أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - سميرة المانع - المرأة بضاعة وزخرفة















المزيد.....

المرأة بضاعة وزخرفة


سميرة المانع

الحوار المتمدن-العدد: 4448 - 2014 / 5 / 9 - 12:15
المحور: حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
    


سميرة المانع
المرأة بضاعة وزخرفة*

شاهدنا على شاشة التلفزيون الصغيرة ما حدث بالولايات المتحدة الأميركية يوم 11سبتمبر/ ايلول 2011، حينما عُدّ الضحايا دون الآلتفات إلى لونهم أو جنسهم أو دينهم . تساووا جميعاً، بشر لا غير، فالموت، خلاف الحياة، يجعل البشر متشابهين متساوين .
هذا برهان ساطع صغير مؤثر يثبت أننا، كلنا، نواجه المصير الواحد ونتقاسم المعاناة نفسها. هذه الكارثة الرهيبة جعلتنا نفكر، قبل كل شيء، بأن ما نريده الآن، هو السلامة. السلامة لها الأولوية في مطاليب البشر العاديين، لا يشك أحد في ذلك، لا نقبل بالموت اللهم إلاّ إذا حصل لأسباب طبيعية. لو قلنا إن عالمنا اليوم هو عالم الرجل، لن نضيف شيئاً جديداً. فهو، كما نلاحظ، يخترع اللعبة وينظم قوانينها والمرأة تطيعه. الآن نشهد الوضع القائم وما سببّه صانعه. يستطيع المرء القول، ومن دون أدنى شماتة، إنه والمرأة خلفه، يحصدان ما زرعه هو بنفسه في العالم كله. النساء متأثرات بشكل مضاعف لما حصل، خصوصاً إنهن يدفعن عقوبة أمورٍ لم يقمن بارتكابها، ولم يساهمن في صناعة القرار، وان وجدت أعداد منهن أثناء إصدار القرارات، فالغالب إنهن للزخرفة فقط. وجهة نظر النساء تُهمل، والأسوأ من ذلك يُسخر منها بعض الأحيان لدرجة الاستهزاء والضحك عليها. فلسفة بعض الرجال في هذه الحياة باقية على حالها دوماً، ومنذ زمن سحيق، هي المنافسة سواءٌ عن طريق الحروب، المؤامرات، الأسلحة الفتاكة، الأرباح الطائلة، والمزيد من الطمع في المناصب البراقة.
لا مفرّ، في تركيبة نظام كهذا، من انفجار الوضع بالعنف والصراعات دائما. هناك من يحتج ويناقش ذاكراً أن نساءً حكمن في وقت من الأوقات، هنا وهناك ، فلماذا لم يغيرن شيئا في العالم؟! هذا صحيح ، لكن لسوء الحظ ، معظم هؤلاء النسوة الحاكمات حاولن أن يقلدن عادات الرجال، أصبحن رجالاً أكثر من الرجال أنفسهم، متباريات مع الرجل حتى في التضييق على بنات جنسهن من أجل ارضائه وابقائهن في مناصبهن. هذا لا يعني أن الأخريات راضيات مثلهن. الأخريات طالما تقن إلى إيقاف التفرقة بين الجنسين والحروب، إذا سمح لهن. بل تقن إلى تغيير مجرى الأحداث من أجل السلام. المثل الواضح قبل سنوات، حين تظاهرت الامهات الأربع الاسرائيليات إحتجاجاً على الحرب في جنوب لبنان. إنهن ، في الأقل، استطعن بعملهن آنذاك ، تهيئة الجو للإسراع بانسحاب الجيش الإسرائيلي. كانت مبادرة جريئة من قبل النساء. نتمنى المزيد منها، بدلاً من أن تُغسل أدمغتهن عن طريق الرجال، من أجل أن يقتل الواحد الآخر طيلة الوقت. القتل ليس من طبيعة النساء عموما . ليس من إختصاصاتهن.
