أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - امير سامي غطاس - قصة قصيرة - همسات سَرْمَدِيَة














المزيد.....

قصة قصيرة - همسات سَرْمَدِيَة


امير سامي غطاس

الحوار المتمدن-العدد: 4423 - 2014 / 4 / 13 - 14:07
المحور: الادب والفن
    


"صدى الصوت لا يزول..." قال البروفيسور الاوروبي في مؤتمر صحفي , ويكمل حديثه : "لذلك طوّرنا آلةً تستقبل الموجات الصوتيه وتترجمها على مكبّر صوتي مبرمج" .

موجه من الهدوء والاصغاء تعم القاعه، فيقول منتصراً : "اذاً جئنا الى الاراضي المقدسه لنُسمع العالم بأسره عِظات السيد المسيح بصوتهِ الحقيقي" ....

وفي احدى الليالي الساكنه في الاحراش القريبه من الناصرة بالقرب من كنيسة القديسة حنّه الباقيه على انقاض قرية صفوريه المُهجرة كانت الآله مُشغله تلتقط اصوات وهمسات عبر الزمان .

قطع نعاس البروفيسور صوتُ بكاء ... بكاء طفله ... طفله مستنجده مستغيثه ؛ بتنهدٍ عميق وبصوتٍ مرهف تقول :

لا اعرف التحدث والكلام بصوتٍ مسموع ولا اجيد الكتابه، فلتنبثق همساتي من اعماق قلبي الحزين اليك يا زمان و احفظه في الأثير -;-

ولدتُ من رحمِ شعبٍ عانى وقاسى الظلم والتشريد في ليلةٍ ظلماء حالكة السواد منتكبه على هدير القنابل وازيز الرصاص في سماء بلادي الصافي يُنذر بالشؤم والمصائب والويلات على ارضٍ مهددةً بالاغتصاب منذُ وعد بلفور، كان من المفروض ان تحميها جنحان حمامة السلام الرقيقه البيضاء لينعم فيها اهل هذه الديار بالطمئنينه والمحبةِ والوئام .

ولدتُ لأبوين ميسوري الحال، لعائلةٍ ذخرها العيال، ولدتُ قبل النكبة بأشهر ... نكبة فلسطين، خيبة العرب، خزية زعمائها الرجعيين .

وفي ليلةٍ ليلاء وسط اجواءٍ شعواء تناقلت اخبار اعلان جلاء الانجليز عن فلسطين وتزامنت معه اعلان قيام دولة اسرائيل، اقترن هذا الحدث بسقوط عدة قرى مجاوره اثر هجمات جنود عصابات سالبي الارض مما ادى الى سقوط آلاف الضحايا والقتلى وغيرهم من تشرّد وعذاب .

حاصرت جيوشهم قريتنا الوادعه والتي تخلو من السلاح للدفاع عن تراب ارضنا الذهبي وكلنا أمل وانتظار جيش الانقاذ الواعد وبرفقته شباب من قريتنا الابطال الحاملين دمهم على كفوفهم .

طال الانتظار، اندفع اخوتي وحمل احدهم بندقية جدي القديمه وخرجوا مع اصدقائهم للمقاومه، مقاومه شعبيه بسيطه ضد جيشٍ مدججٍ مدعوم.

زادَ ذعرُ عائلتي صوتُ أزيز النيران، صيحات الشباب، عويل النساء وبكاء الاطفال...

لاحظتُ الصراع الكامن في نفس أبي ؛ هل سيبقى معي أنا وأمي واخواتي الصغار المعرضين للخطر دون سند الكبار ؟! أم سيخرج للأطمئنان عن فلذات كبده الابطال المواجهين الموت ببسالةٍ وشرف ونضال ؟

كنتُ في حضن أمي مذعوره أبكي وكانت أمي مذعورةٌ ايضاً وتفكيرها في جوارحها الكامنين وسط ويلات النيران، كان رأسي عند صدرها فأشتد ذعراً من سرعة دقات قلبها وسرعان ما تُخففني رهبةً يدها المرتجفه التي تُرّبتُ على كتفي لتهدئتي .

وصلَ الذعرُ ذروتهُ بطرقات على الباب, تلتها صيحة الطارق "افتح يابا" !

فتح ابي الباب ... انه أخي راجعاً مدججاً بالدماء، دماءٌ طاهرةٌ حمراء ... حمراء رمزُ المقاومةِ والنضال . علا في البيتِ الصراخُ والعويل .

سقطَ الابطالُ واحداً تلو الآخر ... سقطوا مستبسلين ... مُزِجت تراب فلسطين بدمائهم ودموع الثكالى .

ضعفت المقاومة ... مات الأمل ... أمل الاستقلال ... أمل قدوم جيش الانقاذ العربي

هل تاهَ في خلاء فلسطين ؟! هل تلقّى اوامر الرجوع ؟!!

وأُحتِلّت القرية ... وأُحرِقت بيوتها الطينيه من طينٍ ممزوج بعرق الفلاحين من طين فلســطين .

هُجّرنا مشردين هارعين مذعورين الى مدينة الناصرة جالبين لهم اخبار لا تحفّز الّا للانكسار والتسليم ...

شده البروفيسور فاغراً فاههُ و سالت دمعةٌ مشحونةٌ بالحيرةِ على خدهِ الأجعد، هزّ رأسهُ واقفلَ الجهازَ مستسلماً ...

لم ولن يجدَ دليلاً لمسيح على ارضٍ ما زال فيها شعبٌ يعاني من مآسي التشريد في درب الآلام ويتكرر اجبارهُ على حمل الصليب ليُكفّرَ ذنب الرجعيه ويتمسمر على تلة صهيون ... لعلّها تتجسّد الاسطوره ويقوم في الجيل الثالث صاعداً الى النور ليسدلَ ليلَ الغربةِ والتشريد ويبزغُ عهداً جديد .



#امير_سامي_غطاس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- الفلسطينية لينا خلف تفاحة تفوز بجائزة الكتاب الوطني للشعر
- يفوز بيرسيفال إيفرت بجائزة الكتاب الوطني للرواية
- معروف الدواليبي.. الشيخ الأحمر الذي لا يحب العسكر ولا يحبه ا ...
- نائب أوكراني يكشف مسرحية زيلينسكي الفاشلة أمام البرلمان بعد ...
- مايكروسوفت تطلق تطبيقا جديدا للترجمة الفورية
- مصر.. اقتحام مكتب المخرج الشهير خالد يوسف ومطالبته بفيلم عن ...
- محامي -الطلياني- يؤكد القبض عليه في مصر بسبب أفلام إباحية
- فنان مصري ينفعل على منظمي مهرجان -القاهرة السينمائي- لمنعه م ...
- ختام فعاليات مهرجان القاهرة السينمائي بتكريم الأفلام الفلسطي ...
- القاهرة السينمائي يختتم دورته الـ45.. إليكم الأفلام المتوجة ...


المزيد.....

- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - امير سامي غطاس - قصة قصيرة - همسات سَرْمَدِيَة