علاء الصفار
الحوار المتمدن-العدد: 4421 - 2014 / 4 / 11 - 14:40
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
الوضع الاقتصادي المتخلف و حضور الإسلام السياسي
تهشم الدولة بعد انهيار الدكتاتورية
محاولة للدخول على أمر مهم يخص الوضع الحالي للمجتمع و الدولة أو الدول العربية التي نعيشها حالها من تقلبات وهزات و صراعات و بروز الدين على السطح بصوره واضحة, أقصد بعد أن كان يقف دائما خلف كواليس السلطة الدكتاتورية للبرجوازية الطفيلية العربية من المحيط إلى الخليج.
قد نمت النخبة الواعية والمجربة عبر التغيرات التي عصفت بالبلدان العربية و من خمسينات القرن الماضي و إلى اليوم الحالي, و مع أنتاج الدولة الدكتاتورية الإرهابية الغالبية المغيبة من الجماهير عبر العقود الأربعة للدكتاتورية, المدعية بالقومية أم الارتباط بالأمة و التراث و الدين و الدفاع عن الأخلاق الحميدة للأمة الإسلامية.
ما أريد قوله أن شعوبنا عاشت و تعيش حالة مرضية بعقودها الأربعة الأخيرة بسيطرة البرجوازية الطفيلية و بشكلها الدكتاتوري. اليوم و بعد سقوط الدكتاتور نرى خصوصية طغيان أفكار و أحزاب الإسلام السياسي. فالدين ليس مشكلة ذات بعد ذاتي بقدر انه تجلي و انعكاس لحال الوضع الطبقي المسرطن, أي أن البرجوازية الطفيلية تطرح مزيدا من الإفلاس.
التشويه الذي تم للمجتمع و من خلال السلطة الدكتاتورية, حفرت في الجسد الطبقي وشم التشرنق على جميع الأصعدة من سياسية و اقتصادية اجتماعية و حضارية, و الأهم هو شكل التطور الطبقي للمجتمع. لنرجع إلى ل (50 و 60) تينات القرن الماضي و فترة التحرر الوطني و القضاء على الاستعمار على يد رجال أحرار من عسكر وأحزاب وطنية و حضور لأحزاب اليسار و الشيوعية, الذي أدى إلى انزواء الدين و رجاله و سأقتصر على حالتين تكشف واقع الكثير من البلدان العربية و حتى دول الجوار من إيران و أفغانستان.
لقد صار جمال عبد الناصر في مصر وعبد الكريم قاسم في العراق رجالاً ذا حضورا في وجدان الشعب, فلم يجرأ أمامه رجل الدين و لا أحزاب الإسلام السياسي عما عليه اليوم!
لِمَ لَم يتمكن الإسلام السياسي على الجرأة أما سلطة جمال عبد الناصر أو سلطة عبد كريم قاسم؟
ليست لقوة سلطة عبد الكريم قاسم و لا لقوة سلطة جمال عبد الناصر, بل لخواء الفكر الديني و بؤس ثقافته و انفضاح الدور القذر لرجال الإقطاع و الشيوخ و الملوك العرب في الخيانة الوطنية. فما أن انفجرت الثورة المصرية بقيادة ناصر حتى تحلق الشعب حولها كما تحلق الشعب العراقي حول الثورة العراقية بقيادة قاسم.
لا ننسى أن الشعوب كانت قد عانت من الاحتلال, فنشط الأحرار و نشطت الأحزاب و دخلت الأفكار الحديث و دخل الشعور القومي و من ثم دخل الفكر اليساري و خاصة الفكر الاشتراكي و الشيوعي, و صار نهم لدراسة الأفكار الجديدة والعزوف عن الثقافة البائسة و خاصة أفكار الدين الرجعية و أفكار الإقطاع و العبودية والأخلاق الأبوية و كل قيم الزيف البالية. فصار قاسم و ناصر رموز الشعب, و كما أحب الهنود غاندي أو كما أحب الروس لينين, فغاب السيد الإقطاعي والشيخ و الملا الخرافي و لم يكن للحزب الإسلامي أي وجود جماهيري أساساً.
ما اعنيه أن الثورة التحررية عملت على البداية بمشروعات اجتماعية و اقتصادية و سياسية, فصار بروز للنقابات واتحادات الطلبة الوطنية و منظمات نسائية وعملت أحزاب اليسار و الشيوعية و بنشاط على حشد شباب الشعب للأفكار الجديدة و الثقافة العصرية و بشكل جماهيري. فالطفرة الاقتصادية و السياسية كانت لمحاولة بناء أسس الدولة العلمانية. لكن الذي حدث أن التحدي أرعب الرجعية العربية فصار رجال الدين يتلووا ألماً من فقدانهم المنزلة الطبقية و الدينية, فبدأ تكتل قوى الرجعية العربية, و لتدار من المملكة السعودية ودول الخليج المتخلفة رمز العبودية, و طبعا بتحالف الغرب و أمريكا.
فتم إسقاط المشروع الحداثي و التوجه العلماني للدولة وفقدت الدولة البريق التقدمي. فهذا الارتداد صاحبه توقف للمشاريع الاقتصادية و السياسية و الاجتماعية, و أدى إلى نمو طبقة برجوازية طفيلية مرعبة تعتمد على الدكتاتور الفردي ( قذافي وأولاده صدام وأولاده و حسني وأولاده ووو) الدولة صارت ملك للدكتاتور و صار الوطن شركة بيد أولاد و عشيرة الدكتاتور.
هذا الدكتاتور سار بالدولة ليقارب ويطابق شكل المملكة الوهابية و مشايخ الخليج لكن بربطة عنق و طقم و مسدس في خصره, وهو كان يستخدم الدين وقيم البداوة في الدولة من اجل تخدير الجماهير, و وسيلة للسيطرة على دفة السلطة, وبإسم المحافظة على المزية الخاصة بالأمة الرجعية, من ثقافة و دين و قيم بالية. وهكذا قضى الدكتاتور الطفيلي على التطور الاقتصادي و السياسي و الاجتماعي و الحضاري.
لذا تكلس الوضع الاقتصادي و السياسي و الحضاري و لمدة 4 عقود, فالدولة كانت بلا هدف و لا مشروع سياسي و لا قيم حضارية. لذا استطاع الإسلام السياسي الإفادة من توجهات الدكتاتور في ضربه للمنظمات اليسارية و الشيوعية والطلابية والمنظمات النسائية, فهكذا صار انهيار لكل قيم الحداثة التي جاء بها قادة التحرر الوطني, بكلمة أخرى لم تتطور البرجوازية الوطنية لتقفز إلى دولة برجوازية صناعية, لتقوم بمهامها كما قامت البرجوازية الوطنية الصناعية في أوربا. طبعا لا ننسى أن الغرب وأمريكا كان يعمل مع السعودية و الخليج لإيقاف التطور الاقتصادي و منع حضور اليسار والأحزاب الشيوعية, تماما كما حاولت أمريكا على ضرب الفيتنام و كوبا لكن فشلت هناك و نجحت في المنطقة العربية حيث ركزت أمريكا وبريطانيا على منابع النفط في العراق و السعودية والكويت و إيران.
ما حصل! هو تآكل النظام البرجوازي الطفيلي المتمثل بالقذافي و صدام و حسني, فصارت الدكتاتورية لقمة سائغة للإسلام السياسي, فحالة التردي كانت موجودة في العقود الأخيرة للدكتاتور صدام و حسني و قذافي. فهكذا صرح حسني مبارك الأخوان من بعدي و خط صدام حسين الله و اكبر على العلم العراق, و هو بحد ذاته اعتراف و خوف الدكتاتور من القادم المرعب على يد الإسلام السياسي, بعد تحطيمهم لأحزاب اليسار و الشيوعية.
