|
وَإِذَا الْمَوْؤُودَةُ سُئِلَتْ
نضال الربضي
الحوار المتمدن-العدد: 4428 - 2014 / 4 / 18 - 08:27
المحور:
ملف : ظاهرة البغاء والمتاجرة بالجنس
وَإِذَا الْمَوْؤُودَةُ سُئِلَتْ
وقفت أمامها فارهة ً بلونها الأسود الميتلاك فنزل َ الزجاج و ظهر َ وجهُه ُ مائلا ً من جهة مقعد السائق نحو نافذة الراكب الخالي مقعدُه، فاقتربت و سألته:
"مص و لا كلشي؟"
فرد عليها : "كم تريدين؟"
رددت مرة ً اخرى: "مص و لا كلشي"
"لن نختلف"، قال لها ثم استتبع "اركبي"
فتحت الباب و دلفت، بينما داس َعلى البنزين و انطلق.
"حاسبني قبل ما نبلش"، قالت له، فقال "عشرون دينارا ً"
"أربعون" قالت.
أجاب: "ولو، معقول؟ أربعين عشان مصه!"
"ثلاثون إذا ً"، أجابت.
نظر إليها، كان جسدها النافر أمام وجهه يستدعي شياطين الأرض كلها تتقافز بين عينيه، بينما تحرك فرخ القرش ِ الصغير أسفل بطنه، فقال "شكلك فنانة! ثلاثين! ثلاثين بتستاهلي!"
لم تجبه بينما كانت السيارة ُ تجتاز ُ الشوارع الرئيسية ثم تدلف منها إلى أُخرى فرعية، حتى وصلت شارعا ً لا إنارة َ فيه، فتوقفت على جانب ٍ منه و أطفأ هو الأضواء، حتى أصبحت قطعة ً من الليل.
فتح محفظته ُ و ناولها الثلاثين فدستها على عجل ٍ في شنطتها، ثم أسرعت إلى بنطالِه فأنزلت سحابه و أخرجت ذاك َ من تحت ملابسه و شرعت تنفذ حركات ٍ آليه ٍ حفظتها منذ أن أجبرت نفسها على هذه القذارة.
لم تر َ وجهَه ُ و هو يتقلص و هي تُطبق بشفتيها هبوطا ًو صعودا ً على عُضو ذكورته، و لم تسمع صوته و هو يئن ُّ تحت تأثير ِ شفتيها، لكنها تذكرت ولدها الصغير َ المريض، و أباها العاجز َ النائم في الفراش، و صوت أمها الصارخ "يا رب" كل صباح، و كأنَّها تذكرت زوجها الأول َ و هو يرسل ُ وجهها إلى الجدار بكلتا يديه، و تذوقت - لا الذكر َ الذي في فمها- لكن طعم الدم الأول حين تمزقت شفتها من وقع الاصطدام، و خُيِّل لها أنها تريد أن تبكي فأطبقت بكل قوتها على ذكره المنتصب حتى اعتصرت كل ما فيه.
ناولها الورق الصحي فمسحت ذكره، و ملابسه، و فمها، ثم ابتمست ببلاهة ٍ لا معنى لها بينما نظر إليها لا يدري ماذا يريد أن يقول، و لا تدري هي إن كانت تريده أن يقول أي شئ، ثم استدركت و قالت "أوصلني إلى الشارع الرئيسي".
دار المحرك و خرجت معه إلى حيث ُ النورُ و السيارات، فنزلت، كان ذاك َ زبونها الأخير هذه الليلة، فاستقلت تاكسي عائدة ً للبيت، و حرصت قبل أن تدخل َ الدار أن ترتدي معطف َ الممرضة ِ الأبيض الذي ابتاعته منذ زمن ٍ و الذي لا يفارق شنطتها.