رغم كل شيء، إنني لست ضد الرجال. ما أودّ قوله، هو أن بعضهم ، وبإمكاني القول، مع الاسف الشديد، إن عددا كبيرا منهم ، يشبهون أحد الصحفيين العرب، عندما سُئل في مقابلة له عن وجهة نظره في قابلية المرأة الادبية فأجاب بصراحة، ومن دون تردد : " يجب أن يكون للمرأة وجه جميل ، لا حاجة لها للكلام ". تصريح كهذا من الممكن إهماله، لو جاء على لسان إنسان عادي، إلا أن المتكلم بهذا الرأي رئيس تحرير صحيفة معروفة .
على أية حال، علينا ألاّ نيأس، فهناك رجال آخرون كرسوا معظم حياتهم للدفاع عن قضية المرأة بانصاف ولاعطائها حقوقها. كانوا عادلين مضحين. عملوا معها من أجل تحقيق بعض ما تطمح إليه وعانوا الكثير جراء ذلك، كقاسم أمين بمصر وغيره مثلا.
الكاتبة الروائية الانكليزية، المعروفة باسم رجالي هو جورج اليوت (1819- 1888) اضطرّتْ إلى تغيير اسمها واستخدام اسم مستعار بدلا من اسمها الحقيقي ماري آن إيفانس، كي تقبل زمانئذٍ، رغم كونها قدمت أروع الاعمال الروائية بالعالم. معظم النقاد يشهدون، الآن، كيف أن تأثيرها كان واضحا ومهماً في تطوير الرواية الإنكليزية بعدئذ ومنذ ذلك الحين.
اليوم، لحسن الحظ ، لا تحتاج الكاتبات، من أمثال سوزان سونتاك الاميركية أو أرنداتي روي الهندية وغيرهن، تغيير اسمائهن. أما بالنسبة للنساء العربيات الكاتبات، بالمقارنة، فهن على الرغم من استعمال أسمائهن الحقيقية في كثير من الأحيان، لكن بعضهن، خلاف الرجل الاديب، الذي قليلا ما يكلف نفسه كي يظهر جذابا، جميلا، ينهمكن باخفاء وجوههن وشخصياتهن الحقيقية ليحققن ما اراده الصحفي أعلاه. خصوصا بعد الخمسينات من القرن العشرين وسيادة ما يسمى بثقافة السوق والنقود في العالم العصري كله، ليصبح اهتمام معظم دور النشر في الدول العربية بالكتاب الذي سيحقق ارباحا مادية كبيرة كأي بضاعة بيع وشراء أخرى. بدأوا ذلك عن طريق استغلال الجنس بالرواية وبالسعي لتشويق القاريء بالفاظ الجسد المكشوفة للاثارة، أو مبالغة بعدد النسخ التي بيعت بعد صدوره مباشرة ليعيد طباعته مرة أخرى، مما يجلب فضول البعض للاطلاع عليه وهلمجرا. أو كما قال الاديب عبد الله محمد الناصر في صحيفة الرياض السعودية : " استغلال الجنس في الرواية العربية من أجل الترويج... صرنا نضع العمل الفني الدرامي جانبا ونبحث عن حركة الاعضاء الجنسية|" أو ما قاله الاديب العراقي ياسين طه حافظ أيضا : تحت عنوان " الافق الآخر للكتابة النسوية" في صحيفة الصباح البغدادية: " الوعي النسوي يا صديقاتي وعزيزاتي الكاتبات ليس بما كان يسمى " الآدب المكشوف" ولكنه بمعرفة المدى الانساني والعالمي لقضية المرأة ... هكذا نصبح جزءا من العالم وتصبح ثقافتنا بعضا من ثقافته وتكون " حركتنا" ضمن حركة تقدمية أوسع تسود العالم.... وتكون اسهاما في نضال المرأة من أجل حقوقها وحرياتها، أما أن تكون مجرد جرأة على الفضح فستبقى كتابات بلا اهمية تأريخية أو اجتماعية".