أن انهيار الدكتاتورية رفع الغطاء عن كل القيم المتعفنة التي كان يتربع عليها الدكتاتور, الذي عمل لمدة 4 عقود في خدمة الامبريالية الأمريكية. وهكذا تبرز الحقائق اليوم و من الغرب وأمريكا عن كيف تم تدمير جمال عبد الناصر وقتل عبد الكريم قاسم في العراق. و هناك الكثير من الرجال في البنتاكون والبيت الأبيض أكدوا عن عمالة صدام حسين لأمريكا.
من هنا نرى حجم و ثقل التركة التي خلفها الدكتاتور والأمر لم ينتهي فبعد سقوط الدكتاتور جاءت أمريكا, كما نابليون محررين لا فاتحين في العراق و جاء فصل الدولة الطائفية والقتل على الهوية وهو من انجازات الدولة الدكتاتورية التي عملت على قمع الشعب و تدمير نسيجه الوطني و القومي و بكل أطيافه و تحطيم العقل و التفكير الطبقي.
ففي مصر دعمت أمريكا دولة الأخوان, كحزب يمثل البرجوازية الطفيلية لتحويل مصر الحضارة إلى سعودية بكل معنى الكلمة, عشائرية طائفية لقتل الشيعة والأقباط. لهذا أقول أن الدين هو انعكاس لشكل السلطة البرجوازية الطفيلية التي تكلست و صارت كابوس ينتج أشكال من سرطانات التخلف و الشعوذة و تحطيم العقل و قتل الإنسان.
باختصار يمكن القول أن جميع الدول العربية مرت في مخاض تحقيق الديمقراطية وأثبتت البرجوازية الطفيلية فشلها التام مما حدا بها التراجع إلى الخلف عوضا عن التقدم لذا صار التفكير الديني هو السائد و تجرأ الأخوان للتقدم للسلطة. إلا أن الضربة القوية التي وجهها الشعب المصري لدولة الأخوان كان شيء رائع و مبكر!
فكر ! أن الشعب المصري هزم سلطة الأخوان في 369 يوم فقط!
أتذكر لليوم كيف ضحك الناس من حراك الشعب المصري على انه شعب جاهل وغبي بَدلَ حكم العسكر بدولة الأخوان, فصرخ كل أعداء الشعب و قصيري النظر لا يستطيع الشعب المصري الخلاص من دولة الأخوان لقرن من الزمان,
لكن اثبت الشعب انه ليس غبي واثبت بأنه يسبق الأحزاب السياسية في مصر ولعدم وجود أحزاب سياسية يسارية قوية وافق الشعب المصري بحركة العسكر و القائد السيسي.
فالشعوب تعاقب بعد أن تمهل. فأزمة الديمقراطية اليوم ترجع قوية و تطرح نفسها على هاجس و نفوس الشعوب المقهورة, في أجواء الصخب هذه. لذا تحاول اليوم البرجوازية الطفيلية (أحزاب الإسلام السياسي) المرتبطة بالامبريالية حل أزمة الديمقراطية عبر افتعال الحرب الطائفية, و هي بديل عن الحرب التي خاضها صدام حسين بحروب الخليج للهرب من حل أزمة الديمقراطية. الإسلام السياسي هو صرخة بداية النهاية لهزيمة البرجوازية الطفيلية العربية, قد تطول أو تقصر حسب نمو و صعود أحزاب اليسار أو ظهور شخصيات سياسية أم شخصيات عسكرية حاذقة, كما حالف الحظ الشعب المصري.
الربيع العربي جاء ليعبر بشكل صارخ عن إفلاس دين دولة البرجوازية الشامل و تهشم دولتها و على جميع الأصعدة من سياسية و اجتماعية و حضارية و أخلاقية و حسب, بل ليعبر عن هزيمة دولة البرجوازية الطفيلية من المحيط إلى الخليج.
