أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - جميل السلحوت - بدون مؤاخذة- الثقافة الأبوية














المزيد.....


بدون مؤاخذة- الثقافة الأبوية


جميل السلحوت
روائي

(Jamil Salhut)


الحوار المتمدن-العدد: 4439 - 2014 / 4 / 30 - 21:25
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


جميل السلحوت:
بدون مؤاخذة- الثقافة الأبوية
الثقافة الأبوية هي احدى افرازات عقلية القبيلة والعشيرة أيضا، ففي القبيلة شيخ القبيلة هو من يتحكم بمصيرها ومصير أبنائها، وقد يقودها الى الهلاك دون أن يعترض عليه أحد من أفراد القبيلة، لأن سياسة القطيع هي السائدة، وهي مغروسة في ذهن كلّ فرد، حتى أصبحت سلوكا، وامعانا في ذلك فان الخوف من موت شيخ القبيلة يبقى هاجسا يؤرق أبناءها، والخوف عليهم وعليها من الضياع، لأن ثقافة القبيلة تعتبر شيخها ظلّ الله في أرضه، وهذا ينعكس على دول القبيلة أو القبائل، تماما مثلما ينعكس على الأفراد والعائلات، واذا كان سداد الرأي محصور في شيخ القبيلة، أو في رأس الدولة، فانه أيضا محصور في رأس العائلة وحتى الأسرة، فالتربية القبلية تمنع الابن من الحديث أو ابداء الرأي في مجلس يتواجد فيه أبوه، حتى لو كان عمر الابن سبعين عاما فهو يعامل كطفل بوجود أبيه، واذا ما توفي الأب فان القيادة تنتقل للابن الذكر الأكبر، ولا وجود للاناث في عقلية القبيلة، وتقود هذه التربية الى اتكال الابن على الأب، أو الجدّ في حالة وجوده، أو الى الأخ الأكبر مما يولد الاتكالية، التي تورث الكسل والخمول وكبت الابداع الفردي، وقد يكبر الابن ويتزوج ويصبح أبا وهو لا يعرف شراء قميص له على سبيل المثال، لأن شراء القميص من تخصصات الأب الملهم. واذا ما أخطأ رأس القبيلة أو الأسرة فان براءته جاهزة بردها الى القضاء والقدر، مع ما يحمل هذا من فهم خاطئ للدين ولمفهوم القضاء والقدر.
وتنسحب ثقافة القبيلة التي تعصم "الكبير"عن الخطأ الى مختلف مناحي الحياة، فعلى المستوى الديني هناك ممّن يدّعون العلم بأمور الشريعة يحرّمون الاجتهاد، ويعتمدون في "فتاويهم" على كل شيء قديم وموروث من اجتهادات وتفسيرات الأقدمين، وليس على القرآن والسنة. وهناك من يغضب ويرغي ويزبد ويتنطع لمن يعلمون دينيا، ويدعون على سبيل المثال الى اعادة تفسير القرآن بما يتناسب والمستجدات العلمية وتطورات الحياة، أو يدعو الى تنقية السّنة النبوية من الأحاديث الموضوعة، بل انهم يتهمون أصحاب هذه الدعوات بالكفر، ويتناسون أن من فسروا القرآن، ودوّموا الأحاديث النبوية بشر يخطئون ويصيبون كبقية البشر.
وثقافة "عصمة الكبير" تنسحب على مختلف مجالات الحياة، دون الانتباه الى التطور العلمي والحياتي، فعلى سبيل المثال هناك من ورثوا مصانع عن آبائهم الذين أنشأوها في زمانهم، ودرّت ثراء على صاحبها الذي بناها وأدارها بطريقة تناسب عصره، وعند وفاة الأب الباني فان الورثة الذين التزموا بنفس طريقة الأب، ولم يواكبوا التقدم الصناعي لا يلبثون أن يخسروا الى درجة الافلاس أمام صناعات منافسة حديثة ومتطورة ورخيصة.
وكذا الأمر في الشأن الثقافي، فجيل الآباء لا يعترف بقدرات وابداعات الأبناء، بل لا يعيرها انتباها، وربما يخاف منها، ومثال على ذلك محليا "مبادرة شباب البلد" في جبل المكبر قضاء القدس، أبدعت فكرة أطول سلسلة قارئة حول سور القدس التاريخي، ونفذتها على أرض الواقع في 16 آذار 2014 بنجاح منقطع النظير، وهذا حدث غير مسبوق عالميا، ومع ذلك فان مبدعي هذه الفكرة الرائعة لم يجدوا الانتباه الكافي من "أبوات الثقافة" وممن يتحكمون بمؤسسات ثقافية تنفق الملايين سنويا، ولم يحاول أحد الاستفادة من قدراتهم الابداعية الخلاقة، تماما مثلما لم يجدوا تغطية اعلامية لائقة من وسائل الاعلام، وربما هناك من تخوّف من هذا النجاح الذي أبهر العالم، والسبب طبعا هو ثقافة القبيلة التي تغيب الصغير أمام جبروت الكبير.
ولا يفهمن أحد من هذا بأن على الأبناء أن يتمرّدوا على الآباء، بل عليهم الاستفادة من خبرتهم وتجاربهم، كما على الآباء أن يؤهلوا أبناءهم للحياة، وأن يطلقوا عنان قدراتهم، وفي نفس الوقت على الآباء أن لا "يأخذوا دورهم ودور أبنائهم".
1 أيار 2014



#جميل_السلحوت (هاشتاغ)       Jamil_Salhut#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بدون مؤاخذة- ثقافة المحسوبيات
- بدون مؤاخذة- ثقافة القبيلة
- رانية حاتم تعزف همس الحياة
- بدون مؤاخذة- ثقافة التحريم
- بدون مؤاخذة- الثقافة وعبادة العجل
- بدون مؤاخذة-الثقافة والعفاريت
- مجموعة -أشياء برسم الأكل- في ندوة مقدسية
- بدون مؤاخذة-المصالحة تعزيز للموقف الفلسطيني
- بدون مؤاخذة- مؤسساتنا الثقافية بين الوهم والحقيقة
- بدون مؤاخذة-ثقافة المطالعة
- بدون مؤاخذة-الثقافة وتكريم المبدعين
- بدون مؤاخذة - الثقافة ونشر الكتب
- الصمت البليغ في اليوم السابع
- الثقافة والذاكرة المفقودة
- بدون مؤاخذة- ثقافة الخوف من النجاح
- بدون مؤاخذة- الفوقية في الثقافة
- بدون مؤاخذة- الثقافة من دمار الى خراب
- بدون مؤاخذة- مؤسساتنا الثقافية وكبار السّن-1-
- بدون مؤاخذة-سيتم تمديد فترة المفاوضات
- رواية-السّلك- لعصمت منصور في اليوم السابع


المزيد.....




- سوريا تطالب بانسحاب إسرائيل من مناطق سيطرت عليها بعد سقوط بش ...
- الخارجية السلوفاكية تستدعي السفير الأوكراني وتسلمه -احتجاجا ...
- لقاء مرتقب بين مبعوث ترامب ونتنياهو والجيش الإسرائيلي يسقط م ...
- بسبب اكتظاظ السجون.. السويد تدرس ترحيل المدانين لقضاء عقوبات ...
- السيسي ردا على ترامب: -لا يمكن أن نشارك- في تهجير الفلسطينيي ...
- السويد تدرس إمكانية استئجار -سجون- في دول أخرى!
- كانت في طريقها من دبي لموسكو.. طائرة -بوبيدا- الروسية ترسل إ ...
- تقرير عبري يثير تساؤلات حول غياب سلاح الجو خلال الساعات الأو ...
- أنباء عن مقتل ثمانية من أبرز قادة الدعم السريع في السودان
- نائب روسي: الضغط على موسكو بخصوص أوكرانيا أسطورة من تأليف زي ...


المزيد.....

- حوار مع صديقي الشات (ج ب ت) / أحمد التاوتي
- قتل الأب عند دوستويفسكي / محمود الصباغ
- العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا ... / محمد احمد الغريب عبدربه
- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - جميل السلحوت - بدون مؤاخذة- الثقافة الأبوية