أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حمودة إسماعيلي - اعتياد المواطنين للعبودية عبر خطاب الصبر














المزيد.....

اعتياد المواطنين للعبودية عبر خطاب الصبر


حمودة إسماعيلي

الحوار المتمدن-العدد: 4424 - 2014 / 4 / 14 - 14:50
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


الصبر هو تحمّل وضع غير مريح لمدة معينة "محددة"، يعرف الشخص أنه بعدها سيتخلص من ذلك الوضع نظرا حسب درجة وقدرة تحمّله، لكن الصبر على وضع غير مريح بشكل مطلق ودون معرفة مسبقة بالمدة المخصصة : تتكيّف الذات على إثر ذلك تلقائيا مع الوضع كضرورة مفروضة لضمان استمرارية الممارسة الحياتية تحت الظروف الضاغطة، مثلما يتكيّف العبد مع وضع (تقديم) الخدمات المطلقة في بيت مشتريه ـ فالعبد لا يصبر على غطرسة سيده، بقدر ما يمارس دوره العبودي نظرا لأن قيمته الوجودية مدفوعة التكاليف : أو مُتشراة Cash.

فعندما تتحمل أمرا طارئا أو عابرا، فذلك صبر. أما أن تتعايش مع ذلك الأمر/الوضع فتلك عبودية : نظرا للرفض المعلن/أو الغير معلن للواقع الراهن ـ فالرفض يدفع للتغيير، لكن العجز عن التغيير، مثلما يعجز العبد عن تغيير دوره رغم رفضه المكبوت له، لا ينتج عن ضعف القدرة (كما عند العبد لمجابهة سيده) بل عن ضعف معرفي وهو تحديدا "غياب الوعي السياسي"؛ لدى المواطن الذي يمتلك الخصائص والعناصر لمجابهة شبح نظام الدولة. لكن توظيف هذا الشبح لخطاب الصبر عبر تمويه يشوّه مفهوم "الصبر"، حتى يتلقّاه المواطن بشكله المطلق : الأمر الذي يعمل على إضعاف إرادته، فالصبر المطلق (الغير محدد معرفيا) يضعف الشخصية التي تكتفي (نتيجة ضغوط التّحمّل المُتعِبة والسّالبة للطاقة) بمسايرة الواقع (الغير طبيعي) المفروض بشكل مشوَّه، كضمان لحياة هانئة وآمنة ـ كضمان القوت والمبيت بالنسبة للعبد إثر تكيّفه المتقن مع الدور العبودي.

أما عن مصدر قوة هذا الشبح السياسي، فإن إتيان دولابويسي يقف في مقالته "العبودية الطواعية"، على أبرز العوامل الخفية والمساعدة، حين يقول : "أنتم تضعفون أنفسكم لجعله أقوى وأكثر صلابة في القبض بتمكّن على حبل قيادكم. إن بوسعكم التخلص من تلك الموبقات الكثيرة التي لا تقوى البهائم على تحمّلها لو كانت تحس بها. إن بوسعكم التخلص منه إذا ما سعيتم. لا تسعَوا إلى التخلص منه بل أعربوا عن الرغبة في ذلك فقط. احزموا أمركم على التخلص نهائيا من الخنوع وها أنتم أحرار".

ويضيف في معرض آخر من المقالة، لدى تطرّقه في الحديث عن مََن "تأتيه السلطة عن طريق الشعب فيبدو لي (له) أن عليه أن يكون مُحتَملاً أكثر. وأعتقد أنه يمكن أن يكون كذلك لولا أنه ما إن يرى نفسه مرفوعا أعلى من الجميع، حتى يساوره الغرور بفعل ذلك الذي يطلقون عليه اسم العظمة، فيصمّم على أن لا يتزحزح عن مقامه. ويعتبر على نحو شبه دائم أن القوة التي منحه الشعب إياها، ينبغي أن ينقلها أبنائه. والحال أن العجيب في هؤلاء، أن تراهم فور تبنّيهم هذه الفكرة، كيف يتجاوزون كل أنواع الرذائل، بل حتى في صنوف البطش، كل الطغاة الآخرين، ولا يجدون من وسيلة لضمان طغيانهم الجديد ما هو أفضل من نشر العبودية وتعميمها". وليس هناك من طريقة تتفوق فعاليا عن خطاب الصبر : كشحن المواطن باقتباسات تُعلي من إنسانيته كلما تحمّل مزيدا من البؤس وألم الفقر ـ فالإحباط السياسي (هنا) ليس أكثر (كتفسير خدّاع) من اختبار وتتويج لسيادته (المواطن) الإنسانية كشبيه لقديس لاهوتي ! ما يثير الشفقة حول العقل المنتحر نتيجة ضغط الصبر العبودي الخانق.

