|
ثقافة الحياة و ثقافة الموت : أين يقف الإسلام ؟
سامان شالي
الحوار المتمدن-العدد: 1256 - 2005 / 7 / 15 - 04:58
المحور:
الارهاب, الحرب والسلام
أن أحداث الحادي عشر من سبتمبر غيرت بطريقة أو بأخرى حياة الكثيرين من الناس ، ليس حياة الأميركيين فقط و لكن حياة الكثيرين في جميع أنحاء العالم . ذلك اليوم اصبح يوما رسميا في بدء الحرب دوليا ضد الإرهاب. و قد أسس هذه الحرب خطّا فاصلا بين معسكرين : معسكر يتبنى أصحابه ثقافة الحياة و معسكر آخر يتبنى أصحابه ثقافة الموت . لقد أسيء فهم الأميركيين بشكل مفرط دوليا. نعم لم يفهم بقية العالم لماذا قام رجال الإطفاء أثناء أحداث ( 11/ سبتمبر ) بتسلق قمتي برج التجارة العالمي لإنقاذ حياة الناس ، بينما كانوا يعرضون حياتهم للخطر .
إذا عدنا إلى التاريخ ، فأننا سنجد أن الأميركيين ذهبوا للقتال ضد النازية في ألمانية خلال الحرب العالمية الثانية لإنقاذ أوربة من ثقافة الموت التي صنعها الألمان ضد معظم الدول الأوربية و خصوصا اليهود . هم لم يذهبوا لاحتلال أوربا أو ألمانيا ؛ بل على العكس ، نصبوا فيها نظم سياسية قوية حيث ازدهرت فيها ثقافة الحياة منذ ذلك الوقت . ارتقت الأحزاب السياسية في هذه الدول الأوربية بالتعليم و الاقتصاد و الصحة ، و حسّنوا معايير المعيشة و التطور . و اليوم نرى أن هذه الدول الأوربية تتنافس فيما بينها لتكون مناصرة لحقوق الإنسان و في حربها ضد ثقافة الموت ، و تكون جزءا من المجتمع الدولي في حربها ضد الإرهاب . و قد حدث نفس الشيء في كوريا و اليابان خلال الحرب العالمية الثانية .
عندما قام صدام حسين بغزو الكويت ، قادَ الأميركيون اكبر تحالف في العالم لإيقاف صدام حسين في ترويجه لثقافة الموت كوسيلة لإرهاب الدول المجاورة . و حرّر هذا التحالف دولة الكويت ، ولم نرى الأميركيين و لا دول أخرى التي كانت ضمن التحالف ضلت مسيطرةً على الكويت بعد تحريرها . اليوم نرى الكويت حرة حيث اصبحت الديمقراطية الوسيلة التي يعمل بها الحكومة بشكل تدريجي .
و قد رحبت الدول الإسلامية بالأميركيين عندما قامت الأخيرة بدعم المقاتلين المسلمين ضد الشيوعيين من اجل الحرية و من اجل تحرير أفغانستان . و لكن و لسوء الحظ عندما انتصر الأفغانيون و حصلوا على حريتهم انقلب المتشددون الإسلاميون ضد أميركا و أصبحت أفغانستان ملجأ للإرهابيين حتى قام بتحريرها الولايات المتحدة و حلفاءها . و نُصِّبتْ حكومة ديمقراطية في أفغانستان . وبدأت أفغانستان يوم بعد يوم تجني ثمار الحرية و الديمقراطية .
ثم قررت الولايات المتحدة و حلفائها تحرير الشعب العراقي من نظام وحشي . والأمر الواضح و الجلي للجميع أن هدف التحالف قبل ذلك كان تنصيب حكومة ديمقراطية حرة مع نظام سياسي قوي و التي يؤمن و يحترم حقوق الإنسان و الديمقراطية و الحرية و يروج و يدعم لثقافة الحياة كما حدث في أوربة و كوريا و اليابان و أفغانستان و الكويت .
و الشخص يتساءل لماذا خاض الأميركيون جميع هذه الحروب !! على الرغم من انه لم يكن هناك حرب واحدة ضد الولايات المتحدة الأميركية . ماذا تستطيع الولايات المتحدة أن تجني من هذه الحروب ؟ هل حصلت الولايات المتحدة على فوائد اقتصادية في خوضها لهذه الحروب و هو يعرض حياة مواطنيه للخطر ؟ ماذا تستطيع الولايات المتحدة الأميركية أن تحصل عليه من هذه الحروب غير المزيد و المزيد من الخسائر لجنودها و خلق حالة عدم الاحترام و الازدراء للأمريكيين خصوصا في الدول الإسلامية ؟ أن الرضى الوحيد التي يمكن أن يحصل عليها الولايات المتحدة هي قيادة العالم في حربها ضد ثقافة الموت و تحقيق مبدأ الحرية و الديمقراطية و احترام حقوق الإنسان و ثقافة الحياة . هذا ما سوف يلاحظه العالم من الآن و صاعدا .
