أنطونيوس نبيل
الحوار المتمدن-العدد: 4435 - 2014 / 4 / 26 - 05:56
المحور:
الادب والفن
أيها الدهر، أفي وسعِك أن تمسسنا بضُرٍّ؟ لا، لن نشيخ
امحق -كيفما شئتَ- تلك الأجساد الصلصالية المفرطة في العمى
لكن أناملك المغضنة لن تصل إلينا، هنا في معقلنا النابض
حيث اثنان -في انصهارهما واحداً- يسخران من كافةِ قواك المهيبة
على الرغم من المتاريس التي تتداعى، والبوابات التي يتأكلها الصدأ
وحصننا الذي يصير -تحت وطأتِك الكريهة- محضَ مَحارةٍ جوفاء
من جوفها سيتصاعد ضحكُنا العابث بغتةً؛ ليصُكَّ مسامعك أيها الدهر
حيث اثنان –في طي المُعانقة- يقيمان في رَيعان وجدهما اللاهب
ها نحن نرتقي ما تبقى من جدائل السلالم التي لمعراجِ حصننا؛
كي نرنو لوجه القمر عبر صدوعٍ تغص بها أبراجنا الرمادية
انصت –ملياً- أيها الدهر؛ فخفايا هَمْسنا وقبلاتنا وصلواتنا البريئة
يزحفن كالأزهار -عبر شقوقِ الجدارن المضعضعة- صوبَ الأفق
أيها الدهر، أفي وسعك أن تحطمنا؟ عندما يُقوِّض حصارُك البليد
الجدارَ الأخير لحصننا، انظر عالياً نحو السماء؛ لأن لنا أجنحةً
ألفريد نويس: شاعر إنجليزي معاصر، من أكثر أعماله ذيوعاً بالاد "قاطع الطريق" الذي تحول إلى سبيكة غنائية -لا نظير لها في تاريخ الصوت البشري، بالنسبة لي- عبر البوتقة السحرية لحنجرة لورينا ماكنيت. كما أن ثُلةً من النقاد يرجحون أن كتابيه النثريين "الرجل الأخير" و "على حافة الهاوية" كانا من الروافد الهامة التي أسهمت في تشكُل الرواية العبقرية 1984 لجورج أورويل. بعيداً عن تفاصيل الميلاد والتعليم والزواج وقائمة الأعمال وظروف الوفاة، ما كتبه ألفريد نويس يدفعك –دونما شفقة- لتؤمنَ بأن رهافةَ الحبِ وحدها تصلُح تحريضاً على الخلود، وبأن همسَ القبلاتِ وحده يصلُح نضالاً في وجه عسكرةِ الكوكب ودمامةِ التسليع، وبأن العرقَ الذي يسيلُ بين كفّين متشابكين وحده يصلُح بلسماً يجتثُ بدفئه آثارَ الأغلالِ الغائرة من بشرة الروح، وبأن أنفاسَ الوالهين الراجفة وحدها تصلُح أسواطَ عذابٍ يصبها الإنسان على جسدِ الموتِ ليروضه، وفي هذا ما يكفي للتعريف بمولانا ألفريد نويس ويزيد.
#أنطونيوس_نبيل (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