أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جواد بولس - أحبوا بعضكم بعضًا - كانت الوصية -














المزيد.....

أحبوا بعضكم بعضًا - كانت الوصية -


جواد بولس

الحوار المتمدن-العدد: 4426 - 2014 / 4 / 16 - 23:44
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



لا أعرف إن كانت هنالك صلات تنظيمية بين الأجسام التي عارضت تنفيذ مجموعة من النشاطات الاجتماعية والفنية التي كان مزمع تنفيذها في بعض من قرانا في الجليل والمثلث. ففي باقة الغربية اضطر منظمو مسيرة رياضية، استهدفت إشراك جميع أفراد العائلة في نشاط ترفيهي هادف ويشمل عرضًا لسيرك وغيره، اضطروا إلى إلغائها منعًا لـ"الفتنة"، كما جاء في إعلان المسؤولين هناك. سبق ذلك، توزيع مناشير وبيانات موقعة باسم حركات إسلامية دعت إلى إلغاء الفعّالية وذلك لكونها لا تتوافق وقواعد الشريعة الإسلامية، وبما قد يتيحه الاختلاط من وقوع النساء المشاركات في الخطيئة والشرك. بينما، في عكا تصدّت مجموعة من التكفيريين لعرض فرقة  "وطن على وتر" ومنعت الجمهور من دخول قاعة العرض  بحجة أن الفرقة  تعرّضت، في الماضي، في أحد عروضها،  الساخرة الناقدة للإخوان المسلمين. وأخيرًا، في سخنين اعترضت حركة إسلامية على عرض فيلم "المخلص" الذي يروي قصة المسيح، ولتوضيح موقف المعارضين نشر خمسة من أئمة مساجد سخنين بيانًا عللوا فيه موقفهم الرافض لعرض الفيلم بارتكاز روايته على ما جاء في إنجيل لوقا عن حياة المسيح وليس كما قبلتها العقيدة الإسلامية. إلى ذلك فلقد "نصح" الأئمة المسيحيين، إذا أرادوا، أن يعرضوا الفيلم  في كنائسهم أو بيوتهم. ووعدوا بأنهم سيبقون: "حصنًا حصينًا للدفاع عن عقيدتنا وشريعتنا وقرآننا الكريم". 
نحن إزاء ظاهرة قطرية تعكس نمو فكر تكفيري ينتشر بوتائر سريعة. لن يشذ أصحاب هذا الفكر عمّن سبقوهم في الحركات السياسية الإسلامية التكفيرية ولسوف يحذون حذوهم في مساعيهم لفرض ما يحسبونه حقهم وواجبهم في سبيل الذود عن إيمانهم، كما يفهمونه، فدونه، كل موقف وفعل وإيمان باطل ولاغ وحرام.  
أمامنا المشهد واحد، فمن ينتظر ماذا؟ وماذا يجب أن يحدث كي يستشعر المؤمنون بالإنسان ورفعته وبحرّية الكلمة والرأي والعبادة، أن الخطر داهم وأن الوضع أعوص من طبطبة هنا وكلام عن الأخوّة والتسامح هناك، فلقد علّمنا التاريخ أن إنكار الوجع لا يوقف النزف وإطباق العيون في الظلمة لا يستحضر النور، ودائمًا كانت الوقاية خير من قنطار علاج. 
ما جرى في سخنين هو فصل من فصول الرواية ذاتها، وقد يتوهّم البعض أن للقضية أبعادًا طائفية وحسب، وأنا لا أعتقد ذلك، لأنني أعتقد أننا قد تخطينا هذا التوصيف وما نحياه اليوم، في فلسطين الكبيرة، هي  حالة أقرب إلى "البوست طائفية"،  أي ما بعد الطائفية. ففي باقة الغربية يعيش المسلمون فقط، وعكا مدينة الحب والريح كانت، وأمّا في سخنين، فالمسيحيون تذكار لمعنى الحنين؛ أقلّية، كأخواتها، تؤمن، ونحن في أيام الفصح المجيد، "بوصية المحبة" التي أوصاها المسيح لتلاميذه بعد عشائه الأخير معهم: "أحبوا بعضكم بعضًا، كما أنا أحببتكم، بهذا يعرف الجميع أنكم تلاميذي.." فهكذا كانت وصية الفلسطيني لأتباعه قبل ألفي عام، (أو "المخلص" كما سمّاه ذلك الفيلم المحظور).
نجحت، في المواقع الثلاثة، تلك الجماعات، في تحقيق ما ناشدت به وخضع القائمون على النشاطات وقرروا إلغاءها، درءًا لوقوع الفتنة، كما نقلوا مبررين وشارحين. الرضوخ لمطالب تلك الجماعات والتنازل عن  محاولات التحاور معها والعزوف عن مناقشة مواقفهم، يشكّل تراجعًا خطيرًا وهو، بحد ذاته، مسببًا لزيادة في شهيّتها واستغلالها لمضاعفة مطالبها وشد ملازمها على مجتماعاتنا كلّها.
بالمقابل، فلقد غابت، كما في كثير من هذه الحالات المشابهة في الماضي، أصوات معظم الأحزاب (أدان حزب التجمع هذه المواقف في بيان مستقل واضح. ولسوف أتطرّق لاحقًا "للا موقف" الجبهة والعربية للتغيير) والمؤسسات والشخصيات، لا سيّما من يعرّف ذاته منهم بالمثقف المتنور، أو الديمقراطي أو المتحرر وما إلى ذلك من تصنيفات تساق من على منصات مؤتمراتهم البحثية الأكاديمية، فباستثناء بعض الأصوات النقية الجريئة، صمت رئيس لجنة الرؤساء السخنيني ومعه صمتت معظم  الرؤوس، أما لجنة المتابعة العليا فأثبتت مجددًا أنها سيدة "التطنيش". صمتكم يا سادة، بمثابة خوذات تحمي رؤوس من يسعى لإسدال الستائر على مسارحنا وإطفاء القناديل في حاراتنا. 
وأخيرًا، عساكم، أيّها المتفرجون أن تعتبروا من دروس التاريخ ومما حصل مثلًا، في زمن المحنة وما تلاها.  فلقد وصل الذل إلى "ابن حنبل" وهو واحد من أئمة المسلمين بإجماع العامة والفقهاء، فحين كفّرته طائفة، سجنه الخليفة المأمون بن هارون وعذّبه وتمادى في ذلك من بعده "المعتصم"، الذي أمر الجلادين، فعلقوه بين السماء والأرض وضربوه إلى أن أصابه أحدهم بسوطه فقطع جلد بطنه وتدلت أمعاؤه... ثم ألقوه ليظل لأكثر من عشرين عامًا مستترًا في بيته مخلوع الكتفين، مفتوق البطن حتى مات.
نحن شعب يتوق إلى حرّيته ويكافح من أجل حياته الكريمة وكرامته التامة، فلا أحد يعترض على حق أي جماعة أو طرف، في التعبير عن رأيه الرافض لهذا الموقف أو ذلك الفكر، أو أن يتحفظ على عرض مسرحية أو فيلم، أو إلقاء  قصيدة أو أغنية. ولكن، بين هذا الحق ومحاولة فرضه بالترهيب والوعيد والتلويح بفتنة دانية ودماء قد تراق، البون شاسع؛ فعندما يصير الرأي، لدى فئة أو جماعة أو فصيل، مقدّسًا والإيمان مطلقًا، تسقط الضحايا، وتصبح الحياة، حياة الآخرين، مجرد ذبيحة وأرخص من عفطة عنز.  



