المجتمع الصحي يتكامل فيه الرجل والمرأة

مها فهد الحجيلان

الحوار المتمدن-العدد: 1257 - 2005 / 7 / 16 - 12:45
المحور: حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
    

هناك خطوات جميلة عززت دور المرأة في المجتمع بوصفها مواطنة لها حقوقها المدنية المحفوظة، وكذلك بوصفها مشاركة فعّالة في نهضة الاقتصاد. ومن هذه الخطوات الإيجابية الحوارات الوطنية التي تناقش وتحاول رسم مستقبل أكثر مرونة للمرأة السعودية. ويشار هنا إلى أنه قد فُتحت مجالات عمل أوسع للمرأة، فعلى سبيل المثال، نشرت صحيفة "الوطن" يوم الأحد 29 جمادى الآخرة 1425هـ الموافق 15 أغسطس من عام 2004م عن بدء عمل القسم النسائي للجوازات في الرياض بكوادر نسائية وطنية، كما نشرت صحيفة "الوطن" كذلك يوم الثلاثاء الأول من رجب من عام 1425 هـ الموافق 17 أغسطس 2004م عن توجيهات وزير العمل الدكتور غازي القصيبي للإسراع في فتح إدارات نسائية في جميع الإدارات الحكومية الخدمية تفعيلا لقرار مجلس الوزراء الموجّه لذلك. فثمة حركة دؤوبة وعمل مستمر للاهتمام بالمرأة وإعطائها الفرص المناسبة للعمل والمشاركة الفعلية في بناء الوطن.
ولكن على الرغم من هذا التوجه الجميل في دعم دور المرأة بوصفها عنصرا مهما في بناء المجتمع نلاحظ أن الانتخابات البلدية استبعدتها من الترشيح أو الانتخاب! وهنا يحق لنا التساؤل عن إمكانية تشريع قرار يتعمّد إقصاء المرأة عن واحدة من أهم الخطوات الحضارية في السعودية؟ بل هل يُعقل أن تكون المرأة حاضرة نظريا في الخطط الحضارية المستقبلية المُقدمة في المؤتمرات والحوارات بينما لا تجد هذا الاهتمام حينما تتحول هذه الخطط النظرية إلى واقع؟، إنّه لا يمكن تبرير منع المرأة من المشاركة في الانتخابات البلدية المقبلة، لأنه حينما توجد العزيمة توجد الوسيلة! إذ لا يبدو أن هناك نتائج سلبية يمكن حصولها من مشاركة المرأة بأي حال.
إنه من البداهة القول إن تعريف المجتمع الصحي يتمثل في رجاله ونسائه معاً، وحينما يتكاتف الاثنان يحصل هذا المجتمع على المنفعة الكاملة. وليس ثمة حاجة للقول إن وطننا الجميل يضم نساء مجتهدات يجدر بهذا الوطن الفخر بهن، ولا تقلّ وطنيتهن عن وطنية الرجال، وليس لأنهن من صنف النساء يعني أن لهن سمات وطنية أخرى تختلف عن الرجال! ولهذا كان من الأمثل أن يكون نظام الانتخابات الذي صدر أخيراً واضح العبارة وصريح المعنى بفتحه باب المشاركة للمرأة كما الرجل. إنه من المؤسف أن يطرح سؤال حول أهلية النساء السعوديات مقارنة مع غيرهن من نساء العالم اللاتي يُشاركن في الحياة السياسية والاجتماعية وكأنهنّ أكثر جدارة من نسائنا أو أكثر ذكاء وأهلية؟.
هذا إلى جانب أنّ غياب الصوت النسائي عن انتخابات البلدية المقبلة له تأثير مباشر على المجتمع من عدة مستويات، فمثلا من الناحية السياسية هناك دلالة صريحة تشير إلى عدم أهمية دور المرأة في بناء الدولة سياسياً بحيث يتفرّد الرجل في بناء الخطط والشروع بها بينما المرأة لها أنّ تتبع فيما بعد! وبهذا ليس من فضل لها في شيء ولا يحقّ لها تغيير هذه الأنظمة التي وضعها الرجل قبل حضورها. ويمثّل هذا الإقصاء السياسي تشريعاً للعقلية المقصية للمرأة، التي تعتبر المرأة عنصراً هامشياً في بناء المجتمع؛ وعليه فإنّ النظرة الاجتماعية الدونية للمرأة تتعزز بحيث يصبح رأيها غير جدير بالاهتمام لأنها تكون تابعا لأبيها أو زوجها أو أخيها أو ابنها؛ وهنا تكون خسارة المرأة اجتماعيا حينما تعدُّ عبئاً لا يبتعد كثيراً عن رخيص المتاع. وخسارتها السياسية والاجتماعية تضمن تبعيتها الثقافية بحيث يُصبح العُرف أنّ المرأة هي ملحقة بالرجل وليست بالضرورة كيانا مستقلاً يعتمد على هوية بذاتها، وهذا ربما يؤكد سلامة الأيديولوجية التي تتبنى هذه الأفكار العنصرية، وهنا يخسر المجتمع بأكمله فرص التغيير الاجتماعي الصحي سواء في الحاضر أم في المستقبل.

إنّ هذه المقالة لا تسعى إلى إثبات جدارة المرأة في الحضور السياسي كما الثقافي والعلمي، لأن هذا أمرٌ يؤمّل أنّ يكون معلوماً بالضرورة، فليس نوع الجنس مدحاً أو نقصاً في أحد، والمرأة السعودية أثبتت ومازالت تثبت جدارتها وأحقيتها بخدمة هذا الوطن مساوية بذلك الفرص المتاحة للرجل.
أعتقد أن الوقت ما يزال كافياً لكي يعيد المسؤولون النظر في هذا الأمر، بحيث يكون الانتخاب والترشيح لا علاقة له بنوع الجنس؛ ولن يعدم المنظّمون وسيلة لتنظيم آلية الانتخاب في قسم النساء بترتيب الأماكن والشروط التي تُعطي الفرصة للمرأة كي تشارك في الاقتراع دون أن تتعرض إلى المتاعب أو المعوقات.

#مها_فهد_الحجيلان (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات