الحاج ناجي اللامي (1848-1950) في ذاكرة المس بيل

سيف عدنان ارحيم القيسي

الحوار المتمدن-العدد: 4426 - 2014 / 4 / 16 - 16:09
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    

الحاج ناجي اللامي
(1848-1950)
في ذاكرة المس بيل
ارتبط تاريخ العراق المعاصر لاسيما بعد الاحتلال البريطاني للعراق 1914 بعدد من الشخصيات البريطانية التي تركت بصماتها الواضحة في السياسة العراقية ومن بين هذه الشخصيات اللامعة هي المس بيل سكرتيرة دار الاعتماد البريطاني في العراق ويسميها البعض"الخاتون" كما يلقبها السياسي العراقي عبدالمجيد الشاوي"بأم ألمؤمنين لكونها الشخص الذي يمكن من خلاله تحقيق مطامحهم ومآربهم السياسية والتقرب من دار الاعتماد فكانت بحق ما تملكه من موهبة سياسية تمكنت من كسب ولاء الكثير من العراقيين والذين وجدت من خلالهم ضآلتها لتمرير خططهم المتبعة في العراق وخلق قاعدة مولية لبريطانيا من الأعيان والعوائل العراقية المعروفة في العراق ومن السياسيين وكان مقر أقامتها في بغداد مكان لتواجد هؤلاء السياسيين والذي يسميه جون فيلب"مرتع العزوبية" لكونه يتم التخطيط للسياسة العراقية في مقر أقامتها.
ومن بين الشخصيات التي كانت على صلة وثيقة بالمس بيل هو الحاج ناجي بن رضا بن كاظم بن مطر اللامي الذي ولد في عام 1848 وهو من أعيان بغداد المعروفين وكان على علاقات وطيدة مع السلطات العثمانية وكانت له مزارع وبساتين كثيرة بمساحات شاسعة مما جلب انتباه الأنكليز اليه وفي مقدمتهم المس بيل وكان لبستانه المطل على ضفاف نهر دجلة في منطقة الكرادة ووجدت المس بيل ضآلته في بستان الحاج ناجي لقضاء فترة من النزهة والترويض وركوب الخيل معه،فقد شبهت هواء ونسمات الكرادة بالريف الإنكليزي ومنظر الصيادين يفرشون شباكهم في الهواء الطلق في طارمات دور عائلة الشبيبي لغرض حياكة ما تقطع منها وقد تلاشت هذه المناظر الممتعة مع الزوارق.
وبدأ تعارف المس بيل وتقاربها مع الحاج ناجي عندما كان يشغل مديراً لبلدية الكرادة(1923-1933)بعد الاحتلال البريطاني للعراق وأصبحت العلاقة بينهما وثيقة ففي رسالة لوالدها في الثلاثين من تشرين الثاني 1919 لوالدها تصف الحاج ناجي"بأنه شخص طيب ومزارع ممتاز وصديق مخلص وكان ما يهمه ان يترك وشأنه وأن يعيش في ظل حكومة محترمة تدعه يجبي مما يجنيه".
وكانت المس بيل بدورها تستأنس بآرائه عن الشخصيات الاجتماعية العراقية لكونه أكثر احتكاكً بهم لمقربته من اكثر الوجوه العراقية المعروفة ويمكن تقرب المس بيل م لهذا السبب من الحاج ناجي اللامي.
وبهذا التقارب الذي حققته المس بيل من الحاج ناجي تمكنت من كسب وتحييد شخصية عراقية معروفة وكونه من شيوخ العشائر المعروفين،لاسيما ما رافق احداث العراق أبان ثورة العشرين من تنديد بالسياسية البريطانية وأقيمت الخطب الحماسية من أجل شحذ همم العراقيين للثورة فكان الحاج ناجي معارضاً للثورة وكان لموقفه هذا ان خلق له عداء من العراقيين بسبب موقفه وبدوره شكى ذلك الى المس بيل فتشير برسائلها لموقفه "قمت بزيارته عندما أقيمت احتفالات المولد النبوي فوجدته في وضع نفسي غير رائع فقد عاش مده عصيبة أثناء شهر رمضان بسبب ما مارسه المتطرفون(تقصد الوطنيون القائمون على التنديد ببريطانيا)من ضغوط الى جانب توجيه الشتائم له بهدف دفعه للمشاركة في الاضطراب وقد أخبرني قائلاً لا يغمض لي جفن في الليالي وقد قمت بتعيين حارساً يقوم بحراستي كوني وحيداً وبعيداً عنكِ،وأن هؤلاء لا يتوانون عن القيام بأي عمل عندما تكونين بعيدة عني،وقدمت بدوري بتهدئته ووعدته بتواصل زيارتي له"،وهذا يبين مدى الصلة التي كانت تربط هذه الشخصية البغدادية المعروفة بالمس بيل بل وبالسياسية البريطانية حتى بدأ أسمه يقترن بالمس بيل وأطلق العراقيون بسببه على البريطانيون لقب "أبو ناجي".
ونتيجة لموقف الحاج ناجي من بريطانيا وبحكم العلاقة التي تربطهما تم اختياره عضواً في المجلس التأسيس العراقي في عام 1924 دون علمه بالأمر فسأل الحاج ناجي بدوره المس بيل عن سبب أختياره في المجلس دون سابق علم بالأمر الى ان اخبره مختار الكرادة بفوز فقالت له "نحن نعتبرك صديقناً"،بالرغم من ان الانتخابات المعلن عنها ستجري بطريقة الانتخاب ولكن في حقيقتها أن(74) مرشحاً من قائمة مرشحي الحكومة(98)انتخبوا لعضوية المجلس التأسيسي من أجل إمرار المعاهدة العراقية-البريطانية لعام 1922 وهي بهذا حاولت ايجاد نواب موالين لتوجهاتها ومنهم الحاج ناجي.
ولكن هذه الصلة التي ربطت بين الحاج ناجي والمس بيل لم تستمر طويلاً لوفاة الأخيرة في الثاني عشر من تموز 1926،ليفقد بعض الشخصيات العراقية المس بيل التي ارتبطوا معها برابطة المصالح والمنافع المتبادلة طيلة وجدوها في العراق ومن بينهم الحاج ناجي اللامي الذي كان حادث وفاتها عليه صدمة كبيرة بعمق العلاقات بين الجانبين وكان الحاج ناجي عضواً مؤسساً في جمعية الهلال الأحمر العراقية وبالرغم من نشاطه في المشهد العراقي الا أنه بقى في سنواته الأخيرة بعيداً عن الأضواء السياسية العامة منشغلاً في بستانه الى وفاته في عام 1950 عن عمر ناهز (102).
الدكتور
سيف عدنان ارحيم القيسي

#سيف_عدنان_ارحيم_القيسي (هاشتاغ)      

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات