحياة، فحشر انفه في رواية اخوان رولفو بيدرو بوراما التي نشأت في عالم ميت اعادت معظم شخوصه الى حياة فضل الكثير من الابطال عدم العودة اليها.
انشغل كثيرا بقضية الجوائز الادبية والايدي التي تحركها، وكان معجبا جدا بسارتر الذي رفض تسلم جائزة نوبل، والتي احتج بها على مناظره في جلسة الخميس الفائت، كل هذه التداعيات مرت امام عينيه، وهو يراجع جميع القصص الخبرية التي كتبها في الصحيفة التي كان يعمل بها ابان فترة الاحتراب الطائفي، فجاءت الشابة المسيحية مركريت، والشاب الجامعي يونان، وتفجيرات الكنائس التي ساهمت في اختفاء مكون كبير من المجتمع العراقي واضمحلاله تدريجيا، كانت تداعيات من نوع آخر ترجمها قصائد واعمدة متنوعة، حتى الشاب الذي وضعوا على وجهه الجريدة لابعاد منظر شفتيه المزمومتين من شدة الخوف اثناء تلقيه سيلا من الاطلاقات، والرجل ذو البدلة البيضاء وربطة العنق والذي كان مستقرا خلف مقود سيارته في منطقة الكمالية ببغداد، والذي غادر حياته في ازدحام افتعله احد القتلة عندما وضع سيارته بمواجهة السير فقطعه ثم ترجل من سيارته وهو يضع قناعا على وجهه ويمسك بيده بندقية كلاشنكوف ليصوبها الى رأس الضحية بسرعة كبيرة، مايدعو الى الظن ان المقنع كان مجرما مدربا وانه لم يكن صاحب ثأر يريد الانتقام، عاد الى ذهنه القداس الذي حضره مع بطرس صديقه والذي غادر العراق على اثر البكاء المر الذي يشاهده لاول مرة في الكنيسة الموجودة قبالة مدرسته الابتدائية في منطقة الحبيبية ببغداد، وعاد سريعا الى الاطلاقات الطائشة التي تخرج من فوهات البنادق لتنذر بخراب آت لا محالة، وهو يعدو قاطعا الازقة فيما يتناوشه حفيف الاطلاقات من كل اتجاه، الجثث المجهولة حضرت سريعا الى ذهنه وهو يكمل قراءة الكتاب والتي كان يستفتح صباحه على رائحتها او سحب الكلاب السائبة لها من اقرب مزبلة الى داره، انه قداس جنائزي يابطرس بكل معنى الكلمة، قداس اعاده اليه الكاتب بعد ان استقرت ذاكرته، وعاهد نفسه انه سيترك القبح وسيسير بسرعة نحو الجمال، لكن بيدرو بورامو شدت انتباهه فقد كتبت بعد فترة الحرب الاهلية المكسيكية، وها هو يقرأ ثانية ادب مابعد الحرب الاهلية العراقية، رأى ان كل شيء ينبي بوجود الاسطورة، وان الافلام الاميركية التي دائما تحاول طرق باب البطل الاسطوري او المجرم الاسطوري، والذي يعده عالم من العلماء تخصص في علم الجينات صارت اقرب الى التصديق، وهو لايستبعد ان يكون المخلص على الابواب مخلص ربما يحمل جميع التناقضات والمتشابهات في مجتمعه، وسيعود ثانية الى ممارسة طقوسه الجنائزية بعد ان يصبح الانتقام هو غاية في ضمائر الناس اكثر منه طريقة لتطهير المجتمع، سيكون هناك الكثير من اللامعقول والكثير من الابطال الخرافيين، والقرار الصائب هو المشاركة في قداس جنائزي واحد.



#محمد_الذهبي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الليل ينام ايضا
- اغنيات من زمن مملوء بالبكاء
- شيرازيات
- لافتة رقم 20
- قصيدة الى امرىء القيس
- الا انت وبلقيس
- فائق بطي رائد الصحافة والفكر الجزء الثاني
- فائق بطي رائد الصحافة والفكر
- التمويه في كتابة السيرة الذاتية ( بلقيس حميد حسن انموذجا)
- انا وقلبي لن تنتهي حربنا
- حين تكون الحياة فخا حزينا في رواية انطون تشيخوف عنبر رقم 6
- بين الماء والنار
- عندما تحكم فتح الباب
- يوميات الطائر نحو الشمس
- هو ميت
- كبرنا ولم يكبر الليل
- شعراء القادسية وام المعارك
- ستبقى تسير بنا الحافلهْ
- مهمة الشاعر في اجمل المخلوقات رجل لبلقيس حميد حسن
- تداعيات من عصر آخر


المزيد.....




- من دون زي مدرسي ولا كتب.. طلاب غزة يعودون لمدارسهم المدمرة
- فنان مصري يتصدر الترند ببرنامج مميز في رمضان
- مجلس أمناء المتحف الوطني العماني يناقش إنشاء فرع لمتحف الإرم ...
- هوليوود تجتاح سباقات فورمولا1.. وهاميلتون يكشف عن مشاهد -غير ...
- ميغان ماركل تثير اشمئزاز المشاهدين بخطأ فادح في المطبخ: -هذا ...
- بالألوان الزاهية وعلى أنغام الموسيقى.. الآلاف يحتفلون في كات ...
- تنوع ثقافي وإبداعي في مكان واحد.. افتتاح الأسبوع الرابع لموض ...
- “معاوية” يكشف عن الهشاشة الفكرية والسياسية للطائفيين في العر ...
- ترجمة جديدة لـ-الردع الاستباقي-: العدو يضرب في دمشق
- أبل تخطط لإضافة الترجمة الفورية للمحادثات عبر سماعات إيربودز ...


المزيد.....

- نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر ... / د. سناء الشعلان
- أدركها النسيان / سناء شعلان
- مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- نظرات نقدية في تجربة السيد حافظ الإبداعية 111 / مصطفى رمضاني
- جحيم المعتقلات في العراق كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- رضاب سام / سجاد حسن عواد
- اللغة الشعرية في رواية كابتشينو ل السيد حافظ - 110 / وردة عطابي - إشراق عماري
- تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين / محمد دوير
- مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب- / جلال نعيم
- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد الذهبي - قداس جنائزي جدا