لذا نرى " الكتابة النسائية" بضاعة ستبقى فقط لكسب الزبائن. غير عابئين، أو ربما نجهل أن جيمس جويس طبع روايته الشهيرة بالعالم ( يوليسيس) سنة 1922 في مطبعة خاصة بباريس بـ 500 نسحة فقط ، و طبع كافكا روايته المعروفة ( المسخ) بمطبعة صغيرة في سنة 1915 وبيع منها 11 نسخة ، يقال عشر منها اشتراها بنفسه.
على اية حال، قد تحتاج النساء، اليوم، الكاتبات منهن بالخصوص، التأثير في الرجل، طوعيا، كي يحترم عقولهن قبل كل شيء. بهذا المنطق ومن تجربة جورج اليوت وغيرها من الكاتبات الحقيقيات ستكون حياتهن أخصب وهو مهتم بهن وباعمالهن دائما حتى في شيخوختهن ومماتهن . لولا أنه وبسبب هذه الصرعة للنقود والموضة صار الكثير من النساء العاملات في وسائل النشر والأعلام، منصاعات وراضيات لدورهن ولما خطط لهن عن طريق أمثال ذاك الصحفي العربي الهمام. لا غرابة ، إذن ، أن ينهمك ، بعضهن، بالبحث عن مواضيع ووجوه ملونة. تبدو أفكارهن وتعابيرهن فيها موجهة إلى شيء واحد فقط، هو تسلية الرجال. إنهن لا يعبأن بتقديم شيء خلاف ذلك . يهملن تفكيرهن الشخصي المفيد المستقل، بل يصبحن امعات يتبعن اقرب رجل لهن طوال حياتهن من دون تمحيص لافكاره . لا حاجة للقول، لهذا السبب، لا أعتقد سيحصل لهن أمل في أن يستشرن من قبل الرجال أو تطلب نصيحتهن من قبل اصحاب القرار حتى حين يجرون اولادهن للحروب والمنازعات، أو يمنعن بنات جنسهن من التعليم في بعض البلدان ، كما حصل بأفغانستان في عهد طالبان، حينما تمّ حرمانهن من التعليم عندما تبلغ البنت سن الثامنة، أو يطلب منهن إرتداء الحجاب من الرأس إلى القدم ، لتعيش المرأة باستمرار مكتفة، ملفلفة،( إنها احدى الوسائل الناجعة، وجدتْ اليوم، لوأد البنات بطريقة حديثة !! ). تُزاح عن طريق الرجل عنوة وبصورة دائمة كما في القرون المظلمة ليتفرغوا للنزاعات فيما بينهم كرجال . لكن النسوة يدّعين - متشبهات بمنطق الرجال ايضا لتحقيق مآربهم - أنهم يطبقون تعاليم الدين الإسلامي. هذا ، كما هو واضح ، هراء . الإسلام في ازهى أوقاته الحضارية، في الاندلس مثلا، ظهرت فيه نساء اديبات عالمات ، تفتخر بهن مجتمعاتهن وفسح المجال لهن كي يتساوين مع الرجل في الأهمية . يُتذكر، على سبيل المثال، الاميرة ولادة بنت الخليفة المستكفي ولها مكانة مميزة بالشعر حينها، يؤم مجلسها المشهور بقرطبة الاعيان والادباء. امتازت بالجمال والادب وخفة الروح. كتب عنها الوزير الشاعر الاندلسي ابن زيدون القصيدة المشهورة عندنا حتى الان ، مطلعها :