لا بد من أقرار أن سنوات العقود الأخيرة من القرن العشرين ليست اعتيادية لكل العالم في مجال الاقتصاد و الحياة الاجتماعية والسياسية لتنعكس بشكل العلاقات الدولية و أمر الحروب مع بروز تكنلوجيا جبارة حربية أمريكية صاحبتها حرب العولمة الرأسمالية. لتدك العالم بهزات شديدة مغيرة موازين القوى و خريطة العالم على الصعيدين العالمي والإقليمي و إلى صخب و تمرد في الكثير من دول العالم.
لا بد الرجوع قليلا إلى الماضي القريب, لقد صرح الامبريالي الأمريكي, مستشار الأمن القومي, زبغنيو برجنسكي في 70 ينات القرن الماضي أن المنظومة الاشتراكية بيضة فاسدة سيتم سحقها. طبعا أن هذا يؤكد أمر الصراع بين المعسكرين, فهكذا سقطت دولة السوفيت التحريفية و لم يسقط الفكر الشيوعي. لكن سبب طرحي لهذا الأمر الآن هو, أن الصراع كان يتم عبر الحروب بين أمريكا و السوفيت, و لكن ليس على أراضيهم كحرب فيتنام, كمبوديا, كوبا, فلسطين ووو. و كان يصاحب الحرب الباردة بث الفكر المعادي لليسار و الشيوعية في العالم.
انهار السوفيت فلم تكن نهاية الحرب الباردة و انتصار أمريكا بداية السلام في العالم بل صار دمار جديد على شعوب العالم و خاصة العرب فقد دخلنا الألفية الثالثة بحروب إقليمية و أهلية لتكلل بغزو أمريكا للعراق و المحاولة على تدمير مصر, ليبيا,تونس و سوريا, و قد مات في هذه الحروب سبعة ملايين إنسان وكلفت 10,7 تريليون دولار وتتواجد اليوم قوات دولية في 17 منطقة متوترة في العالم, وحتى في القارة الأوروبية جرت الحروب الداخلية كما حصل في تحطيم يوغسلافيا لعدة دويلات و تدمير أوكراينا اليوم يُعد على نار هادئة.
قلت أن الوضع الاقتصادي المزدري للدولة البرجوازية الطفيلية العربية, قادنا إلى مآزق الانهيار بعد التخلف و العجز التام, و هذا أيضا ينطبق على الكثير من الدول في العالم, لكن عندنا صار مصحوبا بصعود قوى الإسلام السياسي, بعد سقوط الدكتاتور, لغياب شامل للأحزاب اليسارية و الشيوعية و التنظيمات الطلابية و النسائية و النقابات الثورية, أي مصيبتنا مصيبة. ليست فقط انهيار اقتصاد و سياسية بل هجوم امبريالي يدعم قوى الشعوذة الدينية بعد سقوط الدكتاتور البرجوازي. وهكذا صفق ليس فقط الأبرياء و السذج للدبابة الأمريكية بل حتى صفق لها أفراد هاربين من حزب سلطة الدكتاتور المنتهية الصلاحية في العمل!
فمثلما الانهيار المفاجئ للاتحاد السوفييتي, كان مركز الاهتزاز الذي هز الأحزاب الشيوعية والكثير من القوى اليسارية, ليخلع أفكار أزالت التمايز الطبقي و العدالة الاجتماعية و أنهى وجود السوفييت و وفكك جمهورياتها وتهاوت دول أوروبا الشرقية كحجر الدومينو, فتحطم حلف وارشو و اتفاق مجلس التعاضد الاقتصادي. التفتت حل بين الشكل الهادئ و الدموي الصارخ كما هو معلوم للجميع. نرى اليوم أشكال الزلزال والصخب و الدمار في دول الربيع العربي. فالعراق كان مركز الاهتزاز المدوي بحرب دولية و سوريا مسك الختام بجحافل قوى القاعدة و النصرة و بالتسليح الأمريكي.
