|
اليسار فى انتظار جودو؟؟
عمرو عبد الرحمن
الحوار المتمدن-العدد: 4441 - 2014 / 5 / 2 - 11:05
المحور:
اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم
فجرت الثورة المصرية السؤال الكبير ومفاده: هل أعلن اليسار المصرى إفلاسه أم أن صحوة قد تكون مرتقبة، من الممكن أن تعيده إلى مكانه تحت الشمس مجددا بعد أن سقط بعيدا عنها - بفعل فاعل - على مدى عقود حالكة الظلام؟؟
تساؤل مرير بكل تأكيد، لا يفوقه مرارة سوى محاولة الإجابة عليه .. فى ظل استسلام رموز التيار الاشتراكى طويلا لفكرة انتظار "جودو" المخلص .. الذى لم يأت إلي الآن وربما لن يأتي أبدا..
وعندما تحركت جحافل "الدهماء" بأصابع جماعات متآمرة وموالية لجهات دولية معادية للوطن، عبر ذلك الفعل العشوائي الذي ارتدي مسوح "الثورة"، انطلاقا من يوم الخامس والعشرين من يناير، ثم الثامن والعشرين من يناير، لم يسقط فقط هؤلاء الرموز في الفخ المنسوج لهم، بل بدا معظمهم كما وأنهم يحاولون اللهاث خلف الشباب – معظمهم من الليبراليين - الذين نجحوا فى قلب المائدة على القوى التقليدية على الساحة السياسية فى مصر .. فكانت النتيجة أن انكشف الجميع، عندما اتضحت حقائق المشهد، بخلفياته العالمية، الماسو - صهيونية، الرامية لتخريب ما تبقي من استقرار في المنطقة، عبر تذويب حدود دولها، كمرحلة ثانية من اتفاقية "سايس بيكو" الاستعمارية.
والمؤكد أن اليسار المصرى قد استيقظ أخيرا بعد سبات عميق، عاش فيه طويلا على أحلام الزعامة والانتصارات الجماهيرية التى تحققت فى زمن "جمال عبد الناصر".
وفى ظل هذا الانفصال عن الواقع - إبان الحقبة المباركية السوداء - وجدت العديد من القيادات اليسارية نفسها وقد تم إقصاؤها من المشهد السياسى، فانزوى الكثيرون منهم فى طى النسيان ولجأ بعضهم إلى الالتصاق بجدر التنظير من بعيد، فيما رضخ آخرون للواقع الصعب فعقدوا صفقات مشبوهة مع النظام الحاكم كان أبرز ملامحها مشاركة أحزاب اليسار - دونما استثناء - فى مسرحية العرائس المتحركة التى كانت تلهى الناس وتضفى المصداقية على عملية السطو السياسى التى كان بطلها الأول والأوحد هو الحزب الحاكم تحت الشعار "الوطنى" الشهير: من أجلك أنت.
وقد تأكدت هذه الصفقات عندما رضى البعض - حزب التجمع علي سبيل المثال - بمقعد وحيد فى مجلس الشورى لصالح زعيمه المستهلك تاريخيا، "د. رفعت السعيد" .. فى مقابل المشاركة فى شرعنة الانتخابات المزورة بوقاحة سياسية غير مسبوقة عام 2010.
ولكن عندما حركت أحداث 25 يناير المياه الآسنة علي الساحة السياسية المصرية، شهدت ساحة اليسار ما يشبه الانقلاب الداخلى على القيادات (المتحفية) التى لا تزال تحاول العض بالنواجذ على مواقع السلطة فى الأحزاب الاشتراكية.
فانتفض شباب حزب التجمع معلنين الاعتصام الذى استمر لأيام للضغط على د. رفعت السعيد وحاشيته، للتنازل عن مواقعهم لصالح شباب الحزب الأقرب للثوريين الجدد والأكثر توحدا مع أهداف الثورة التى كان على رأسها المطالبة بالعدالة الاجتماعية التى تعد حلقة الوصل الرئيسية بين فكر الثورة المصرية وبين أجندة اليسار المصرى والعالمى.
