أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سمير هزيم - الهارب















المزيد.....

الهارب


سمير هزيم

الحوار المتمدن-العدد: 4448 - 2014 / 5 / 9 - 08:41
المحور: الادب والفن
    


الهارب ..
---------------------
عندما كنت في السنة الاخيرة في الجامعة .. ذهبت برحلة مع اتحاد الطلاب الى البحر الميت .. وهناك وبسبب فتاة أضعت الباص فذهب وتركني وحدي .. وقد كان لدي مبلغ بسيط من المال بالكاد يوصلني الى عمان .. فقررت ان ابحث عن عمل استطيع ان اجمع مصاريف عودتي الى دمشق .. بحثت لمدة يومين .. وفي اليوم الثالث جاءني شخص وقال لي عندي عمل لك .. مناسب جداً لشخصيتك وروحك الحلوة ..
قلت له ما هو ..؟
قال : لدي ثلاثون ناقة .. وعليك الاعتناء بهم وأخذهم يوميا للرعي ..
سألته .. وماهو اجري اليومي .. ؟
قال : سأعطيك شهريا وليس يوميا .. وأجرك مع طعامك وشرابك .. مائة وخمسون ديناراً بالشهر ..
امام الحاجة وخوفا من ان ينقطع بي الحال .. وافقت على هذا العمل .. ذهبت معه ثلاث ساعات في البادية الاردنية على حدود السعودية .. في الطريق طلبت منه ان يعيدني باخر الشهر الى عمان .. فوافق ..
وصلنا المضارب وهناك كان الجميع ينظر الي نظرة دونية .. لآني أرتدي القميص والبنطال .. وهم جميعا بالجلابيات .. ...والخناجر على خصرهم .. عرف القوم علي .. وذهبت مباشرة للنوم في خيمة صغيرة ... خلف الخيمة الكبيرة ..
في اليوم التالي وبينما كنت اخرج النوق من الزريبة .. أطلت فتاة جميلة برأسها من خلف ستارة قماشية مزركشة باللون الأحمر والأخضر والأسود .. وابتسمت لي ..
قلت في نفسي .. ( الله يجيب العواقب سليمة ) .. أخذت النوق .. الى المراعي وعدت في المساء .. وهكذا بقيت على الحالة عشرين يوما وفي كل صباح تودعني البنت بابتسامة .. وفي المساء كنت كنت أسهر في المضافة .. وكنت الوحيد الذي يعرف القراءة والكتابة .. فكان أهل العشيرة يطلبون مني ان اقرا رسائلهم واكتب الردود بالنيابة عنهم .. وبالرغم من معرفتي هذه بالكتابة والقراءة .. لكنهم كانو يسألونني أسئلة تتعلق بالنجوم وبعض الحيوانات البرية .. لم أكن اعرف جوابها .. فكانو يهزءون بي ...
وفي اليوم الثاني والعشرين من وجودي في هذه العشيرة .. في الصباح لم تطل الفتاة كعادتها .... وذهبت بالنوق الى ذات المكان .. وبينما كنت جالسا على صخرة أراقب النوق ..وإذ احدا من خلفي يضع يديه على عيوني .. تلمستهم .. وجودتها ناعمات ... انها يدين فتاة .. بعد ثواني رفعت يديها عن عيوني .. واقتربت بشفاهها من وجهي .. أبعدت راسي وتلفتت الى اليمين والشمال .. لم اجد سوى ثلاثة رجال بعيدين جداً يتحدثون مع بعضهم ..أصرت الفتاة على معانقتي .. نزلت من الصخرة وتعانقنا خلفها بعيدا عن أنظار الرجال .. وطلبت مني ان أتقدم من ابيها وان اطلب يدها ..
قلت لها لا استطيع .. فانا مضطر للعودة الى سوريا ..
فما كان منها الا وصفرت واضعة أصبعين بفمها .. وعلى الفور .. جاء الرجال البعيدين .. غامقو البشرة .. راكبين على الأحصنة .. .. واقتربو مننا ولوحو ببنادقهم .. ثم انصرفو ..
وقالت : هؤلاء مرافقتي .. وسيقتلونك ان خالفت اوامري ..
قلت لها .. ومتى تريدين ان أتقدم لخطبتك ..قالت اليوم ..
عانقتني مرة اخرى وأطالت بالعناق .. ثم ذهبت ..
بقيت انا ولكن شخصين بقيا يراقبانني ..
في المساء ..
وفي المضافة .. جلست بجانب أبوها شيخ العشيرة وقلت له أريدك بموضوع خاص .. قال تكلم ..
قلت له .. لا استطيع .. يجب ان يكون الكلام بيننا ..
وافق وخرجنا من الخيمة الكبيرة ..
قلت له .. اريد ان اطلب يد ابنتك ..
نظر الي .. نظرة ازدراء ..
وتركني وعاد الى الخيمة ..
وانا ذهبت الى خيمتي الصغيرة المتواضعة ..
وبعد ساعتين .. أرسل الشيخ بطلبي ..
بان اذهب الى خيمته العائلية ..
ذهبت وجدته متجهم الوجه والفتاة بجانبه لوحدهما ..
قال لي .. انت مرفوض ..
ثم نظر الى البنت .. وقال لها .. انتي حسابك بعدين ..
أراد ان يقوم .. مسكت البنت بأبيها .. وقالت له اني احبه .. ثم أشرت لي بيدها ان اخرج ..
خرجت ولم اعلم ماذا حصل بعدها ..
في اليوم التالي في الصباح .. عاودت البنت اطلالتها .. واشرت بيدها كي اقترب منها ..
