|
حذار من المبالغة بشعار (التغيير) !*
محمد ناجي
(Muhammed Naji)
الحوار المتمدن-العدد: 4420 - 2014 / 4 / 10 - 17:13
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
منذ أسابيع ونغمة (التغيير) ملء السمع والبصر أيضا ، حتى أصبحت ، مع قرب موعد الانتخابات لمجلس النواب في 30 نيسان/أبريل ، أكثر كلمة ترددها الألسن في العراق . ومن خلال متابعة لعدد من القوائم والمرشحين ، وما ينشر هنا وهناك ، نرى بأن هذه النغمة ليست واحدة ، بل هي نغمات فيها ( كل يغني على ليلاه ) ، ومنها السلطة والنفوذ والمال والامتيازات المادية والاجتماعية والترفيهية ، وقلة أقل من القليلة همها المواطن والوطن . وفي متاهة التغيير المنشود أصبح المواطن/الناخب أكثر حيرة وضياع ، ولا يصدق ما يدور حوله ، حين يسمع الجميع يرددون : موطني ... موطني ... وترشيحهم تكليف شرعي ، وفيهم من يوزعه مع وجبة الدجاج المشوي ، وآخر يقسم بالله العظيم أن ترشيحه جاء بأمر من رسول الله (ص) . لهذا ولغيره نجد أن الابتذال لشعار (التغيير) ورفعه حتى من قبل الفاسدين فيه تشويش وخلط للأوراق ، وستكون له لاحقا نتائج سلبية تعيق جهود الأقلية التي تسعى وتعمل في سبيل التغيير الحقيقي . أن التغيير مطلوب ، بل ضروري للخروج من (المهزلة) العراقية الراهنة ، ولكن ما هي فرص التغيير وفي أي اتجاه ؟ هل هو تغيير في الوجوه ، في لعبة تبادل للكراسي في السلطة والنفوذ ، وإعادة توزيع للحصص في الكعكة العراقية ، وهو المتوقع والذي يريده الأقطاب المؤثرون في الساحة السياسية ؟ أم تغيير حقيقي يسعى لإقامة نظام سياسي بنهج جديد أساسه مصلحة المواطن كهدف ومحور لكل ما يجري في العراق ، وهو ما تعمل من أجله أقلية من القوى السياسية متحالفة في قائمة واحدة – حسب علمي - رغم أنه ضعيف الاحتمال ؟ انطلاقا من الواقع اليومي الملموس ، وخطب وفتاوى وتصريحات ووقائع ، فلا نأتي بجديد حين نقرر بأن من يملك السلطة ويجلس في مواقع القرار هم في أغلبيتهم فاسدون ويديرون البلد بطريقة أقرب لعقلية وأسلوب المافيا من العمل السياسي والإداري المسؤول والعلمي ، وإن هؤلاء وليس غيرهم مسؤولون عن تنظيم قوائمهم الانتخابية ، ولاشك أنهم لم يعتمدوا على معايير (الكفاءة والنزاهة والتاريخ النظيف ) فيمن رشحوه ، بل من الواضح إن الفاسد لم يختر غير حاشيته الموالية له ، ومثيله الفاسد والمتملق ، والذي يسهل توجيهه وتسييره وفقا لمشيئة رب القائمة وولي النعم ، وكما يقال ( الطيور على أشكالها تقع ... وشبيه الشيء منجذب إليه) ؟ وان حشر شخص مغاير لهذا السياق ولطبيعة وانتماء أصحاب القرار في القوائم ، فهو لضرورة انتخابية ، وذرٌ للرماد في العيون ، ومن يقرأ أسماء المرشحين في قوائم القوى التي تتصدر المشهد العراقي ، وفي غيرها ، يجد أمثلة كثيرة تعزز هذا الاستنتاج . أما دور المواطن الذي يتحدث عنه الجميع ، ويبالغون في رمي المسؤولية على عاتقه ، ففي الواقع لن يكون أكثر من (اختيار أفضل السيئ والفاسد الذي تعرضه عليه المافيات في البازار الانتخابي ) هذا إن افترضنا أنه أحسن الاختيار ، في مجتمع تسود فيه خنادق العائلة والعشيرة والدين والطائفة مع ثقل خاص لرجال الدين وشيوخ العشائر ، وآلية دعاية انتخابية ، يغلب عليها شراء الذمم والوعود الزائفة ، وصور المرشح الشخصية بعمامة أو عقال أو بدلة وربطة عنق وطقم ملابس وأحيانا بنقاب ! ولكن رغم كل شيء سيكون هناك تغيير لا يخلو من فائدة ، حتى بالسيناريو الشكلي المتوقع ، ففيه (جرة إذن) ودرس للفاسدين الحاليين واللاحقين ! ومن المتوقع إزاحة المالكي ودولة القانون عن مواقع السلطة والقرار ، لأكثر من سبب في مقدمتها أنه المسؤول الأول عن الفشل في إدارة الدولة ومحاربة الفساد والإرهاب ، وهذه نتيجة مألوفة وطبيعية في كل بلدان العالم ، حيث يعاقب المواطن/الناخب حزب السلطة ويحمله مسؤولية الفشل . كذلك من المحتمل فوز هذا أو ذاك من العناصر النزيهة والكفوءة والديمقراطية ، إلا أنه بنسبة هامشية وغير مؤثرة على المشهد والقرار السياسي ، وهذا حدث من