دافيد -النحلاوي - يُثير بلبلة في صفوف الجيش الإسرائيلي .

قاسم حسن محاجنة
مترجم ومدرب شخصي ، كاتب وشاعر أحيانا

الحوار المتمدن-العدد: 4441 - 2014 / 5 / 2 - 10:59
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    

دافيد "النحلاوي " يُثير بلبلة في صفوف الجيش الإسرائيلي .
ودافيد هذا هو جندي في جيش الدفاع الاسرائيلي ويخدم في وحدة "الناحال " العسكرية . ويخدم مع أخرين في مدينة الخليل الفلسطينية ، وأثناء تأديته "الخدمة " حدث إحتكاك بينه وبين شابين فلسطينيين ، قام على إثرها النحلاوي بتذخير رشاشته وهدد الشابين بقتلهما ، مُتبلا أقواله بشتائم بذيئة للشابين ولأُمهاتم ، أتبعها برفسة لأحدهم .
هذا المشهد ليس بغريب على جنود جيش الدفاع ، الذين يستخدمهم الجيش في أعمال قمع وتفريق مظاهرات ، وهي أعمال شُرطية في جوهرها . وحيث أن الجنود صغار السن (يتم التجنيد بعد إنهاء الدراسة الثانوية مباشرة ) ، لا يملكون مهارات ولم يكتسبوا أليات "مواجهة " مع مدنيين ، فالجيش يؤهلهم للمعركة وليس لفض الإعتصامات والمظاهرات ، فأن ردود أفعالهم وتعاملهم مع المدنيين هي عسكرية بحتة .
ومن هذا المُنطلق ، أتفق مع "المُتعاطفين " مع هؤلاء الصغار (رغم أنهم جنود، فهم ما زالوا في طور المُراهقة )، الذين تم الزج بهم في صدام مع مواطنين عُزّل . وتتحمل المسؤولية عن أعمالهم ونتائجها ، القيادة السياسية والعسكرية على حد سواء ، والتي ومن أجل إستمرار إحتلالها للأراضي الفلسطينية ، تستخدم شبابها في عمليات قمع ، مُصادرة وحتى القتل للمتظاهرين في الأراضي الفلسطينية المُحتلة .
ناهيك عن المُمارسات المهينة على الحواجز ونقاط التفتيش .
هذا الوضع ولّد في صفوف الجنود حالة من التذمر والإحباط ، والتي يتحدث عنها علانية وبصراحة قادة عسكريون سابقون من كل الدرجات . فهذا الوضع يؤدي إلى تبلد شعوري عند الجنود ، وفقدان الشعور بالتعاطف مع المعاناة الإنسانية ، بل وإلى إلغاء صفة الإنسانية عن الفلسطينيين على الحواجز ، فهم ليسوا بشرا ، بل عدو فقط ..!!
ورغم أن دافيد الجندي تمت مُحاكمته ، بتهمة التعدي على قادته ، كما قال الجيش ، فقد حظي الفيلم الذي يصور احتكاكه مع الشابين بنسبة مشاهدة عالية جدا ، وقام جنود من كل الوحدات العسكرية بوضع بوستات على الفيسبوك ، تضامنا معه ، تحت شعار "أنا مع دافيد النحلاوي " ، بهذه الصيغة أو صيغة أُخرى .
وقد تجاوز عدد البوستات الأربعة الاف ، كلها من جنود بزيهم العسكري ، مع إخفاء وجوههم . مما أُضطر قائد الجيش الى الحديث عن الموضوع في جلسة هيئة الأركان الأُسبوعية ، ومُرّكزا على أن الفيسبوك ليس بديلا عن التواصل المُباشر بين الجنود والقادة !! لكن ولا كلمة واحدة، عن الشعور بالإحباط لدى الجنود الذين يقومون بأعمال شُرطية غير مؤهلين لها أصلا .
العلة هي في إستمرار الإحتلال ، وكما قال المراسل العسكري للراديو الإسرائيلي ، فقد نشأت في إسرائيل ثلاثة أجيال من الجنود ، مارست أو كانت شاهدة على ممارسات مُذّلة ومهينة في الأراضي المُحتلة .
إن الأزمة والصراع الأخلاقي الذي يجد فيه الجندي نفسه ، صراع ما بين إنسانيته وما بين تنفيذ الأوامر العسكرية ،لن يجد هذا الصراع ، له حلا إلا بإنهاء الإحتلال .
فغالبية الذين تضامنوا مع النحلاوي ، عبروا عن مشاعرهم الذاتية ، وعن شعورهم بالإحباط ، جراء المهمات التي أوكلها الجيش لهم ، وهي مهمات غير عسكرية !!
وقد يكون إستعمال صيغة النسبة العربية ، نحلاوي ،بدلا من الصيغة العبرية نحلائي ، دليل على تشابك بين اللغتين ، وعلاقات تبادل بين الشعبين ، ستؤدي في نهاية المطاف إلى علاقات تقوم على الإحترام المُتبادل وحسن الجوار ، في دولتين جارتين في حدود الرابع من حزيران 67 .
والنحلاوي هي على وزن الزحلاوي ، العرق الشهير ،فقد يأتي اليوم الذي يرفع فيه أبناء الشعبين أنخاب السلام ، من كؤوس مترعة بالعرق الزحلاوي .....!!

#قاسم_حسن_محاجنة (هاشتاغ)      

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات