أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سليم البيك - القصة أطول بكثير..














المزيد.....

القصة أطول بكثير..


سليم البيك

الحوار المتمدن-العدد: 1257 - 2005 / 7 / 16 - 12:10
المحور: الادب والفن
    


كغيره من أيام حزيران الحارة القاسية تنتظر الشمس ساعات الظهيرة لتنزل ثقلها على الناس, محكومة بأمر الوقت الذي يفرض عليها كيف تكون متى يريد. الحصة الأخيرة في المدرسة هي الأثقل على قلوب الطلاب, بسبب الإحساس أكثر بسيطرة مزاجية الوقت السيد. و يسود الوقت أكثر في الدقائق الأخيرة من تلك الحصة الطويلة جداً. يدق الجرس, يكون ذلك على مسامع الطلاب كصوت مباغت بنصف ثانية قطع من ذروة صرخة بخمس ثوان. يحاولون بفرح المضي في قوانينهم بعد أن تحرروا من ذلك القانون المذل الذي وضعهم تحت رحمة الأستاذ القاسي اللئيم. أحمد, في الصف السادس, ينفض, قبل صعوده إلى الباص, ملابسه التي اتسخت بعد عراك, أو بعد أن ضرب من ابن أحد الأساتذة و شلته, و يتساءل مرتبكاً هل أنه سيعاقب غداً بسبب العراك؟ هل سيحرم من الحصص؟ سيسلب منه هذا التخوف يومه, فلن يهنأ في ساعات الراحة أو اللعب بعد العودة إلى البيت. في الباص لا يجد مقعداً للجلوس كونه وصل متأخراً فيظل واقفاً. يجلس أمامه زميلان له في الصف, صديقان سابقان, فهم لم يتفقوا, والداهما أيضاً زميلان في شركة هندسية. كل منهما يتباهى بأن أباه بنى إحدى تلك المباني, لو أنهما يصدقان لكانت معظم مباني طريق الباص من صنع كلا أبويهما. يسمعهما أحمد و يحس بشيء ما في ما سمع, بشيء بعيد عن العدالة التي كثيراً ما سمع و درس عنها, بشيء لم يكن يدركه فيه غبن و ظلم. يعتقد بأنهما كاذبان, بل يؤكد لنفسه ذلك, يعلم بأن والديهما مهندسين و أنهما أشرفا على البناء و لكنه يصر في نفسه على أنهما ليسا البانين الحقيقيين, بدون أن يعي لماذا هذا الإصرار. أبو أحمد, رجل بسيط و أب يحرص قدر المستطاع على أن يوفر لأبنائه ما يتمنون. هو عامل بناء يرجع إلى البيت مساءً بعد نهار حافل بالطرق و العراك مع أشعة الشمس من جهة و تعبه و جوعه من جهة أخرى. كثيراً ما شعر أحمد بأن هنالك ما هو غريب و مربك في أن يكدح أباه طوال اليوم, ليصبح المبنى فجأة من صنع آخرين لا يتعبون بشهر ما يتعب أباه بيومين أو ثلاثة, و ليصبح من ملك آخرين قد يظنوك أجنبياً لو تسألهم عن معنى التعب و الكدح. يرغب أحمد في أن يصرخ بوجه زميلاه بأنه ابن من بناها, بأنه تمر أياماً و لا يرى أباه الذي اضطر أن يعمل أكثر حتى لا يكتفوا برائحة الخبز. لا يصرخ, يحاول إقناع نفسه بأن ذلك لن يفيد, لن يغير شيئاً, هي الدنيا كلها كذلك, بل أنه قد يعاقب إن اشتكيا عليه في المدرسة. يصل الباص و ينزل منه أحمد, و الصمت لا يزال يحتله منذ صعد, و قبل دخوله البيت, تصرخ دمعته, و يقرر عندها, بدون أن يدرك أو يعلم كيف و متى و أين, أن شيئاً ما يجب أن يتغير, أن العدالة سنبنيها نحن بقطرات عرقنا الذي بات له لون و رائحة الدم. يصر على تغيير العالم بتركيبته التي بدأ يدرك كم هي ظالمة و أننا نحن من سيقوم بذلك يوماً ما, بهذه الكلمات البسيطة, لسنه, يحمل أحمد في قلبه و عقله ذلك الإصرار المرفق بالأمل الذي يدفعه إلى الاعتقاد بحتمية ذلك اليوم, و أنها مسألة وقت لا أكثر.

ملاحظة: لم يكن أحمد يسارياً بعد, بحكم سنه.



#سليم_البيك (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تكامل الكفاح الفلسطيني
- فجر الحركة الشيوعية في فلسطين
- اليسار العربي... والإجابة الصحيحة على السؤال
- إنسان برقم...سولد
- المنتدى الإجتماعي الاوروبي..... على طريق عالم آخر ممكن
- إلى الرفيق سعـدات
- إشكالية اليسار في -إسرائيل-...باختصار


المزيد.....




- فيلم -سلمى- يوجه تحية للراحل عبداللطيف عبدالحميد من القاهرة ...
- جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس ...
- أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول
- طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
- ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف ...
- 24ساعه افلام.. تردد روتانا سينما الجديد 2024 على النايل سات ...
- معجب يفاجئ نجما مصريا بطلب غريب في الشارع (فيديو)
- بيع لوحة -إمبراطورية الضوء- السريالية بمبلغ قياسي!
- بشعار -العالم في كتاب-.. انطلاق معرض الكويت الدولي للكتاب في ...
- -الشتاء الأبدي- الروسي يعرض في القاهرة (فيديو)


المزيد.....

- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سليم البيك - القصة أطول بكثير..