ولا شك أن صحوة اليسار التى جاءت كرد فعل على الثورة المصرية، لم تشمل مصر وحدها، بل شهدت ميادين العالم إرهاصات ثورية جادة تبدت تجلياتها فى التظاهرات والاعتصامات التى قادتها قوى اليسار الجديد فى مئات من مدن العالم تحت شعار "OCCUPY".
حيث دعت شعوب العالم إلى ( احتلال ) مدنها التى اغتصبتها قوى الصهيو - أميريكية وأصحاب الشركات متعددة الجنسيات المتهربين من دفع ضرائبهم، تاركين هذه المهمة لمواطنى الطبقة الوسطى فى عديد من دول العالم شرقه وغربه.
إلا أنه وبالمقابل، فقد فشلت الحركات الأحزاب اليسارية التى تكونت بعد الثورة فى حشد ثقة المواطنين فيها، على الرغم من أن المصريين لا يزالون يحنون لشعارات مثل "الاشتراكية" و"العدالة الاجتماعية" و"الفقراء أولا".
حيث وبدلا من أن تتوحد تلك القوى مثل حزب "التحالف الشعبى الاشتراكى" وحزب "العمال الديمقراطى" - تكونا بعد الثورة - و"تيار التجديد الاشتراكى" الذى تكون قبيل الثورة فيما اعتبر أكبر دليل على خروج اليسار الجديد من عباءة اليسار التقليدى، فإن معظم هذه القوى انخرطت فى تكتلات ذات أغراض انتخابية براجماتية بحتة، وحيث سرعان ما تسربت عوامل التحلل لتلك الكيانات القائمة على تحالفات لا يجمع بين المشاركين فيها حد أدنى من التوافق فى أجنداتهم السياسية.
والمتابع لسياق الأحداث في الشارع السياسي والعمل الميداني، علي مدي أعوام ثلاثة مضت، يكتشف بسهولة أن أعضاء ما اصطلح علي تمسيتها بالحركات والائتلافات التى ظهرت عقب ليلة التنحي الحالمة، (بعيدا عن جماعة الإخوان "الإرهابية"، وحركة "6 أبريل المحظورة"، المتآمرتين مع النظام العالمي الجديد، المستند للفكر الماسوني المدمر)، كانوا إما من المستقلين أو منتمين لتيارات متعددة ومتشابكة، بما فيهم اليساريين – جنبا إلى جنب والليبراليين ورذاذ بعض القوى الإسلامية التي انكشفت حقيقتها سريعا عندما سارعت بخلع رداء "الثورة" والتموضع في أركان نظام الحكم الفاشي الذي سقط بعد عام فقط، وفي نفس يوم اعتلائه عرش مصر - زورا وتهديدا وتنكيلا بالمصريين.
وتجسدت مجددا حالة الانفصال عن الواقع من جانب قوي اليسار، حينما فقدت بوصلتها الجماهيرية، التي ( كفرت ) بجميع رموز السياسة التقليدية وهؤلاء المحسوبين علي "يناير الماسوني"... وقررت الانضواء تحت لواء جيشها، باعتباره عامود الخيمة الأخير والوحيد الذي كان ( الأقل والأبعد ) تأثرا بعوامل الفساد والإفساد البائد....... فإذا بقوي اليسار تنقسم بحدة، بين الذوبان في شلال الثورة الهادر والمتفجر منذ يونيو 2013، وبين الوقوف كحجر متقلقل، صوته أكبر بكثير من جحمه الحقيقي، ما يؤهله لمصير التحول إلي غثاء سيل، بما يهدد الوجود اليساري كاملا، ربما علي المدي القريب.
إن اليسار المصري بات في مواجهة وجود ضمن خارطة المستقبل الذى تتشكل ملامحه على مدار اللحظة، فإما أن يعود بنضاله المأمول إلى واجهة الساحة المشهد السياسى فى مصر، متماهيا مع شعبها وجيشها وجبهتها الموحدة، ضد أعداء الوطن المتمترسين خلف دعم لا محدود من قوي الاستعمار العالمي، بحيث لا مجال للخروج من هذه المعركة الكبري التي اقترب وطيسها، سوي بانتصار مدوٍ أو بضياع مصر، الدولة والأرض، - لا قدر الله - وإما يعود إلى كرسيه القديم بجوار مدفأة الذكريات ...
