أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - خليل الشيخة - العاصي المسافر














المزيد.....

العاصي المسافر


خليل الشيخة
كاتب وقاص

(Kalil Chikha)


الحوار المتمدن-العدد: 1257 - 2005 / 7 / 16 - 09:25
المحور: الادب والفن
    


مدينة حمص هي ثالث مدينة سورية بعدد السكان. هي مدينة جميلة تترامى على تخومها قرى دائمة الخضرة لكثرة الينابيع المتواجدة بين هضابها. مايميزها منذ القدم نهر العاصي الذي يسافر منذ بضعة الاف سنة من الجنوب الى الشمال. يتحرك بصمت كرجل حكيم الا من همهمات وخفقات على ضفافه ليطرد بذلك كهولة يحكم فيها القدر عليه. يشق طريقه مزهوا عبر سهول واشجار سامقة توزعت حوله وظللته، تأنس به ويأنس بها هو مثل قلب لها يضخ فيها الماء وهي تحجب السمش عنه .
منذ أن ظهر الانسان في تلك البقعة، احب ذلك النهر كما احب المصرين القدماء نهر النيل. فعرفوا غضبه، وحياده وحبوره. عندما يغضب يبتلع الناس ويزهق ارواحهم لأنه يغويهم بالغطس فيه، وفي حبوره يطوف على ضفافه يسقي الأرض العطشى فتحبل بالخضرة كي تتجدد دورة الحياة. يأتي مسرعا منهمكا لايتوقف ولايغير اتجاهه.
يتوافد اليه الناس كل يوم جمعة يحملون طعامهم ومنقلهم. وعند وقت الغداء تعم الضجة وتشعل كل اسرة منقلها ولاترى الا دخانا منطلقا من المناقل ورائحة شواء تشرح الصدر. واثناء مكوثهم يداعب الصبية النهر برشق الحصى فيه اوالسباحة فتراه لايطرد احد يستقبل الجميع بين احضانه. وقبل الرحيل يودع الناس العاصي في طقوس غير مكتوبة ، وخاصة العشاق منهم اذ تراهم يقفون على ضفته يبحلقون فيه بصمت وهذا بمثابة اعلان للرحيل او وداع وربما يعدونه بالزيارة ماداموا احياء لأنه ارتبط بكل صغيرات غريزة الحياة، بل هو جزء من الحياة. لايمكن أن ترى انسان في حمص لايحب العاصي. ربما يكره غلاء الأسعار او المسؤولين أو الدوائر الحكومية ، لكنه دائم الحب للعاصي.
أما المكان الثاني الذي لايمكن أن تأتي لحمص دون زيارته هو ضريح خالد ابن الوليد. يتوسط المدينة، بل هو مركز المدينة. التفت حوله البيوت منذ القدم. وهذه ظاهرة عالمية بتجمع الناس حول الأضرحة. زرت المسجد فوجدت كثير من النساء والرجال يقفون حول الضريح يتمتمون ثم يقذفون من خلال نافذة صغيرة بالنقود ويمضون. اهل حمص يفتخرون بهذا الضريح ويعتبرون أن خالدا قد اصطفاهم واصطفى مدينتهم لحبه لهم وقرر أن يتوفى هناك.
تلك المدينة تضاعفت ثلاث مرات في العشرين سنة الماضية. من الصعب أن تعرف كل احيائها وشوارعها. فالبراري التي كانت شاسعة واسعة تقلصت واخذت تضمحل تدريجيا. المباني الغير مرخص بها والغير منظمة اشبه بمباني الالغاز ( التي يتسابق فيها الشباب على شاشة التلفاز) تدخل في شارع ولاتعرف كيف تخرج او اين المخرج.
من الصعب أن ترى شاب أو فتاة دون هاتف محمول يضحي بكل غالي ورخيص في سبيل الهاتف المحمول، هذا الهاتف اصبح من مستلزمات الحياة هناك، علما أن معاش الموظف او العامل لايساوي فاتورة هذا المحمول. ورغم أن عمال النظافة يعملون يوميا على تنظيف شوارعها الا أنك ترى الاتربة والاوراق واكياس النايلون تملؤ المدينة. هذا دون الاشارة الى كومات البحص والنحاتة المترامية على ابواب البيوت. رغم أن قانون البلدية يمنع ذلك. البناء ظاهرة مألوفة جدا هناك . لأن البلد تزداد بشكل صاروخي وسوريا من البلدان التي فيها ازدياد نسبة السكان مرتفعة جدا. وهذا مايفسر اقامة الابنية بسرعة وبدون رخص.
أعجبني الخضروات الطازجة التي تأتي من البستاني الى البائع مباشرتا، فما ان تضرب الشمس عليها حتى تلمع بطريقة مغرية كأنها تناديك لتشتريها وتطهوها.
وهل باتستطاعتك أن تزور حمص دون أن تأكل (الكبة ) المليئة باللحمة والدهن وهذا مايجعلك تزداد عشر كيلو غرام في نهاية رحلتك. بشكل عام معظم المأكولات مثخنه بالدهون . ولهذا فقد سموا السمنة صحة والدهون ادامة.
وفي نهاية الرحلة عندما تغادر وتبتعد تظل تعشق العاصي بصمته وهمهماته بشكل لايمكن أن تنساه. لانك ماأن تزوره مرة حتى تتخذه صديقا ابديا.



#خليل_الشيخة (هاشتاغ)       Kalil_Chikha#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الموت والحزن في مجموعة سائر قاسم
- قراءة في مجموعة وفاء خرما
- غربة واغتراب
- عصور وايدلوجيات
- أكتشافات خطيرة


المزيد.....




- رحيل الفنان والأكاديمي حميد صابر بعد مسيرة حافلة بالعلم والع ...
- اتحاد الأدباء يحتفي بالتجربة الأدبية للقاص والروائي يوسف أبو ...
- -ماسك وتسيلكوفسكي-.. عرض مسرحي روسي يتناول شخصيتين من عصرين ...
- المسعف الذي وثّق لحظات مقتله: فيديو يفند الرواية الإسرائيلية ...
- -فيلم ماينكرافت- يحقق إيرادات قياسية بلغت 301 مليون دولار
- فيلم -ماينكرافت- يتصدر شباك التذاكر ويحقق أقوى انطلاقة سينما ...
- بعد دفن 3000 رأس ماشية في المجر... تحلل جثث الحيوانات النافق ...
- انتقادات تطال مقترح رفع شرط اللغة لطلاب معاهد إعداد المعلمين ...
- -روحي راحت منّي-.. أخت الممثلة الراحلة إيناس النجار تعبّر عن ...
- -عرافة هافانا- مجموعة قصصية ترسم خرائط الوجع والأمل


المزيد.....

- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري
- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت
- أحلام تانيا / ترجمة إحسان الملائكة
- تحت الركام / الشهبي أحمد
- رواية: -النباتية-. لهان كانغ - الفصل الأول - ت: من اليابانية ... / أكد الجبوري
- نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر ... / د. سناء الشعلان
- أدركها النسيان / سناء شعلان
- مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- نظرات نقدية في تجربة السيد حافظ الإبداعية 111 / مصطفى رمضاني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - خليل الشيخة - العاصي المسافر