قبل في مجلس النواب ومؤخرا في مجالس المحافظات ، لكن التغيير لن يكون أكثر من هذا ، لأنه سيكون في نفس الدائرة ، أي تغيير وجوه وإعادة توزيع للحصص والنفوذ والثروة في الدولة ، وهذا يعني أن البديل للمالكي سيكون (خوجه علي بدلا من ... ملّه علي ) . والخلاصة ، لابد للعاملين من أجل التغيير الحقيقي ، من مصارحة المواطن بأن مشاركته بالتصويت فقط غير كافية ولن تخلق المعجزات . وإن التغيير الحقيقي المنشود ، بمعنى قيام (دولة المواطنة) بدلا من نهج المحاصصة ، والقضاء على الفساد والمفسدين والإرهاب والإرهابيين ، يستوجب عمل يومي متواصل في الشارع قبل الانتخابات وبعدها ، وحضور المواطن في الساحة ومشاركته في هذا العمل هو الشرط الحاسم للتغيير . أما والمواطن غائب ومغيب ، كما في واقع اليوم ، المغرق في السلبية ، والعملية السياسية تتحكم بها عقلية نفعية ذاتية وتحالف مصلحة للسياسي الفاسد + الطائفية + العشائرية + الجهل + المال السياسي المحلي والإقليمي ، ونظام انتخابي ودعائي مشوه وفاسد ، فتوقع التغيير الحقيقي وهم ومبالغة وإشاعة لآمال لا أساس لها ، وخطأ ستكون له نتائج سلبية ، وهنا مكمن الخطورة ، حين يكتشف المواطن – بعد الانتخابات – أنه لم يقبض سوى الريح ، وانه أصبح مرة أخرى ضحية لـ(بوري معدّل) فسيعود حينها ، وهو المعروف بعاطفيته وانفعاله ، منكسرا إلى مزيد من السلبية واليأس والانعزال وجلد الذات ، وهذا بالضبط ما يصب في طاحونة أقطاب المافيا السياسية العراقية .
*المقال يمثل وجهة نظر وقراءة لمعطيات الواقع ( أساسا في وسط وجنوب العراق) ، ولكن لا نستبعد حدوث مفاجآت تقلب الأمور رأسا على عقب في اللحظة الأخيرة ، في بلد محوري في الشرق الأوسط والعالم ، مفتوح ومشرع الأبواب لتداخلات وتفاعلات ومشاريع كثيرة محلية وإقليمية ، وجمهور عاطفي جامح بتجربة ديمقراطية هشة .
#محمد_ناجي (هاشتاغ)
Muhammed_Naji#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
بدون مجاملة ...
-
المغنّي والسلطان !
-
بعد (ربيع الغضب) مرحبا 2013 ... ولكن !
-
1/4 كلمة
-
(المهزلة) بالألوان والسينما سكوب
-
في حضرة الجهل والدجل
-
أيها السادة : سقط طاغية ولم يسقط الطغيان
-
حقيقة (الإيمو) الضائعة بين عبد الخالق حسين ووزارة حقوق الانس
...
-
آخر نكتة ... القضاء يهدد المالكي بالإعتقال
-
الحجاج ... وأهل الشقاق والنفاق !
-
العراق .... المهزلة برائحة الدم !
-
صرخة في البرية !
-
العراق ... فساد أفراد أم نظام ؟
-
( الإنسان يمكن أن يتحطم لكنه لن يهزم)
-
لا قاعدة ولا بعثية ... بدْمانَه نِشْري الحرية !
-
عشرين عام إنكضت ... وشذكّرك بينه !
-
حقوق الإنسان ثقافة إنسانية
-
الدكتور قاسم حسين وشخصية العراقي الضائعة بين علم النفس والتا
...
-
تكريم البصير وأعلام الحلة والعراق
-
وما الغريب في منع الموسيقى والغناء ؟
المزيد.....
-
-جزيرة إنستغرام-.. أكثر من 200 زلزال يضرب سانتوريني في اليون
...
-
-لم أتوقف عن البكاء-.. رصاصة تخترق جدار منزل وتصيب طفلًا نائ
...
-
تشييع جثمان حسن نصرالله وهاشم صفي الدين في 23 فبراير.. وهذا
...
-
-9 آلاف مجزرة وأكثر من 60 ألف قتيل- في غزة.. أرقام مرعبة يكش
...
-
الرئيس الكولومبي يصعّد انتقاداته لسياسات الهجرة الأمريكية وي
...
-
الجيش الإسرائيلي يفجر 23 مبنى سكنيا في مخيم جنين
-
كيف نطق الإنسان؟ أهم الفرضيات حول أصل لغة البشر
-
ملك الأردن يلتقي ترامب بواشنطن في 11 فبراير
-
نائبة أيرلندية: إسرائيل دولة فصل عنصري والعالم بدأ يدرك ذلك
...
-
دفعة ثانية من الجرحى والمرضى تغادر قطاع غزة عبر معبر رفح
المزيد.....
-
الخروج للنهار (كتاب الموتى)
/ شريف الصيفي
-
قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا
...
/ صلاح محمد عبد العاطي
-
لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي
/ غسان مكارم
-
إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي-
...
/ محمد حسن خليل
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
المزيد.....
|