|
الإعلاميون مفكرين وأدباء
كاظم الفياض
الحوار المتمدن-العدد: 4417 - 2014 / 4 / 7 - 14:18
المحور:
الادب والفن
2014/3/30
المفكرون والفنانون ومنهم الأدباء هم مولّدوا ثروة البلد المادية والجمالية، لا يخلو منهم مجتمع، ويتحدد مقدار ازدهاره بحجم الاستفادة من رؤاهم ، ويطول الكلام عن معوقات وصولها إلى مرحلة التنفيذ، إنما يمكن القول إنها متعلقة بمدى مهنية الجهاز الإداري للدولة، وابتعاده عن انتماءات السياسة، ذلك إن ميول الموظف السياسية، ستقلق حياديته في وجوب تغليب المصلحة العامة على ما عداها. بتعدد الاتجاهات السياسية تزداد الهوّة اتساعا، وعمقا بين الدولة كمصلحة عامة ومجموعة الرؤى الفاعلة فيها، منها من يتفق معها، وكثير يختلف، كمجموعة رجال يحاولون فتح باب، يجاهد آخرون لإغلاقه من الجانب الآخر. للرؤيا الإبداعية المادية طريق خاص منغلق على مجموعة موظفين مهنيين يتولون رسم آفاقه المستقبلية بمنطق المشكلة والحل، هذا الطريق يوفر البيئة المثالية لاحتضان الرؤيا وتطبيقها واقعيا، وبينت إنه يفترض جهازا إداريا ليست لموظفيه ميول سياسية وهو ما نفتقده لذا إن ذكّرنا به فعلينا أن نهمله مؤقتا على الأقل. الجهاز الإداري للدولة نتاج اجتماعي، يحمل كل مساوئ المجتمع ومحاسنه، من هنا تبرز أهمية المنظومة الأخلاقية والجمالية للمجتمع التي تتأثر سلبا وإيجابا بمتغيراته الاقتصادية وما أكثرها. للرؤيا الإبداعية خارطة طريق من ثلاث مراحل كي تبلغ أهدافها، يبدعها المفكر، أو الفنان أولا، وتحملها المؤسسة الإعلامية إلى الشعب، حيث التنفيذ ، ثانيا وثالثا. في العراق نعاني من فقدان الوازع الأخلاقي، نجد اثر ذلك في الاحتراب الطائفي، وما خلفه من انهيار أمني، وفساد إداري، لعبت الدولة دورا بذلك بتضخيمها القيم الدينية، والعشائرية بعد أن عمدت إلى إصدار قوانين وقرارات من شأنها إثارة مشاكل كثيرة بين المواطنين، ودون أن تسن قوانين جزائية عادلة، ولا رادعة لفضّ منازعاتهم. إن قانوني (الحرام) الديني المتداول، و ( العيب ) العشائري المعروف تحركهما نزعات أنانية متطرفة، بعيدة عن التسامح، فهما مشكلتان أكثر منهما حلا؛ لم يقف الأمر عند هذا الحد وإنما سعت الدولة إلى حرمان المجتمع من رؤى مبدعيه مما ضاعف توالد المشاكل الاجتماعية حتى وصل الأمر بنا إلى ما نحن عليه الآن. " نجحنا في تحويل الثقافة إلى إعلام " هذا ما قاله وزير الثقافة والإعلام في تسعينيات القرن الماضي بعد أن أعطى تعليمات ملزمة لمؤسساته الإعلامية بقبول طلب توظيف أي مثقف فيها، بغض النظر عن مقدار حاجاتها الفعلية لخدماتهم. إن هذا القرار جعل خارطة وصول الرؤيا الإبداعية إلى أهدافها مرحلتين بدلا من ثلاث فهو إيجاز في الجهد، أم استغناء عنها فعلا؟ ما الذي يترتب من أحداث على تحول جميع مثقفي بلد – إلّا استثناءات قليلة - إلى إعلاميين؟ نادرا ما يضطر المفكر الإعلامي وهو الموظف الحكومي سابقا، والموظف لدى جهات (مستقلة... طبعا ) لاحقا إلى تقديم ذرائع عن أخطاء أولي نعمته، فهم لا يخطئون، يلزمه فقط وصف نجاحهم، وفشل خصومهم، ذلك إن الشرح والإسهاب ليس من صفات المادة الإعلامية التي لابد أن تكون خبرية وموجزة، هذا يعني إن البلد اكتفى بالنظر من خلال رؤاه السابقة، جاعلا إياها مستقبلا لحاضره بدلا من أن تكون ماضيا كما يجب، بكلام أكثر وضوحا إن غياب الرؤيا الإبداعية عن وعي الدولة العراقية جعلها تحدّ النظر إلى أشياء لم تعد موجودة، إذن ... هي دولة خرفت. الأديب الإعلامي لا يختلف كثيرا عن المفكر الصحفي، عادة هما شخص واحد، فما من وظيفة بعنوان شاعر، أو روائي، وإن قيل: "التنظير رؤى جمعية، بينما الأدب حدس، وهو فعل ذاتي محض" أقول، تخلت كتاباتهم، شعرا، ونثرا عن الجملة المكثفة، صارت خبرية !! وموجزة، وإن كان الشعر جملة اعتراضية كما يرى شاكر لعيبي، فقد كفّوا عن التعامل معه بصفته تلك، احلوا شعرهم من أي التزام لا يلزم،كما يريد المعري، إن حمل ـ شعرهم ـ صفات المادة الإعلامية من إخبار، والشعر لا يخبر، وإيجاز، وهو ليس بحثا، جعله كلاما لا يقول شيئا، بتعبير سعدي يوسف. إن كان مفهوم الجملة الاعتراضية، لا يصح تطبيقه على العمل الروائي، فلا يجوز التخلي تماما عنه، في كل عمل أدبي، وليس الروائي فقط، الجملة الأدبية جملة مترفة، لا يمكنها التخلي عن أدواتها الجمالية، رغم أنها لا تفيد المبنى القصصي شيئا، هكذا ستتحول الرواية من عمل أدبي وجد ليقرأ إلى حكاية مكتوبة مع إنها وجدت لتحكى. الحكاية والمادة الإعلامية متلاصقتان لهذا، ربما، توصف بالبساطة اللغة التي يكتب بها الإعلامي رواياته، وربما هذا معنى قول بعضهم " البلاغة الجديدة " في وصف لغة الرواية التي يكتبها الإعلاميون الجدد.
#كاظم_الفياض (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
النص الشعري بديلا أو شارحا لنص آخر
-
بيان
-
المعرفة وفق المبادئ الهندسية
المزيد.....
-
-الهوية الوطنية الإماراتية: بين ثوابت الماضي ومعايير الحاضر-
...
-
بعد سقوط الأسد.. نقابة الفنانين السوريين تعيد -الزملاء المفص
...
-
عــرض مسلسل البراعم الحمراء الحلقة 31 مترجمة قصة عشق
-
بالتزامن مع اختيار بغداد عاصمة للسياحة العربية.. العراق يقرر
...
-
كيف غيّر التيك توك شكل السينما في العالم؟ ريتا تجيب
-
المتحف الوطني بسلطنة عمان يستضيف فعاليات ثقافية لنشر اللغة ا
...
-
الكاتب والشاعر عيسى الشيخ حسن.. الرواية لعبة انتقال ولهذا جا
...
-
“تعالوا شوفوا سوسو أم المشاكل” استقبل الآن تردد قناة كراميش
...
-
بإشارة قوية الأفلام الأجنبية والهندية الآن على تردد قناة برو
...
-
سوريا.. فنانون ومنتجون يدعون إلى وقف العمل بقوانين نقابة الف
...
المزيد.....
-
تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين
/ محمد دوير
-
مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب-
/ جلال نعيم
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
المزيد.....
|