|
معتز وشحة: الشهيد الذي خذلته
ثائر وشحة
الحوار المتمدن-العدد: 4432 - 2014 / 4 / 23 - 10:23
المحور:
الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية
أستأذنك يا سيدي، أيها الكبير لأقول بضع كلمات، دون أن أقطع عليك خلوتك ودون اعتداء على وقار مجلسك، مجلس الشهداء العظام، كان لزاماً علي أن أقولها لك قبل ثلاث سنوات، وما استطعت حينها ولا عند استشهادك واقفاً. يا سيدي معتز، في حمأة الدم والشجن والتهاب المراثي وزخم الاعتذاريات، واصطفاف "هواة الرثاء"، تزدحم الشوارع ويتسع التراب، تهبط علينا السماء، ترتطم بالأرض، فنستحيل برزخاً فاصلاً بين الشهيد وراحته الأبدية، كأني بنا نغادر المادية ونتعلق بالغيب فنعتقد أننا نحاصر الشهيد حباً ومنعا للفراق، لكنها لحظات لا مكان فيها للمخيلة وإطلاق العنان للميتافيزيقيا، ينتصب الواقع أمامنا فيهزنا ويوقظنا ويحرضنا لنحيا من جديد، نتسائل والعجز يميتنا ما العمل، ذلك السؤال السرمدي الذي أرق البشرية منذ بدء التكوين، كان سؤال الأولين منذ ما قبل تطويعهم للطبيعة وإعلانهم الصراع معها ولاحقا عليها بعد أن تملكتهم شهوة التملك فكانت الملكية الخاصة وكانت الطبقية وما زالت، وما زال السؤال. ما العمل؟ تجد نفسك غارقاً في التفكير، فتخلق حوارك الداخلي في محاولة للإجابة على ما العمل؟ -النهب لأبعد مدى لجني الربح الأقصى عبر امتصاص دم وعرق الشعوب أجابت الرأسمالية، دعه يعمل دعه يمر صاح آدم سميث، ولو في اللحم البشري بغض النظر عن لونه ودينه وجنسه. انهاء إستغلال الإنسان لأخيه الإنسان عبر القضاء على الطبقية أجابت الشيوعية، فإما هي وإما "البربرية"، قالت روزا لكسمبورغ وقضت لأجلها. والعمل الصالح كان جواب السماء، والعمل المأجور من العمل الصالح! والكلمة لله. -لا لا لا، لا تبتعد كثيرا، لا تهرب من وجه قضيتك، أنت الآن في حضرة الشهيد وأم الشهيد وأب الشهيد وذويه جميعاً، وأصدقاءه ورفاقه. -لكن بحكم أن "رأس المال ينزف دما ًمن كل مساماته" هي القضية الأساس وهي قضية الشهيد وما وحشية الصهاينة إلا لأنهم من سدنة رأس المال ولأجله أسالوا دم الشهيد، نعم صحيح ولكنك لن تقيم دولة ماركس في بير زيت، الآن، اخرس، -نعم صحيح!. حوار داخلي عام، ولكن كيف وأنت تعرف الشهيد جيداً! كيف وقد خذلته! كيف وقد مضى دون أن تسأله المغفرة! دون اعتذار! ها أنا يا صاحب العزة، أيها المعتز بالشعب وبالوطن والقضية، ها أنا أيها العزيز أعتذر منك ومن أم أحمد وأبو أحمد ومن أخوتك وأخواتك ورفاقك وأصدقائك جميعاً. الآن شرب التراب دمك ودمع أمك وارتوى فأثمر هناك في جنين المخيم، تبعك حمزة أبو الهيجاء لتجتمعوا ب محمد عاصي وتعانقوا جدنا القسام لتخبروه بأنكم متم شهداء وما سلمتم أنفسكم للأنذال، أجبتم على صرخته عندما قال لرفاقه المحاصرين "موتوا شهداء"! كيف لا وأنتم الإمتداد الأنقى والأطهر والأشرف والأبقى، فأنتم وحدكم تبقون في الأرض، وتنفعون الناس. الآن وبعد أن انسحب المحتل، وتوارى القتلة المحليين، تجار الدماء من أبناء جلدتنا، واستعدنا قليلاً من توازننا، أستطيع أن أقدم لك اعتذاري، إني أعتذر عما فعلت، حري بنا أن نعتذر عما فعلنا ليس فقط لأمهاتنا، بل للشهيد وللأسير وللجريح، للفقراء وللناس الطيبين، فكيف لا أعتذر لك وأنت الأسير والجريح والشهيد والفقير والطيب، أعتذر لك أيها المقاتل الفذ، أيها الأكرم منا جميعاً. بالتأكيد لن تتساءل عن ماذا أعتذر، فأنت تدري جيداً لماذا، قبل ثلاث سنوات يا سيدي، عندما انقضت عليك أجهزة التنسيق الأمني واعتقلتك وصادرت منك بندقية الصيد التي تملك، وبزتك العسكرية، وأحالتك للمحكمة، التقيتك عند النيابة العامة وبعدها في المحكمة ووجدت نفسك ووجدتك متهماً بحيازة سلاح غير مرخص! بقيت رهن الإعتقال لديهم أكثر من شهر، وخلالها لم أقم بواجبي المهني كمحامي كما يجب! ولست هنا بمعرض تبرير ذنبي، إني مذنب تجاهك وتجاه ذويك إلى الأبد. ربما لم تهتم كثيراً للأمر، في زنازين أوسلو وأنت في قبضة الكمبرادور لم تكن تبحث عن عدالة، كنت تعرف طريقك جيداً، كنت ممن ينتظروا وما بدلوا تبديلا، فامتشقت بندقيتك ومضيت، تاركا العار يلفنا من فعلنا، والمجد يغطينا من فعلك. دمك يحاكمني الآن، ويحاكم سلطة الحكم الذاتي، ويحاكم الإحتلال، دمك يحاكمنا جميعاً وسينتصر. بك نعزي أنفسنا وبك نرى نصرنا القادم، لا محالة. يا سيدي، كان سلاحك ولم يزل هو السلاح الشرعي والوحيد الذي يفخر به شعبك العظيم، وهو ليس بحاجة لرخصة ممن انسحب من ميدان الإشتباك وتركك وحدك تقاتل الكون، يهودا الاسخريوطي ليس أهلاً إلا للخيانة يا سيدي، لا أعرف إن كنت تسائلت قبل خلودك فيما لو كانت بندقية الصيد تلك معك، لو كانت معك لربما تأخرت في مغادرتنا، لربما لم تغادرنا أبدا! يا سيدي، أرهقك الكلام فيما الأرض تحتضنك، ولا بد أن بعضه أزعجك كما أزعج محبيك، فأثناء وبعد خلودك ثمة الكثير ليقال، ثمة فصل أسود ينضح بالقذارة سطرته سلطة أوسلو، وآخر لا يقل قذارة يتعلق بإعادة إعمار منزلك أنت وعائلتك الكريمة، سأراسلك لاحقاً إن كان لديك وقت لسماعي. سامحني يا معتز، سامحنا يا عزنا.
#ثائر_وشحة (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ألم تنتهي الساعة السابعة ( المقاتل معتز وشحة)
-
الكبار لن يموتون والصغار لن ينسوا
-
عالم لا نعرفة جيداَ
-
ناجي العلي الثائر
-
يجب مقاطعة احتلالك لانك انسان
-
وهم الانتصارات
-
فلسطين
-
فأبت الردائة ان تفارق اهلها بمن تسيء لمن احسن اليها
-
مفهوم الدولة الامة
-
اشتم رائحة اوسلو بنكهة اخوانية
-
حاضر و مستقبل اللامساواة الاجتماعية
-
دراسة سسيولوجية لكاركاتير ناجي العلي
-
بداية الانتصارات وليس اخرها
المزيد.....
-
أهالي بلدات وقرى جنوب لبنان يسارعون للعودة إلى مساكنهم رغم ا
...
-
بلاغ صحفي حول اجتماع المكتب السياسي لحزب التقدم والاشتراكية
...
-
كلمة عمال وعاملات شركة سيكوم/سيكوميك بمناسبة اليوم العالمي ل
...
-
حسن العبودي// دفاعا عن الجدال ...دفاعا عن الجدل (الجزء الث
...
-
صفارات الانذار تدوي في شمال فلسطين المحتلة وشمال تل أبيب وفي
...
-
م.م.ن.ص // تأييد الحكم الابتدائي في حق المعتقلة السياسية سم
...
-
تصاعد المواجهات بين الشرطة الباكستانية وأنصار عمران خان، ومق
...
-
أكبر جامع في ألبانيا والبلقان.. شاهد: -نمازجاه- في تيرانا ما
...
-
باكستان: مقتل أربعة من قوات الأمن بصدامات مع متظاهرين مؤيدين
...
-
المستشار الألماني شولتز يقود الحزب الاشتراكي الديمقراطي في ا
...
المزيد.....
-
سلام عادل- سيرة مناضل - الجزء الاول
/ ثمينة ناجي يوسف & نزار خالد
-
سلام عادل -سیرة مناضل-
/ ثمینة یوسف
-
سلام عادل- سيرة مناضل
/ ثمينة ناجي يوسف
-
قناديل مندائية
/ فائز الحيدر
-
قناديل شيوعية عراقية / الجزءالثاني
/ خالد حسين سلطان
-
الحرب الأهلية الإسبانية والمصير الغامض للمتطوعين الفلسطينيين
...
/ نعيم ناصر
-
حياة شرارة الثائرة الصامتة
/ خالد حسين سلطان
-
ملف صور الشهداء الجزء الاول 250 صورة لشهداء الحركة اليساري
...
/ خالد حسين سلطان
-
قناديل شيوعية عراقية / الجزء الاول
/ خالد حسين سلطان
-
نظرات حول مفهوم مابعد الامبريالية - هارى ماكدوف
/ سعيد العليمى
المزيد.....
|