أفنان القاسم
الحوار المتمدن-العدد: 4434 - 2014 / 4 / 25 - 13:54
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
في عالم الميديا هناك ما يدعى بالإعلام الكاذب، لتمريره تعزف أوركسترا السيطرة على الدماغ أشجى ألحانها، دون أي نشاز أو هناة، ويؤدي العازفون مهمتهم بمهارة، فهم يتابعون عصا المايسترو دون أن يرف لهم جفن، إلى أن تُنجز الكذبة على أكمل وجه.
هذا ما يحصل كل ستة أشهر بخصوص القضية الفلسطينية مذ كانت هناك قضية فلسطينية، من ستة أشهر إلى ستة أشهر، من استحقاق إلى استحقاق، يعزف الإعلام الكاذب سيمفونية الدجل والاحتيال، ليؤجل، فقط ليؤجل، وكل ما يجري اليوم من هرج ومرج حول المفاوضات ما هو سوى الجواب التأجيلي لكل هذه البهدلة.
لنتفق على أن الحل الأمريكي تم على مراحل، وهذه هي المرحلة الأخيرة في شكلها الأخير: إسرائيل ومُفْرَدَتان غزة والضفة (RESERVES)، ومن يقول تعنت إسرائيلي حمار ابن حمار، لأن نتنياهو يقوم بدور في اللعبة الأمريكية القذرة، مثله مثل عباس وهنية. وعند تمام استحقاق الستة أشهر، يبدو التكافل بين كل أطراف اللعبة على أكمل وجه: إعلان المصالحة المفاجئ بين فتح وحماس مقابل إعلان وقف المفاوضات بين فلسطين وإسرائيل مفاوضات كانت واقفة، لكنها توقف هنا بذرائع ترضي كل الأطراف وتبرر للعالم ما لا يبرر اعتمادًا منها على سيمفونية الدجل والاحتيال، تبرر خاصة للفلسطيني، هذا المشحر المغزو عقله (دين وإيديولوجيا مسيطرة) المغزو جسده (أمن وأكل عيش)، فيقول والله حاولوا حكامنا ولم الشمل بين غزة والضفة هو الأهم، ويقعد عن فعل أي شيء، بينما هو لا يدري أن لم الشمل هو لم شمل لعصابتين تستهينان بكل ما هو وطني، بكل ما هو جوهري، بكل ما هو إنساني، فالإنساني والجوهري والوطني هو إنساني وجوهري ووطني العصابتين، مكاسب أفرادها القذرين، وإنجاز دورهم على أكمل وجه في اللعبة القذرة، اللعبة الأمريكية.
انظروا كيف يتم عزف أوركسترا السيطرة على الدماغ:
• يدعي نتنياهو بعدم تمثيل عباس لكل الفلسطينيين فلا يمكن التقدم في مفاوضات التسوية
• يتصالح عباس وهنية بمقتضى ذلك
• يلغي نتنياهو المفاوضات
• يصرح كيري بعدم الاعتراف بمنظمة التحرير إذا ما...
• تصرح جين بساكي باسم وزارة الخارجية الأمريكية أن الإعلان عن المصالحة الفلسطينية مقلق ومن شأنه المس بجهود المفاوضات
• يقول لبيد وزير المالية الإسرائيلي لعباس: كيف تريدون التوصل إلى سلام معنا وقد وقعتم على اتفاق مصالحة مع أناس يقسمون بقتلنا؟
• يقول الرجوب إن المصالحة شأن فلسطيني داخلي وطني ولا يحق لطرف يؤمن بحل الدولتين أن ينكره
• يصرح عباس أن الاتفاق مع حماس لا يتعارض والمفاوضات مع إسرائيل
• تصرح ليفني أن المصالحة بين فتح وحماس تمس بفرص التوصل إلى اتفاق السلام مع الفلسطينيين
العملية مفتضحة، فكل واحد يجذب الحبل من ناحيته: عباس يعرف أن المصالحة مع حماس ستوفر ذريعة لا تصدق لنتنياهو لما يسميه الإعلام الكاذب نسف ما يدعى بالمفاوضات ومع ذلك يصالح، هنية يعرف أن لا التقاء البته مع عباس في كل شيء ومع ذلك يقول حكومة وطنية وانتخابات خلال ستة أشهر، الستة أشهر إياها، من استحقاق إلى استحقاق، وبعد ستة أشهر الله بفرجها، نتنياهو يعرف أن لا حل آخر هناك غير الحل على طريقة الهنود الحمر الحاصل، ومع ذلك يتجاهل الأمر، ويتظاهر بصاحب الأمر والنهي، اللي بيضاته تقيله، أوباما يعرف أن نتنياهو ابن حارته من صنع يدي ملياراته، وبكف على وجهه يجعله يخرأ تحته، ومع ذلك يتخبأ من ورائه.
وهلم جرا إلى أبد الآبدين...
باريس
#أفنان_القاسم (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