#جواد_بولس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- محامون تحت نارين
- في القدس، ألهوية الزرقاء إن حكت
- حين نتقاتل على السماء نخسر البلد
- أعدلٌ وناصرة عليا؟
- تاريخ أخرس
- لكُنَّ في آذار السلامة والحب
- لماذا وُلدّتَ يا عمر ؟
- ليت الفتى إمرأة
- لا للتجنيد: صرخة أو صرختان
- حق إضراب ألأسرى عن الطعام لا يمس
- بين كيري وقدسنا بندقية
- ألحريّة لمرّوان البرغوثي
- عنجهية VIP
- عند العقدة يبرع النجّار
- أمل وحرية بحجم السماء
- صمت الغنائم
- لماذا يخافون شجرة الميلاد؟
- دندنة شمعون بيرس: -أنا زي مانا وإنت بتتغير-
- -عوفر-..سجنٌ أم مرجُ غزلان؟
- أصوات وبنادق


المزيد.....




- -عيد الدني-.. فيروز تبلغ عامها الـ90
- خبيرة في لغة الجسد تكشف حقيقة علاقة ترامب وماسك
- الكوفية الفلسطينية: حكاية رمز، وتاريخ شعب
- 71 قتيلا -موالين لإيران- بقصف على تدمر السورية نُسب لإسرائيل ...
- 20 ألف كيلومتر بالدراجة يقطعها الألماني إفريتس من أجل المناخ ...
- الدفاع الروسية تعلن تحرير بلدة جديدة في دونيتسك والقضاء على ...
- الكرملين يعلق على تصريح البنتاغون حول تبادل الضربات النووية ...
- روسيا.. اكتشاف جينات في فول الصويا يتم تنشيطها لتقليل خسائر ...
- هيئة بريطانية: حادث على بعد 74 ميلا جنوب غربي عدن
- عشرات القتلى والجرحى بينهم أطفال في قصف إسرائيلي على قطاع غز ...


المزيد.....

- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني
- ، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال ... / ياسر جابر الجمَّال
- الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية / خالد فارس
- دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني / فلاح أمين الرهيمي
- .سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية . / فريد العليبي .


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جواد بولس - أحبوا بعضكم بعضًا - كانت الوصية -