في تعليق لباسكال كينيار بكتابه "الجنس والفزع" عن الإمبراطور الروماني تايبيريوس الذي كان يصرّح باستمرار مستغربا "عجبي منكم أيها البشر، يا مُحِبِّي العبودية". فيقف دولابويسي على مكمن الخلل حينما يقول (حسب نفس المقالة المُقتَبس منها سابقا) : "إن السبب الأول الذي يجعل الناس يُستعبَدون طوعا، هو أنهم يولدون أرقّاء وتجري تنشئتهم على ذلك. ويصدر عن هذا السبب الأول سبب آخر : يصير الناس بكل يسر في ظل العبودية، جبناء ومخنّثين".

إن العبودية عادة مكتسبة (كاختيار غبي)، وليس إجبار سياسي محض (كتكيّف لا إرادي) ! فحينما تتعلم التوقف عن الصبر، مثلما تعلمت الصبر، لن تعتاد العبودية. يجب أن تفقد صبرك كي لا تفقد إرادتك وحيوتك وحبك للحياة، فالصبر يعلم الانتظار حتى لو أنه لا شيء سيأتي ! . أما ميزته الوحيدة فهي أنه على درجة صبرك تأتي قابليتك للعبودية، فالعبد الصبور هو الأكثر طلبا بسوق الرقيق، وكلما زادت شدة صبر العبد كانت له أولوية الالتحاق بعالم العبودية : فالأسياد تتهافت على ضعف الخدمات مادام الأجر Stable (مستقر).



#حمودة_إسماعيلي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عقدة الإنتماء : أو انعكاس صدمة الدولة على الأفراد
- الإنسان ليس كائن بل مفهوم
- أسئلة لما بعد الموت
- الطبيعة البشرية للأفراد تنعكس في الصحفي
- الميكانيزم الدفاعي الجماعي : أو كيف يتصرف المُجتمع المصدوم م ...
- تحويل الأطفال من كائنات ذكية إلى مرضى نفسيين
- التشريع الذكوري للحكم ب-إخصاء- المرأة سياسيا
- تقرير خاص عن حالتك النفسية
- السلطة الوراثية للرجل على المرأة
- ما يقوله الناس
- شخص قد تعرفه
- أدلجة الأطفال عبر الرسوم المتحركة
- الأمراض الفيسبوكية : 3 حالات
- الإسلام ليس مُسلماً
- ضياع الشهيد السوري بين النظام والمعارضة
- إهانة الأقزام في السينما والتلفزيون
- بلاد الشر أوطاني
- الرودِيو العربي : تعليق كارل ماركس على الثورات العربية
- خرافة الفيلسوف
- عطرٌ رخيص


المزيد.....




- -بحب أغيظهم-.. محمد رمضان يعلن عن جديده بعد جدل إطلالته في - ...
- لقطة تثير تفاعلا واسعا خلال استقبال أمير قطر لأحمد الشرع في ...
- الكويت.. فيديو يُظهر مرافقة مقاتلات من سلاح الجو لطائرة السي ...
- ضربة إسرائيلية تستهدف غرفة مسبقة الصنع في جنوب لبنان
- الجيش الأمريكي قد يخفّض أعداد قواته في سوريا إلى النصف
- من الأفيال إلى النمل.. تحول خطير في عمليات -قرصنة الحياة الب ...
- ترامب يرسل روبيو وويتكوف في مهمة إلى باريس
- -البنتاغون- تعلق على تقارير حول تقليص قواتها في سوريا
- مسؤولة إغاثية تحذر من كارثة ستحل بأطفال أفغانستان بعد قطع ال ...
- المشروبات الكحولية الأكثر خطورة على الصحة


المزيد.....

- فهم حضارة العالم المعاصر / د. لبيب سلطان
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 1/3 / عبد الرحمان النوضة
- سلطة غير شرعية مواجهة تحديات عصرنا- / نعوم تشومسكي
- العولمة المتوحشة / فلاح أمين الرهيمي
- أمريكا وأوروبا: ملامح علاقات جديدة في عالم متحوّل (النص الكا ... / جيلاني الهمامي
- قراءة جديدة للتاريخ المبكر للاسلام / شريف عبد الرزاق
- الفاشية الجديدة وصعود اليمين المتطرف / هاشم نعمة
- كتاب: هل الربيع العربي ثورة؟ / محمد علي مقلد
- أحزاب اللّه - بحث في إيديولوجيات الأحزاب الشمولية / محمد علي مقلد
- النص الكامل لمقابلة سيرغي لافروف مع ثلاثة مدونين أمريكان / زياد الزبيدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حمودة إسماعيلي - اعتياد المواطنين للعبودية عبر خطاب الصبر