.
لا بد من الاعتراف لقد حققت الرأسمالية انتصار على النظام الاشتراكي و مع العمل الدعائي للإساءة إلى الاشتراكية كفكر. و مع تبرير لدور جديد تمارسه أمريكا كإمبراطورية أو قطب أوحد, و خاصة بزعامة المحافظون اللبراليون الجدد, لرسم الخارطة الدولية وفق مصالح أمريكا, لتبث سياسات و مواقف و أفكار دعت لها الإدارة الأمريكية يوميا بوسائل الإعلام للنخبة الحاكمة وبممارسة عملية و خاصة في فترة إدارة بوش الأب وبوش الأبن.
فهكذا تطورت النظرة للسياسة الأمريكية, فمن أمر التهديد و الحرب الباردة و من (ز . برجنسكي) إلى جيل جديد في نشر الفكر الامبريالي الإمبراطوري الشمولي للعهد الأمريكي الذي سيعمل على سحق أي قوة منافسة ستظهر, لذا صار الترويج لفكرة فرانسيس فاكوياما, فكرة العالم قد و صل إلى نهاية التاريخ, أي الديمقراطية الرأسمالية هي المطاف الأخير للبشرية ولا قائمة تقوم للاشتراكية. لكن تهشمت فكرة فاكو سريعا!
دائما الفكر الامبريالي يعمل على نشر مفاهيمه بشكل يومي, إذ الفكر الامبريالي قائم على الأحداث السياسية والاقتصادية المتغيرة, أي اعتباطي و فوضوي و ليس له أبعاد إنسانية و لا قيم فكرية أم أخلاقية, لذا يصرح رجال البيت الأبيض" أن أمريكا ليس لها أصدقاء بل لديها مصالح". لذا مفكري الرأسمالية هم برابرة بربطة عنق, و ينصب هجومهم على الدول المنافسة ( الصين و الروس و إيران) و من ثم بث الأفكار التي تخدم أمريكا, فهم يهاجمون الفاشية الهتلرية و الشيوعية وجرائم أمريكا مخزية في فيتنام و العراق. و يتحدث مفكريها عن الديمقراطية الرأسمالية رغم إفلاس أمريكا الاقتصادي والسياسي و الأخلاقي, لذا دائما مفكري الرأسمالية يربط الفاشية بالشيوعية, لكن كل العالم يعرف طموح أمريكا لا بل عملها لتكون شرطي العالم و الغزو ذا الوجه الفاشي. فالفرق بالنسبة لي ليس كبير بين بوش الابن و هتلر!
و أخيراً نصل لطرح المفكر الامبريالي و الصهيوني الأمريكي برؤية بربرية معادية لأفكار السلام ب ,صراع الحضارات, للسيد صموئيل هنتنكتون الذي يحاول تزيف التاريخ و الصراع الطبقي على المستوى العالمي, ليصور لنا صراعات
العالم, في العصر الأمريكي لن تكون صراعات مهمة و خطيرة بين الطبقات أو بين الغني والفقير, بل الصراعات ستكون بين شعوب تنتمي لمشار ثقافية مختلفة! ثم بحروب قبلية و صراعات عرقية و دينية ستحدث داخل الحضارات ليلف العنف الدول و الجماعات المنتمية للحضارات المختلفة, أي أن الفكر الامبريالي هو مروج و مفلسف الشرور و مُصدرها للعالم.
لذا لا غرابة بل أن المفكر الامبريالي الأمريكي هو من يحاول أن يشكل طريقة تفكير الشعوب و من ضمنها شعوبنا العربية التي هي المختبر الحقيقي لتطبيق الفكر الامبريالية الأمريكي, فالعمل اليوم للدولة الأمريكية هو تحقيق معادلات المفكر صموئيل هنتنكتون, و التي هي تجسيد لعقلية الدولة الأمريكية أساساً في الاستمرار لمهاجمة الخصم العنيد الروس سواء حين كانوا بلاشفة حمر أم روس بيض و كذلك الخوف من الصين كقوة اقتصادية صاعدة و من إيران التي عجز العميل صدام حسين تدميرها.