لم تتحرك الدول الإسلامية مطلقا عندما ارتكبت و ( بأسم الدين ) جرائم عدة كاستعمال نظام صدام الخارج عن القانون الأسلحة الكيميائية على الأكراد و الإيرانيين . لم تتصرف الدول الإسلامية حيال هذه المشكلة أبدا . حتى أنها لم تنطق بكلمة إدانة على هذه الجرائم الفظيعة عندما حدثت عمليات الأنفال ضد الأكراد و التي ذهب ضحيتها اكثر من 180 ألف كردي مفقود . إن جرائم حكومة صدام ملأت المقابر الجماعية بالأكراد و الشيعة . و قد تجاهلت الدول الإسلامية جرائم مماثلة في أفغانستان و السودان و آسيا على حد السواء . و الشخص ليتساءل !! لماذا بقيت هذه الدول صامتة في الوقت الذي يحارب فيه المجتمع الدولي الإرهاب و تُدين هذه الجرائم ، بينما نرى الإرهابيين يستغلون الإسلام لترويج ثقافة الموت . لماذا لم يصدروا فتوى واحدة فقط بتحريم قتل المسلمين و المواطنين الأبرياء بأسم الإسلام ؟ ( كان الجهاد الذي دعى إليه النبي [ص] هو لقتال الظالمين في الأرض و ترسيخ مبدأ اللا إكراه في الدين وفي الرأي وفي السياسة كما بيَّنها القرآن في سورة البقرة { لا إكراه في الدين فقد تبين الرشد من الغي} كان حربهم من اجل ترسيخ و تثبيت العدالة في الأرض . و ليس كما فعلت الدول الإسلامية في قمتها عقب ضرب الحكومة العراقية الأكراد في حلبجة بالغازات الكيميائية السامة و ذلك بالتستر عليها و عدم بحث المشكلة ) المترجم .....
ما الذي يقود هؤلاء الناس ليفجروا أنفسهم ؟ هل هو الغضب أم الإحباط أم القدرة و القوة أم الضيق الاقتصادي . هل هو الدين أو المكاسب السياسية أو نقص الثقافة أو المجد الشخصي . على ما يبدوا أن مروجي ثقافة الموت يستغلون معظم هذه الأسباب من اجل تحقيق هدفهم . و لفهم هذه الأسئلة يجب أن ننظر بعمق و نميز بين الثقافتين ثقافة الموت و ثقافة الحياة . عندها فقط يستطيع المرء أن يدلي بخياره . و خيار المسلم المتفكر و الصادق سوف يكون بكل تأكيد خيار ثقافة الحياة .
في يوم من أيام تاريخنا هذا وقف العالم بعيون عمياء و آذان طر شاء ما فعله النازيون بالشعب اليهودي و الشعوب الأخرى خلال الحرب العالمية الثانية ، عندما كان الكمبوديون يقتلون بعضهم البعض و يقتل الأفريقيون بعضهم البعض في راو ندا . لكن العالم تحرك عندما أصبح الوقت متأخرا جدا لإنقاذ الملايين من الناس . هل سيقوم العالم بتكرار ما حدث في التاريخ و ترك الإرهابيين يفوزون في حربهم ضد ثقافة الحياة و الإنسانية . ترجمها إلى العربية : سربست أحمد
#سامان_شالي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
جلس على كرسي الرئيس.. تيكتوكر سوري يثير الجدل بصورة له في ال
...
-
السيسي يعقد اجتماعا بشأن عبور قناة السويس والوصول إلى سيناء
...
-
ربما كان لشمسنا توأم ذات يوم، ماذا حدث له؟
-
أسعار شوكولاتة عيد الميلاد ترتفع بسبب أزمة الكاكاو
-
38 قتيلا جراء قصف إسرائيلي على قطاع غزة
-
مسرح الشباب الروسي يقدم عرضا في نيابوليس
-
بوتين: ملتزمون بإنهاء الصراع في أوكرانيا
-
شاهد عيان يروي فظائع ارتكبتها قوات كييف في مدينة سيليدوفو بج
...
-
المدعية العامة الإسرائيلية تأمر الشرطة بالتحقيق مع زوجة نتني
...
-
لافروف: الغرب يضغط على الشرع ضد موسكو
المزيد.....
-
لمحات من تاريخ اتفاقات السلام
/ المنصور جعفر
-
كراسات شيوعية( الحركة العمالية في مواجهة الحربين العالميتين)
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
علاقات قوى السلطة في روسيا اليوم / النص الكامل
/ رشيد غويلب
-
الانتحاريون ..او كلاب النار ...المتوهمون بجنة لم يحصلوا عليه
...
/ عباس عبود سالم
-
البيئة الفكرية الحاضنة للتطرّف والإرهاب ودور الجامعات في الت
...
/ عبد الحسين شعبان
-
المعلومات التفصيلية ل850 ارهابي من ارهابيي الدول العربية
/ خالد الخالدي
-
إشكالية العلاقة بين الدين والعنف
/ محمد عمارة تقي الدين
-
سيناء حيث أنا . سنوات التيه
/ أشرف العناني
-
الجدلية الاجتماعية لممارسة العنف المسلح والإرهاب بالتطبيق عل
...
/ محمد عبد الشفيع عيسى
-
الأمر بالمعروف و النهي عن المنكرأوالمقولة التي تأدلجت لتصير
...
/ محمد الحنفي
المزيد.....
|