اقتربت .. قالت لي .. إياك ان تتراجع .. لقد هددت ابي ان لم يزوجني منك .. سانتحر وانا ابنته الوحيدة .. يجب ان تبقى على طلبك ..
في المساء تم استدعائي الى الخيمة الكبيرة ..
ذهبت اليها وحدت فيها فقط ثمانية أشخاص .. قال الشيخ الكبير والد البنت معرفا بهم .. بأنهم مجلس العشيرة .. وان لهم القرار بالموافقة على طلبك ..
نظرو ما بين بعضهم .. ثم تحدث احدهم ..
وقال : انت مستواك دون مستوانا .. انت متعلم ودارس .. وجامعي وساكن بمدينة .. فأنت متخلف جداً عننا .. وعيب علينا الموافقة عليك ..
شهقت الفتاة ..
عرف الجميع انها مصرة على الزواج بي ..
نظر الشيوخ فيما بينهم .. وتشاوروا بالهمس .. ثم قال اكبرهم ..
يجب ان تصبح مثلنا كي نوافق عليك ..
انت لست من مستوانا .. وكي تصبح من مستوانا .. فيجب ان تقتلع كل العلم من راسك ... !!!
قلت له كيف ذلك ..
قال : غداً في الصباح .. يجب ان تذهب مع حيان ورفاقه الى الصحراء.. وهنالك سيضربونك على راسك حتى تفقد الذاكرة .. وإذا فقدت الذاكرة وأصبحت لا تعرف الكتابة والقراءة .. ونسيت المدينة .. ونسيت الأكل بالملعقة ... فإننا نوافق على زواجك ..
قلت لهم ..: وإذا موتوني .. ؟
قال : انت وحظك ..
اما ان تكون متعلم وبينتا فهذا عار علينا ..
اقتربت الفتاة مني .. وقالتلي .. أرجوك وافق .. لن يصيبك اي آذى .. ستصبح غداً مثلنا ... قلت لهم : انا موافق .. وذهبت الى خيمتي ..
وبقيت ساهرا ومراقبا الجميع .. حتى تأكدت ان الجميع ناموا ..
أخذت ما توفر من خبز وقربة ماء صغيرة خرجت بهدوء .. وابتعدت عن المضارب ..
ثم أسرعت بالابتعاد .. ولا يوجد معي اي نقود .. سوى قليل من النقود المعدنية ..
وابتعدت كثيرا كثيرا .. دون ان اعرف نفسي اين وصلت ولم أكن اعرف باي اتجاه اذهب .. حتى انبلج الصباح .. فتابعت بذات الاتجاه .. حتى وجدت طريقا معبدا ..
جلست بجانبه .. انتظر سيارة لتمر .. وقد جاء من بعيد جرار زراعي ... أشرت له .. توقف ..
سألته الى اين انت ذاهب أعطاني اسم لم اسمع به من قبل ..
قلت له .. هل نحن قريبون من عمان قال لا ..
قلت له كيف استطيع الذهاب الى عمان .. دلني .. وانا لا املك النقود ..
قلت للرجل .. هل تشتري ساعتي وقميصي حذائي ..
نظر اليهم .. لم يعجبوه .. ورفض
طلبت منه ان يوصلني الى مكان استطيع ان أأخذ وسيلة نقل اذهب بها الى عمان ..
اوصلني على احد التقاطعات .. وقال انتظر هنا حتى ياتي باص من ذلك الاتجاه ..
انتظرت كثيرا لم يأتِ الباص
في الاثناء مرت سيارة وحيدة .. أشرت لها فتوقفت .. ..
قلت لسائقها .. اريد ان اذهب الى عمان .. طلب مني مبلغا لا أملكه ..
صعدت الى السيارة من الخلف .. ومسكت السائق من رقبته .. وقلت له .. اذهب وإلا ساخنقك ..
بدا بالصراخ .. شديت يدي على رقبته .. صار يقاوم ويضربني على راسي .. وانا أشد على رقبته .. أحسست به وكأنه فارق الحياة ..
حملته ووضعته في صندوق السيارة .. وهو فاقد الوعي .. وضعت أذني على صدره وجدته حيا .. شلحته جواربه وربطت يديه بهم .. وشلحته القشاط وربطت ساقيه .. أخذت طريقً عمان كما علمني صاحب الجرار ..
قدت السيارة .. كان البنزين قليل .. عند اول محطة وقود .. قلت للعامل ان يملأها .. وعندما انتهى أوحيت له بان جزداني بالسيارة .. دخلت السيارة .. وانطلقت بها ..
شاهدت العامل يأخذ رقم السيارة .. ..
انطلقت بسرعة كبيرة متتبعاًالإشارات المؤدية الى عمان ..
فكرت انه ربما اصبح رقم السيارة مع البوليس الأردني فانهم سيمسكونني عند مدخل عمان .. ثم خطرت ببالي فكرة ان افتش جيوب الرجل الذي في الخلف ..
أحسست به يستعيد وعيه ... فتشت جيوبه وجدت ان لديه قرابة الأربعين دينار .. أخذتهم .. قبل عمان بخمسة كيلومتر .. فتشت عن مكان اترك السيارة واتابع بسيارة اخرى ..
وجدت مكاناً واسعا بالقرب من احد المولات الصغيرة .. تركت السيارة .. فتحت صندوق السيارة وقلت للرجل ولا اعرف ان كان يسمعني ام لا .. اعذرني رجاءاً .. فانا مجرم غصبا عني .. تركت الصندوق مفتوح .. وذهبت الى احدى النواصي .. أوقفت سيارة .. اوصلتني الى عمان ومنها الى سوريا .. وفي الحدود السورية .. وبالقرب من درعا .. تنفست حريتي ..