ويبقى السؤال: هل يعود اليسار أم يبقى فى انتظار جودو؟؟
#عمرو_عبد_الرحمن (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
وائل المر: أول شهيد للعدوان الماسوني علي مصر
-
حكومة الانقلاب علي ثورة يونيو!!
-
منظمات ماسونية تخطف أطفال مصر
-
الشيخ ريحان: شارع الماسون في مصر!
-
السيسي: الشهيد الحي ... ( كلنا السيسي )
-
صَبَّاحِيْ مُرَشًَّحِ الإخْوَانْ
-
الذين يريدون أن يرجموا البابا: ويلٌ لكم من مصر!
-
كيف تصبح صحفياً محترفاً في عام واحد؟
-
حسن حمدي: سقطت رأس وبقيت رؤوس
-
يا مصريين: الإخوان من أمامكم والنيتو من ورائكم
-
الْمُتَصَالِحُونْ عَلَي جُثَّةِ الْوَطِنْ!
-
إسرائيل: لماذا هي -عدو- .. ولماذا هو -صهيوني-؟؟
-
هل تمطر السماء أسماكاً علي أرض مصر؟
-
هَلْ كَانَ مِيْكَيافِيلِّلي إِخْوَانِيِّاً مُْسلِمَاً؟؟؟
-
نجوم أضاءت حياتي
-
السيسي أعلن الحرب علي الإرهاب والفساد
-
الطريق إلي -الأم المثالية- يبدأ من الكباريه ..أحياناً
-
حيثيات حكم مصر بالإعدام علي جماعة الإخوان
-
أميركا.. الغانية الأشهر في التاريخ
-
صافيناز وشاهيناز والكباريه
المزيد.....
-
-ذي تلغراف-: الولايات المتحدة قد تنشر أسلحة نووية في بريطاني
...
-
-200 ألف جثة خلال 5 سنوات-.. سائق جرافة يتحدث عن دفن الجثث ب
...
-
وليد اللافي لـ RT: البرلمان الليبي انحاز للمصالح السياسية وا
...
-
ميزنتسيف: نشر -أوريشنيك- في بيلاروس كان ردا قسريا على الضغوط
...
-
خوفا من الامتحانات.. طالبة مصرية تقفز من الطابق الرابع بالمد
...
-
ألمانيا وفرنسا وبريطانيا تدعو إيران إلى -التراجع عن تصعيدها
...
-
طهران تجيب عن سؤال الـ 50 مليار دولار.. من سيدفع ديون سوريا
...
-
محكمة مصرية تؤيد سجن المعارض السياسي أحمد طنطاوي لعام وحظر ت
...
-
اشتباكات مسلحة بنابلس وإصابة فلسطيني برصاص الاحتلال قرب رام
...
-
المقابر الجماعية في سوريا.. تأكيد أميركي على ضمان المساءلة
المزيد.....
-
قراءة ماركس لنمط الإنتاج الآسيوي وأشكال الملكية في الهند
/ زهير الخويلدي
-
مشاركة الأحزاب الشيوعية في الحكومة: طريقة لخروج الرأسمالية م
...
/ دلير زنكنة
-
عشتار الفصول:14000 قراءات في اللغة العربية والمسيحيون العرب
...
/ اسحق قومي
-
الديمقراطية الغربية من الداخل
/ دلير زنكنة
-
يسار 2023 .. مواجهة اليمين المتطرف والتضامن مع نضال الشعب ال
...
/ رشيد غويلب
-
من الأوروشيوعية إلى المشاركة في الحكومات البرجوازية
/ دلير زنكنة
-
تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت
...
/ دلير زنكنة
-
تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت
...
/ دلير زنكنة
-
عَمَّا يسمى -المنصة العالمية المناهضة للإمبريالية- و تموضعها
...
/ الحزب الشيوعي اليوناني
-
الازمة المتعددة والتحديات التي تواجه اليسار *
/ رشيد غويلب
المزيد.....
|