من خلال هذه الصورة يمكن فهم لِمَ هذا الخراب الدائم الذي يجري في العالم, فدول تسقط و حروب تستمر و أحزاب شيوعية و يسارية تتهشم و دول في طريقها إلى التقسيم العراق, أوكريينا و يمكن سوريا و حتى مصر. و كما قلت أن أصعب تحدي يواجه الشعوب العربية, وهو يتمثل بصعود الأحزاب الإسلامية و التي تعمل أمريكا على تحقيق رؤيتها من خلالها ومن خلال الإيحاء بأن صراعات العالم ستسير بهذا الشكل الخرافي و بهذه الطريقة الغير طبقية.
و كأن هذا ليس من بركات و تخطيط أمريكا في تحطيم الأحزاب اليسارية و الشيوعية سواء في العالم أم في الدول العربية. فإّذا يوغسلافيا و روسيا تهشمت لكن الإنسان في روسيا و كل المنظومة الاشتراكية وصل إلى درجة من وعي علماني وحضاري و شعور وطني عظيم و بفضل الفكر و نضال الحزب الشيوعي.
لكن الشعوب العربية و بحضور أمريكا و غزو العولمة و جملة من أحزاب الإسلام السياسي ستعمل ليس على التفتيت الشعوب فحسب بل ستسحق كل أطياف الشعوب من قومية و دينية و أثينية و عرقية مع تضييع البوصلة الطبقية. و بهذا ستتحقق كل نبوءات السفلة سواء من مفتي إسلامي أم من مفكر امبريالي صهيوني في طحن الشعوب بالحروب.
حول الدين و الإسلام! لا توجد دولة في العالم بلا دين و توجد دولة مسيحية متخلفة و توجد دولة إسلامية أفضل تطور لكن أمريكا بعد سقوط السوفيت جعلت من الإسلام عدواً لها, و وفق رؤيتها بنظرية صراع الحضارات. فأمريكا ليس لها قيم و لا أصدقاء بل لها مصالح, و من اجل هذه المصالح تستطيع أمريكا سحق ملايين البشر بالصواريخ و الدبابات. فالبداية اليوم هي بالمسلمين خلافا لبداية هتلر باليهود, لبث الرعب و الحروب الإقليمية و الدينية و العرقية.
أذن الطريق الوحيد للتخلص من التخلف الديني هو تغليب التناقض الرئيسي, ألا و هو صراع القوى الطبقية الوطنية من رأسمالية وطنية و قوى عمال بروليتاريين و فلاحين فقراء وطلاب أحرار ضد الرأسمالية الطفيلية و ضد دول المشايخ للرجعيات العربية النفطية. و ليس تغليب التخلف الديني و أبرازه على أنه التناقض الرئيسي, فالمتدين قد يكون هو الشعب الفقير الذي يعمل الملك و الشيخ على تفجيره من اجل سلطة الطبقات البرجوازية الطفيلية. و أن الثورة يجب أن توجه على سيطرة الاستعمار و الرجعيات العربية النفطية, و بزج الفقير المسلم في الثورة ليكون فيها جندي و وقود الثورة و التغيير بدلاً أن يكون انتحاري بيد الملك الوهابي!!!.
تحيات للصديق الرائع سامي لبيب
لقد عملت بما رغبت.
المقال كان مجرد مداخلة على ما أجراه (سامي لبيب) من حوار حول الدين و التخلف في الحوار المتمدن, حولته لمقال نزولا عند رغبة لبيب, بإضافة بعض رؤى مفكري الامبريالية الأمريكية, التي وردة أسمائهم في المقال كمصدر.
#علاء_الصفار (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