#سمير_هزيم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- النشيد
- قطار الانفاق
- كابتن في الجيش ..
- المحقق الأيديولوجي
- حقيبتي
- الغداء الحزين
- الخطر يحدق بي
- سوبرماركيت
- نبض الحياة
- اسرار
- ملف خاص
- الماضي يقرع بابي
- سيارتي والبيض
- طنين هاتف ..
- حب في زمن الإرهاب
- الكازينو
- الخبيث
- قبل أن يكون عندنا موبايل


المزيد.....




- موسكو.. انطلاق أيام الثقافة البحرينية
- مسلسل الطائر الرفراف الحلقة 84 مترجمة بجودة عالية قصة عشق
- إبراهيم نصر الله: عمر الرجال أطول من الإمبراطوريات
- الفلسطينية لينا خلف تفاحة تفوز بجائزة الكتاب الوطني للشعر
- يفوز بيرسيفال إيفرت بجائزة الكتاب الوطني للرواية
- معروف الدواليبي.. الشيخ الأحمر الذي لا يحب العسكر ولا يحبه ا ...
- نائب أوكراني يكشف مسرحية زيلينسكي الفاشلة أمام البرلمان بعد ...
- مايكروسوفت تطلق تطبيقا جديدا للترجمة الفورية
- مصر.. اقتحام مكتب المخرج الشهير خالد يوسف ومطالبته بفيلم عن ...
- محامي -الطلياني- يؤكد القبض عليه في مصر بسبب أفلام إباحية


المزيد.....

- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سمير هزيم - الهارب