كانت والدتها تصلي الفجر، فدخلت على استحياء، و حين انهت أمها الصلاة، ذهبت كعادتها إلى مُسجلها العجوز، و أدارت القرآن، فداهمها صوت الشيخ عبد الباسط حزينا ً " وَإِذَا الْمَوْؤُودَةُ سُئِلَتْ بِأَيِّ ذَنبٍ قُتِلَتْ".
سبقتها دموعها، و لم تطق السؤال، فحنت رأسها للأسفل ثم شهقت في نفسها و هي تردد : "أنت قل لي!".
---------------------- هذه القصة من وحي بائعة الهوي التي تمرُّ كل يوم ٍ من أمام عملي، أراها، و أرى الحزن الذي في وجهها، و أتذكر زميلي الذي أتاني يوما ً يخبرني عن حواره معها. أنا شديد ُ الحزن، لا أعلم كيف يمكنني أن أُساعدها، أو هل بإمكاني أن أساعدها. لكن على الأقل أخي أختي يا من يقرأ اليوم، إن شاهدت َ بائعة َ هوى لا تحتقرها، تذكر أنها بشر.
#نضال_الربضي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
عندما تجلس لتتعلم
-
رسالة إلى رواد الموقع الكرام.
-
قراءة في واقع المسلمين العرب – الكشف ُ عن جذر ِ التخلف.
-
إلى الأستاذ غسان صابور – و إلى الحوار المتمدن من خلاله
-
خاطرة قصيرة – من وحي الحب من فم القديس أنطونيوس
-
من سفر الإنسان – قراءة في الموت.
-
قراءة من سفر التطور – كرة القدم شاهدا ً.
-
قيمة الإنجيل الحقيقية – لماذا المسيحية كخيار 4 (من وحي الألب
...
-
ماري
-
من سفر الإنسان – الوحدة الجمعية للبشر و كيف نغير المجتمعات 2
-
خاطرة - قرف ُ المازوخية عند المُستسلمة
-
عودة حركة 24 آذار – تعبير ٌ عن الرأي في الوقت الخطأ
-
صور ٌ من الكراهية – عن الموقف من الأستاذ سامي لبيب
-
قراءة في الوحشية – الوجه الآخر للإنسان
-
قراءة في الشر – مباعِثُه، مظاهره، و ارتباطه بالدين و الألوهة
-
في اللاهوت و حرية الإنسان
-
قيمة الإنجيل الحقيقية – لماذا المسيحية كخيار؟ - 3 (من وحي ال
...
-
لماذا يُقتل رائد زعيتر؟
-
قراءة في تحريم الخنزير
-
في تحرير المرأة – مُمارساتٌ عملية للتمكين 2
المزيد.....
-
استفزه فضربه الآخر بكرسي.. مرشح لمنصب عمدة بالبرازيل يهاجم م
...
-
كاميرا ترصد لحظة القبض على المشتبه به في محاولة اغتيال ترامب
...
-
ترامب يعلن أنه سيتفاهم مع روسيا والصين إن فاز بالانتخابات
-
جزر الكناري تستقبل 500 مهاجر غير شرعي من جنسيات مختلفة خلال
...
-
إثيوبيا تصل قريبا للبحر الأحمر.. توتر جديد بالقرن الأفريقي؟
...
-
الصومال يوقع قانونا يلغي الاتفاقية بين إثيوبيا وجمهورية أرض
...
-
هل باتت الحرب بين إثيوبيا ومصر وشيكة؟
-
نصف سكان الأرض لا يتناولون ما يكفي من 7 عناصر غذائية هامة..
...
-
الجيش الإسرائيلي يعتقل 3 فلسطينيات بينهن زوجة القيادي الأسير
...
-
الدفاع الروسية تنشر فيديو لتطهير قرية حدودية من قوات كييف
المزيد.....
-
الروبوت في الانتاج الراسمالي وفي الانتاج الاشتراكي
/ حسقيل قوجمان
-
ظاهرة البغاء بين الدينية والعلمانية
/ صالح الطائي
المزيد.....
|