اضحى التنائي بديلا عن تدانينا وناب عن طيب لقيانا تجافينا

على أية حال، لا ننسَ أن الدول المتطورة اليوم لا تغرنا أو تشرفنا بنظرتها الحديثة للمرأة ، فثقافة السوق والبيع والشراء سائدة فيها على قدم وساق، ومنتشرة بشكل قبيح. هناك نساء في مجتمعات غربية، أُعطين الحرية، كما نرى بشكل من الأشكال ، إلا أن الأمر كما في التقليد القديم لا زال ساريا للاسف. إنهن يُستعملن للاغراء بالعري الجسدي للاغواء، خصوصا الفتيات منهن ، كبضاعة لإثارة الرجال. نعم، ما حزرتموه صحيح ، اقصد ما يُنشر من نساء عاريات في الصفحة الثالثة بصحيفة ( الصن- Sun ) الواسعة الإنتشار ببريطانيا. إنهم يستعملون جسد المرأة للحصول على الاموال في بيع الصحيفة التي فاقت مبيعاتها صحيفتي التايمس والغارديان، كما ذكر في حينها ، من أجل التخفيف من كآبة العالم حولهم الذي خلقوه هم بأنفسهم، مستعملين النساء من أجل التلطيف ،كزخرفة .
ما حصل في 11 سبتمبر أثر فينا جميعاً ، شئنا أم أبينا. لم يعد العالم، مكانا آمنا. مصير الجنس البشري على كف عفريت. تستدعي هذه الحالة مشاركة كل اعضائه بشكل متساوٍ، دون النظر لنوع الجنس أو القومية أو الدين. المفروض أن لا نترك مصير العالم، بعد التجربة، بيد الرجال حسب .
*******************

* المداخلة التي اُلقيت بتنظيم مركز دراسات المرأة بالشرق الأوسط - لندن .






#سميرة_المانع (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هل تدلني على بيتي؟
- ما قلت وداعا أبدا
- نساء
- خروج أديب من قرونه الوسطى
- ما يقال عن المرأة في الادب العربي
- الاعتداء
- العيش في سلام
- التواطؤ الثالث بالسياسة
- التواطؤ الثاني بالجنس
- التواطؤ الاول بالفنون
- البحث عن الموجود
- العاقلة جدا
- بداية حملة السرقة
- الخال
- ها....ها...ها
- ألا ابشروا بالاعمال الخلاقة
- ثمة اسرار
- من مفكرة امرأة مغتربة
- أجوبة أسئلة تخطر بالبال
- مَن دفع للمزمرين


المزيد.....




- رابط التسجيل في منحة المرأة الماكثة في المنزل 2024 الجزائر … ...
- دارين الأحمر قصة العنف الأبوي الذي يطارد النازحات في لبنان
- السيد الصدر: أمريكا أثبتت مدى تعطشها لدماء الاطفال والنساء و ...
- دراسة: الضغط النفسي للأم أثناء الحمل يزيد احتمالية إصابة أطف ...
- كــم مبلغ منحة المرأة الماكثة في البيت 2024.. الوكالة الوطني ...
- قناة الأسرة العربية.. تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك أبو ظبي ش ...
- تتصرف ازاي لو مارست ج-نس غير محمي؟
- -مخدر الاغتصاب- في مصر.. معلومات مبسطة ونصيحة
- اعترف باغتصاب زوجته.. المرافعات متواصلة في قضية جيزيل بيليكو ...
- المملكة المتحدة.. القبض على رجل مسن بتهمة قتل واغتصاب امرأة ...


المزيد.....

- الحركة النسوية الإسلامية: المناهج والتحديات / ريتا فرج
- واقع المرأة في إفريقيا جنوب الصحراء / ابراهيم محمد جبريل
- الساحرات، القابلات والممرضات: تاريخ المعالِجات / بربارة أيرينريش
- المرأة الإفريقية والآسيوية وتحديات العصر الرقمي / ابراهيم محمد جبريل
- بعد عقدين من التغيير.. المرأة أسيرة السلطة ألذكورية / حنان سالم
- قرنٌ على ميلاد النسوية في العراق: وكأننا في أول الطريق / بلسم مصطفى
- مشاركة النساء والفتيات في الشأن العام دراسة إستطلاعية / رابطة المرأة العراقية
- اضطهاد النساء مقاربة نقدية / رضا الظاهر
- تأثير جائحة كورونا في الواقع الاقتصادي والاجتماعي والنفسي لل ... / رابطة المرأة العراقية
- وضع النساء في منطقتنا وآفاق التحرر، المنظور الماركسي ضد المن ... / أنس رحيمي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - سميرة المانع - المرأة بضاعة وزخرفة