أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - هنية ناجيم - تفاحة النجاة














المزيد.....


تفاحة النجاة


هنية ناجيم

الحوار المتمدن-العدد: 4426 - 2014 / 4 / 16 - 19:10
المحور: الادب والفن
    


ناوَلتْهُ تفاحة من السلة، التي كانت تحملها بين يديها، ليبلل ريقه الذي جف من النقاش الحاد بينهما، وكاد يتسبب في هلاكه عندما انقضت عليه نوبة الفزع جرى ما قالته له، أن ما بينهما من علاقة حب قد انتهت. وأنها ستتزوج التاجر الغني الذي يكبرها بعشرين سنة، والذي أغرى والديها اللذان شاخا على الفقر، فلم تشأ هي أن يكون مصيرها معه بنفس شقاء والديها، فتضطر إلى بيع ابنتها كما فعل والديها معها..
تناول نعيم من يديها التفاحة، مضطرا، وصار يأكلها بشراهة وعيناه جاحظتان في خلود التي همت بالرحيل، تاركة إياه، وحيدا، يرتمي حيث يقف، ثم ينتصب ليجلس القرفصاء. وعند انتهائه من قضم التفاحة ألقى بالبذور وراء ظهره.
كانت الدموع تنزل منهمرة من عينيه بكل حرقة وحسرة على وفائه لها والتزامه بعهد الحب بينهما. "كيف تخونني؟؟!"، قال متسائلا والغضب يُرعد كل كيانه ويبرق من مقلتيه بكل كراهية، فتفجرت منهما دموع الحزن والأسى بمزيد من السيلان. وأحاسيس الخيبة تقطع قلبه إربا، وتنتحر من نبضاته آهات الألم. يبكي.. ثم يبكي.. والدمع يهطل كنهر جارف يبلل المكان القفر الذي يجلس فيه القرفصاء. والرياح تعوي، ويكاد صوت انتحابه يحاكيها بكل قوة.. والحر الشديد يندي جبينه.. حتى أضحى كل جزء من جسده يبكي بطريقته.
وفجأة، لمح ظلا ينتصب وراءه. انتصب واقفا بدوره والتفت ظانا منه أنها خلود قد عادت، لكنه وعند التفاتته نحو مصدر الظل تفاجأ بشجرة مليئة بالتفاح، ذات علو يفوقه طولا، وفروعها الملتوية ينعصر منها متدليا أكبر تفاح شهدته عيناه. أيعقل أن دموعه المخلصة قد أنبتت الشجرة المعجزة خلال دقائق بعد رميه لبذور التفاحة التي سلمتها له خلود؟؟!
فهبت رياح قوية هزت كل الشجرة في نفس الوقت. فتسببت بقلع كل التفاح من فروعه، وهمت، كحجارة، لتتساقط عليه، ومن شدة هلعه وعى على نفسه وهو ينتصب واقفا، وقد صحى الهلع إياه من حلمه ونومه. فتنفس الصعداء واطمأن أنه كان يحلم فقط، لكنه حين استرجع وعيه تماما انتبه، مصعق، إلى النار التي أتت على كل غرفة نومه.. ولا تبعد عنه سوى بشبرين فقط. انتصب واقفا هاربا من النار نحو النافذة شبه المفتوحة، ولم يعي بنفسه إلا وهو يقفز منها نحو الخارج.. ويهربُ دون أن يلتفت إلى الوراء.. ولحظة، حينما لفحه هواء الفجر البارد المنعش، إطمأن واستفاق من هول الصدمة، فوقف لاهتا واستدار إلى الخلف، حيث منزله الملتهب، حامدا ربه أنه يسكن الطابق الأرضي، وأن التفاحة أيقظته من حلمه، وأنجته من النار. وكانت خيوط الصبح المتدلية من الأفق تعلن عن بداية حياة جديدة له، بعد انبعاثه من الموت المحقق.




#هنية_ناجيم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- جفت بحاري
- نسيتُ اسمي
- كفاحي - بين عشق الكتب وندرة المال
- رسالة إلى الأمطار
- انزواء
- والنافقات من الحروف معاني
- الطفولة ومستقبلها المغتال
- كاسف القلب
- جُثَثٌ
- سفن نبضي
- قرابين الأمل
- قرابين
- من أنا؟
- رسالة إلى نفسي -فلا تقرأوها
- صراع الأنا والآخر -جدلية تقبل الآخر
- جدلية تقبل الآخر
- التراث - بين الحق والإستيلاء
- جروحي
- برزخ - حياة الموت
- أنا البحر


المزيد.....




- الكاتبة ريم مراد تطرح رواية -إليك أنتمي- في معرض الكتاب الدو ...
- -ما هنالك-.. الأديب إبراهيم المويلحي راويا لآخر أيام العثمان ...
- تخطى 120 مليون جنيه.. -الحريفة 2- يدخل قائمة أعلى الأفلام ال ...
- جائزة الشيخ حمد للترجمة والتفاهم الدولي تكرِّم المؤسسات الإع ...
- نقل الموناليزا لمكان آخر.. متحف اللوفر في حالة حرجة
- الموسم السادس: قيامة عثمان الحلقة 178 باللغة العربية على ترد ...
- حبس فنانة مصرية 3 سنوات
- راسل كرو.. لماذا انطفأ نجم صاحب الأوسكار وأصبح يعيش في الماض ...
- أحداث مليئة بالإثارة والتشويق في الحلقة 178 من مسلسل المؤسس ...
- الكاتبة الروائية (ماجدة جادو) ضيفة صالون الفنان -مصطفى فضل ا ...


المزيد.....

- مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- نظرات نقدية في تجربة السيد حافظ الإبداعية 111 / مصطفى رمضاني
- جحيم المعتقلات في العراق كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- رضاب سام / سجاد حسن عواد
- اللغة الشعرية في رواية كابتشينو ل السيد حافظ - 110 / وردة عطابي - إشراق عماري
- تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين / محمد دوير
- مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب- / جلال نعيم
- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - هنية ناجيم - تفاحة النجاة